الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

5. الإضراب:

ويشمل إغلاق المدارس، وامتناع الطلاب عن الدراسة، وإغلاق المحلات التجارية، يوماً كاملاً، أو عدة ساعات من اليوم، وامتناع العمال الفلسطينيين عن الذهاب إلى أعمالهم، في الأرض المحتلة عام 1948، وإغلاق الدوائر الخاضعة للإدارة الإسرائيلية. ووصل الأمر أن شارك في الإضراب رجال الشرطة العرب "الفلسطينيون"، مِمَن يعملون مع الإدارة الإسرائيلية. يقول زئيف شيف "بعد ذلك نقل الملثمون ميدان المجابهة مع الإسرائيليين، إلى الحياة التجارية في المدن حيث أوقفوها؛ وبذلك دُفع رجال الأعمال، أكثر الطبقات الاجتماعية اعتدالاً، إلى الخط الأول في المجابهة، وأرغم الشباب التجار على مقاومة محاولات الجنود الإسرائيليين، إرغامهم على فتح متاجرهم بالقوة". وكان الجنود يكسرون الأقفال، ويحطّمون زجاج المحلات، فيضطر أصحاب المحلات إلى فتحها. ولكن يقف الشباب على أبواب المحلات فيؤشرون للتجار، مهددين بإشعال عود ثقاب على باب المتجر، فيغلق المحل أبوابه. وتغلب الشباب بذلك على ضباط الجيش، الذين كانوا يحذرون التجار من الإضراب". وقد راعى قادة الانتفاضة حاجة الناس، وحاجة أصحاب المحلات، إلى فتح الأسواق، فصاروا يحددون الإضراب بساعات معينة، في اليوم.

6. الكمائن:

تمثل الكمائن أهم وأخطر ما قام به أبطال الانتفاضة. فقد كانوا ينصبونها للقوات العسكرية الصهيونية، وفيها يستخدم السلاح الناري عند المواجهة. وفي هذا المجال يكون وضع القوات العسكرية متردياً، فليست هي سيدة الموقف، كما هو الحال في المظاهرات ورشق الحجارة. فقد كانت الدوريات الإسرائيلية تسير على الطرقات، أو بين البيوت، وقلوب جنودها يمزقها الهلع، ويفتتها ترقب الانقضاض عليهم في كل لحظة، من خلف شجرة، أو من وراء جدار، أو من فوق سطح، وفي كل مكان. وما أكثر عمليات الكمائن، التي قُتل وجرح فيها أعداد كبيرة من الجنود الإسرائيليين. ومن الأمثلة على ذلك، ما قام به ثلاثة من المجاهدين في 12 فبراير 1994، عندما نصبوا كميناً، في المنطقة الصناعية، القريبة من قرية ببتونيا، لسيارة تقل أحد ضباط الشاباك. واقترب أحد الأخوة من السيارة وأطلق النار على السائق، ثم انبطح أرضاً، فأطلق، الآخران المختفيان وراء جدار، الرصاص على من في السيارة. فقُتل الضابط وجرح معه آخران، وتمكن المجاهدون الثلاثة من الانسحاب والنجاة. وقد قالت صحيفة إيديعوت أحرونوت: "لقد سجلت حماس لنفسها إنجازاً مهماً، لقد نجحت في قتل خصمها المباشر، بواسطة كمين مسلح. وبذلك تلقى جهاز الشاباك ضربة قاسية". وقد ساعد في نجاح هذه العملية اختراق حماس لجاز الشاباك. وفي منطقة بئر السبع، تمكنت مجموعة فدائية من حركة فتح، من الاستيلاء على حافلة تقل علماء وفنيين وعاملين في مفاعل ديمونا النووي، وطالبت بمبادلتهم بالمعتقلين العرب في السجون الإسرائيلية، ولكن السلطات الإسرائيلية رفضت مطالبهم، واقتحمت الحافلة، واستشهد ثلاثة فدائيين، وقتل ثلاثة إسرائيليين. وكان الحادث في مارس 1988.

وفي الأول من ديسمبر 1993، أطلق مجاهدان النار من سيارتهم، على سيارة إسرائيلية، يستقلها أربعة مستوطنين، فقتل اثنان وجرح اثنان. وبعد ذلك بخمسة أيام، أطلقت مجاهدات النار على سيارة تقل عدداً من المستوطنين، عند مفترق مستوطنة "خارصينا" قرب الخليل، فقتل اثنان وجرح ثلاثة، وقد وقعت هذه العمليات ضد المدنيين، بعد أن أقدم المستوطنون على قتل صبي عمره 15 عاماً في غزة، وقد سبق ذلك صدور بيان يهدد المستوطنين، ويتوعدهم لهذا السبب.

وقد نشرت مجلة "فلسطين الثورة"، جداول تفصيلية حول الأشهر الستة الأولى وعمليات الانتفاضة، فسجلت ما مجموعه 434 حادثة ألقيت فيها زجاجات حارقة، وعشرون حادثة استعمال السكاكين والآلات الحادة، وست عشرة عملية تفجير عبوات ناسفة، و279 اشتباكاً مع الجنود والمستوطنين، و118 هجوماً ضد سيارات وآليات عسكرية، و 149 عملية ضد سيارات المستوطنين وسيارات إسرائيلية تحمل عمالاً، وعشرون عملية تخريب لممتلكات إسرائيلية، وعمليات أخرى متنوعة. وقد بلغت العمليات حسب هذه الإحصاءات، 1200 عملية.

ويرى زائيف شيف في كتابه "انتفاضة"، أن العمليات في الأربعة الأشهر الأولى، بلغت 730 عملية "زجاجات، حرائق، طعن، عبوات ناسفة"

7. أسلوب سفينة العودة:

ومن الأساليب السّلمية، التي لجأ إليها الفلسطينيون خارج الأرض المحتلة، لدعم الانتفاضة في الداخل، أسلوب سفينة العودة. وقد لجأت إليه المنظمة، وهي تعلم أن إسرائيل سوف تمنعها من الوصول إلى فلسطين. ولكن المنظمة هدفت إلى إثارة الرأي العام العالمي، وهي تعلن: كيف تستدعي إسرائيل المهاجرين من أرجاء الأرض، وتمنع أصحاب فلسطين من العودة إلى ديارهم؟ ولتُحرك الجماهير في داخل الأرض المحتلة عام 48، فيشاركوا في الانتفاضة.

فقد خطط في الأشهر الأخيرة من عام 1988، لاستئجار سفينة تحمل مئات أو آلافاً من اللاجئين الفلسطينيين، وينضم إليهم عدد من شخصيات عرب 48، ويتوجه عدد آخر من وجهائهم في سفينة صغيرة، إلى عرض البحر، لاستقبال سفينة العودة. وفي الوقت نفسه، يتجمع عشرات الآلاف من المواطنين العرب، على منحدرات جبل الكرمل ـ المشرف على ميناء حيفا ـ للترحيب بالسفينة ومَنْ عليها. وقدرت إسرائيل خطر وصول هذه السفينة، وادعت أنها ستؤدي إلى سفك دماء، وخشيت أن يتحرك العرب في الجليل، وأن يشاركوا في الانتفاضة، لذلك أخذت مخابراتها تفجيراً في السفينة، وهي في ميناء لارناكا في قبرص، وعطلتها عن العمل والحركة. ولم تتمكن المنظمة من تأمين سفينة بديلة بسرعة، فأُجهضت العملية، ولكنها شغلت إسرائيل والإعلام العالمي، فترة من الزمن. ومن سلبيات هذه العملية أنها شغلت الأنظار عن الداخل الفلسطيني عدة أسابيع.



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة