|
8. قتل العملاء:
نجحت إسرائيل في شراء ذمم أفراد ضعاف، من الفلسطينيين، بشتى وسائل الضغط والتخويف، وضمتهم إلى عناصر الشاباك، فخانوا بذلك دينهم ووطنهم وأبناء أمتهم. وقد استغلت إسرائيل في هذا السبيل، وسائل تحقيق المصالح والحاجات، وتقديم المال، والتهديد بالفضائح بنشر صور أو إشاعات عن أحداث جنسية، حول الفريسة، التي وقعت بين براثنهم. وسمي هؤلاء العملاء الخونة، بـ"المتعاونين"، وعملوا جواسيس ينقلون أخبار المجاهدين والفدائيين وأسماءهم وعناوينهم، التي يمكن أن يصلوا إليها. وقد كان بعضهم مندساً، عن قصد وتخطيط، في بعض المنظمات الفلسطينية، ليعرفون أسرارها.
وقد لجأ قادة الانتفاضة، في البداية، إلى معالجة هؤلاء "بالحكمة والنصح، وقد تمثل ذلك في الطلب منهم إعلان التوبة في المساجد، والانضمام إلى صفوف الجماهير المنتفضة، بعد الاغتسال والحلف على القرآن، على ألا يعودوا إلى العمالة". وقد استجاب عدد كبير منهم، إما خوفاً وإما اقتناعاً، لهذه النداءات، ومَنْ رفض تعرض للعقاب بطرق مختلفة، "إحراق المنزل، أو الضرب الشديد، أو تحطيم المحل التجاري، أو إحراق السيارة". وقد كان للتصفيات الجسدية، التي نفذت بحق عدد قليل منهم، الأثر الواضح في توبة عدد كبير.
وقد تحدث زئيف شيف في كتابه "انتفاضة" عن مقتل عميل في قرية "قباطية" فقال: "في قباطية منطقة نابلس، قُتل، في محاكمة جماهيرية، فوضوية، أحد المتعاونين، "العملاء"، مع السلطات الاسرائيلية، الذي تحصن في منزله، وقتل ولداً في الرابعة عشرة من عمره، عندما أطلق النار على المتظاهرين، الذين طوقوا بيته، وظلت الجماهير محاصرة بيته عدة ساعات، ولم تصله نجدة. وعلق سكان القرية جثة المتعاون على أحد أعمدة الكهرباء...".
وأما من رفضوا الرجوع عن العمالة لليهود، واستمروا في كشف المجاهدين والتسبب في اعتقالهم، أو قتلهم، فعندما اكتشفوا وألقي القبض عليهم، عقدت لهم محاكمات سرية، ووضعوا أمام الحقائق، فكانوا ينهارون ويعترفون بكل ما جنت أيديهم، ومن ثم تصدر عليهم أحكام الإعدام وينفذ الحكم "وحتى نهاية سبتمبر 1989، كانت القوات الضاربة في الانتفاضة قد أعدمت ما لا يقل عن تسعين عميلاً، بجريمة التعاون مع السلطات الإسرائيلية، وجرمت 245 آخرين. في حين هرب عدد ممن اكتُشف أمرهم، وقبل أن يلقى عليهم القبض "إلى داخل الأراضي، التي تحتلها إسرائيل، وسكنوا في المستعمرات الإسرائيلية، تحت حماية الجيش الإسرائيلي، الذي شكل وحدة خاصة لحمايتهم. وهكذا تحول العملاء من عون لليهود، إلى عالة على الجيش الإسرائيلي.
ومع ذلك بقى عدد من هؤلاء العملاء، ممن لم يكتشف أمرهم، يعملون مع العدو، حتى دخول السلطة الفلسطينية إلى القطاع والضفة. فأسكنت إسرائيل قسماً منهم في قرى خاصة بهم داخل الخط الأخضر، وبقي قسم في الأرض، التي تسيطر عليها السلطة الوطنية، مع ضمانات منها بألا تحاكمهم!! وكان لبعضهم أدوار خطيرة، قاموا بها لإيقاد الفتنة والحرب الأهلية، أو في اغتيال بعض قادة كتائب عزالدين القسام، أو تسليمهم، بشكل ما، إلى السلطة الإسرائيلية.
9. العمليات الاستشهادية:
هناك عمليات كثيرة استشهد فيها مجاهدون، من حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، أو من حركة الجهاد الإسلامي، أو من فتح، أو غيرهما من المنظمات الفلسطينية، المشاركة في الانتفاضة، أو من الجماهير الفلسطينية، غير المنتمية لإحدى هذه المنظمات، في معارك بالأسلحة النارية مع جنود العدو، أو في التظاهرات. ولكن المقصود بهذه العماليات الاستشهادية، تلك التي تكون مخطط لها، كأنّ يفجّر المجاهد الحافلة أو المطار بما يحمله حول جسده من متفجرات، لم يكن من السهل إدخالها إلى الحافلة، أو المكان بطريقة أخرى. وتعد هذه العمليات من أروع عمليات التضحية، التي يقدم عليها المجاهدون، وأملهم كله أن يُقتلوا في سبيل الله، ومن شعاراتهم: "الموت في سبيل الله أسمى أمانينا"، ولسان حالهم يردد قول الشاعر:
|
ما سرت قط إلى القتال
|
وكان من أملي الرجوع
|
|
شيم الأُلــى أنا منهم
|
والأصـل تتبعه الفروع
|
وقد كثرت العمليات الاستشهادية في المرحلة الأخيرة من الانتفاضة، وما تبعها بعد ذلك. وقد كانت هذه العمليات التفجيرية، تهز الكيان الصهيوني هزاً عنيفاً، و تنشر الرعب في أوساطه المختلفة".
ومن هذه العمليات، مثلاً، عملية نفّذها المجاهد عمار عمارنة، في يوم الأربعاء 13 أبريل 1994، قبل دخول السلطة الفلسطينية إلى غزة، وهو يوم صادف احتفال الإسرائيليين بقيام دولتهم. ففي صباح هذا اليوم ربط المجاهد على جسده عبوة متفجرة، وحمل أخرى في حقيبة سوداء، ووصل إلى محطة الحافلات المركزية في مدينة الخضرة، وصعد إلى الحافلة 820 وترك الحقيبة المفخخة على الأرض. وبعد أن دخل الحافلة بثوان فجر العبوات التي تحزم بها، فاستشهد وقتل خمسة من ركاب الحافلة، وأصيب نحو أثنين وثلاثين آخرين، ومعظم المصابين من الجنود، وقبل أن تتفجر العبوة الثانية الموقوتة، تمكنت القوات الإسرائيلية من اكتشاف الحقيبة وتفجيرها بعد إخلاء المنطقة.
|