الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

القوى المشاركة

          تعددت القوى المشاركة في الانتفاضة وتنوعت، من حيث انتماءاتها، وأصولها الاجتماعية، وفئاتها العمرية، مما شكل مفاجأة لإسرائيل، ومنظمة التحرير الفلسطينية في تونس. فعلى الرغم مما قاله ياسر عرفات في البداية، أنه أعطى الأمر بالانتفاضة، لم تكن الانتفاضة تخطيطاً نابعاً من المنظمة، بل هي عمل شعبي تلقائي، قام به الشعب في الأرض المحتلة، بعد أن أوصلته الأحداث والتراكمات إلى الغضب العميق، وسادت في قلوب أفراده روح الجهاد وحب الاستشهاد، وغابت عنه الرهبة من العدو.

          وأجمع عدد من المحللين على تآكل قدرة الجيش الإسرائيلي على الردع، في نفوس الأجيال الشابة، التي نشأت وترعرعت بعد عام 1967م. فهذه الأجيال لم تشهد هزيمة مثل تلك، التي شهدتها ووعتها الأجيال السابقة، بل على العكس، فقد شهدت هذه الأجيال نصراً عام 1973م، وانتصار الثورة الإيرانية على الغطرسة الأمريكية، وهروب الولايات المتحدة من لبنان، وعدم قدرة إسرائيل على تحطيم المقاومة الفلسطينية في لبنان 1982م. واستوعبت هذه الأجيال العجز العربي عن تحقيق الحلم الفلسطيني. فعندما نشبت الانتفاضة عام 1987م، كانت هناك أجيال عمرها (20 عاماً) وأقل، وصلت أعدادهم في الضفة والقطاع حوالي 260 ـ 280 ألفاً، لديهم وعي عميق بقدراتهم النضالية، وعلى علم بمواطن الضعف لدى العدو، وعانوا من بطالة بمعدلات عالية، على الرغم من كونهم متعلمين في المؤسسات الفلسطينية.

الجهات الشعبية المشاركة في الانتفاضة

          عَرِفت الساحة الفلسطينية عدداً كبيراً من المنظمات السياسية والدينية والعسكرية والاجتماعية. ولكن هذه المنظمات شهدت تشققاً وتشرذماً حيناً، وتجمعاً وتكتلاً حيناً آخر. وكل ذلك عائد إلى كثرة الآراء المطروحة، لمعالجة قضية فلسطين ومجابهة اليهود، ووضع الحلول لها. ولذلك، كان المجتمع الفلسطيني في الداخل وفي الشتات، يعج بهذه الحركات الدينية والعلمانية، والسياسية والعسكرية. وعندما انطلقت الانتفاضة، لم يتخلف أيُ من هذه التنظيمات والتجمعات عن المشاركة فيها، إذ كانت الأحداث ضاغطة، فلم يكن أعضاء أي تنظيم، قلوا أو كثروا، قادرين على القعود عن المشاركة فيها.

          وقد أحصى كتاب "شعارات الانتفاضة"، اثنى عشر تنظيماً، كان لكل منهم دور ومشاركة في الانتفاضة، ورفع الشعارات، وهي "حركة المقاومة الإسلامية حماس، وحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، والقيادة الوطنية الموحدة "قوم"، وحركة الجهاد الاسلامي، والجبهة الشعبية، والجبهة الديموقراطية، وحزب الشعب الفلسطيني والحزب الشيوعي، وجبهة التحرير العربية، وجبهة النضال الشعبي، وفتح الانتفاضة". كما شارك فيها أفراد تابعون لحركات أخرى، لها قيادات خارج الأرض المحتلة، كبقية الفصائل العشرة المعارضة لاتفاق أوسلو والموجودة في سورية، مثل الجبهة الشعبية القيادة العام، وكذلك جماعة أبي العباس، التي انشقت عن القيادة العامة، وكذلك اتباع حزب التحرير.. فكل هؤلاء شاركوا في الانتفاضة، وللكثير منهم نشاط مستقل ومتميز ومستمر.



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة