الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

تعريف بأبرز الحركات المشاركة وأشهرها في الانتفاضة

1. حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح:

هي أول حركة فدائية فلسطينية، انطلقت بالعمل، المسلح ضد إسرائيل. تأسست عام 1959 في الكويت، وصدر بلاغها العسكري الأول 1 يناير 1965 باسم العاصفة "الجناح العسكري لفتح"، وذلك بعد إعلان الجامعة العربية عن تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية. وركزت فتح على الاهتمام بالجانب الوطني العملي، بعيداً عن التنظير الفكري السياسي، "إذ ترى فتح أن الاهتمام بالقضايا النظرية، قد يؤدي إلى تفتيت القوى الوطنية وتشرزمها، بسبب الاختلاف حول القضايا النظرية، من ثم صرف الانتباه عن الكفاح المسلح"، الذي، رأت فيه، في بداية تأسيسها، الأسلوب الوحيد لتحرير فلسطين، وحرب التحرير الشعبية" ورأت الحركة في ذلك عام تحريض للنظم العربية للاقتداء بالفلسطينيين من أجل تحرير فلسطين". ولذلك، بقيت فتح تنظيماً لا فكر له، ولا عقيدة سياسية محددة، سوى الإطار العلماني العام، الذي ينظم التفكير الفتاوي، مما دفعها باتجاه الواقعية التنازلية زمنياً. فتخلت عن هدفها الأول تحرير كل فلسطين، إلى القبول بوجود إسرائيل، والاكتفاء بدولة فلسطينية في الضفة والقطاع.

2. حركة المقاومة الإسلامية حماس.

أعلنت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، عن تشكيلها في مطلع العام الهجري 1409، أغسطس 1988، لتكون "جناحاً من أجنحة الإخوان المسلمين بفلسطين. وأصدرت ميثاقها في هذا التاريخ، مع أنها كانت قد أصدرت أول بيان لها حول الانتفاضة في 14 ديسمبر 1987، بعد أسبوع واحد من انطلاق الانتفاضة. وكان من أول بيان لحركة فلسطينية، يصدر عن الانتفاضة. وتعلن المادة الأولى من ميثاقها، أن الإسلام منهجها، منه تستمد أفكارها ومفاهيمها، وإليه تحتكم في تصرفاتها، ومنه تستلهم ترشيد خطاها. وقد ظهرت حماس قوية واسعة الانتشار، لأن لها وجوداً فكرياً وتنظيمياً سابقاً، باسم "الإخوان المسلمون"، تجذّر وجوده في فلسطين من قبل نكبة 1948. كما أنه سبق لها ولهم العمل العسكري قبل الانتفاضة، بأسماء "المرابطون على أرض الإسراء"، و"الاتجاه الإسلامي في أرض الرباط".

وللحركة جناحها العسكري "كتائب عزالدين القسام"، والذي قام بعمليات كثيرة، أشهرها العمليات الاستشهادية في قلب عاصمة إسرائيل وسائر مدنها الرئيسية. وتظهر شعبية الحركة في الأوساط الفلسطينية، من خلال الانتخابات الطلابية والمهنية، التي تفوز فيها على سائر المنظمات مجتمعة بما فيها حركة فتح "وعملت على اكتمال البنية التحتية تربوياً وسياسياً وتنظيمياً، وبرزت إلى السطح عبر الكتل الطلابية الإسلامية في المناطق المحتلة، واستطاعت أن تسحب البساط من تحت أقدام التيار العلماني.

3. حركة الجهاد الإسلامي.

برز تيار الجهاد الإسلامي في أواخر السبعينيات، "وهو يربط بين العقيدة الإسلامية، والمعنى الوطني للنضال". وترجع جذور الحركة إلى جماعة الإخوان المسلمين، حيث كان ظهورها احتجاجاً على طروحات الجماعة، وأسلوب عملها طويل النّفس حيال القضية". وقد دعا مؤسسوها إلى "الاقتداء بالثورة الإسلامية في إيران، واعتمادها نموذجاً يحتذى في فلسطين". وتركز الحركة على العمل العسكري، وهي لا تعد حركة جماهيرية شعبية واسعة، بسبب إبعاد مؤسسها، والضربات التي وجهت إليها، وتبنيها الدِّفاع عن برنامج الثورة الإيرانية، التي قادها الخُميني. فعضويتها تخيرية، ونشاطها يتركز في مجال العمليات العسكرية النوعية"، وعدم مشاركتها في مجالات التربية والتعليم والعمل الاجتماعي. وكان أول بيان صدر عن الحركة حول الانتفاضة في الأول من يناير 1988.

4. الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

هي منظمة قومية كانت باسم "القوميون العرب"، ومعظم مؤسسيها من الدارسين في الجامعة الأمريكية في بيروت. وكانت تصدر نشرة بعنوان "شباب الثأر" في أواسط الخمسينيات، وتبنت في أواسط الستينيات الاشتراكية الماركسية. وقد تشكلت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وصدر بيانها السياسي الأول في 11 ديسمبر 1967، من تنظيمي: أبطال العودة، ومنظمة شباب الثأر"، وقادتها البارزون جورج حبش ووديع حداد ونايف حواتمة وهم من النصارى. وقد تشرذمت الجبهة بعد أقل من عامين، إلى عدة منظمات، منها الجبهة الديموقراطية، والقيادة العامة".

5. الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين:

نشأت نتيجة للصّراع، الذي دبّ في صفوف الجبهة الشعبية في عام 1969. فقد كان نايف حواتمة يرى الالتزام بالأطروحات الماركسية المتطرفة، وعندما فشل في ذلك، انشق عن الجبهة في 22 فبراير 1969. وأبرز ما يميز الجبهة الديمقراطية عن الجبهة الشعبية ـ على الرغم من يسارية الجبهة الديمقراطية ـ بصفة عامة، أنها "أقرب إلى التوجه الماوي، "نسبة إلى زعيم الصين الشعبية ماو تسي تونج". ثم استقرت سياستها على بناء منظمة ديموقراطية ثورية، تسترشد بالماركسية اللينينية، والأممية البروليتارية، وتنتقل إلى حزب ماركسي لينيني، يشكل فصيلاً من فصائل الطبقة العاملة الفلسطينية الموحدة".

وقد كان لهاتين المنظمتين دور بارز في العمليات، التي كانت تتم من خارج فلسطين عبر الحدود اللبنانية، أو في الخارج، قبل خروج المنظمة من لبنان 1982. ولكن شعبيتها في الأرض المحتلة انخفضت كثيراً بعد انطلاق الانتفاضة، ويظهر ذلك من خلال الانتخابات الطلابية والمهنية.

ويتهم زئيف شيف، الصحفي الإسرائيلي، بعض هذه المنظمات في قوله: "أما المنظمات اليسارية فكانت أكثر ضبطاً للنفس، فقد امتنع الشيوعيون عن تشغيل خلاياهم السرية بشكل مركز، على الرغم من أن رجالهم قاموا ببعض المبادرات في غزة والضفة الغربية، بينما الجبهتان الشعبية والديموقراطية سارعتا إلى اللحاق بالانتفاضة، غير أن معاملتهم الرئيسية في مخيم الدهيشة، مثلاً، بقيت هادئة".

وقد كانت هناك "قوتان رئيسيتان لقيادة الانتفاضة: الأولى هي حركة المقاومة الإسلامية حماس، التي صدر بيانها الأول في 14 ديسمبر 1987. أما الثانية فهي القيادة الوطنية الموحدة "قاوم"، التي كانت تتألف من أربعة فصائل أعضاء في منظمة التحرير الفلسطينية، هي: حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، والحزب الشيوعي الفلسطيني، وقد صدر بيانها الأول في 1 أبريل 1988.

هيئات أخرى

          ولم تغب مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية الأخرى عن الانتفاضة. فالمؤسسات التعليمية الفلسطينية ـ لاسيما الجامعات ـ لعبت دوراً فاعلاً في الانتفاضة الفلسطينية. فالتعليم لدى الفلسطينيين ليس قضية تنمية اجتماعية، بل هو قضية هوية ووجود وذاكرة. فإلى جانب حوالي 1700 مدرسة ـ وقتذاك ـ ابتدائية وإعدادية وثانوية، أضحى هناك ست جامعات، هي: بيرزيت، والنجاح الوطنية، والخليل، وبيت لحم، والقدس، والجامعة الإسلامية في غزة، وهي جامعات معترف بها من قبل اتحاد الجامعات العربية، وتمنح درجات علمية في كثير من التخصصات. وقد بلغ مجموع الطلاب الجامعيين في العام 1986م ـ قبيل الانتفاضة ـ أكثر من 14 ألفاً، بزيادة ما يقرب من الضعف، عمّا كان عليه عددهم عام 1983م. (انظر الجدول الرقم 2).

طلاب الجامعات

          وخلال النصف الأول من الثمانينات، أصبح طلاب الجامعات من أكثر فئات الشعب الفلسطيني فاعلية في النضال الوطني الفلسطيني في الداخل، وأصبحوا العنصر الأكثر تنظيماً، من خلال المجالس الطلابية، التي نشأت في الجامعات.

العمال الفلسطينيون

          احتل العمال موقعاً متميزاً، في إطار انتفاضة ديسمبر 1987م، ليس فقط بسبب أن استشهاد أربعة عمال في غزة 8/12/87، كان الشرارة، التي أشعلت الانتفاضة، بل لأن دورهم يمتد إلى المبادرات البارزة، التي قدموها لدفع الانتفاضة قدما في المواجهة ضد الاحتلال، ثم المشاركة في الفعاليات الجماهيرية المختلفة للانتفاضة، بما في ذلك قيادتها. وقد ترتب على ذلك أن تعرضت الحركة العمالية والنقابية لهجوم شامل، من قوات الاحتلال، في إطار حملة القمع الصهيوني الفاشيّة، ضد الشعب الفلسطيني. وسقط من العمال شهداء وجرحى. وطرد المحتلون وأبعدوا العديد من العمال الفلسطينيين، والقادة النقابيين، إلى خارج وطنهم.

          أضف إلى ذلك، دور العمال، من خلال الإضرابات التجارية، فضلاً عن شتى الإضرابات المهنية والحرفية، التي غطت أنحاء الضفة والقطاع. كما قدّم المحامون عدداً من الاحتجاجات ضد المحاكم العسكرية، وأسهم الأطباء بدور فاعل في تطوير شبكات جديدة آمنة للرعاية الصحية، في مختلف أنحاء الضفة وغزة.

الصحفيون

          سهر الصحفيون على توعية الشعب وتعبئته، ونقل الأحداث إلى أطراف العالم، فضلاً عن مشاركتهم العملية فيها. وحتى منتصف مايو 1988، كان عدد المعتقلين من الصحفيين قد بلغ 25 صحفياً، وفي أواخر الشهر نفسه أعلن عضو الكنيست " وادتي رشوكر (عن حركة حقوق المواطن)، أن هذا العدد وصل إلى 28 صحفياً، إضافة إلى 8 باحثين.

          ولم تظهر الصلة الوثيقة بين عرب 1948م، الذين لديهم جنسية إسرائيلية، من جانب، وفلسطينيي الأراضي المحتلة بعد عام 1967م، من جانب آخر، بالقدر الذي ظهرت عليه في أثناء الانتفاضة؛ فلقد امتدت مشاعر التضامن الحضاري عبر الخط الأخضر، وهو الأمر الذي أصاب الإسرائيليين بلطمة قوية، ودفع بعض القادة الإسرائيليين إلى المطالبة باتخاذ إجراءات قمعية، لا ضد المتظاهرين فحسب، وإنما أيضاً ضد أعضاء اللجنة القطرية للمجالس المحلية، أي القيادة المحلية المنتخبة، التي لم تستطع ـ حتى لو أرادت ـ "كبح" المتظاهرين، ومنع " تماديهم"، في أعمال العنف، التي شهدتها المناطق المحتلة لعرب 1948. بل إن عدداً من المسؤولين الصهاينة، طالب بإعادة فرض الحكم العسكري على الجليل والنقب والمثلث، وسائر القرى المحتلة منذ 1948م .

          وخلاصة القول، إن الانتفاضة نجحت في جمع شمل كافة القوى، والشرائح الاجتماعية الفلسطينية، تحت لواء القيادة الموحدة. فتناست تلك القوى اختلافاتها العقائدية والسياسية والاجتماعية، في سبيل الانتصار علي الإرادة الإسرائيلية، وجعل الإرادة الفلسطينية مكانها، وتحطيم المؤسسة السّيادية الإسرائيلية، وإحلال المؤسسة النضالية الفلسطينية محلها.



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة