|
ثانياً: إتاحة الفرصة لمعرفة ما ستؤول إليه مفاوضات التسوية:
نظراً لجهل كثيرين من أبناء الشعب الفلسطيني، باستحقاقات بنود اتفاقيات السلام في مدريد وأوسلو، ونظراً للتسرع في التأييد المطلق لعملية السلام وما ترتب عليها من عودة المنظمة إلى الداخل، وتسلمها إدارة الحكم في غزة، وأجزاء من الضفة، ولفرحة الناس بخروج الجيش الإسرائيلي، رأوا إتاحة الفرصة للسلطة لتتسلم مهامها، وليرى الناس على أرض الواقع ما ستخلفه هذه الاتفاقيات.
وكان لا بد من ذلك أمام الاستقبال الحاشد، الذي عبّر فيه الفلسطينيون عن فرحتهم وبهجتهم بعودة جنود المنظمة إلى أرض الوطن، بعد عقود من الشتات.
ولأن الشعب الفلسطيني عانى كثيراً في ظل الاحتلال الصهيوني، في ظروف قاهرة خانقة، فإنه شعر، عند خروج الجيش الإسرائيلي من بعض مناطقه، بشيء من الحرية، وتنفس الصعداء قليلاً، ثم كان الترحيب بهذه التسوية أمراً طبيعياً، في ظل الظروف كهذه.
ثالثاً: انخفاض عدد نقاط التماس مع إسرائيل إلى الحد الأدنى
سُحبت قطاعات عسكرية إسرائيلية من مختلف مناطق القطاع، ومن بعض مناطق الضفة، مما قلّص عدد النقاط، التي كانت تعد نقاط تماس ومواجهة مع الفلسطينيين. ولذلك قلّ عدد الجنود المنتشرين في مناطق الازدحام السكاني الفلسطيني، مما أدى إلى تراجع حدة المواجهات، وقلة عدد المصادمات اليومية، وشكل سبباً من أسباب توقف الانتفاضة.
وهذا أمر طبيعي، إذ كان من أهم أسباب الانتفاضة، كثرة الاستفزازات الإسرائيلية للشعب الفلسطيني، نتيجة الاحتكاك المباشر واليومي في أغلب الأماكن والطرقات، في المدن والقرى والمخيمات، مما ضمن استمرارية الانتفاضة واشتعالها بضراوة. فلمّا تلاشى هذا المبرر أو كاد، كان أمراً مسلماً به أن تخف حدة الانتفاضة.
رابعاً: تنفيذ السلطة لتعهداتها، بإخماد الانتفاضة
بعد أن تسلمت السلطة مهامها، وكوّنت شرطة عسكرية لحفظ الأمن في المناطق، التي سيطرت عليها، بدأت تُنفِّذ ما تم الاتفاق عليه في مشاريع التسوية، في أوسلو ومدريد، خاصة ما يتعلق بالجانب الأمني. فبدأت بجمع المعلومات عن المطاردين والمعارضين وحملة السِّلاح، وكانت البداية دعوة المسلحين لتسليم أنفسهم وأسلحتهم للسلطة، وإعلان طاعتهم وولائهم لها، ثم شرعت القيادات العسكرية في ملاحقة المعارضين والزّج بهم في السجون، خاصة بعد حدوث عدد من الانفجارات في العمق الإسرائيلي، مما جعل القيادة الإسرائيلية تطالب بالإسراع، في تنفيذ ما اتفق عليه أمنياً
وامتلأت السّجون الفلسطينية بالمعارضين، من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وقُبض على عدد من المسلحين. وكانت الشرطة الفلسطينية، التابعة للسلطة، تسارع إلى صد الناس وإبعادهم عن خطوط التماس، وكان رجال الشرطة الفلسطينية يقفون على شكل سد يحجز، بين المتظاهرين وجنود الاحتلال، مما يؤدي إلى فشل المظاهرات والإضراب.
|