الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

في المستوى العربي والإسلامي

          امتدت آثار الانتفاضة لتغطي دول العالم العربي والإسلامي، وأثرت تأثيراً واضحاً في مجريات الأحداث السياسية والاجتماعية، في كل البلدان الإسلامية، خاصة مع قيام حكومة رابين بإبعاد كوكبة من قادة وعلماء ودعاة الانتفاضة، إلى جنوب لبنان.

       ويمكن أن تذكر آثار الانتفاضة على العالم العربي والإسلامي في الآتي:

 

1.

أعادت القضية الفلسطينية إلى الصدارة، من حيث الاهتمام الرسمي والشعبي، ووجهت رسالة واضحة للأمة الإسلامية، تذكّرها بقدسية فلسطين وأهميتها.

 

2.

غيرت كثيراً من مفاهيم القوة السائدة، التي زرعتها وسائل الإعلام الموجهة، فرفعت من شأن القوة العسكرية الإسرائيلية، وصورت المواجهة العسكرية معها بأنها ضرب من الجنون والانتحار، ورسخت عوامل اليأس والقنوط من إيجاد حل للقضية في ظل ظروف قاسية تعيشها الأمة. فجاءت الانتفاضة لتقلب هذه المفاهيم، وتكشف زيف الدعاوي السابقة، حول أسطورة القوة الإسرائيلية وهيمنتها، ولتمسح تلك الهالة، التي صنعها الإعلام الصهيوني خلال عقود من الزمن لتمجيد كيانه.

 

3.

صححت النظرة تجاه الشعب الفلسطيني، الذي صورته الأحداث على أنه باع أرضه لليهود، وأنه منقسم على نفسه، وغير ملتزم بمبادئ الدين الإسلامي. فجاءت الانتفاضة لتظهر مدى التماسك الشعبي في وجه كل المؤامرات، التي حيكت ضده، ولتبين عدم تخليه عن الإسلام كمنهج حياة، ومصدر عزة، وسلاح مواجهة.

 

4.

أوجدت حالة من التكافل المميز عبر الدعوات لجمع التبرعات، والمساعدات العينية، في معظم الدول العربية والإسلامية.

 

5.

عقد مؤتمر للقمة العربية لبحث وضع الانتفاضة، وأطلق عليه مؤتمر الانتفاضة، ولكنه تأخر لينعقد بعد ستة أشهر من بداية الانتفاضة، وخرج بنتائج غير مرضية، إذ اكتفى بتحميل مسؤولية القضية لمنظمة التحرير.

 

6.

فرضت الانتفاضة على الإعلام العربي والإسلامي، تغطيتها بشكل كامل في بداياتها، ولكن هذا الصوت الإعلامي المساند للانتفاضة سرعان ما خفت بالتدريج.

 

7.

أدت إلى غضب الشارع الإسلامي، ومطالبته الحكومات بتحرك فاعل يدعم الفلسطينيين، ويكون سنداً لهم في مواجهتهم للاحتلال.

 

8.

أثّرت مجال الفكر والأدب والتاريخ، بتفجير الطاقات الفكرية والأدبية لتسطر هذه المرحلة، من مراحل الصراع العربي الصهيوني الحديث.

 

9.

دعمت الصحوة الإسلامية، ودفعتها إلى الأمام بتقديم نماذج جهادية حية، ومواقف قوية في مواجهة الطغيان.

 

10.

شكّلت عاملاً من عوامل الوحدة الدينية والفكرية والمصيرية لدى الأمة.

في المستوى الإسرائيلي

كان للانتفاضة انعكاسات مهمة، وآثار بارزة على الحكومة والشارع الإسرائيليين، حيث تمثل ذلك فيما يلي:

 

1.

حوّلت الدولة العبرية إلى دولة مضطربة اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، تعيش حالة من عدم الاستقرار والاطمئنان، وذلك بتفشي ظاهرة الخوف والهلع، وإثارة التكهنات بطبيعة المستقبل القاتمة، وحدوث انفلات وشروخ في الجدار الأمني، وتوقع انفجار الوضع في أي لحظة، بعد قدرة المقاومين على الوصول إلى العمق الإسرائيلي.

 

2.

أوقفت الانتفاضة سيل الهجرة اليهودية إلى فلسطين، بسبب انعدام الأمن والاستقرار المنشود، حيث أحجمت آلاف العائلات في الاتحاد السوفيتي وأوروبا عن التوجه إلى فلسطين المحتلة للاستقرار فيها.

 

3.

أشعلت حرباً اقتصادية استنزافية، وذلك عن طريق تنفيذ عمليات نوعية، استهدفت البنية الاقتصادية للدولة العبرية، مثل تخريب المصانع وتفجيرها بطريقة تبدو طبيعية، وإحراق المزارع، ومهاجمة الحافلات الإسرائيلية السياحية، وإحراق السيارات الإسرائيلية أو اغتنامها.

 

4.

شقت الصف الإسرائيلي وقسمته إلى قسمين، حيث برز دعاة السّلام الرافضين لسياسة الاحتلال في تكسير العظام، وقتل الأطفال والنساء، والقيام بفظائع وحشية. واشتبك المعارضون لسياسة القمع، التي انتهجتها الحكومة الإسرائيلية، مراراً مع قوات الجيش والشرطة الإسرائيلية، التي ستجر إسرائيل ـ في نظرهم ـ إلى الدمار.

 

5.

زرعت هاجس الخوف من عود الإسلام لقيادة المواجهة ضد الإسرائيليين، خاصة بعد ظهور حركات المقاومة الإسلامية كمحرك موجه للانتفاضة، وذلك بعد تغييب متعمد مدروس.

 

6.

أوجدت لدى الإسرائيليين شعوراً باليأس من التخلص من المواجهة المحتمة، من استخدام كل أساليب القمع الوحشية ضد المتظاهرين.

 

7.

كشفت زيف دعاوى الديمقراطية الإسرائيلية، وأظهرت الدولة العبرية على حقيقتها العنصرية العدوانية الاستيطانية. كما كشفت بوضوح ممارسات الأجهزة الإسرائيلية القمعية، تجاه الشعب الفلسطيني.

 

8.

أبطلت الزعم بأن الجيش الإسرائيلي جيش لا يقهر، وأظهرت آلته العسكرية على حقيقتها، وبينت مدى الانهيار والتقهقر المعنوي، لدى الجنود الإسرائيليين، أثناء المواجهات المسلحة، أو مواجهات الحجارة.

 

9.

خلخلت الكثير من النظريات الأمنية الإسرائيلية، وكشفت عجز أجهزة الشّاباك خلال ملاحقتهم للمطاردين، الذين أعجزوهم عن العثور عليهم في كثير من الأحيان، واستطاعوا التخلص من طوق الحصار والحواجز الأمنية، في مرات لا تحصى.

 

10.

أجبرت اليهود على تحديد خيارات عاجلة، قبل أن تدمر كيانهم بالكلية. فقد أعرب البروفيسور "يهوشفاط هيركابي" المحاضر بقسم العلاقات الدولية بالجامعة العبرية، عن "أن الدولة ستتحول إلى جهنم، وأنه لن تكون هناك دولة يهودية، وأنه لا يمكن السيطرة على مليوني عربي، إذا بقيت الأمور على ما هي عليه ". وأضاف: "إن العصيان لن يتوقف، ولا يمكن ترحيل العرب، وإنه لا مجال إلاَّ لتسوية يتم خلالها ابتزاز أكبر قدر، من التنازلات".



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة