الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

 
بطاريات صواريخ أرض/جو
مواقع بطاريات الصواريخ
 
بيروت خلال حرب الجليل
عمليةالسلام من أجل الجليل
مراحل وتطور أعمال القتال
الحجم والأوضاع الإبتدائية
اُنظــــر كـــذلك
 
الليطاني الاجتياح الإسرائيلي للجمهورية اللبنانية، 1978، (الليطاني)
مذبحة قانا الاجتياح الإسرائيلي للجمهورية اللبنانية، 1996، (مذبحة قانا)
الحرب الأهلية اللبنانية
الجمهورية اللبنانية

الموقف اللبناني بعد خرق إسرائيل وقف إطلاق النار

في 16 سبتمبر 1982، طلب لبنان إلى رئيس مجلس الأمن، دعوة المجلس إلى الانعقاد، من الفور. إذ تقدم بمشروع قرار، يتضمن إدانة إسرائيل، لخرقها وقف إطلاق النار؛ والانسحاب الفوري لقواتها من بيروت؛ وتأكيد قرارَي مجلس الأمن، الرقمَين (508) و(509). وتقدم مندوب الأردن بمشروع القرار، مضافاً إليه فقرة، تتعلق بإدانة اغتيال الرئيس المنتخب، بشير الجميل. وبعد مداولات بين الدول الأعضاء، أقر مجلس الأمن، بالإجماع، القرار الرقم (520)، في 17 سبتمبر 1982، الذي نص على إدانة التوغلات الإسرائيلية الأخيرة في بيروت، والتي تشكل انتهاكاً لاتفاقات وقف إطلاق النار، وقرارات مجلس الأمن.(الملحق الرقم 55).

موقف مجلس الأمن من المجزرة، التي تعرض لها المدنيون الفلسطينيون، في بيروت

في ضوء أحداث المجزرة، التي ارتكبتها إسرائيل، بالتعاون مع قوات "الكتائب"، اجتمع مجلس الأمن، في 19 سبتمبر 1982، وأصدر القرار الرقم (521)، في اليوم نفسه، بالإجماع، والذي يدين المجزرة، التي تعرض لها المدنيون الفلسطينيون. وأكد المجلس قراراته السابقة، التي تدعو إلى احترام حقوق السكان المدنيين، من دون تمييز. ويسمح القرار للأمين العام بزيادة عدد المراقبين الدوليين، في بيروت، من 10 مراقبين إلى 50 مراقباً، يمنحون حرية الحركة والانتشار، بالتشاور مع الحكومة اللبنانية. وأكد القرار سلامة السكان المدنيين.

الموقف اللبناني في شأن تشكيل قوات متعددة الجنسيات

وافق مجلس الوزراء اللبناني، في 20 سبتمبر 1982، على استدعاء قوات متعددة الجنسيات، لمساعدة الجيش اللبناني على الحفاظ على الأمن، وحماية المدنيين، في بيروت الغربية، لمدة محددة، قابلة للتجديد. وسلمت رسالة بذلك إلى الأمين العام للأمم المتحدة.

وفي اليوم نفسه، بعث الرئيس ريجان، برسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة يعلمه بموافقة الولايات المتحدة الأمريكية على طلب لبنان المشاركة في القوات المتعددة الجنسيات.

تفاصيل المجزرة، في الصحافة العربية، ووسائل الإعلام الأجنبية

          في 19 سبتمبر 1982، صدر في جريدة "الأهرام"، في صفحتها الأولى، ما يصف بشاعة ما حدث:

"ميليشيات الكتائب وحدّاد تقتحم المخيمات، وتقتل 1400 من الأطفال والنساء والشيوخ تحت حماية دبابات الغزو الإسرائيلي"
"المخيمات تتحول إلى مقابر جماعية"

ريجان يطالب إسرائيل بالانسحاب الفوري من غرب بيروت دون قيد أو شرط"

بيروت في 18/9 ـ لقى اليوم ما يزيد على 1400 لاجئ فلسطيني، من الأطفال والنساء والشيوخ، مصرعهم في أبشع مجزرة دموية تشهدها لبنان، وذلك حينما اقتحمت قوات الميليشيا اليمينية، التابعة لكل من حزب الكتائب والرائد المنشق سعد حدّاد، مخيمات صبرا وشاتيلا، التي يعيش فيها اللاجئون الفلسطينيون، داخل العاصمة اللبنانية. ثم فتحت نيران الرشاشات، دون تميز، في الوقت الذي كانت فيه القوات الإسرائيلية تقوم بأكبر حملة اعتقالات ضد سكان المخيمات الفلسطينية المحاصرة بالدبابات والمدرعات، شملت ما يزيد على 1500 شخص من الفلسطينيين.

... أكوام الجثث ملقاة على الأرصفة ـ وفي مداخل المخيمات وداخلها، في مجموعات من عشرة أفراد، كان بينها بعض النساء وهن يحتضن أطفالهن، بينما اخترقت طلقات الرصاص القتلى من ظهورهم من الخلف. إن أشلاء الجثث والأطراف المقطوعة للأطفال والضحايا، كانت تبرز من تحت أكوام الأنقاض التي تراكمت داخل مخيمات اللاجئين، في أعقاب الهجوم الوحشي.

          نعم، جريمة بشعة ارتكبها أُناس، بلا قلوب، تجردوا من إنسانيتهم، وتحكمت فيهم شهوة الانتقام. فقد صدرت جريدة "الأهرام"، يوم 20 سبتمبر 1982، تصف التفاصيل المروعة للمذبحة الوحشية:

"بقر بطون النساء، وطعن الأطفال الرضع بالسكاكين، وتهشيم الرؤوس، وسلخ الجلد"

"الميليشيات اليمينية قتلت كل من لم يفر، ذبحاً أو حرقاً، وقيدت الضحايا بالحبال"

بيروت في 19/9 ـ أجمعت المصادر المختلفة على أن رجال الميليشيات اليمينية بقروا بطون النساء، وربطوا الضحايا بالحبال قبل إعدامهم، وطعنوا الأطفال الرضع بالسكاكين، وهشموا رؤوس الضحايا، وشوهوا الوجوه بالرصاص، كما سلخوا جلد البعض الآخر … إن جثث الضحايا لا تزال ملقاة، حتى صباح اليوم، في الشوارع وتحت الأنقاض، وفي كل شبر من أرض المخيمات … إن الميليشيات الكتائبية اقتحمت المخيمات، في حوالي الساعة السادسة من مساء يوم الجمعة الماضي، 17/9، أي بعد الغزو الإسرائيلي لبيروت الغربية بيومين، واستمرت في عمليتها القذرة حتى صباح السبت.

كما وصف مراسل وكالة الأنباء الفرنسية، بشاعة ما حدث:

إن سكان مخيم شاتيلا قُتلوا "بهدوء". شاهدت في نهاية ممر ضيق، غرفة مظلمة تفترش أرضها مراتب تناثرت فوقها خمس جثث تلتصق ببعضها، لرجل وسيدة وصبيين وطفل رضيع، اغتيلوا جميعاً وهم نائمون. وفي ممر آخر أُلقيت خمس جثث أخرى تغطيها الدماء، وقد انتفخت وجوه الضحايا، بسبب إعدامهـم رمياً بالرصاص قبل إلقاء جثثهم. وفي أحد الشوارع اغتيلت عائلة حاولت الفرار مع أطفالها، بينما لا يزال نبض الحياة يدق في جسد طفل رضيع يرتدي فانلة حمراء بين يدي أمه الميتة. .. تحت إحدى عربات النقل كان هناك جثث 15 شاباً تحطمت رؤوسهم وشوهت وجوههم بطلقات الرصاص وقيدوا بالحبال. على جانبي الطريق .. تنتشر أيضاً جثث القتلى ومن بينها جثث المسنين  والكهول … إن رؤوس كثيرين من القتلى كانت مهشمة، في حين جحظت أعينهم وبقرت بطونهم.

وقال صحفيان تابعان لمحظة راديو "باسيفيكا" الأمريكية:

"لقد رأينا جثتين انتزع منهما جزئياً الجلد، "أي مسلوخين"، في حين تحمل جثث بعض الأطفال الرضع آثار طعنات بالسكين". وأفادت الأنباء أن كل من لم يتمكن من الفرار من المخيم، سواء كان طفلاً أو امرأة أو شيخاً مسنّاً. قد ذبح".

رد الفعل الإسرائيلي

          وفي الساعة الثامنة صباح يوم 19 سبتمبر، تجمهر العديد من الإسرائيليين متظاهرين أمام منزل بيجن، ووصفوه بـ "بالمجرم"، وطالبوا باستقالة الحكومة، وتشكيل لجنة رسمية لبحث أحداث مخيمَي صبرا وشاتيلا. وفي ظهر اليوم عينه، وفي كلمة أمام فريق من الإسرائيليين، وعد أمين الجميل بالمحافظة على علاقات متينة بالقدس، وأكد عزمه على القيام بكل الالتزامات، التي كان قد تعهد بها شقيقه، إذ قال: "فيما يتعلق بعلاقاتنا الرسمية، يجب أن نتخذ قرارات توافق عليها أغلبية حكومتي". واحتج أمين على التقرير، الذي أذيع من صوت إسرائيل، محملاً "الكتائب" مسؤولية المجازر الدموية، التي حدثت في المخيمَين الفلسطينيَّين، قائلاً: "حتى لو كانوا هم الذين فعلوا هذا، فلماذا يُعلن عن ذلك؟ ولماذا يراقب جيش الدفاع الإسرائيلي عمل هذه القوات؟ وعلى كل حال، يعرف الجميع ما يمكن أن تفعله الميليشيات في مثل هذه الظروف!". وألمح أيضاً إلى أنه سيلتقي القادة الإسرائيليين، بعد انتخابه رئيساً للجمهورية.

          وفي الساعة التاسعة مساءً، دُعي الوزراء إلى منزل مناحم بيجن، لمناقشة مجازر مخيمَي اللاجئين. وأوضح شارون، خلال الاجتماع، أن جيش الدفاع الإسرائيلي، لم يدخل إلى المخيمَين. كان بيجن غاضباً مما حدث، بسبب توجيه الاتهامات إليه مباشرة وإلى حكومته، داخل إسرائيل وخارجها، فأصبح هو المسؤول الأول عن تلك المجازر. وعلى الرغم من أن البيان، الذي صدر عن الوزارة الإسرائيلية بأن الاتهامات المتعلقة بمسؤولية الجيش الإسرائيلي عن هذه المأساة، هي افتراء بغيض ضد حكومته، إلا أن السخط العام لم ينخفض، بل على العكس من ذلك، أخذ يزداد تدريجياً، كما أن المطالبين بلجنة تحقيق رسمية، أصبحوا أكثر تشدداً.

          لقد أدت أخبار المجزرة إلى احتجاج دولي ضد الحكومة الإسرائيلية. وطلبت أحزاب المعارضة الإسرائيلية اجتماعاً طارئاً للكنيست، وقدمت استجواباً إلى الحكومة. ونادت باستقالة رئيس الوزراء ووزير الدفاع. وقالت إن حقيقة إعلان إسرائيل مسؤوليتها عن استتباب القانون والنظام في بيروت الغربية، قد حمّلها، مباشرة، مسؤولية الأحداث المأسوية، التي نزلت بمخيمَي صبرا وشتايلا، بل إن سماحها للميليشيات بدخولهما، كان خطأً كبيراً، يقع على عاتق من اتخذوا هذا القرار

          وفي البداية، قاوم بيجن الضغط العام لتنفيذ الاستجواب، قائلاً: "إنه يكفي أن يجري استجواب من دون السلطة المخولة، قانوناً، للجنة الاستجواب". وصوّت وزير الطاقة في حكومة بيجن، إسحاق برمان، وعضو آخر من تجمع الحزب الليبرالي ضد الحكومة، ودعما طلب الاستجواب، واستقال برمان من الوزارة. ووافق الحزب القومي الديني، وحزب تامي، وكلاهما من التجمع الحاكم، على طلب الاستجواب. وبذا، تعرضت الحكومة لخطر مواجهة طلب الأغلبية في الكنيست. كما طالب نحو 400 ألف إسرائيلي بضرورة الاستجواب. وفي ضوء الإلحاح في هذا المطلب، من داخل إسرائيل وخارجها، تراجع بيجن، وتم تنفيذ الاستجواب، برئاسة مدير المحكمة العليا، إسحاق كاهان، وعضوية أهارون باراك ويونا أفرات، عضوَي المحكمة العليا.

          وانعقدت المحكمة لعدة أشهر، واستمعت لعدد كبير من الشهود، بمن فيهم رئيس الوزراء، ووزير الدفاع وأعضاء آخرون من الوزارة. وفي فبراير عام 1983، نُشر تقرير اللجنة، وفيه تأنيب لرئيس الوزراء على نقص سيطرته الحازمة، وكذا لوزير الدفاع، ورئيس الأركان، وقائد المنطقة الشمالية، الجنرال دروري، وقائد القوات في بيروت، العميد أموس يارون، ومدير الاستخبارات العسكرية، يهو شواعي ساغي، ووزير الخارجية، إسحاق شامير Yitzhak Shamir. وطالب التقرير بعزل وزير الدفاع، وطرد مدير الاستخبارات العسكرية، وإبعاد العميد يارون عن المناصب القيادية، لمدة ثلاث سنوات. وبالفعل، أُعفِيَ شارون من منصبه، كوزير للدفاع، واستبدل به موشي أرينز، الذي كان سفيراً لإسرائيل في واشنطن.



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة