الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

 
بطاريات صواريخ أرض/جو
مواقع بطاريات الصواريخ
 
بيروت خلال حرب الجليل
عمليةالسلام من أجل الجليل
مراحل وتطور أعمال القتال
الحجم والأوضاع الإبتدائية
اُنظــــر كـــذلك
 
الليطاني الاجتياح الإسرائيلي للجمهورية اللبنانية، 1978، (الليطاني)
مذبحة قانا الاجتياح الإسرائيلي للجمهورية اللبنانية، 1996، (مذبحة قانا)
الحرب الأهلية اللبنانية
الجمهورية اللبنانية

المواقف العربية من الغزو

          اتسم الموقف العربـي، منذ بداية الغزو، بقدر كبير من السـلبية، إذ إن الحكومات العربية بأسرها، تركت قوات المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية تقاتل وحدها، طوال فترة الغزو. ولم تقدم لها سـوى المساعدات الطبية، وبيانات الإدانة والتنديد بالغزو.

          والمواقف العربية ـ على هذا النحو ـ يسهل تفسيرها. فإضافة إلى عجز الدول العربية، عملياً، عن تقديم أي مساعدات عسكرية للمقاومة الفلسطينية ـ اللبنانية، فهناك العامل الأهم، والمتمثل، كما يرى الكثيرون، في رضى الدول العربية عمّا يحدث للمقاومة الفلسطينية، في لبنان. وتفسير ذلك، أن الدول العربية، منذ فترة، وهي راغبة في إنهاء القوة العسكرية لمنظمة التحرير بشكل من الأشـكال، لأن تلك الدول كانت راغبة في تسوية الصراع العربي ـ الإسرائيلي، والعقبة الأساسـية التي وقفت دوماً دون تحقيق مثل هذه الرغبة العربية، عملياً، هو الوجود الفلسطيني المسلح.

الموقفان، المصري والسوري، ووجهة النظر الإسرائيلية تجاههما

الموقف المصري

كان يحكم الموقف المصري عدة عوامل رئيسية:

  • العامل الأول: إن معاهدة السلام المصرية ـ الإسرائيلية، قد أبعدت مصر عن مسار الصراع العربي ـ الإسرائيلي، نتيجة للقيود التي فرضتها على حركة مصر العسكرية.
  • العامل الثاني: الظروف التي كانت تمر بها مصر، نتيجة لمقاطعة بعض الدول العربية لها، بعد توقيعها معاهدة السلام مع إسرائيل.
  • العامل الثالث: الرؤية المصرية إلى ضرورة إيجاد حل سلمي للمشكلة الفلسطينية، وانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، في الضفة الغربية والجولان.
  • العامل الرابع: إن الظروف الدولية والإقليمية، غير مواتية لتصعيد العمل العسكري ضد إسرائيل.

          وقد علّقت الصحافة الإسرائيلية على الموقف المصري، بالقول: "إن العامل الأساسي، المفسّر لعدم تجاوز مصر، في مواقفها من الغزو، حدود المساعي الدبلوماسية والمساعدات الطبية، هو خشيتها من القوة العسكرية الإسرائيلية الضاربة، ونجاح معاهدة السلام المصرية ـ الإسرائيلية، في تحجيم دور مصر، ووضع قيود على حركتها .

الموقف السوري

          أمّا بالنسبة إلى الموقف السوري، فعلى الرغم من أن لدى سورية من القوات ما يمكن أن يحارب ضد إسرائيل، ويوقع بها المزيد من الخسائر، إلاّ أنها حرصت، منذ بداية الغزو، على تجنّب أي شكل من أشكال المواجَهة المباشرة، بين القوات السورية والقوات الإسرائيلية، حتى لا توسع نطاق المواجَهة، ليشمل الجولان، كذلك. وقد تصبح معركة خاسرة بالنسبة إلى سورية، خاصة مع السلبية التي وجدتها في الموقف السوفيتي.

وتفسر إسرائيل الموقف السوري، بالقول: "إن سورية تراهن، منذ البداية، وعلى الرغم من مواقفها المعلنة، على إمكان التوصل إلى شكل من التسوية، ولو الضمنية، مع إسرائيل، حول لبنان، وحول موقف سورية من الصراع العربي ـ الإسرائيلي بشكل عام. ومثل هذه التسوية يقوم على التغاضي عن الوجود الإسرائيلي في جنوبي لبنان، في مقابل احتفاظ سورية بوجودها ونفوذها في شمالي لبنان، في منطقة البقاع".

          وعن الموقف السوري، يقول البروفيسور إدوارد لوتواك، الأستاذ اليهودي، في جامعة جورج تاون الأمريكية : "إننا في ذروة مسيرة طويلة الأمد، آخذة فيها مشاكل الأمن الرئيسية لإسرائيل في التضـاؤل. ففي عام 1948، كان لبنان، هو الآخر، يشكل تهديداً حقيقياً لأمن إسرائيل. وفي عام 1967، خرج لبنان من إطار دائرة العـداء. وفي عام 1973، خرج الأردن أيضاً من مثل هذا الإطار. وفي عام 1978، خرجت مصر، كذلك، من هذا الإطار. وخلال هذه الحرب، بقيت سورية، وحدها، هي العدو الرئيسي لإسرائيل. ولكنني أرى أن سورية الآن على بداية طريق الخروج من هذا الإطار، فقد اختارت وقف إطلاق النار، على الرغم من أنها قادرة، من الناحية العسكرية، على الاستمرار في القتال وقتاً أطـول. كما قررت سورية التخلي عن دورها، كمدافع رسمي عن منظمة التحرير الفلسطينية، وذلك دليل حَسَن على هبوط درجة الحماس، الذي جرّها إلى هذه المواجـهة. كما أنني أرى أن السوريين، سوف يتفرغون لما يدور مع عدوهم الأول، والأكبر، العراق. فإذا انتصرت إيران، حليفة سورية في حرب الخليج، فسوف يتفرغ نظام الرئيس حافظ الأسد، ويوجّه طاقاته إلى التوسع السياسي في العراق. وإذا خلص العراقيون من هذه الحرب، فإن نظام البعث العراقي، سوف يوجّه كل قواه من أجل مواجَهة شرسة أكثر مما كان عليه الأمر في الماضي، ضد دمشق. وفي كل الأحوال، فإن الاهتمام السوري الأكبر، أخذ، الآن، في التحول إلى جبهة العـراق. ولذلك، فإن سورية قد وصلت إلى نتيجة مفادها أن ثمن المواجَهة مع إسرائيل باهظ النفقات، فقد أضعفت الظروف الإستراتيجية الرئيسية الحماس السوري للحرب".

          ومن بين الاحتمالات، التي يراها البروفيسور إدوارد: "اتفاق حول مستقبل الجولان، مقابل موافقة إسرائيل على الوضع الحالي للسوريين في شمالي لبنان والبقاع. ومن المحتمل أن يكون هناك اتفاق حول تأجير هضبة الجولان السورية لإسرائيل، ونزع سلاح الهضبة، وإيجاد حكم مشترك (سيادة مشتركة) فيها. وأن مصلحة سورية في الوصول إلى تسوية مع إسرائيل قد ازدادت الآن، لأنها تسعى إلى تحسين علاقتها بالغرب، وإسرائيل هي التي تحول، في الواقع، دون حدوث التقارب بين سورية والغرب. ولذلك، فسورية في حاجة ماسة إلى السلام مع إسرائيل على غرار ما فعلت مصر".

الموقف الأمريكي من الغزو

          أمّا بالنسبة إلى الموقف الأمريكي، فلم يكن فيه جديد في سياق العلاقات الأمريكية ـ الإسرائيلية التقليدية، من زاوية التأييد، والدعم الدائم وغير المشروط للموقف الإسرائيلي. فإضافة إلى عِلم الولايات المتحدة الأمريكية المسبق بخطة الغزو وإقرارها لها، فقد حرصت طوال فترة الغزو على إعلان تأييدها للأهداف الإسرائيلية من الغـزو، والعمل على عدم صدور قرارات من مجلس الأمن تدين إسرائيل، أو تطالبها بالانسحاب.

          وتفسير الموقف الأمريكي على هذا النحو، هو التفسير التقليدي نفسه لمختلف أوجُه الدعم والتأييد الأمريكية لإسرائيل في سياستها بشكل عام. فإضافة إلى النفوذ الصهيوني التقليدي في الولايات المتحـدة الأمريكية، يبدو أن واشنطن نظرت إلى الخطوة الإسرائيلية في لبنان على أنها فاتحة لعصر من "السيطرة الأمريكية الشاملة" في المنطقة العربية، وبوصفها مؤشراً إلى القدرة الإسرائيلية المتفردة على حماية المصالح الأمريكية في المنطقة العربية، خاصة بعد أن ثبت إخفاق مفهوم "الإجماع الإستراتيجي"، الذي حاولت الإدارة الأمريكية أن تدفع دولاً معينة إلى تبنّيه، والقاضي بتجميع هذه الدول في مواجهة ما أطلق عليه "الخطر السوفيتي".

موقف الاتحاد السوفيتي من الغزو

          تأخر تأييد السوفيت لمنظمة التحرير، إذ لم ينظروا إليها كعنصر مهم في الصراع العربي ـ الإسرائيلي. وتطور اهتمام الاتحاد السوفيتي بالمنظمة عندما بدأت الدول العربية، في أواخر الستينيات، تلعب بورقة القضية الفلسطينية، ثم ازداد اهتمامه بها، في السبعينيات، عندما أُدخلت كعامل مؤثر في دائرة الصـراع العربي ـ الإسرائيلي، وهو ما حوّل القضية الفلسطينية إلى عنصر مهم في التنافس السوفيتي - الأمريكي في المنطقة. ومن الواضح أن التأييد السوفيتي، كان دائماً، تأييداً تكتيكياً. فقد نظرت موسكو إلى المنظمة على أنها "حركة تحرير" مثل المنظمات الأخرى في العالم. وعلى غرار ما جرى مع حركات التحرير الأخرى، طور الاتحاد السوفيتي علاقته بالمنظمة، مثلما تتطور مراحل أي حل من أجل المستقبل، وحتى يجد له صديقاً جديداً في المنطقة، وورقة أخرى يستخدمها ضد الولايات المتحدة الأمريكية. من أجل هذا الهدف، فإن بيع الاتحاد السوفيتي السلاح لمنظمة التحرير الفلسطينية، لم يمثل مشكلة. فقد كان لدى المنظمة أموالاً طائلة، وتقديم المساعدة والتدريبات العسكرية للمنظمة الفلسطينية، كان يسير بمحاذاة العلاقات السوفيتية بمختلف الحركات. وعلى الرغم من هذا، فإن موسكو لم تكن على استعداد أن تعرّض نفسها لأي نوع من الأخطار، قد يؤدي بها إلى نوع من المواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية. لذا، كان هذا هو السبب في عدم تأييد السوفيت لسورية أو تشجيعها على الدخول في حرب شاملة ضد إسرائيل في تلك الأزمة ، بل حثّوا الولايات المتحدة الأمريكية إلى ممارسة ضغوط على إسرائيل لوقف المصادمات مع القوات السورية. فواقع الأمر أن التزام القوتين العظميين تجاه أطراف الصراع في الشرق الأوسط، يختلف تماماً عن التزامهما تجاه أي أطراف أخرى للصراع في المناطق الأخرى، كأفريقيا مثـلاً. فهذا الالتزام قوي إلى درجة أنه من الممكن أن يدفع بالقوتين إلى صراع أو مواجهة فيما بينهما.

          والواقع أن الطابع التكتيكي للعلاقات بين الاتحاد السوفيتي ومنظمة التحرير، حال دون تقديم الدعم اللازم لها في هذه الحرب. ذلك أن التوجه الذي كان سائداً لدى الزعماء السوفيت، منذ وقت طويل، هو تفضيل العلاقات مع الدول على العلاقات بالمنظمات أو الحركات. كما أنهـم فقدوا ثقة ياسر عرفات بالأسلوب السـياسي الذي كانوا قد طرحوه عليه، وقد كان هناك احتمال أن يزداد ثقل رجال جبهة الرفض في منظمة التحرير الفلسطينية، الذين يستخدمون أسلوب الإرهاب الدولي للتعبير عن سخطهم ومطالبهم، وهو الأسلوب الذي لا يوافـق عليه الاتحاد السوفيتي. وكانت النظرة السائدة هي أن السوفيت، سيحاولون أن يبادروا أو يشتركوا على الأقل في إيجاد حل لمشـكلة لبنان على حساب الفلسطينيين، وأنهم لن يفعلوا شيئاً تجاه المنظمة أكثر مما فعلوه حتى الآن. ومن ثم، فإن الموقف السـوفيتي تجاه حرب لبنان كان حريصاً على ألاّ يصطدم بالولايات المتحدة الأمريكية وألاّ يتصاعد الموقف بين القوات الإسرائيلية والقوات السورية المتمركزة في لبنان، مما يضع السوفيت في موقف صعب.

الموقف الفلسطيني في الضفة الغربية

          تعاظم دور العناصر الوطنية وقوّتها واستمرار ارتباطها الفعلي، وعلى أقلّ تقدير، ارتباطها المعنوي بمنظمة التحرير الفلسطينية . وفشلت كل المحاولات الإسرائيلية، في تشكيل إدارة مدنية للأراضي المحتلة، كبديل من المجالس الوطنية، التي كان يتبوأها الوطنيون، الذين عُزلوا بعد قدوم حكومة الليكود.



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة