أهم أحداث النصف الأول من شهر يوليه
الموقف العسكري
ضيّقت إسرائيل الحصار على المنطقة الغربية من بيروت، وعلى ضاحيتها الجنوبية. ولجأت إلى قطع الماء والكهرباء عن الأحياء الغربية، إضافة إلى منع وصول المواد التموينية، في إطار الضغط العسكري والاقتصادي، الذي مارسته لإخراج المقاومة الفلسطينية من لبنان. كما عزز الإسرائيليون وجودهم على مداخل بيروت الغربية، وأحكموا الطوق حول العاصمة، بعدما سدّوا بوابات العبور.
وفي الضاحية الجنوبية من بيروت، دارت اشتباكات عنيفة بين القوات الإسرائيلية والقوات المشتركة، تركزت في مهبط مطار بيروت، ورافقها قصف مركز على أحياء برج البراجنة والطريق الجديدة. وتحت ستر نيران المدفعية الكثيفة، تمكنت المدرعات الإسرائيلية من التقدم نحو المدرج الشرقي للمطار، حيث تمركزت في تلال الرمل المحيطة به إلى الجهة الغربية.
وتجدد القتال على محور المطار بين القوات الإسرائيلية والقوات المشتركة، إذ تبادل الجانبان القصف المدفعي الصاروخي، الذي أدى إلى إشعال النيران في عدد من أحياء المنطقة الغربية، مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في منطقتَي بيروت، الشرقية والغربية، بينهم جنودا إسرائيليون ولبنانيون.
كما تجدد الاشتباك يوم 11 يونيه 1982، وشمل المنطقتين الشرقية والغربية من بيروت، واستمر التراشق لمدة 16 ساعة متواصلة على الأحياء السكنية، وكانت محصلة الاشتباك في هاتين المنطقتين، مقتل 75 فرداً و180 جريحاً من المدنيين. وللمرة السادسة، يتم الاتفاق على وقف جديد لإطلاق النار. وذكرت الإذاعة الإسرائيلية وقوع 28 جريحاً بين صفوف قواتها ومقتل جنديين .
وفي الثالث عشر من يوليه 1982، عززت إسرائيل من قواتها حول بيروت الغربيـة، إذ دفعت بلواءين، إحداهما مدرع، والآخر آلي. وانتشرت هذه القوات في المواقع الإسرائيلية الممتدة من خلدة، جنوب بيروت، حتى الميناء، الذي يشكل المدخل الشمالي لبيروت. وبذلك قدّر حجـم القوات الإسرائيلية التي تحاصر بيروت بنحو 30 ألف جندي و300 دبابة و500 عربة مدرعة .
الموقف السياسي
الموقف اللبناني
استمرت الاتصالات والمساعي من أجل التوصل إلى حل سياسي لأزمة بيروت وضواحيها الجنوبية، ومسألة وجود المقاومة الفلسطينية فيها. وذكرت وكالة "الصحافة الفرنسية" أن مشروعاً من ثلاث نقاط، تم التوصل إليه في الاجتماع، الذي تم بين رئيس الوزراء اللبناني وياسر عرفات. وتقضي النقطتان الأُولَيان برحيل 5000 مقاتل فلسطيني من لبنان إلى الدول العربية، وتألـيف كتيبتين عسكريتين فلسطينيتين، كل واحدة من 250 جندياً، على أن تنسحب هاتان الكتيبتان، بعد إخلاء لبنـان من القوات الإسرائيلية. وتقضي النقطة الثالثة بفض اشـتباك، يؤدي إلى انسحاب القوات الإسرائيلية بضعة كيلومترات من محيط بيروت في الوقت الذي يغادر الخمسة آلاف مقاتل فلسطيني لبنان.
وفي لبنان، أيضاً، تم التوصل إلى مشروع اتفاق بين فيليب حبيب ورئيس الوزراء اللبنـاني، ينص على فك الاشتباك بين القوات الفلسطينية والقوات الإسرائيلية، تحت إشراف قوات دولية، إلا أن الأطراف المختلفة لم تقبل هذا الاتفاق. ولهذا لم تعلن تفصيلاته.
ومن جهة أخرى، أبلغت واشنطن السفير اللبناني إلى الأمم المتحدة، رغبتها في اشتراك مراقبين دوليين، من الأمم المتحدة، من أجْل مراقبة وقف إطلاق النار، والجلاء عن بيروت. كما طالب سفير لبنان إلى الأمم المتحدة، من خلال رسالة، بعث بها إلى رئيس مجلس الأمن، في 13 يوليه 1982، بإرسال مراقبين من الأمم المتحدة إلى منطقة بيروت.
وفي 15 يوليه، أبلغت الولايات المتحدة الأمريكية، من طريق السفير الأمريكي المناوب، وليم شيرمان، إلى المندوب اللبناني الدائم في الأمم المتحدة، موقفها من المراقبين، وأنها تخشى أن يؤدي تقديم المقترح إلى مجلس الأمن، إلى فتح مناقشة، تعرقل المفاوضات الميدانية، وأنها تخشى، كذلك، رفض السوفيت الطلب، كجزء من رفضهم القوات الأمريكية.(الملحق الرقم 35).
الموقف السعودي
وفي الطائف في المملكة العربية السعودية، عُقد اجتماع اللجنة السداسية، المنبثقة من المؤتمر الطارئ لوزراء الخارجية العرب، لإيجاد مخرج للوضع القائم في لبنان، وقد بدأت أعمالها في الأول من يوليه 1982. وقد عكفت اللجنة على دراسة مشروع اتفاق لبناني ـ فلسطيني حول الوجود، العسكري والسياسي، للمقاومة الفلسطينية في لبنان. وجاء هذا المشروع نتيجة للجهود التي بذلتها السـعودية. وفي إطار بحث هذا الاتفاق، وصـل إلى الطائف الشيخ بشير الجميل، قائد قوات "الجبهة اللبنانية"، بناء على دعوة رسمية من وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل، أعرب فيها الوزير السعودي عن رغبته ورغبة اللجنة السداسية، في إجراء مشاورات مع بشير الجميل، من أجل التوصل إلى اتفاق، يحقق انسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان، وتأمين احترام حقوق منظمة التحرير الفلسطينية.
الموقف الكويتي
وفي الكويت، اتهم الشيخ جابر الأحمد، أمير دولة الكويت، الولايات المتحدة الأمريكية بدعم الغزو الإسرائيلي للبنان، ودعا الدول العربية إلى إعادة النظر في علاقاتها الدولية، لئلاّ تواجه "الهزيمة المستمرة". وقال الشيخ جابر إنه لم يكن في وسع إسرائيل القيام بعدوانها، وتجاهل القيم والتقاليد الإنسانية والدولية، من دون تلّقي الدعم الكامل من الولايات المتحدة الأمريكية .
الموقف المصري
وفي القاهرة، انتقد الرئيس حسني مبارك، مجدداً، سورية. بسبب الأداء العسكري السوري، في المعارك الأخيرة، ضد القوات الإسرائيلية في لبنان. وقال إن القوات السورية، لم تبدأ الاشتباك مع القوات الإسرائيلية، إلا بعد ما أصبحت المسافة بينهما لا تتجاوز 20 متراً. وتساءل هل هناك أي اتفاق سري بين سورية وإسرائيل على هذه المسألة؟ وأجاب أن هذا هو فهْمه للموقف السوري .
موقف الأمم المتحدة
في الأمم المتحدة، تقدمت مصر وفرنسا بمشروع جديد إلى مجلس الأمن، تضمن 12 بندا أهمها:
- الانسحاب الفوري للقوات الإسرائيلية من ضواحي بيروت إلى مسافة مقبولة، كخطوة أولى نحو انسحاب شامل من لبنان.
- رحيل القوات الفلسطينية من بيروت الغربية، بأسلحتها الخفيفة، إلى أحد المخيمات خارج بيروت.
- انسحاب جميع القوات الأجنبية من لبنان، ماعدا تلك التي قد تسمح لها الحكومة الشرعية في لبنان بالبقاء.
واقترح لبنان إجراء بعض التعديلات. فتأجّل عرض المشروع، ريثما ينتهي لبنان من هذه التعديلات. وفي الرابع من يوليه 1982، وعلى أثر توارد أخبار عن تزايد الأعمال اللاإنسانية، التي تمارسها إسرائيل، اتصل المندوب الفلسطيني بسفير الأردن، وطلب إليه دعوة مجلس الأمن للنظر في الموضوع. وبعد المشاورات التقليدية، صادق مجلس الأمن، بالإجماع، ومن دون مناقشة، على المشروع الأردني، والذي صدر تحت الرقم (513)، في 4 يوليه 1982.
وفي 12 يوليه 1982، وافق لبنان على المشروع الفرنسي ـ المصري المعدل، والمقترح المقدم إلى مجلس الأمن. أمّا الوفد الفلسطيني فقد تقدم، في اليوم نفسه، بمشروع فلسطيني، إلى مجموعة عدم الانحياز في مجلس الأمن.
الموقف الأمريكي
وفي واشـنطن ، أعلن الرئيس الأمريكي، رونالد ريجان، أنه وافق، مبدئياً، على اقتراح لبناني، غير رسمي، بمساهمة أمريكية في قوة متعددة الجنسيات، تحل في بيروت، وتشرف على خروج الفلسطينيين منها، بحراً . ورحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بالتعاون الأمريكي ـ الفرنسي، من أجل إخراج القوات الفلسطينية من العاصمة اللبنانية.
كما أعربت الإدارة الأمريكية عن اعتقادها أن إيجاد مكان، يلجأ إليه مقاتلو منظمة التحرير الفلسطينية يعَدّ مسؤولية عربية. وصرح دين فيشر، المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، بأنه جاء الوقت المناسب، ليساهم العالم العربي في حل هذه المسألة. كما ذكر أن منظمة التحرير الفلسـطينية وافقت، مبدئياً، على مغادرة بيروت. كما قال كاسبار واينبرجر، وزير الدفاع الأمريكي، أن ثمة حاجة إلى إشراك الفلسطينيين في عملية التسوية في الشرق الأوسط، مؤكداً أنه من دون وطن للفلسطينيين، لا يمكن التوصل إلى سلام دائم في الشرق الأوسط .
|