الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

 
نيقوسيا والخط الأخضر
الاقتراح التركي
بحر إيجه
قبرص - التقسيم الفعلي
اُنظــــر كـــذلك
 
جمهورية تركيا
جمهورية اليونان
جمهورية قبرص

الفـصـل الـرابـع
الأزمة القبرصية الأولى (1963 ـ 1964)

        بدأ الاستقلال بحذر من كلتا الطائفتين. وفي الوقت نفسه، بدأت تظهر، مرة أخرى، التصريحات المتكررة من مكاريوس، حول الإينوسيس. ومنها ما أدلى به في يوليه 1963، فأوضح "أن جمهورية قبرص، نشأت من اتفاقات زيورخ ولندن، لكن مستقبلها، يجب أن يتحدد طبقاً لإرادة شعبها، ومن ثم، يجب أن يعدل الدستور لتلغى المواد التي لا يمكن تنفيذها" . وفي سبتمبر 1963، صرح لمراسل صحيفة (أوسي سومي Uusi Suomi)، التي تصدر في ستوكهولم، قائلاً: "صحيح أن الهدف من نضالنا، هو ضم قبرص إلى اليونان" . ولهذه الغاية سمح مكاريوس بإنشاء جيوش سرية، كي تتولى تنفيذ خطة عمل محددة، عرفت باسم "مخطط اكريتاس Akritas Plan   " اُنظر الملحق الرقم ـ 7 وكان يهدف من ذلك إلى تعديل الدستور، مهما كلف الأمر، وإلغاء الاتفاقات الدولية، التي تحظر الوحدة مع اليونان.

1.  تعديلات على الدستور، وأزمة 1964

        تقدم الرئيس القبرصي، مكاريوس، في 30 نوفمبر 1963، إلى الجناح التركي في الحكومة  القبرصية، باقتراح، يقضي بإجراء 13 تعديلاً في الدستور. وهي تعديلات، كان يدرك، سلفاً، أنها لن تلقى القبول ، لأنها تقلص دور القبارصة الأتراك في الحكومة، وتهمش ذلك الدور، وتجعل من السكان الأتراك أقلية. وكانت حجة مكاريوس، أن هذه المواد، تعوق الدولة عن أداء وظائفها، وأنها تزيد أسباب الاحتكاك والتوتر بين الطائفتين. وبالفعل، رفض القبارصة الأتراك هذه التعديلات، وعدّوا الإجراءات، التي يطالب بها الرئيس، غير دستورية، وأن استمرار الحكم، من دون ممثلي الطائفة التركية، عمل غير شرعي . وانسحبوا من الحكومة، ومن الوظائف الحكومية. وتدهورت الأوضاع بين الطائفتين، وانتشرت الاشتباكات في سائر أنحاء قبرص. وكانت هذه التعديلات أول محاولة لنسف الدستور، وبداية أعمال، قضت على استقلال قبرص (اُنظر الملحق الرقم ـ 5).

        نشب، بسبب ذلك، القتال الطائفي، في 21 ديسمبر 1963، وغطت موجة من العنف كافة أنحاء الجزيرة، على يد القوات القبرصية اليونانية المسلحة، يساندها رجال الدرك والشرطة، من القبارصة اليونانيين. وكان الهدف من هذه الأعمال ضد القبارصة الأتراك، هو تقويض جمهورية قبرص. قاوم القبارصة الأتراك هذه الحملة، ولكنهم تعرضوا لخسائر في الأرواح والممتلكات.

        أعلن رئيس الأساقفة، مكاريوس، أن الاتفاقات القبرصية، أصبحت غير صالحة. وبقوة السلاح، أُقصي كل القبارصة الأتراك، العاملين في أجهزة الدولة، بمن فيهم نائب رئيس قبرص، التركي، والوزراء الأتراك الثلاثة.

        دعت تركيا، بوصفها إحدى الدول الثلاث الضامنة للدستور، اليونان وبريطانيا، الدولتين الضامنتين الأخريين، للانضمام إليها، في عمل منسّق، يضع حدّاً لحمام الدم في  الجزيرة. وصرح "عصمت إينونو Ismet Inonu" (انظر الملحق رقم 14)، رئيس الوزراء التركي، وقتئذِ، قائلاً: "إن هذا القرار، يخالف اتفاقات زيورخ ولندن. وإن تركيا، سوف تأخذ على عاتقها حماية الأتراك في الجزيرة". وأضاف قائلاً: "إن تركيا، لا تلجأ إلى التدخل العسكري، قبل المشاورة والمناقشة مع الدول الضامنة للاتفاقات الدولية. وإن الحكومة التركية، تؤيد شرعية المعاهدات الدولية، ولا يمكن إبطالها من جانب واحد" .

        لكن اليونان، رفضت الاستجابة. ولم تكن بريطانيا راغبة في التدخل، إلاّ أنها قامت بإرسال فرقة عسكرية، تعزيزاً لقواتها في قبرص. وصرّح مسؤول بريطاني، قائلاً: "إن تدخل بريطانيا في المشكلة القبرصية، هو لمنع انفجار الحرب بين تركيا واليونان. وإن بريطانيا غير مستعدة لتحمل هذا العبء مدة طويلة". وفي الوقت عينه، أرسلت بريطانيا مذكرة إلى مجلس الأمن، للاجتماع، فوراً، لبحث هذا الموقف .

        تحركت تركيا، بمفردها، وأرسلت طائرتين حربيتين، قامتا بتحليق إنذاري فوق نيقوسيا. وعلى إثر ذلك، وافق مكاريوس على وقف إطلاق النار، بإشراف قوة بريطانية لحفظ السلام، والمشاركة في  مؤتمر، يضم الدول الثلاث، الضامنة للدستور، وممثلين عن القبارصة، اليونانيين والأتراك، لإيجاد تسوية للأزمة، وتم التوقيع على اتفاق لرسم خط أخضر بين الطائفتين في العاصمة نيقوسيا .

        انعقد المؤتمر في لندن، في 15 يناير 1964. ولم يسفر عن أي نتائج إيجابية. ونتيجة لفشل المؤتمر، ازداد تدهور الأوضاع، مع استمرار الهجمات اليونانية على الأتراك، في كل أنحاء الجزيرة. أصبحت قوة حفظ السلام البريطانية، التي تعرضت، بدورها، للاعتداءات، عاجزة عن الاضطلاع بالمهمة المنوطة بها. لذا، رفعت بريطانيا القضية إلى مجلس الأمن الدولي، في منتصف فبراير 1964.

        تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية، باسم حلف شمال الأطلسي، لرأب الصدع، الذي حدث بين دولتين من دول الحلف. فأرسل الرئيس الأمريكي ليندون جونسون Lyndon Baines Johnson، مبعوثه الخاص، مساعد وزير الخارجية الأمريكي، جورج بول George W. Ball، ومعه السناتور وليم فولبرايت William Fulbright، إلى كل من أنقرة وأثينا ونيقوسيا.

        وخاطب يوثانت U Thant ، كلاً من تركيا واليونان، لمنع أي عمل، من شأنه أن يــؤدي إلى نشوب الحرب . وانعقد مجلس الأمن الدولي، وأصدر القرار الرقم 186، في 4 مارس 1964 (انظر الملحق الرقم 6)، بتعيين وسيط للأمم المتحدة في قبرص، هو جالو بلازا Galo Plaza ، من الإكوادور Ecuador. وقرر المجلس إرسال قوات دولية لحفظ السلام، قوامها 6500 رجل، عرفت باسم (United Nations Force in Cyprus) . وتأسس الخط الأخضر في العاصمة نيقوسيا ليفصل بين أحياء الطائفتين. ولتلافي الاختلاف في  وجهات النظر، وحسماً للاشتباكات، التي نشبت بين الطائفتين، فإن مجلس الأمن رأى، أن تتضمن مقدمة قراره الإشارة إلى معاهدة الضمان، الموقعة عام 1960، إضافة إلى المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة، التي تقضي بامتناع الدول الأعضاء عن التهديد، أو استخدام القوة، في  مواجهة دولة أخرى .

        أمّا رئيس الأساقفة، مكاريوس، فبعد أن نجح في إبعاد شبح التدخل التركي، من خلال قبوله وقف إطلاق النار، أراد أن يثبت للعالم أن اتفاقات عام 1960، التي أعطت تركيا حق التدخل، تتعارض مع مبدأ السيادة. وفيما بعد، ومع كل تجدد للقتال في قبرص، وكل استعداد تركي للتدخل، كان مكاريوس يحتج على أن ثمة تدخلاً خارجياً في الشؤون الداخلية لقبرص .

        وفي الخامس من مارس 1964، أرسل الأسقف مكاريوس بياناً إلى الحكومة البريطانية، أعلن فيه عدم اعترافه بخط الهدنة، الذي يفصل الأحياء التركية عن الأحياء القبرصية . وذلك بعد قرار مجلس الأمن الدولي بيوم واحد.

        وفي مارس 1964، زار عصمت إينونو، رئيس وزراء تركيا، واشنطن، واجتمع مع الرئيس جونسون. وعقب انتهاء المحادثات، صدر بيان مشترك، جاء فيه: "يؤيد الطرفان تقوية الجهود، المبذولة من قبل الأمم المتحدة، لإعادة السلم والأمن للجزيرة. ويؤكدان احترام جميع الاتفاقات القائمة". وللغرض نفسه، أرسل الرئيس جونسون مبعوثاً شخصياً إلى اليونان، هو دين أتشيسون Dean Acheson  ، الذي قدم عدة اقتراحات لحل المشكلة القبرصية، عرفت بخطة أتشيسون Acheson Plan، وهي:

أ. اتحاد قبرص مع اليونان.

ب. تتخلى اليونان عن جزر الدوديكانس Dodecanese، في بحر إيجه، لتركيا، لأنها أقرب إلى سواحل الأناضول التركية.

ج. بناء قاعدة عسكرية تركية في قبرص.

د. تعويض القبارصة الأتراك، الذين يغادرون الجزيرة، أو مَن يرومون البقاء فيها .

وأحدث هذا الاقتراح قلقاً بالغاً في الأوساط التركية، التي أعلنت الحل، الذي ترتضيه، وهو الفصل بين الجزء التركي والجزء اليوناني .

        أبلغت الولايات المتحدة الأمريكية كلاًّ من حكومتَي تركيا واليونان، بأن الحكومة الأمريكية سوف تتخذ إجراءات معينة، للحيلولة دون وقوع حرب بين دولتين من أعضاء حلف شمال الأطلسي. وأعلنت بأنها سوف تضع الأسطول السادس الأمريكي، في البحر المتوسط، لمحاصرة جزيرة قبرص، لتأمينها ضد التدخل التركي المحتمل.

        وبعث جونسون رسالة إلى عصمت إينونو، في 5 يونيه 1964، حذّره فيها من اتساع نطاق الصراع في قبرص، مما يؤدي إلى تدخل سوفيتي ضد تركيا، في حالة اشتباكها في حرب مع اليونان، ولفت انتباهه لأن الحلف لن يتدخل لصالح تركيا في تلك الحالة .

        ووصف إينونو موقف واشنطن، بأنها "غير راغبة في اتخاذ أي إجراء، يساعد على حل مشكلة قبرص. وإن الموقف بين تركيا واليونان، قـد أصبح مظلماً" .

        ولقد حرصت الولايات المتحدة الأمريكية على إقامة حالة قريبة من التوازن، في القوة العسكرية، بين تركيا واليونان، على الرغم من اختلاف حجم البلدين، مساحة وتعداداً..

        وبطبيعة الحال، لا يمكن أمريكا التحكم في توازن القوى الاحتياطية البشرية، لدى الدولتين، التي قدِّرت بنحو 800 ألف في تركيا، مقابل 180 ألفاً لدى اليونان. إلاّ أنها استطاعت أن تضمن، إلى حدّ كبير، التوازن في نوع التسليح وكميته، وهو الأمر الأهم في حروب العصر المحدودة، التي تسارع الدول الكبرى إلى إخمادها، حين نشوبها بين الدول الصغرى، خشية اهتزاز خريطة التوازن المرسومة لكل منطقة .

        وفي أبريل 1964، أرسل مكاريوس كتاباً إلى رئيسَي الحكومة في كل من تركيا وبريطانيا، يبلغهما نبذه معاهدة التحالف، الموقعة بين الأطراف الثلاثة. لكن الحكومة البريطانية، أوضحت له أنه لا يمكن إلغاؤها، لأن المادة 181 من الدستور القبرصي، تتضمن هذه المعاهدة، وأن الدستور لا يزال ساري المفعول. وقد أثارت هذه التحركات من جانب الرئيس القبرصي، إضافة إلى تصريحاته في شأن سير قبرص نحو الإينوسيس، حفيظة الأتراك القبارصة، وكذلك تركيا .

        تجددت الاشتباكات وحوادث العنف بين الطائفتين، التركية واليونانية، في مارس وأبريل 1964. وفي أواخر مايو، أصدر مجلس النواب القبرصي قراراً، يدعو الرجال (18 ـ 59 سنة) إلى الخدمة العسكرية في الحرس الوطني، الذي أنشأته الإدارة القبرصية اليونانية. فاعترض فاضل كوجك، نائب الرئيس، على هذا القرار، مما دفع مكاريوس إلى إعلان أن الدستور أصبح غير قائم، وأن فاضل كوجك أمسى فاقداً لمركز نائب الرئيس .

        وصرح، عقب ذلك، رئيس وزراء تركيا، عصمت إينونو، قائلاً: "إن دولتي ستحمي الأتراك القبارصة، إذا لم يتيسر الاحتفاظ بحقوقهم، بالوسائل السلمية، والإجراءات الدولية، الجاري اتخاذها. وإن قرار التجنيد، المذكور، مخالف لاتفاقات زيورخ ولندن". عقب هذا التصريح، أصبحت القوات القبرصية في حالة تأهب قصوى، لمواجهة الأسطول التركي، الذي كان مرابطاً في الإسكندرونة، على بعد 120 ميلاً من قبرص. ونتيجة لذلك، دعا الرئيس الأمريكي، ليندون جونسون، رئيس وزراء تركيا إلى واشنطن، للتشاور معه، في 5 يونيه 1964. ووجّه تحذيراً إلى تركيا، بعدم استخدام القوة في قبرص، وإلا فإنها لن تجد الحماية من حلف شمال الأطلسي، في حالة وقوع أي عدوان روسي عليها. وفي آخر الشهر، دعا الرئيس جونسون رئيسَ وزراء اليونان، جورج باباندريو George Papandreou (انظر الملحق رقم 14)، للتباحث معه حول الموضوع نفسه.

        لم يكن الرأي العام التركي راضياً عن دعوة عصمت إينونو لزيارة واشنطن، لأن الأتراك رأوا فيها مؤامرة من الولايات المتحدة الأمريكية، لمنعهم من التدخل لحماية اتفاقات زيورخ ولندن .

2.  الوجود اليوناني في قبرص

        وفي فبراير 1966، وُقع اتفاق مشترك بين حكومتَي اليونان وقبرص، ينص على أن أي حل، يستبعد الإينوسيس، لن يكون مقبولاً .

        وبعد أشهر قليلة من وصول قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام، التي وافق مجلس الأمن على إرسالها إلى قبرص، في 4 مارس 1964، تم تهريب أكثر من 15 ألف جندي يوناني إلى الجزيرة، تحت غطاء أنهم طلاب أو سياح.

        وزار وزير الدفاع اليوناني الجزيرة، في 27 أكتوبر 1964. وأعلن مكاريوس، خلال حفلة الغداء: "لقد جاءت اليونان إلى قبرص، وقبرص هي اليونان. إن قناعتي راسخة، بأن الكفاح الهلّيني من أجل توحيد قبرص مع وطنها الأم، اليونان، سيتوج، قريباً جداً، بالنجاح. هذا النجاح، سيكون بداية لعصر جديد، من المجد والعظمة اليونانيين".

        وعاد الجنرال جورج جريفاس، رئيس الحركة القومية اليونانية، إيوكا، وزعيم الاتجاه المؤيد للاتحاد مع اليونان، عاد إلى الجزيرة القبرصية، في يونيه 1964، وعُيّن قائداً للقوة القبرصية اليونانية المسلحة، التي شُكّلت باسم "الحرس الوطني"، وتولى أيضاً، قيادة قوات الأمن. وكان لهذا أثره الواضح في اشتداد حدّة النزاع في الجزيرة. واستمرت القوات اليونانية في التدفق إلى الجزيرة، حيث شنّت، بالاشتراك مع الوحدات القبرصية ـ اليونانية، العديد من الهجمات، على المناطق، التي يقيم بها القبارصة الأتراك .

3.  الهجوم على كوفينو Kophinou  :

        في أواسط نوفمبر 1967، شن الجنرال جريفاس، القائد الأعلى لقوات الحرس الوطني القبرصية اليونانية، هجوماً على قرية كوفينو القبرصية التركية، وعلى قرية آيوس ثيودوروس  Ayios Theodoros، المجاورة، في منطقة لارناكا. وكان الهدف من الهجوم على كوفينو، هو إظهار الروح المتقدة للكفاح من أجل الإينوسيس، والإثبات للقبارصة الأتراك، أن تركيا، لا تستطيع أن تفعل شيئاً حيال ذلك . وأشار الأمين العام للأمم المتحدة، في التقرير الرقمS 8286  ، بتاريخ 8 ديسمبر 1967، إلى أن عملية كوفينو، قد أدّت إلى خسائر فادحة في الأرواح، وكان لها مضاعفات خطيرة.

        أثارت الأعمال الوحشية، التي ارتكبت أثناء عملية كوفينو، رد فعل قوياً من تركيا، التي وجهت إنذاراً إلى اليونان بضرورة وقف الهجوم فوراً، ووضعت قوة تدخل في حالة استعداد للتوجه إلى قبرص، إذا استمرت الاعتداءات .

        وهكذا، وصلت تركيا واليونان، مرة أخرى، إلى حافة الحرب، التي حال دونها تدخل سيروس فانس Cyrus Roberts Vance، المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي جونسون. فزار كلاًّ من أثينا ونيقوسيا وأنقرة، في أواخر نوفمبر 1967. ونجحت مساعيه في عقد اتفاقية سحب القوات، اليونانية والتركية، من قبرص، عدا ما قررته اتفاقات 1960، وإخراج الجنرال جورج جريفاس من الجزيرة، الذي استقال من قيادة الحرس الوطني .

4.  الإدارة القبرصية التركية  

        في  28 ديسمبر 1967، وإثر الهجوم المكثف، الذي شنته قوات يونانية ـ قبرصية يونانية مشتركة، على قرية كوفينو التركية في منطقه لارناكا، أنشأ فاضل كوجك، يساعده رؤوف دنكتاش، الإدارة القبرصية التركية المؤقتة.

        كانت الأحكام الأساسية للإدارة الجديدة، تقضي بقيام مجلس تشريعي، يتكون من الأعضاء القبارصة الأتراك في المجلس النيابي والمجلس الطائفي، وقيام مجلس تنفيذي لممارسة السلطة الإدارية في المناطق القبرصية التركية .

        أوضح القسم الأول من الأحكام الأساسية، سبب إنشاء الإدارة وأهدافها. وأشار إلى أنه ريثما يتم تطبيق كافة بنود دستور 1960، على القبارصة الأتراك الارتباط بهذه الإدارة.

        ومع تراجع احتمالات العودة إلى الأخذ بدستور 1960، أُسقطت كلمة "المؤقتة"، وتابعت الإدارة القبرصية التركية عملها، كحكومة متكاملة، لتلبية حاجات الطائفة التركية، ودعم مقاومتها الاعتداءات القبرصية اليونانية .

5.  محادثات استطلاعية

        أدّت أزمة كوفينو إلى نتيجة إيجابية، تمثلت في بدء محادثات بين الطائفتين، على إثر ضغوط من الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا. فقد وافق رئيس الأساقفة على إجراء محادثات استطلاعيه، غير رسمية، مع ممثلين للطائفة التركية .

        وفي 6 يونيه 1968، بدأت محادثات الطائفتين، في بيروت، بين رؤوف دنكتاش، عن القبارصة الأتراك، وجلافكوس كليريديس Glafcos Clerides (انظر الملحق رقم 14)، عن القبارصة اليونانيين. وبعد أسبوع، استكملت المحادثات في  نيقوسيا.

        كان القبارصة الأتراك، يطالبون بأن يتضمن أي اتفاق مستقبلي تأكيداً للضمانة السابقة ضد الإينوسيس، وضد أي وحدة مع دولة أخرى. وأن يكون الحكم الذاتي المحلي أساساً لحل نهائي، يتم فيه الاعتراف بحق المشاركة للطائفة القبرصية التركية . أمّا الجانب القبرصي اليوناني، فكان مصمماً على عدم توقيع أي اتفاق يمنع الإينوسيس. أمّا مسألة الضمانة، فيجب أن تناقش من قِبل كل موقعي اتفاقات 1960، بعد حل المسائل الدستورية .

------------------------



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة