إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / المواقف وردود الفعل العربية، تجاه الغزو العراقي، خلال الأيام الأولى للأزمة









ثالثاً: مواقف الدول، والتجمعات العربية (2 ـ 10 أغسطس 1990)

د. الموقف الكويتي

    منذ الساعات الأولى للغزو، طلبت حكومة الكويت من الولايات المتحدة الأمريكية، تقديم المساعدة العسكرية، لتأمين انسحاب القوات العراقية. كما طلبت تجميد الأموال والموجودات الكويتية، لمنع العراق من السيطرة عليها. وصرح سفير الكويت لدى واشنطن، أن المطلوب، الآن، هو وضع إستراتيجية، لمواجهة الاحتلال، وتأمين انسحاب القوات العراقية. وأنه يجب إرسال إشارة واضحة إلى العراق، ليس من جانب الولايات المتحدة الأمريكية فحسب، بل من الدول الغربية وحلف شمال الأطلسي، كذلك، لإظهار جدية الوضع وخطره.

    وفي الوقت نفسه، شاركت الكويت في اجتماعات مجلس الجامعة العربية الطارئ. وطالبت بتشكيل قوة عسكرية عربية مشتركة، للتدخل وإنهاء الغزو. وذكرت الكويت أن الإدانة غير كافية[7].

    وفي 5 أغسطس 1990، وجّه الشيخ جابر الأحمد الصباح، أمير دولة الكويت، من مقره المؤقت، في الطائف، كلمة إلى الشعب الكويتي، عبْر شاشات التليفزيون السعودي، وهي المرة الأولى، التي يتحدث فيها، بعد اجتياح القوات العراقية الكويت، ولجوئه إلى المملكة العربية السعودية. وحث فيها الشعب الكويتي على الصمود، وقال: "إن الكويت، مرت بمِحَن كثيرة، وآلام جسيمة. وتعرضت لاعتداءات وغزوات متعددة، على مر الزمن. ولكن بصمود الكويتيين وعزيمتهم وإيمانهم، بقيت الكويت حرة أبية، مرفوعة الراية...". وأوضح في كلمته إلى الشعب الكويتي، أن العالم بأَسْره، يقف ضد عدوان العراق، الذي وقفت الكويت إلى جانبه، وشدت أَزْرَه في محنته، أثناء حربه ضد إيران، على الرغم مما أصابها من جراء مساندتها إياه. وفي نهاية كلمته قال: "إننا لسنا وحدنا في مواجهة العدوان، فمعنا العرب والمسلمون. كما تقف معنا دول العالم، التي لم تتردد، لحظة، في رفع صوتها عالياً، استنكاراً وإدانة للعدوان". (أُنظر وثيقة رسالة أمير الكويت، الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، في 5 أغسطس 1990، إلى الشعب الكويتي، من مقره المؤقت، في الطائف، بعد خروجه من الكويت، إثر الغزو العراقي)

    ومن الواضح، أن الحكومة الكويتية، لم تعوّل كثيراً على الجامعة العربية، على الرغم من تفضيل البقاء تحت مظلتها؛ إذ إن مجمل الحركة الكويتية، كان مراهناً على استخدام القوة، ولا سيما القوة الناجمة عن الموقف الأمريكي. ويعود ذلك، في جزء كبير منه، إلى إدراك الكويت أن للولايات المتحدة الأمريكية، وللغرب عامة، مصالح حيوية في المنطقة، لا يمكن تجاهلها، أو التغاضي عنها، بسهولة. إضافة إلى ذلك قناعة الكويت، بأن الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الغربية، هي القوة الوحيدة، القادرة على تأمين مساعدة فاعلة، لإنهاء الاحتلال العراقي، سواء بالوسائل العسكرية أو بغيرها. وتتأكد هذ القناعة، من خلال تصريحات سفير الكويت لدى واشنطن، بعد 15 أغسطس 1990: "لسنا خائفين، ما دام الشعب الأمريكي والإدارة يدعماننا. لكن عامل الوقت مهم جداً. وإن الكويت طلبت التدخل العسكري الأمريكي. إلاّ أن القرار، يعود إلى الإدارة الأمريكية، حسب استعداداتها وسياستها".

    وفي المقابل، كان الرئيس الأمريكي، بوش، في 6 أغسطس 1990، قد أعلن أنه قدم بعض الضمانات إلى الشيخ جابر الأحمد. وأوضح أن حلف شمال الأطلسي، يفكر التفكير نفسه، الموجود لدى الإدارة الأمريكية. وأنه لن يقبل بأقلّ من الانسحاب.

    وفي هذا السياق، أعلن أمير الكويت، في 7 أغسطس 1990، بعد صدور قرارات مجلس الأمن، المتعلقة بفرض العقوبات الاقتصادية على العراق، أن ذلك ليس كافياً. وأنه يجب البحث عن تدابير أخرى. وفي اليوم التالي، رحّب المندوب الكويتي إلى مجلس الأمن، بقرار المملكة العربية السعودية، السماح للولايات المتحدة الأمريكية باستخدام مَرافقها العسكرية، مشيراً إلى أن الكويت، ترحّب بالتدخل الأجنبي، في حالة رفض العراق الانسحاب غير المشروط، وعودة الشرعية الكويتية. وأن الحرب، في هذه الحالة، ستكون شراً، لا بدّ منه، للحفاظ على أمن المنطقة عامة، وليس أمن الكويت فقط.

    وقبْل أن تنعقد القمة العربية الطارئة، في القاهرة، في 10 أغسطس1990، كانت الولايات المتحدة الأمريكية، تلقت طلباً رسمياً من الكويت، بالعمل على تنفيذ العقوبات، التي فرضتها الأمم المتحدة على العراق، من خلال قرارات مجلس الأمن، مما أعطى واشنطن، والعواصم الغربية الأخرى، "الحق القانوني" في اعتراض السفن المحملة ببضائع من العراق وإليه. كما بعث أمير الكويت برسائل رسمية، باسم حكومة الكويت، إلى عواصم الدول الكبرى، يطلب فيها فرض حظر على النفط الكويتي في إطار الحظر، الذي أقره مجلس الأمن.

    وإضافة إلى ذلك، نشطت الحكومة الكويتية إلى تحركات دبلوماسية واسعة النطاق، تركزت في اتجاهَين:

الأول: يتمثل في سلسلة من زيارات وزير الخارجية، صباح الأحمد، إلى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، وبعض الدول الغربية. استهدفت توضيح الموقف الكويتي، وشرح أوضاع المنطقة، والحصول على تأييد هذه الدول لتنفيذ القرارات المتعلقة بالأزمة، في مجلس الأمن.

الثاني: استهدف الدول العربية، المُطالِبة بانسحاب العراق، وعودة الشرعية الكويتية، في محاولة حشد موقف عربي أكثر اتِّساقاً، خلْف المطالب الكويتية. وشمل كلاًّ من مصر وسورية والمغرب والجزائر وتونس وليبيا.

    ومنذ بداية الغزو، أكدت حكومة الكويت الطبيعة العدوانية، والتوسعية، للنظام العراقي، التي باتت تهدد دول المنطقة، ككل. وأن الغزو، لم يكن حلاً لنزاع حدودي، أو لأزمة اقتصادية، أثارها صدام حسين، وإنما كان بسبب خطة مبيّتة، وإصرار على احتلال الكويت وضمها، بالقوة. 

    ولقد حددت الكويت، حكومة وشعباً، موقفها تجاه العدوان، في الأسس التالية:

(1) إن سيادة دولة الكويت واستقلالها وسلامة أراضيها، مسألة غير قابلة للمفاوضة أو المساومة.

(2) عدم قبول أي حل دون التنفيذ الكامل لقرارات مؤتمر القمة العربي الطارئ، في القاهرة، وقرارات مجلس الأمن الدولي، التي دعت كلها إلى الانسحاب الفوري غير المشروط للقوات العراقية، من جميع الأراضي في الكويت. وأكدت دعمها لعودة السلطة الشرعية إلى دولة الكويت.

(3) احتفاظ الكويت بحقها في طلب التعويض من النظام العراقي، عن كل ما ألحقه بالوطن وبالشعب، من أضرار، مادية ومعنوية، وكل ما سلبه من أموال الكويت، وما ألحقه بها من دمار.

(4) إن انسحاب القوات العراقية غير المشروط، من جميع الأراضي الكويتية، يجب أن يسبق أي محاولة لتسوية الخلاف، الذي افتعله النظام العراقي، قبْل عدوانه على الكويت مباشرة، أو أي مسائل أخرى، كانت معلقة بين دولة الكويت والجمهورية العراقية، قبْل الغزو العراقي.

        وفي الوقت نفسه، رفضت الحكومة الكويتية رفضاً قاطعاً، كل المبادرات العراقية، بدءاً من الانسحاب المتزامن مع انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة، وسورية من لبنان، إلى المطالبة بسحب القوات الأجنبية، في مقابل إطلاقه الأجانب الموجودين في العراق. وهناك سبب آخر لهذا الرفض، هو أن كل الطروحات العراقية، لم تتطرق إلى عودة الوضع في الكويت إلى ما كان عليه قبْل الغزو، بل رفضت ذلك بإصرار. ولذلك، رأت الكويت أن هذه المبادرات، ما هي إلاّ تسويف، يهدف إلى إضاعة الوقت. فالوجود الأجنبي نجم عن الغزو العراقي للكويت، كما أن للسعودية الحق في أن تدافع عن نفسها، ضد أي خطر يهددها، وبالوسيلة التي تراها ملائمة. ولا بدّ، أولاً، من تنفيذ قرارات مجلس الأمن، والانسحاب العراقي. وتبعاً لهذه الرؤية، أعلن كبار المسؤولين الكويتيين، أنهم مع أي وسيلة، تجبر الرئيس صدام حسين على سحب قواته[8] .

3. موقف دول مجلس التعاون العربي

أ. الموقف المصري

    دانت القيادة السياسية المصرية واقعة الغزو، ووقفت إلى جانب شعب الكويت. كما بادرت إلى بذل جهود مكثفة، لاحتواء الأزمة المتفجرة، انتهت باقتراح عقد قمة مصغرة، في جدة، في 5 أغسطس 1990، يحضرها "مصر ـ الأردن ـ الجزائر ـ المملكة العربية السعودية ـ العراق"، بشرط أن يوافق العراق، مسبقاً، على مبدأ الانسحاب، وعدم المساس بالنظام الشرعي في الكويت. وهو ما لم يحدث. ومن ثَم، لم ينعقد المؤتمر المقترح.

    وعلى الرغم من الرفض المصري للغزو العراقي، فقد كان لمصر دور في تأجيل صدور بيان وزراء خارجية الدول العربية، إلى ما بعد زيارة الملك حسين بغداد، وفقاً لِما اتفق عليه مع الرئيس مبارك، أثناء زيارته القاهرة. وهو ما تحقق من خلال اتصال الرئيس المصري بكلٍّ من وزير الخارجية السعودي ومندوب الكويت، إضافة إلى عدد آخر من وزراء الخارجية. وذلك في محاولة لإفساح الفرصة أمام المشاورات، الجارية بين الرؤساء والملوك العرب.

    ثم صدر بيان وزارة الخارجية المصرية، في 3 أغسطس 1990، المطالب بانسحاب القوات العراقية، فوراً، من الأراضي الكويتية، والكف عن محاولة تغيير نظام الحكم بالقوة، وترك الشؤون الداخلية للشعب الكويتي، ليقرر بإرادته الحرة وقراره المستقل. (أُنظر وثيقة بيان وزارة الخارجية المصرية، في شأن إدانة الغزو العراقي للكويت، في 3 أغسطس 1990)

    وهو ما أكده الرئيس حسني مبارك، في 4 أغسطس 1990، عقب لقائه الرئيس الفلسطيني، في الإسكندرية. وكذلك في البيان، الذي ألقاه، في 8 أغسطس 1990، في المؤتمر الصحفي العالمي، في القاهرة، في شأن تطورات الموقف.

    ودعا الرئيس مبارك إلى عقد مؤتمر قمة عربية، في القاهرة. فانعقد في 10 أغسطس 1990، في محاولة لوضع حدٍّ لتفاقم الأحداث. وجاءت قراراته بأغلبية 12 عضواً، من 20 عضواً، حضروا القمة. ( أُنظر وثيقة بيان الرئيس حسني مبارك، في المؤتمر الصحفي العالمي، الذي عُقد في القاهرة، في 8 أغسطس 1990، في شأن أزمة الخليج)

    كما وجَّه الرئيس مبارك، منذ بدء الأزمة، من 20 يوليه 1990، وحتى 10 أغسطس 1990، نحو ثلاثة نداءات[9]، (أُنظر وثيقة توقيتات النداءات، التي وجّهها الرئيس حسني مبارك، إلى الرئيس صدام حسين، خلال أزمة الخليج، في الفترة من 20 يوليه 1990 إلى 15 يناير 1991) إلى القيادة العراقية، يطالبها بتسوية الخلافات بالسبُل السلمية، والانسحاب من الكويت، بعد الغزو، مؤكداً أن موقفه، لا يمليه أي خصام، بين القيادة المصرية والقيادة العراقية، أو بين شعب مصر وشعب العراق.

    واستند موقف القيادة المصرية الرسمي، بصفة أساسية، إلى مبدأ الشرعية الدولية. وبررت مصر موقفها الرسمي، بأنه لم يكن من الممكن أن ترحّب بالعدوان، أو أن تلتزم الصمت حياله، أو تتخذ منه موقف الحياد. وأن من ثوابت السياسة المصرية مساندة أي دولة عربية، تتعرض لأي محنة. كان موقف مصر واضحاً، ومحدَّداً، ولم يكن في إمكانها، أن تمسك العصا من الوسط. فقد أدركت حجم خطر الغزو العراقي للكويت وتهديده لمصالحها. كما أدركت أن حجم المصالح العالمية في الكويت، لن يسمح بتْرك العراق يفلت، بما أقدم عليه.

    لم تكن المواقف المطروحة أمام القيادة السياسية الرسمية، في مصر، تخرج عن خيارات ثلاثة:

أولها: أن تعلن وقوفها إلى جانب العراق، في عدوانه على الكويت، وتهديده للمملكة العربية السعودية وبلدان الخليج الأخرى.

ثانيها: أن تلتزم الحياد، بمعناه السلبي، بما يعنيه ذلك من عدم تأييد العدوان أو رفضه.

ثالثها: أن تقف موقفاً حاسماً، قولاً وفعلاً، سياسياً وعسكرياً، إلى جانب الحق، والعمل، بشتى السبُل، على تصحيح الخطأ.

    ورأت القيادة السياسية الرسمية، في مصر، أن تبنِّيها الخيار الأول، سيكون ثمنه فادحاً، تدفعه الأمة العربية كلها، في حرب أهلية عربية دامية، ومواجَهة كبرى مع النظام العالمي، يصبح فيها النظام العربي أشلاء، أي وضع نهاية للنظام العربي. وأمَّا تبنِّي الخيار الثاني، فسيعني، من وجهة نظر القيادة السياسية المصرية، إلغاء دور مصر، والتقليل من قدرتها على التأثير في مجريات الأحداث على الساحة العربية؛ وهو ما لا يليق بمكانتها، وسيدفع قوى غير عربية إلى تولي عملية الحسم والحركة. وعليه، تبنَّت مصر الخيار الثالث، بحثاً عن تسوية عادلة بين أطراف الأزمة المباشرين، لكونه الطريق الوحيد، ليس إلى إنقاذ الكويت، والمحافظة على دول الخليج فقط، بل إلى انتشال العراق نفسه من الهوة التي وقع فيها.

    وسار كلٌّ من حزبَي الوفد والأحرار، على نهج الموقف الرسمي، فَدَان كلٌّ منهما الغزو، وطالب بانسحاب القوات العراقية. أمَّا حزبا التجمع والعمل، وإنْ كانا قد رفضا الغزو، وطالبا بالانسحاب العراقي من الكويت، إلاّ أن البيانات، الصادرة عنهما، تبدو متعاطفة، بقدر، مع المطالب العراقية[10].

    ومع تأكد القيادة المصرية من نية العراق في استمرار عدوانه على الكويت، كان التحرك المصري يسير في عدد من الاتجاهات، في آن واحد.

(1) الاتجاه الأول

    استجابة القيادة المصرية طلب المملكة العربية السعودية، بإرسال قوات عسكرية مصرية، بناء على قرارات القمة العربية، وضمن القوة العربية المساندة للقوات السعودية[11]، مع تأكيد اقتصار مهمتها على الردع، وأنها ستعمل تحت القيادة السعودية. إضافة إلى إرسال قوات عسكرية مصرية، إلى دولة الإمارات العربية. وليست هذه هي المرة الأولى، التي تُستخدم فيها قوة عربية في منطقة الخليج؛ إذ سبق لقوة عربية، مشكلة من مصر والمملكة العربية السعودية والأردن والسودان، أن أُرسلت بمهمة مراقبة الحدود بين العراق والكويت[12]، ولحماية سيادة الكويت، عام 1961.

(2) الاتجاه الثاني

    دعم الشعب الكويتي، عبْر سُبُل شتى، تمثلت في توجيه بثّ إذاعي، من خلال إذاعة صوت العرب، يعبّر عن حجم الأزمة، بالنسبة إلى الشعبَين الكويتي والعراقي. فضلاً عن طبع جريدة الأنباء الكويتية، في القاهرة. إضافة إلى استضافة بعض المواطنين المصريين عائلات كويتية. ناهيك إصرار الرئيس مبارك على حضور الشيخ جابر الصباح، "أمير الكويت"، مؤتمر القمة الطارئة، في القاهرة، بعد المحاولات العراقية لمنع حضوره. كما كان القرار المصري، بالإبقاء على السفارة المصرية في الكويت، وعدم نقلها إلى العراق، كدليل عملي على حرص مصر على بقاء شرعية دولة الكويت، وعودة أُسرة الصباح إلى الحكم، وعدم الاعتراف بالغزو العراقي، وما يترتب عليه من نتائج.

(3) الاتجاه الثالث

    استمرار جهود التسوية السلمية، والحيلولة دون وقوع حرب، لن يكون الخاسر فيها سوى العرب.

(أ) فعلى المستوى العربي

    دأبت مصر في مشاوراتها مع عدد من الأطراف العربية. فكان اجتماع الرؤساء الأربعة: مبارك والأسد والقذافي والشاذلي، في الإسكندرية، عقب انتهاء مؤتمر القمة العربي، ضمن هذا الإطار. إضافة إلى التحرك من خلال جامعة الدول العربية، في محاولة لإيجاد تسوية عربية للأزمة.

    أمّا بالنسبة إلى العراق، فكان التحرك المصري، تجاهه، من طريق غير مباشر، عبْر البيانات والتصريحات، التي أعلنها الرئيس مبارك، الداعية إلى انسحاب العراق، وإعادته حساباته، والمؤكدة خطر الموقف، الذي يحيق بالعراق، والأمن الوطني العربي.

(ب) أما على المستوى الدولي

    فاستهدف التحرك المصري عدداً كبيراً من الأطراف الدولية، كمحاولة لتنسيق الجهود. وواكب تطوره تصاعد الأزمة نفسها. وقد جاء هذا التصاعد مدفوعاً بمجموعة من المعايير والدوافع، أبرزها:

·   رفض مصر استخدام القوة المسلحة كسبيل إلى تسوية الخلافات، والنظر إلى الغزو العراقي كسابقة في المنطقة العربية، تستهدف إلغاء هوية دولة عربية، مما يخل بموازين القوى، داخل منطقة الخليج، ويجعل المنطقة عرضة للانفجار، ويخلق مناخاً ملائماً للتدخل الأجنبي في المنطقة.

·   تكشُّف الغزو العراقي للكويت عن ازدياد التفاعلات الصراعية، داخل العلاقات العربية ـ العربية، على نحو يؤكد وصول النظام الإقليمي العربي، إلى درجة خطيرة من العجز والشلل لذا، نشطت المحاولات المصرية لإبقاء الأزمة في إطار عربي، بدافع من الحرص على تجنيب المنطقة العربية، أن تصبح ساحة للصراع، خاصة بعد انتقال بؤرة الصراع الدولي، من أوروبا إلى منطقة الشرق الأوسط، كنتيجة لحالة الوفاق الدولي، نظراً إلى ما تمثله المنطقة العربية، خاصة منطقة الخليج، من أهمية حيوية للمصالح الغربية[13].

·   الإصرار المصري على ضرورة تسوية الأزمة، تحت مظلة عربية، يستهدف، أساساً، الحفاظ على القوة العربية وعدم تشتتها. لذلك، سعت مصر إلى تأجيل التصادم العسكري بين القوات الأجنبية والقوات العراقية، بما يتيح للعراق الفرصة لإعادة حساباته، والانسحاب من الكويت، حتى لا تتحطم قوَّته، كونها رصيداً للقوة العربية.

ب. الموقف الأردني

    راوح الموقف الأردني من أزمة الخليج بين التأييد الكامل للسياسة العراقية، و"البُعد النسبي" عن خط التأييد السافر للغزو العراقي. وفي كل الأحوال، فإن الموقف الأردني، يُعد، في حقيقته، انعكاساً صادقاً لموقف الأزمة المتفجرة، الذي شمل المنطقة بأسْرها. وقد بنى الأردن موقفه على أساس محاولة الحفاظ على علاقات متوازنة بالعراق والعالم العربي، مع التركيز في أن المشكلة، هي مشكلة عربية، في الدرجة الأولى. ومن ثَم، كان الموقف الأردني يتحرك في ثلاثة اتجاهات عامة، مثلت علامات بارزة في سياسته تجاه الأزمة.

(1) الاتجاه الأول: تأييد العراق، ومهاجمة التدخل الأجنبي، والمطالبة بالحل العربي

    لقد تعددت ردود الفعل، الصادرة عن القيادة الأردنية. فبعد لقاء الملك حسين الرئيس العراقي، عقب الغزو، أعلن الملك، أنه يأمل أن يتمكن الزعماء العرب من معالجة الموضوع ضمن الإطار العربي. وأضاف أن أي تدخّل خارجي، يستهدف أي جزء من الوطن العربي، لن يكون موضع ترحيب، وأنه سيكون خطأً فادحاً، ذا نتائج مدمرة لمصالح جميع الأطراف.

    في الوقت نفسه، أكدت الجرائد الأردنية، الصادرة في 3 أغسطس 1990، دعم الموقف العراقي، مشيرة إلى أن الغزو العراقي، يهدف إلى الحفاظ على القدرات الاقتصادية، ولا سيما ثروة النفط لأصحابها العرب، ومن أجْل شموخ الأمّة وارتفاع هامتها، بل إن جريدة "الرأي" الأردنية، رأت "أن هناك حاجة فعلية لتصحيح مسار الوطن العربي". أمّا جريدة "الدستور" الأردنية، فرأت "أن ما حدث في الكويت، قد حدث. وأصبح الوجود العراقي حقيقة واقعة". كما شنت الصحافة الأردنية هجوماً واسعاً على الولايات المتحدة الأمريكية، متهمة واشنطن بتحويل النزاع بين العراق والكويت إلى نزاع بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية. وانبرت المصادر الأردنية للدفاع عن الموقف العراقي، قائلة إن قرار العراق دخول قواته المسلحة إلى الكويت، لم يكن سهلاً. ولكنه كان اختياراً لأهْوَن الشرَّين، ولم يكن مرتجلاً بل كان قراراً مدروساً. وهو يحمل رسالة إلى سائر الدول العربية المنتجة للنفط، أن النفط سلعة إستراتيجية، يجب أن يستثمَر في مصلحة الأمة العربية، وليس لسدّ العجز في ميزان المدفوعات الأمريكي.

    وفي بيان، أصدره مجلس رؤساء النقابات المهنية في الأردن، وُصِفَ يوم دخول العراق إلى الكويت، بأنه "يوم تاريخي في حياة الأمّة العربية".

    تلفت هذه المواقف إلى أن الأردن، اعترف بشرعية دخول العراق إلى الكويت. وصورت الغزو على أنه كان الحل الأمثل لمشاكل العراق والمنطقة. وعبّر عن ذلك الملك حسين، في حديثه إلى شبكة التليفزيون الأمريكية (CBS)، قائلاً: "كان من الواضح، أن الرئيس العراقي، يريد حل المشاكل، سواء ما يتعلق بنزاع الحدود، أو مسألة إمكانية الوصول إلى مياه الخليج، وفي الوقت نفسه، مسألة أسعار النفط، التي أثرت، ليس على العراق وإيران فحسب، بل أيضاً على الكثيرين في المنطقة والعالم ... ولسوء الحظ، فقد خرج الوضع عن زمام السيطرة"[14].

    وفي إطار هجوم الملك الأردني على التدخل الأجنبي، فقد سأل: "لماذا لا يُعطَى العراقيون والعرب فرصة لإعادة ترتيب حياتهم؟". وأضاف: "أنا لا أعني، هنا، تغيير الأنظمة، أو الحدود، أو غيرها. ولكنني أعني أن نعيش حقائق الشعوب، في هذه المنطقة، على أمل أن تحرز التقدم، حتى يستطيع هذا الجزء من العالم، أن يواكب التقدم والسلام".

    اتصفت دبلوماسية الملك حسين، خلال هذه المرحلة، بالتعقل، بما يضمن له مرونة التحرك بين أطراف الأزمة، على عكس القوى العربية الأخرى، التي اتخذت موقفاً معارضاً للعراق. ومن هذا المنطلق سعى الملك إلى إجراء اتصالات موسعة، مع زعماء وقادة الدول العربية، وذلك في اتجاهين:

(أ) الأول: زيارة مضر بدران، رئيس وزراء الأردن، إلى دمشق، لحث سورية على دعم الموقف الأردني. ثم زيارة وفد برلماني أردني، في 9 أغسطس 1990، إلى العاصمة السورية، لمناشدة الرئيس حافظ الأسد نصرة العراق، والوقوف في وجه الغزو الأجنبي. وكذلك محاولة إعادة فتح خط الأنابيب لضخ النفط العراقي، الذي كانت سورية أغلقته، منذ عام 1980. وفشلت تلك المحاولة.

(ب) الثاني: إجراء الملك حسين اتصالات مع رؤساء مصر وسورية وليبيا وقطَر والبحرين واليمن، للاتفاق على عقد قمة مصغرة، في جدة، وهي القمة التي لم تلتئم.

    ومن الملاحظ، أنه منذ 7 أغسطس 1990 بدأت أحاديث الملك الأردني تتضمن عبارات، تخالف الخط العام، الذي سارت عليه، منذ الغزو. ففي حديث إلى الإذاعة البريطانية، قال العاهل الأردني، إنه يأسف للغاية، لدخول القوات العراقية الكويت. وإنه يعارض دائماً استخدام القوة. كما أعلن الأردن، في 8 أغسطس 1990، أنه لا يعترف بضم الكويت إلى العراق، وأنه لا يزال يعترف بالنظام الأميري، والحكومة التي كانت قائمة في الكويت، قبْل الغزو. وأكد، في الوقت نفسه، أن بلاده قادرة على الدفاع عن نفسها، إذا فكرت إسرائيل في مهاجمة العراق، من خلال الأردن.

    في خضم الجو المحموم، على الصعيد العربي، الذي انعقد فيه مؤتمر القمة العربي الطارئ، في القاهرة، في 10 أغسطس1990، وعلى الرغم من أن عمّان حددت موقفها، برفض ضم العراق إلى الكويت، وعدم اعترافها باستخدام القوة ـ فقد اتخذ الأردن موقف التحفظ، إزاء قرار القمة، الذي يدين الغزو، ويؤكد سيادة الكويت، ويستجيب طلب المملكة العربية السعودية، نقْل قوات عربية لمساندتها. ودافع العاهل الأردني، في كلمته أمام المؤتمر، عن العراق، قائلاً: "للعراق دَين في عنق الأمّة… وجميل لا ننساه؛ عندما دافع عن نظامنا العربي، وخرج منتصراً". وبعد عودته إلى بلاده، أكد الملك حسين، أنه لن يرسل قوات لحماية المملكة العربية السعودية، إلاّ إذا انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الأجنبية الأخرى، من منطقة الخليج. وقال الملك: "إن القرار، الذي وافقت عليه أغلبية الدول العربية، في قمة القاهرة الطارئة، ليس ملزماً على الإطلاق. إضافة إلى أنه إذا أدى هذا الوضع إلى مقتل عربي على أيدي القوات الأجنبية، فسوف يكون الغضب شديداً، في كل أنحاء العالم العربي، وسوف تصبح المصالح العربية معرضة للخطر". ومع ذلك فإن الملك الأردني، لم يغلق الباب تماماً؛ إذ أكد، أن الأردن يدرس تنفيذ قرار المقاطعة، الذي أصدره مجلس الأمن ضد العراق.

(2) الاتجاه الثاني: تبني موقف وسط بين مهادنة العراق وإرضاء المجتمع الدولي

    في الوقت الذي أكد فيه العاهل الأردني، أن حكومة الأردن تدرس تطبيق تدابير المقاطعة الدولية، التي نص عليها القرار الرقم 661، الصادر في 6 أغسطس 1990، عن مجلس الأمن، ضد العراق، مشيراً إلى أن الأردن عضو في الأمم المتحدة، ويحترم واجباته إزاء هذه المنظمة ـ استمر العراق يستخدم ميناء العقبة الأردني، الواقع على ساحل البحر الأحمر، لخرق الحصار الدولي المفروض عليه، وظلت السفن العراقية تفرغ حمولتها فيه، انتظاراً لرد مجلس الأمن على استيضاحات الملك حسين، في شأن العقوبات. وقال الأمير حسن، وليّ عهد الأردن، إن بلاده تلتزم بالعقوبات، التي فرضتها الأمم المتحدة. ولكنه أضاف أن ميثاق الأمم المتحدة، يسمح للدول الأعضاء بتحديد موقفها، في شأن تنفيذ تلك الإجراءات، خلال 30 يوماً.

    وبرر الأردن موقفه بأنه سيواجِه صعوبات اقتصادية هائلة، في حالة تطبيقه العقوبات، التي فرضها مجلس الأمن ضد العراق، وأنه واقع تحت ضغوط من جميع الجهات والأطراف. وقال الأمير حسن: "إن الأردن، يدرك تماماً، أن العقوبات، التي فرضها مجلس الأمن، إجبارية وملزمة". إلاّ أنه أشار إلى أن العديد من الدول، التي دعيت إلى تطبيق العقوبات، "ومن ضمنها تركيا، طالبت بتعويضات، لدرء النتائج السلبية عن اقتصادها، بسبب الحظر المفروض على العراق". وأضاف أن الأردن، يسمح للإمدادات بالوصول إلى العراق، لأسباب إنسانية[15]. وأن قرار المقاطعة ضد العراق، يضع الأردن في موقف صعب؛ فهناك عقود طويلة الأجل مع العراق، وُقِّعت قبْل فرض المقاطعة[16].

    وفي الوقت نفسه، فإن انحياز الأردن إلى جانب العراق، عرّضه لتوقف الدعم الخليجي، البالغ 500 مليون دولار، إضافة إلى تهديد مصالح 300 ألف أردني، يعملون في الخليج.

    كما تسبب استمرار فتح الأردن ميناء العقبة، أمام التجارة العراقية، بإثارة غضب الدوائر السياسية الغربية، التي ارتابت في إمكانية النظر إلى الملك حسين، بوصفه صديقاً. وهو ما دعا وزارة الدفاع الأمريكية إلى الإعلان، أن العمليات الحربية، لمنع دخول البضائع إلى الدولتَين (العراق ـ الكويت المحتلة) وخروجها، ستبدأ، في الخليج وبحر عُمان والبحر الأحمر، بما في ذلك ميناء العقبة الأردني. وألمح إلى إمكانية تعويض الأردن عن خسائره من جراء ذلك.

(3) الاتجاه الثالث: التحرك، عربياً ودولياً، لإيجاد حل سلمي[17].  

    عمد الأردن، من أجْل تحسين موقفه الداعم للعراق إلى التحرك، عربياً ودولياً، متوخياً:

(أ) شرح موقف الأردن المؤيد للعراق وتبريره، في محاولة لتخفيف حدّة الضغط، الخليجي والدولي، الذي تعرضت له.

(ب) محاولة احتواء الأزمة، دبلوماسياً، لإيجاد تسوية سلمية، تحقق أهداف جميع الأطراف.

(ج) محاولة تشكيل جبهة دولية، ضد التدخل الأجنبي في المنطقة.

ج. الموقف اليمني

    هناك عوامل رئيسية، تحكمت في التحرك اليمني إزاء الأزمة، يمكن توضيحها في الآتي:

(1) اليمن عضو في مجلس التعاون العربي، ويربطه بالعراق علاقات وثيقة.

(2) ضرورة حل المشكلة في إطار عربي، وفي داخل نطاق جامعة الدول العربية.

(3) الوجود الأجنبي يشكل تهديداً للأمن العربي، ككل. وهو سارع إلى دخول المنطقة، حفاظاً على مصالحه النفطية، وليس حرصاً على حل المشكلة الكويتية.

        وقد تبلور الموقف اليمني، من خلال اجتماعات مجلس الأمن، وعلى مستوى جامعة الدول العربية، وخلال منظمة المؤتمر الإسلامي، في الآتي:

(1) التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي، الرقم 660

    في الجلسة الطارئة، والعاجلة، مساء 2 أغسطس 1990، دان مجلس الأمن، بالإجماع، الغزو العراقي للكويت. وطالب العراق بسحب قواته، فوراً، وبلا شروط مسبقة، إلى المَواقع، التي كانت فيها في الأول من أغسطس 1990. وصوتت 14 دولة على القرار. بينما قرر وفد الجمهورية العربية اليمنية، وهو العضو العربي الوحيد في المجلس، عدم المشاركة في التصويت. وعلق عبدالله صالح الأشعل، رئيس الوفد اليمني إلى مجلس الأمن، على ذلك بقوله، إن بلاده تشعر بالحرج والأسف، إزاء معالجة المجلس لأزمة بين بلدَين عربيَّين، عضوَين في الجامعة العربية. وأكد، في الوقت نفسه، التزام اليمن بالمعارضة الشديدة للجوء إلى القوة، في حل المنازعات. والدعوة إلى حلها بالسُبُل السلمية، وتَحاور البلدَين (العراق والكويت)، في حل مشاكلهما.

    وأكد الرئيس اليمني، علي عبدالله صالح، أن موقف بلاده في مجلس الأمن، كان نابعاً من الحرص على استمرار جهود الوساطة، التي يضطلع بها اليمن، بين العراق والكويت، وإبقاء حل الأزمة في الإطار العربي. وأن لليمن سياسته الواضحة. وهو حريص على علاقاته بكل الأشقاء والأصدقاء.

(2) الموقف من اجتماعات المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية

    امتنع اليمن عن التصويت على قرار هذا المجلس، والذي يدين العدوان العسكري العراقي على دولة الكويت، ويرفض أي آثار مترتبة عليه، ولا يعترف بتبعاته، ويطالب العراق بالسحب الفوري، غير المشروط، لقواته، إلى المَواقع، التي كانت فيها قبْل الأول من أغسطس 1990. ويبرر اليمن هذا الموقف بالقول: "رغبة اليمن في عدم اتخاذ قرار مسبق، من شأنه أن يضيق من مساحات الحركة الدبلوماسية، ويُحدث انقساماً في الموقف العربي".

(3) الموقف في مؤتمر وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي

    حاول اليمن، مع عدد من الدول، تعديل بيان منظمة المؤتمر الإسلامي، مستهدفاً إتاحة الفرصة لدور إسلامي، يواكب المستجدات الطارئة على الأزمة، المتمثلة في تزايد حجم الحشود العسكرية الأمريكية في المنطقة. إلاّ أن المؤتمر رفض التعديل، بغالبية 37 دولة، وأصدر بيانه، على الرغم من امتناع اليمن عن التصويت عليه.

(4) الموقف اليمني من القمة العربية الطارئة

    امتنع اليمن عن التصويت على قرارات القمة العربية، في 10 أغسطس 1990، في القاهرة. وأعلن مجلس الرئاسة اليمني، أن هذا الامتناع عن التصويت، لا يعني إقرار وتأييد استخدام القوة في حل المشكلة بين الأشقاء. وأن حل الأزمة، بين الكويت والعراق، لن يكون إلاّ من خلال الجهود العربية المكثفة، الإيجابية، وثقة الطرفَين المعنيَّين، وسائر الأشقاء بالوصول إلى حل عربي سلمي للأزمة، يعزز التضامن العربي، ويخدم المصالح العليا للأمّة العربية.

(5) الموقف اليمني، على المستوى الشعبي

    على الرغم من أن الأحزاب اليمنية، أعلنت إدانتها الغزو، إلاّ أنه كان هناك تعاطف شعبي مع العراق، اتّضح في التوافد على السفارة العراقية في صنعاء، والقنصلية العراقية في عدن، بأعداد كبيرة، للتطوع دفاعاً عن العراق، ضد أي معتد. وشهدت العاصمة اليمنية تظاهرات ضخمة، تأييداً للموقف العراقي، وللرئيس صدام حسين، واستنكاراً لما أسمته محاولة بعض القوى الإمبريالية، التدخل في الشؤون الداخلية للأمّة العربية.




[1] هناك من يرجع الموقف الفلسطيني لعدد من الأسباب، كالإحباط الناجم عن السلبية واللامبالاة، اللتَين قابل بهما الغرب، والولايات المتحدة الأمريكية، مجمل المبادرات السلمية الفلسطينية، خلال عامَي 1989 ـ 1990. إضافة إلى العلاقة الوثيقة، بين الجانبَين، الفلسطيني والعراقي، بعد توقّف الحرب العراقية ـ الإيرانية؛ والتعويل الفلسطيني على القوة العسكرية العراقية، من أجْل تصحيح الخلل الإستراتيجي، بين العرب وإسرائيل؛ فضلاً عن وجود قوات ومؤسسات فلسطينية مهمة على أرض العراق، منذ الخروج من لبنان.

[2] ذكر الأمير بندر بن سلطان، سفير المملكة العربية السعودية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، أن العراق لم يعطِ المملكة أي تأكيدات، ولا مع عزة إبراهيم، في زيارته إياها، وأنه إبّان ذلك، حدثت 3 اختراقات للحدود السعودية مع الكويت، من جانب القوات العراقية، مما دفع المملكة إلى اتخاذ القرار، في شأن طلب المساندة من الولايات المتحدة الأمريكية، والغرب، ومن الدول العربية والإسلامية، كذلك.

[3] جاء أوضح تعبير عن هذا الاتجاه، في تصريحات الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وزير الدفاع السعودي، التي أدلى بها في مؤتمر صحفي: "إذا كانت للعراق الشقيق حقوق، فكلنا نرى، أن أي عربي، له حق تجاه أخيه العربي، يجب أن يأخذه، ولكن، ليس عن طريق استخدام القوة. فهذا أمر غير مطلوب".

[4] يلاحظ أن تحديد الموقف السعودي بهذا الشكل، قد أدخل فيه عنصر جديد، هو المطالبة بضمانات لعدم تكرار الاعتداء، بما يعني وضع ضوابط لقدرات العراق العسكرية. ويرى بعض المحللين أن هذه التصريحات، قد أفصحت عن وجود اتجاه، داخل الأُسرة السعودية، يرى ضرورة التركيز في الحل السلمي، الذي يتضمن بعض التنازلات للعراق؛ في مقابل اتجاه آخر، يرى أهمية الالتزام الكامل بالثوابت المعلنة للموقف السعودي، منذ بداية الغزو؛ في حين جاء الاتجاه الثالث كمزيج من الاتجاهَين السابقَين، ويرى إبداء شيء من المرونة تجاه العراق، من دون التنازل عن الثوابت الأساسية، مع عدم الممانعة في إعطاء بعض التنازلات، شريطة أن يكون ذلك بعد تحقيق الانسحاب، وعودة الشرعية.

[5] أعلن مجلس الوزراء السعودي استياءه من مواقف بعض الدول العربية، التي عارضت، أو تحفظت من قرارات مؤتمر القمة العربي الطارئ، في القاهرة.

[6] زاد معدل الإنتاج مليونَي برميل، يومياً، إضافة إلى زيادة، قدرها نصف مليون برميل، من الإمارات، من أجْل المحافظة على الاستقرار في المنطقة.

[7] كان المتصور، أن تبادر الدول العربية إلى تنفيذ اتفاقية الدفاع العربي المشترك.

[8] قال وزير الخارجية الكويتي، صباح الأحمد الجابر الصباح، خلال زيارته واشنطن، في 15 أغسطس 1990: "إن كل ما يهم حكومتي، هو العمل على تحرير بلدي، ولو كان من جانب الشيطان، ولكن باستثناء واحد، هو إسرائيل.

[9] بلغت النداءات التي وجهها الرئيس حسني مبارك إلى الرئيس صدام حسين، نحو 26 نداءً، منذ بداية أزمة الخليج في 20 يوليه 1990، وحتى 15 يناير 1991، قبيل العمليات العسكرية.

[10] بيان حزب العمل، الصادر في 5 أغسطس 1990، وبيان حزب التجمع، الصادر في 26 أغسطس 1990.

[11] عبّر الملك فهد بن عبدالعزيز، عن دور القوة العربية، بقوله: "كنا نود وكنا نرغب في أن نستعين فقط بقوات عربية، تدعم القوات السعودية في الحفاظ على أمننا الوطني. لكن، ما من قوات عربية جاهزة لهذا الأمر؛ فلجأنا إلى كل العالم". ووجود هذه القوة العربية، هو سياسي أكثر مما هو عسكري، يعني وجود دور عربي في الدفاع عن استقرار منطقة الخليج.

[12] بدأ وصول القوات العربية، التي شاركت في هذه المهمة، في 10 سبتمبر 1961، وانسحبت القوات البريطانية من الكويت فور اكتمال وصول القوات العربية، في 3 أكتوبر 1961.

[13] أوضح الرئيس مبارك خطر هذا الموضوع، في مؤتمر القمة العربية الطارئة، حينما تحدث عن نقاط أساسية، وحيوية، للخروج من هذا المأزق، بالخيار بين عمل عربي فعال، يصون مصالح الأمة، ويحفظ العراق والكويت، على أساس المبادئ؛ أو بتدخل أجنبي، لا حول لنا فيه، ولا سيطرة، وسوف يسترشد بأهداف القوى، التي تضطلع به، وليس الحفاظ على كيان العرب وحقوقهم. وإن المظلة العربية للخروج من المأزق، هو الخيار المأمون.

[14] حديث الملك حسين، حول أزمة الخليج، لشبكة التليفزيون الأمريكية (CBS) ، في 15 أغسطس1990، سجله أثناء زيارته واشنطن.

[15] قدر الخبراء الاقتصاديون حجم الخسائر، التي تلحق بالأردن، إذا ما استجاب المقاطعة بحوالي مليارَي دولار، سنوياً، نظراً إلى أن الاقتصاد الأردني متداخل من صادرات الأردن، خاصة الفوسفات التي تذهب إلى العراق. ومن المعروف، أن ميناء العقبة الأردني، منذ بداية الحرب العراقية ـ الإيرانية حتى نهايتها، كان هو الميناء البديل من ميناء البصرة العراقي.

[16] هناك علاقات تجارية قوية، بين الأردن والعراق، إذ استورد العراق عام 1989، سلعاً أردنية، بنحو 124 مليون دينار، تمثل 23.2% من مجموع الصادرات السلعية الأردنية. كذلك، استورد الأردن من العراق عام 1989، ما قيمته 212.7 مليون دينار، تشكل 17% من مجموع الواردات الأردنية. وفي حالة تطبيق المقاطعة ترتفع البطالة في الأردن، بنسبة 12.4%، زيادة على النسبة التي كانت عليها قبل أغسطس 1990، والبالغة 16%.

[17] أعلن الملك حسين، في خلال مؤتمر صحفي، عقده في 22 أغسطس 1990، أنه سيقوم بجولة، تشمل عدداً من الدول، الغربية والعربية، في ما وصفه بآخر الجهود، التي تستهدف إبعاد شبح الحرب عن منطقة الخليج. وقال العاهل الأردني، في المؤتمر الصحفي: "إننا نواجه نوعاً من الأزمة، التي فقد فيها العالم عقله.

[18] جريمة غزو العراق للكويت ـ أحداث ووثائق"، ص 27. برّر الرئيس التونسي، زين العابدين بن علي، غياب بلاده عن القِمة، بأنه طلب من الرئيس مبارك تأجيلها لمدة يومين أو ثلاثة، لأنه كان يعتزم الاتصال بالرئيس العراقي، لإقناعه بضرورة التوصل إلى حل، يحفظ حقوق أطراف النزاع، ويصون وحدة الأمة.

[19] فشلت كافة الاتصالات، المبذولة لعقد اجتماع طارئ للاتحاد المغاربي، عقب اجتياح العراق الأراضي الكويتية.

[20] أكد ياسر عبدربه، عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة، في 8 أغسطس 1990، أن التدخل الخارجي في الأزمة، سيشق الصف العربي، ويطيل أمد الأزمة، ويحولها إلى وسيلة لإعادة الوجود الخارجي إلى المنطقة وتكثيفه. وحذر من الوقوع في الفخ الأمريكي ـ الإسرائيلي، الذي يسعى إلى اغتنام الفرصة لضرب القدرة العسكرية العربية.

[21] من المعروف، أن الرئيس ياسر عرفات، قد أعلن مبادرة أخرى، ذات مبادئ خمسة، يوم 29 أغسطس 1990، ووصفت من العديد من الأطراف العربية، أنها غير قابلة للتنفيذ، وتقف على قدم المساواة مع سابقتها، ذات النقاط الست التي اقترحها مع ليبيا".

[22] أدت أحداث الخليج إلى تراجع قوة الدفع السياسية، لمسيرة الانتفاضة الفلسطينية، في الأراضي العربية المحتلة.