إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / اليمن... الثورة والحرب (1962 ـ 1970)، حرب اليمن من وجهة النظر المصرية





ميناء الحديدة
ميناء صليف
إجراءات تأمين قاعدة الحديدة
أعمال المقاومة الملكية
أعمال قتال الجانبين على المحور الشرقي
أعمال قتال الجانبين في المنطقة الشمالية
أعمال قتال الجانبين، يوليه 1967
أعمال قتال الجانبين، يونيه 1967
التوزيع الجغرافي للقبائل
السيطرة على المحور الساحلي
العملية نسر
العملية اكتساح
العملية صقر
العملية قادر
القوات المصرية والجمهورية، يوليه 1967
القوات المصرية والجمهورية، يونيه 1967
القوات المصرية، نهاية أبريل 1966
القوات الجمهورية، مايو 1967
توزيع قوات الجمهوريين بمنطقة الجوف
تطهير صحن العقبة
تضاريس اليمن
عمليات الجانبين للسيطرة على المحور
عملية جبل اللوز
فتح وتطهير طريق السر
فتح طريق المطمة ـ الحميدات
قتال المنطقة الشمالية
قتال الجمهوريين لتأمين منطقة أرحب
قتال الجانبين للسيطرة على منطقة السوده
قتال الجانبين للسيطرة على المحور الأوسط
قتال الجانبين للسيطرة على المحور الشمالي
قتال الجانبين للسيطرة على طريق الحديدة
قتال الجانبين للسيطرة على ذيبين
قتال الجانبين بمنطقة الجوف
قتال الجانبين بالمنطقة الشمالية
قتال الجانبين بالمنطقة الشرقية
قتال الجانبين على المحور الأوسط
قتال الجانبين على المحور الشرقي
قتال الجانبين على المحور الشرقي 1962
قتال الجانبين في المنطقة المركزية
قتال الجانبين في المنطقة الغربية
قتال الجانبين في جبلي حرم ورازح
قتال الجانبين في قطاع جبل رازح
قتال قوات الجمهوريين للسيطرة على مأرب
قتال قوات الجمهوريين للسيطرة على الحزم

منطقة العمليات البحرية
مسرح الحرب اليمنية
المسرح اليمني
الجمهورية العربية اليمنية
القصف الجوي 1963
القصف الجوي 1964
القصف الجوي 1965
القصف الجوي يناير ـ مايو 1967
القصف الجوي يونيه ـ ديسمبر 1967
طرق التسلل



بسم الله الرحمن الرحيم

أولاً: التوجه المصري نحو التسوية السياسية

تميز الموقف السياسي، خلال عامَي 1964 و1965، باتجاه القيادة المصرية نحو التسوية السياسية. وقد شهد هذان العامان محاولتين للتسوية. دارت أولاهما حول "اتفاق أركويت". والثانية حول "اتفاقية جدة". وقد استغرقت المحاولة الأولى عام 1964 بتمامه، بينما استغرقت المحاولة الثانية معظم عام 1965.

وخلال هذين العامين، عمل كل من الجانبين، الملكي والجمهوري، على تصعيد الموقف العسكري، قبْل كل من محاولتَي التسوية، وأثناء التحضير لهما، للضغط على الجانب الآخر، والحصول على موقف عسكري أفضل، يدعم موقفه، عند بحث أُسُس التسوية السياسية[1].

1.    العوامل التي دفعت القيادة المصرية نحو التسوية السياسية، عام 1964

تضافرت عدة ضغوط، محلية وإقليمية، على دفْع القيادة المصرية نحو التسوية السياسية، عامَي 1964 و1965. وكان أبرزها ما يلي:

    ‌أ.    تزايد النفقة الاقتصادية للتدخل المصري في اليمن

اختلفت تقديرات المصادر المنشورة اختلافاً بيِّناً، بالنسبة إلى النفقة الاقتصادية للتدخل المصري في اليمن، إذ تراوحت تلك التقديرات بين 30 و300 مليون جنيه إسترليني، سنوياً، وهو تباين يعطي مبرراً كافياً للشك في صحتها. إلا أنه يمكِن التوصل إلى أرقام أكثر دقة لنفقة ذلك التدخل، من خلال مصدرين مصريين رسميين، يشيران إلى تلك النفقة. المصدر الأول، هو الأرقام الرسمية لميزانية القوات المسلحة. والثاني، هو الأرقام الرسمية المعلَنة لنفقات التدخل في اليمن.

وبالنسبة إلى المصدر الأول، يوضح جدول تطور اعتمادات الإنفاق العسكري (1962/1963 ـ 1965/1966) تطور اعتمادات الإنفاق العسكري المصري، بدءاً من ميزانية السنة المالية 1962/1963، التي اعتُمدت قبْل التدخل المصري في اليمن، ببضعة أشهر، وحتى ميزانية السنة المالية 1965/1966، عندما بلغ التوجه المصري نحو التسوية السياسية ذروته، في النصف الثاني من عام 1965، إذ يوضح الجدول، المشار إليه، أن الزيادة، التي طرأت على الإنفاق العسكري، فيما بين السنتين الماليتين 1962/1963 و1965/1966 بلغت 82.989، أي ما يقرب من 83 مليون جنيه، تمثل نفقات نمو القوات المسلحة وتطويرها، والتدخل العسكري المصري في اليمن. وقياساً على معدلات النمو للقوات المسلحة، خلال الثلاث سنوات، السابقة على التدخل في اليمن، والاعتمادات المالية، التي خُصصت لها (37 مليون جنيه)، فإنه يمكِن أن نستخلص، أن نفقات التدخل العسكري في اليمن، حتى السنة المالية 1965/1966، بلغت 46 مليوناً.

ويمثل الرقم السابق الحد الأدنى لذلك الإنفاق، نظراً إلى أن أرقام الإنفاق العسكري المعلَنة، في ذلك الوقت، عادة ما كانت تقلّ عن الواقع. فبينما كانت الأرقام المُدرجة في ميزانية عام 1965/1966 للقوات المسلحة 142.4 مليون جنيه، أعلن الرئيس جمال عبدالناصر في إحدى خطبه، أن ميزانية القوات المسلحة، في هذه السنة، وصلت إلى أكثر من 200 مليون جنيه، أي بزيادة 57.6 مليون جنيه على المبلغ المقدر لها في ميزانية ذلك العام[2].

أما المصدر الثاني، فهو بيان المشير عبدالحكيم عامر، في مجلس الأمة، في 24 فبراير 1965، حول حرب اليمن،  الذي أشار فيه إلى أن نفقات حرب اليمن بلغت 15 مليون جنيه سنوياً، إضافة إلى ما يقرب من 6 ملايين جنيه، بالعملة الصعبة، خلال العامين الأولين[3] (انظر ملحق بيان المشير عبدالحكيم عامر أمام مجلس الأمة).

وهكذا، يمكِن أن يستخلص من أرقام ميزانية القوات المسلحة، والأرقام الرسمية المعلَنة، أن نفقة التدخل العسكري المصري في اليمن قدرت بنحو 45 مليون جنيه، إضافة إلى ما يقرب من 10 ملايين جنيه، بالعملة الصعبة، حتى السنة المالية 1965/1966. وهو ما كان يمثل عبئاً اقتصادياً كبيراً نسبياً، نظراً إلى صعوبة المرحلة، التي كانت تمرّ بها البلاد، من الناحية الاقتصادية. وهو ما اعترفت به المصادر المصرية الرسمية، في ذلك الوقت.

وعند النظر إلى عامل النفقة الاقتصادية للتدخل المصري العسكري في اليمن، يجب أن يُؤخذ في الحسبان الموقف العسكري العام في المسرح اليمني، آنذاك. فبعد أن كانت القيادة المصرية، تنظر إلى التدخل، كعملية عسكرية، يمكِن إحراز نصر حاسم فيها، خلال وقت قصير نسبياً، فإنه إزاء حالة الجمود العسكري لخطوط الجانبين، واستمرار أعمال قتال الملكيين، أصبحت تلك القيادة أكثر وعياً بأن النصر الحاسم، ليس وشيكاً، وهو ما يعني استمرار النزف الاقتصادي، مدة غير معلومة.

وعلى ذلك، أصبحت النفقة الاقتصادية للتدخل العسكري، عاملاً مهماً يُؤخذ في الحسبان، عند تحديد السياسة المصرية تجاه الصراع اليمني.

    ‌ب.   عدم القدرة على حسم الصراع، عسكرياً

(1) مظاهر عدم القدرة على حسم الصراع

على الرغم من نجاح الجمهوريين في مد سيطرتهم شمالاً وشرقاً، إلى أقصى حد لها منذ قيام الثورة، فقد عجزت القوات المصرية والجمهورية عن إنزال هزيمة نهائية حاسمة بالملكيين. بل إن هؤلاء حاولوا استعادة المبادأة، خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 1963 والشهرين الأولين من عام 1964. إلا أنهم لم يكونوا قادرين على إنزال الهزيمة بالجمهوريين والقوات المصرية، التي تساندهم.

وأصبحت أعمال القتال خلال الأشهر الأخيرة من عام 1963 والأولى من عام 1964، أعمالاً تعرضية ومقاومة من جانب القوات والقبائل الملكية، تكتفي القوات المصرية والجمهورية بصدها، أحياناً، وتعقبها، أحياناً، عمليات تأديبية، ضد قُرى القبائل المرتدة والمناوئة (انظر ملحق موقف القبائل اليمنية)، وأحياناً أخرى، عمليات هجومية ضد مَواقع الملكيين وقواتهم. إلا أن النتيجة النهائية، ظلت ثابتة، وهي عدم القضاء على المقاومة الملكية نهائياً، ومن ثم، استئناف هذه المقاومة، قبْل مُضيِّ وقت طويل، وربما كانت أشد.

وقد أوضح تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، حول عمل بعثة الرقابة الدولية، خلال شهرَي يناير وفبراير 1964، أن طبيعة الأعمال القتالية، التي قام بها الملكيون، خلال هذين الشهرين، تشير إلى أنهم تلقّوا أسلحة وذخائر، بكميات كبيرة. فقد تعرضت القوات المصرية، في منطقة صعدة، لأعمال الإغارة المتكررة من الملكيين، فضلاً عن قطْع الطريق بينها وبين صنعاء. كما نجح الملكيون في قطْع الطرق، الواصلة بين العاصمة وكل من الحديدة وتعز ومأرب. إلا أنه أُعيد فتْح هذه الطرق، بعد قتال شديد، شاركت فيه القوات المصرية والجمهورية، التي ردت على أعمال قتال الملكيين بعمليات، برية وجوية، لتطهير جيوب المقاومة الملكية، في المناطق التي استُخدمت قواعد لأعمالهم القتالية (انظر جدول موقف الطرفين من تنفيذ اتفاقية فض الاشتباك (يناير ـ أغسطس 1964)).

وعندما تحوّل الجمهوريون والمصريون  إلى الهجوم العام، مرة ثانية، في الفترة من يونيه حتى أغسطس 1964، فإنهم نجحوا في تطهير السلسلة الجبلية، في المناطق الوسطى والشمالية والغربية، ومدوا نطاق سيطرة النظام الجمهوري، إلى تلك المناطق الوعرة، ودفعوا الملكيين، شمالاً وغرباً، حتى قرب الحدود السعودية. وكاد البدر المخلوع يقع أسيراً في أيدي قواتهم.

وعلى الرغم من النجاح الكبير لهذا الهجوم، الذي اعترفت به كافة المصادر، فإنه لم يؤد إلى حسم الصراع، بل لم يؤدّ إلى إيقاف مقاومة الملكيين، الذين قاموا بمحاولات مستميتة، خلال شهرَي سبتمبر وأكتوبر 1964، لاستعادة السيطرة على المناطق التي فقدوها. وحتى بعد اتفاق الجانبين على وقف إطلاق النار، بدءاً من 8 نوفمبر، تمهيداً لعقد المؤتمر الوطني اليمني في حرض، استمرت الأعمال التعرضية للملكيين لاستعادة السيطرة على منطقتي رازح وحُرم. ونجحوا، فعلاً، في حصار القلعتين الجمهوريتين، في هاتين المنطقتين، خلال شهر نوفمبر، مما اضطر الجمهوريين إلى حشد قوات ضخمة، لفك الحصار عن القلعتين، خلال الأسبوع الأخير من عام 1964[4].

ومع بداية عام 1965، نجحت القوات الملكية في استعادة السيطرة على قلعتَي رازح وحُرم، وزادت من كثافة أعمال المقاومة، في مناطق قبيلتَي أرحب وخولان، مما دعا القوات المصرية إلى شن عملية تأديبية ضد القبيلتين، ساد الهدوء، بعدها، طوال شهر فبراير. إلا أن ذلك الهدوء لم يدم طويلاً. فسرعان ما تجددت الأعمال التعرضية للملكيين، خلال شهر مارس، مستهدفة احتلال براش ونشور، في المنطقة الشمالية، والعقدة، في منطقة الجوف، والسودة، في المنطقة الوسطى، فضلاً عن حريب، في المنطقة الشرقية[5].

وعلى الرغم من فشل كل هذه الهجمات، باستثناء الاستيلاء على حريب، فقد كان لها دلالتها على قدرة الملكيين على استعادة نشاطهم العسكري، على الرغم من كل الضربات، البرية والجوية، التي كانت تُوجَّه إليهم. وهو الأمر الذي تأكد، مرة أخرى، خلال الأشهر الثلاثة التالية، بتكثيف الملكيين أعمال المقاومة في منطقة الجوف، فضلاً عن المنطقتين، الشمالية والشرقية، مما دعا القوات المصرية، مرة أخرى، إلى الإغارات، البرية والجوية، التأديبية، على مناطق المقاومة، خلال الأسبوع الأخير من شهر يونيه.

بيد أن الإغارات السابقة، زادت أعمال المقاومة وهجمات الملكيين، خلال شهر يوليه، مستغلين قيام القوات المصرية بإخلاء بعض مَواقعها، لتعديل أوضاعها الدفاعية. وإزاء هذه الحلقة المستمرة، من أعمال المقاومة والعمليات التأديبية، التي تؤكد عدم الحسم العسكري للصراع، جاء تحذير الرئيس جمال عبدالناصر للسلطات السعودية، في 22 يوليه 1965. إذ أوضح الرئيس المصري، أن الموقف أصبح يحتم أحد خيارين، لا ثالث لهما. إما سلام يُنهي الوضع المتردي في اليمن، أو تصعيد العمليات العسكرية للقضاء على قواعد الملكيين في الأراضي السعودية نفسها[6].

(2) أسباب عدم القدرة على الحسم العسكري للصراع

ترجع عدم قدرة القوات المصرية والجمهورية على حسم الصراع، طوال السنوات السابقة، إلى مجموعة من الأسباب، الداخلية والخارجية. كان أبرزها التطور السياسي  والعسكري للملكيين، واستمرار الدعم السعودي والبريطاني طوال هذه السنوات بالشكل التالي:

(أ)  التطور السياسي والعسكري للملكيين

لم يعِ الملكيون أهمية أن يكون لهم برنامج سياسي معلَن، قبْل عام 1964، الذي شهد محاولتين لوضع هذا البرنامج. تمت الأولى في مؤتمر العلماء الزيود، في شهر أبريل، رأسه الأمير محمد بن الحسين، نائب الإمام المخلوع. وانتهى ذلك المؤتمر إلى وثيقة دستورية، تتحدث عن إمام منتخب، ومجلس وزراء، وقضاء مستقل، وجمعية تشريعية منتخبة، إضافة إلى استقلال محلي واسع، ومساواة بين الزيود والشوافع، والالتزام بالسعي إلى العدالة الاجتماعية، والإصلاح في إطار المبادئ الإسلامية.

أما المحاولة الثانية، عام 1965، فقد اقتصرت على تطوير الوثيقة الدستورية، التي أعلنت عام 1964، بإضافة "تمكين الشعب اليمني من تقرير مصيره، واختياره لنظام الحكم، الذي يرتضيه، بعيداً عن أي مؤثر خارجي، مهما كان نوعه". وذلك في استفتاء شعبي عام، بعد انسحاب آخر الجنود المصريين من اليمن. وكان التعديل الأخير هو أقصى ما وصل إليه الملكيون لالتقاء الفئات المنشقة عن النظام الجمهوري في مؤتمر الطائف[7].

وعلى عكس التطور السياسي، الذي بدأ متأخراً بعض الشيء، فإن التطور العسكري للملكيين بدأ مبكراً، في أعقاب الهجوم الناجح للمصريين، في فبراير 1963. إذ طوَّر الملكيون إستراتيجيتهم، وتغلبوا على تردّدهم بين حرب العصابات وعمليات القوات النظامية، واستقروا على حل وسط أخذ بكلا الأسلوبين.

وشهد عام 1964 بدء تشكيل التنظيم العسكري للملكيين. ومع بداية عام 1965، بدأت جهود تنظيم قوات شبه نظامية وتدريبها، تؤتي ثمارها. وأمكن إقناع الكثيرين بالموافقة على الخدمة العسكرية، لمدة سنة. وتشير بعض المصادر إلى أن الملكيين، كان لديهم ما بين ستة إلى سبعة جيوش، يضم كل منها ما يقرب من 2000 جندي، شِبه مدربين، فضلاً عن اعتمادهم على ولاء آلاف المقاتلين من رجال القبائل.

وقد استفاد الملكيون من الطبيعة الوعرة للمسرح اليمني، في شن حرب عصابات جبلية، لم يكُن المصريون مدربين عليها، ولا هي تلائم قواتهم الجوية، التي كانوا ينفردون بامتلاكها. وهو ما حدّ من فاعلية الضربات الجوية، إلا ما كان يوجَّه منها ضد تجمعات الملكيين ومناطق حشدهم وتكديساتهم، وقُرى القبائل التي تساندهم.

(ب)  استمرار الدعم السعودي للملكيين

كان توفير المملكة العربية السعودية القاعدة الخارجية للمقاومة الملكية، على أرضها، قرب الحدود اليمنية والقبائل الزيدية، وإمداد هذه القاعدة بالاحتياجات، العسكرية والإدارية، والقوى البشرية اليمنية، من العاملين في المملكة ـ أحد أبرز عناصر الدعم العسكري للملكيين.

ولم يقتصر الدعم السعودي على ذلك، وإنما امتد ليشمل تمويل النشاط العسكري للملكيين، وتزويدهم بالمستشارين والخبراء. وقد رأينا كيف دعت الحكومة السعودية إلى عقد مؤتمر للملكيين، على أرضها، في أبريل 1963، شارك فيه الأمير فيصل، وعدد من الوزراء وكبار العسكريين. وقرر فيه السعوديون زيادة مساعداتهم للملكيين، وقدَّم خبراؤهم النصح إليهم بتكوين جيش نظامي.

واستمر الدعم السعودي، سياسياً وعسكرياً، طوال عامَي 1964 و1965، باستثناء فترة توقف قصيرة، في صيف 1964، استؤنف، بعدها، ليتصاعد في النصف الأول من عام 1965.

ويفسر بعض المصادر ذلك التوقف المؤقت للدعم السعودي، بأنه كان نوعاً من الضغط على أمراء الملكيين، حتى يتعاونوا مع الجمهوريين المنشقين، ورجال القبائل المعارضين للوجود العسكري المصري في اليمن. وما أن رضخ الملكيون، تحت ضغط الحاجة إلى الدعم السعودي، حتى استؤنف ذلك الدعم، وتزايد في النصف الأول من عام 1965.

(ج)   استمرار الدعم البريطاني للملكيين

على الرغم من أن السياسة البريطانية الرسمية، المُعلَنة في ذلك الوقت، كانت هي عدم التورط في الشؤون اليمنية، فإن استمرار الدعم البريطاني غير الرسمي، وغير المباشر (من طريق أمير بيحان)، لم يكن موضع شك، ولا سيما ابتداء من عام 1964. إذ تشير المصادر الرسمية المصرية إلى " انتقال مركز الثقل، في دعم القبائل المتمردة، من السعودية إلى بيحان، وازدياد النشاط البريطاني ـ بوساطة عملائهم ـ في صورة إمدادات بالأسلحة والذخائر والمدربين الأجانب، كقبائل بكيل، وخاصة في منطقتَي خولان وشرق الصفراء"[8] (انظر ملحق طرق تسلل الملكيين ومناطق تجمعاتهم وتكدساتهم والأعمال المضادة المقترحة)، و(خريطة طرق التسلل ومناطق التكديس والتجميع للملكيين). إلا أن القِيمة الحقيقية للنشاط البريطاني ضد النظام الجمهوري، كانت تتمثل في مجموعة الخبراء والمستشارين، الذين انضموا إلى أمراء أسرة حميدالدين، وشاركو في تخطيط العمليات وتوجيهها ضد القوات المصرية والجمهورية. ولا يقلل من ذلك الادعاء البريطاني الرسمي، أن أولئك الخبراء والمستشارين، كانوا يقومون بمهمتهم بصفتهم الشخصية[9].

(د)   المرتزقة الأجانب

اختلفت المصادر المنشورة، في تحديد موعد بدء استعانة الملكيين بالمرتزقة الأجانب. فبينما حددها أحد المصادر في ربيع عام 1963، فإن مصدراً ثانياً يشير إلى أن بداية ملاحظة القيادة المصرية وجودهم، كانت في أكتوبر من العام نفسه. في الوقت الذي يشير فيه مصدر ثالث إلى أن وصول أول نفر من المرتزقة الأوروبيين إلى اليمن، كان في شهر نوفمبر من العام نفسه. أما المصادر المصرية الرسمية، فتشير إلى بدء ظهور تأثيرهم في المعارك، التي دارت في خريف عام 1963. وقد تأكد وجود هؤلاء المرتزقة ودورهم في معاونة الملكيين، بعد قبض إحدى الدوريات المصرية على أحد المتسللين، الذي كان يحمل بعض الرسائل إلى قادة هؤلاء المرتزقة.

وقد تشكل هؤلاء المرتزقة من بعض الضباط والجنود، الذين كانوا يعملون في الجنوب اليمني المحتل، وبعض فلول الفرقة الأجنبية الفرنسية، وبقايا الجيش السري الفرنسي، وبعض الجنود المرتزقة البلجيكيين، الذين كانوا يعملون في جيش كاتنجا. وأشار بعض المصادر، المصرية والأجنبية، إلى أنه كان يوجد تنظيم، عسكري وسياسي، يعمل بتوجيه بريطاني، شاركت فيه الفئات السابقة، كخبراء عسكريين، ومدربين على الأسلحة، وعاملين على أجهزة اللاسلكي. وقدر بعض المصادر السابقة أعداد هؤلاء المرتزقة بنحو 300 فرد.

واستمر نشاط المرتزقة الأجانب، طوال عامَي 1964 و1965، نجحوا فيهما في تذليل كثير من المشاكل العسكرية، التي واجهت القوات الملكية، في الوقت الذي أثاروا فيه قدراً من المصاعب للقوات المصرية[10].

(3) إدراك القيادة المصرية عدم القدرة على الحسم العسكري للصراع

ومما لا شك فيه، أن القيادة السياسية المصرية، كانت مدركة، طوال عام 1964 والنصف الأول من عام 1965، المأزق العسكري المصري في اليمن، الذي ترتب على عدم حسم الصراع، على الرغم من كافة الانتصارات التي تحققت. وقد انعكس هذا الإدراك في خطاب الرئيس جمال عبدالناصر، في 22 يوليه 1965. ففي هذا الخطاب، أشار الرئيس المصري إلى أن الثورة اليمنية، بعد أكثر من سنتين ونصف، ما زالت تواجه مشاكل عسكرية، نتيجة لنشاط البريطانيين والسعوديين. وعلى الرغم من إشارته إلى ضرب ذلك النشاط بصفة مستمرة، إلا أنه أضاف: إلى متى سنظل هناك نتعرض للعدوان؟

وارتبط هذا الاستنكار بالفكرة، التي كانت تلح على القيادة المصرية، في ذلك الوقت، أن هناك اتجاهاً متعمداً، لاستنزاف الجهود المصرية في اليمن، والابتعاد المقصود، لقدر كبير من القوات المسلحة، عن مسرح عملياتها الطبيعي، في مواجهة إسرائيل[11]، وهو ما أفضى إلى البديلين، اللذين أعلنهما الرئيس جمال عبدالناصر، في خطابه، في 22 يوليه 1965: إما سلام  ينهي هذا الوضع، أو تصعيد عسكري يقضي على قواعد العدوان في الأراضي السعودية نفسها.

وعلى الرغم من أن المؤسسة العسكرية المصرية، كانت ترى أن إنهاء الصراع، عسكرياً، يقتضي توسيع نطاق العمليات، للقضاء على قواعد الملكيين في الأراضي السعودية نفسها، فإن القيادة السياسية المصرية، كانت تري ضرورة إعطاء الفرصة للبديل السياسي أولاً. وهو بديل يمكِن دعمه بالتلويح بالتصعيد العسكري، كما ورد في خطاب الرئيس المصري، فعلاً.

    ‌ج.   الخلاف بين قيادات الجمهوريين[12]

ترجع جذور الخلاف بين قيادات الجمهوريين، المتشددين، الذين كان يمثلهم الرئيس السلال، ونائبه حسن العمري، والمعتدلين، الذين كان يمثلهم أحمد نعمان، رئيس مجلس الشورى، والقاضيان عبد الرحمن الإرياني ومحمد الزبيري، نائباً رئيس الوزراء، ترجع إلى 13 أبريل 1963، حينما أعلن الرئيس السلال قيام الجمهورية الثانية، والدستور الثاني، الذي ألغى به الدستور الأول، كما ألغى به مجلس قيادة الثورة واستبدل به مجلساً آخر، هو مجلس الرئاسة. وفي تشكيل مجلس الوزراء الجديد، استبعد الرئيس السلال معظم السياسيين اليمنيين، الذين سبق تعيينهم في الخارج، في عهد الجمهورية الأولى، وفي مقدمتهم العميد حمود الجائفي وأحمد نعمان.

وقد أدت ممارسات السلطة، التي يغلب عليها التسلط، والقرارات الفردية، إلى تزايد التذمر بين عدد كبير من السياسيين ومشايخ القبائل الجمهوريين، الذي كان أبرز علاماته، في ذلك الوقت، عقد مؤتمر "عمران"، في سبتمبر 1963، إذ شارك فيه عدد كبير من السياسيين ومشايخ القبائل الجمهوريين، بهدف مناقشة الأوضاع اليمنية. وقد اتخذ ذلك المؤتمر عدة قرارات، تنمّ على المعارضة لبعض مظاهر فقدان الديموقراطية، والفساد الحكومي. كما طالبت تلك القرارات بنقْل القيادات العسكرية من المناطق، التي لا تدور فيها عمليات عسكرية، وبأن تنحصر مهمتها، حيث يلزم بقاؤها، في الشؤون العسكرية فقط.

ولما كان الخلاف بين زعماء الجمهوريين، يهدد قضيتهم، وينعكس، سلباً، على القوات المصرية، التي تساندهم، فقد ضغطت مصر من أجل تسوية ذلك الخلاف، في أبريل 1964، الأمر الذي أدى إلى تشكيل وزارة يمنية موسّعة، برئاسة حمود الجائفي، في 6 مايو من العام نفسه، مُثِّل فيها المعتدلين كل من القاضيين عبد الرحمن الإرياني ومحمد الزبيري، نائبَين لرئيس الوزراء، كما عُين أحمد نعمان رئيساً لمجلس الشورى.

وكانت القيادة المصرية تأمل، أن تؤدي التعديلات الجديدة في السلطة، إلى القضاء على الخلاف، إلا أن الأمر جاء على عكس ذلك. ففي 2 ديسمبر عام 1964، بعد أقل من ثمانية أشهر من عمر الوزارة، قدَّم كل من نعمان والإرياني والزبيري استقالة جماعية من مناصبهم. وعَبَّر كتاب الاستقالة، الموجَّه إلى الرئيس السلال، عن الاتجاهات نفسها التي تضمنتها قرارات مؤتمر عمران. إذ أشار ذلك الكتاب إلى أنه "بعد تجربة عامين كاملين وأشهر ثلاثة، لم نحقق للشعب آماله، ولم نكسب للثورة والجمهورية التأييد والدعم الشعبيين، وأنه بعد تجربة العامين، تراكمت الأخطاء، وتفاقمت المشاكل، وانتشر الفساد، ولا تزال الحرب مستمرة".

وقد أدت هذه الاستقالة إلى تفاقم الخلاف بين جناحَي النظام الجمهوري، وإعادة تشكيل الوزارة اليمنية، في 6 يناير 1965، برئاسة حسن العمري (من جناح المتشددين)، مع استبعاد ما يقرب من 50% من الوزراء، الذين شاركوا في وزارة الجائفي، وحل محلهم عدد من الوزراء، الذين يؤيدون سياسة الرئيس السلال[13].

وفي الشهر عينه، الذي استقال فيه المعتدلون، بدأت الأضواء تُسلَّط على ما أصبح يسمى القوة الثالثة، إشارة إلى مجموعة، تستند إلى قاعدة قبلية، وصفت نفسها بأنها تمثِّل فريقاً من الجمهوريين المنشقين على النظام الحاكم في صنعاء. وعقد ممثلو هذه المجموعة مؤتمراً صحفياً، في بيروت، في ديسمبر 1964، شرحوا فيه برنامجهم، الذي يتمثل، أساساً، في معارضة استمرار الحرب، على أساس أنها مأساة يعانيها الشعب اليمني برمَّته، ولا يستفيد منها سوى حفنة من الانتهازيين في صنعاء (الفئة الجمهورية الحاكمة) وحفنة أخرى من الرجعيين في الكهوف والجبال (الملكيين). وأعلنوا أن الشعب يطالب بإنهاء الصراع في اليمن، والسماح لليمنيين بتقرير مصيرهم بحُريَّة. وهو ما يتحقق بسحب القوات المصرية، ووقْف المساعدة السعودية لمن يُسَمَّون بالملكيين، وبعد ذلك، يُعقد مؤتمر شعبي في اليمن، يمثّل كل الفئات، ويقوم باختيار حكومة مؤقتة، تشرف على إجراء انتخابات حرة يسفر عنها برلمان أو مجلس شورى، يقرر ما يـراه الشعب اليمني.

وفي يناير 1965، أصدر المنشقون بياناً، أشاروا فيه إلى قيامهم بإجراء محادثات مع الملك فيصل، أسفرت عن وعْده لهم بأنه سيكون مع إرادة الشعب اليمني، أيّاً كانت، شريطة أن تكون هذه الإرادة حرة.

    ‌د.    تطورات المواجَهة مع إسرائيل

في الأشهر الأخيرة من عام 1963، قارب المشروع الإسرائيلي لتحويل مجرى نهر الأردن على الاكتمال، مما كان يطرح خطر المواجَهة العسكرية الشاملة مع إسرائيل، في وقت تنتشر فيه أعداد كبيرة من القوات المسلحة المصرية في اليمن، وتختلف فيه مواقف دول المواجَهة مع إسرائيل، وخاصة سورية، التي كان الرئيس جمال عبدالناصر، يخشى أن يستدرجه المتطرفون من حكامها إلى مواجَهة يُخطئون حساباتها، فيخسر، عسكرياً، إذا دخلها، وسياسياً، إذا حاول تجنّبها.

وهكذا، يمكِن القول إن تطورات المواجَهة مع إسرائيل، قد مثَّلت قيداً حقيقياً لحركة النظام المصري، دفعه ـ ضمن عوامل أخرى ـ إلى إعادة تقييم سياسته العربية، حتى يوفر لمصر أفضَل وضْع ممكِن، في ظل القيود المفروضة على حركتها، السياسية والعسكرية، في ذلك الوقت. فإذا كان الأمر سينتهي إلى القتال مع إسرائيل، فليكُنْ جماعياً، وهو ما سيؤدي، تلقائياً، إلى القضاء على الالتزام المصري في اليمن. وإذا كان الأمر سينتهي إلى تأجيل المواجَهة، فليكُنْ، كذلك، جماعياً، تجنّباً للمزايدات العربية.

ونتيجة لعملية إعادة التقييم، المشار إليها، أعلن الرئيس جمال عبدالناصر، في 23 ديسمبر 1963، استعداد مصر للتغاضي عن كل خلافاتها العربية. ودعا إلى عقد مؤتمر قمة للملوك والرؤساء العرب، لبحث تطورات المواجَهة مع إسرائيل. وجاءت هذه الدعوة لتضع نهاية لمرحلة الاستقطاب الحادّ في العلاقات، العربية، وبداية لمرحلة انفراج في هذه العلاقات استمرت سنتين. في ظلها، بذلت جهود التسوية السياسية للصراع اليمني.

2.    مساعي الجامعة العربية من أجل التسوية السياسية

بدأ اهتمام الجامعة العربية بالصراع اليمني، منذ بدايته، في أكتوبر 1962. فابتداءً من ذلك الشهر، تلقت الأمانة العامة للجامعة طلبات عديدة، من طرفَي الصراع، يشكو كل منهما التدخل لمصلحة الآخر، ويطلب عقد اجتماع مجلس الجامعة، للنظر في شكواه.

وخلال شهر فبراير وأوائل مارس 1963، جرت عدة اتصالات سياسية، بين المملكة العربية السعودية ومصر، مهد لها الأمين العام لجامعة الدول العربية، في محاولة لإيجاد حل سياسي للنزاع. إلا أنها لم تسفر عن شيء (انظر ملحق خطاب الرئيس جمال عبدالناصر إلى المشير عبدالحكيم عامر (4 فبراير 1963))، و(ملحق خطاب الرئيس جمال عبدالناصر إلى المشير عبد الحكيم عامر (7 مارس 1963)).

وعندما عقد مجلس الجامعة أول جلسة له، بعد ثورة اليمن، في مارس 1963، كان معظم دول الجامعة قد اعترفت بالنظام الجمهوري، وعلى ذلك، قرر المجلس، بأغلبية الأصوات، قبول أوراق اعتماد الوفد الممثل له، في 23 من الشهر عينه.

وأثناء انعقاد الدورة العادية لمجلس الجامعة، في سبتمبر 1963، دعا مندوب اليمن المجلس إلى التدخل، من أجْل وضْع حدّ للتوتر الحادّ، بين اليمن وجاراتها من الدول العربية. ونتيجة مبادرات ممثلي تونس والكويت ولبنان، وافقت اللجنة السياسية، مع امتناع المملكة العربية السعودية عن التصويت، على توصية، تناشد حكومات الدول العربية المعنية، تهيئة السُّبل لتوطيد الاستقرار، وعودة السلام إلى ربوع اليمن، واستئناف العلاقات الطبيعية بين هذه الدول. وفي 19 سبتمبر، أصدر مجلس الجامعة قراراً بالموافقة على توصيات اللجنة، وتكليف كل من رئيس مجلس الجامعة، في تلك الدورة، وأمينها العام، بإجراء الاتصالات اللازمة مع الحكومات المعنية، لوضْع تلك التوصيات موضع التنفيذ.

وعلى أثر صدور القرار المشار إليه، أجرى كل من رئيس مجلس الجامعة، وأمينها العام، عدة مشاورات انتهت إلى تشكيل بعثة سلام، تزور الدول المعنية بالمشكلة اليمنية، لمحاولة سدّ الثغرات القائمة بين مواقف هذه الدول، تجاه التسوية السياسية للمشكلة. وفي 25 سبتمبر 1963، وصلت البعثة إلى الطائف، واجتمعت عدة مرات مع الأمير فيصل، في الفترة من 25 سبتمبر إلى أول أكتوبر. وعَبَّرت عن أمل الجامعة أن تعود العلاقات الطبيعية بين اليمن وجاراتها، وأن تبذل الحكومة السعودية أقصى ما في وسعها لوضع حدّ للموقف المتوتر على الحدود.

وشرح الأمير فيصل موقف حكومته تجاه الأوضاع اليمنية، وأكد حرصها على تجنّب عبور القوات السعودية الحدود اليمنية. وأشار البيان المشترك، الذي صدر في نهاية الزيارة، إلى حرص الحكومة السعودية الشديد على تحقيق مصلحة أهل اليمن، وأنها ترحّب، في ضوء الظروف المحيطة بالمشكلة الفلسطينية، والمؤامرات الصهيونية الاستعمارية ضد العرب، ترحب بمساعي تنقية الجو العربي، وترجو أن يجد ممثلو الجامعة العربية لدى بقية الأطراف المعنية، التجاوب الذي يكفل ذلك.

وفي أول أكتوبر، أجرت بعثة السلام محادثات مماثلة مع الملك حسين وحكومته، اللذين أبلغا البعثة، أن المملكة الأردنية، لا تّعُدّ نفسها طرفاً من أطراف النزاع في اليمن، وأنها أوقفت مساعداتها للملكيين، وستستأنف علاقاتها بالجمهورية العربية اليمنية، في المستقبل القريب. وفي نهاية اللقاءات، صدر بيان مشترك، شبيه، في مضمونه، بالبيان الذي صدر في أعقاب المباحثات مع الجانب السعودي.

وتوجّهت بعثة السلام إلى اليمن، في السادس من أكتوبر، حيث التقت الرئيس السلال وكبار المسؤولين اليمنيين، الذين أعربوا عن ترحيبهم بوجهات نظر الحكومتين، السعودية والأردنية، التي نقلتها البعثة، وجاءت في بيان الحكومتين. كما أوضحوا عزم اليمن على المضيّ قُّدُماً في سياسته نحو تنقية الجو العربي، خاصة في الظروف، التي تمرّ بها القضية الفلسطينية.

واستكملت البعثة مهمتها في القاهرة، حيث التقت كلاًّ من كمال رفعت، عضو مجلس الرئاسة، ووزير الخارجية المصرية، اللذين أبلغاها أن مصر، قد سحبت، فعلاً، بعض قواتها من اليمن، طبقاً لاتفاقية فضّ الاشتباك، وأنها ترغب في أن يفي كل الأطراف المعنية بالتزاماتها في هذا الاتفاق.

ولئن كانت مساعي الجامعة العربية السابقة، لا تُشكِّل ضغطاً على أطراف النزاع، نحو التسوية، إلا أنها نقلت جهود الوساطة إلى الأيدي العربية، بعد أن اقتصرت على الجهود الأمريكية، بمشاركة من الأمم المتحدة. كما وفرت قناة اتصال جديدة، بين أطراف النزاع. وقدّمت إلى مسؤولي السياسة الخارجية المصرية صورة عن الاستعداد السعودي، نحو التسوية، في ضوء تطورات المواجَهة مع إسرائيل. وهو ما ساعد على إعادة تقييم السياسة العربية للحكومة المصرية، وحقق انفراجاً في العلاقات العربية عامة.



[1]   المصادر المصرية الرسمية.

[2]   كانت الحكومة المصرية تلجأ إلى احتياطي الميزانية العامة للدولة أو تحويل بعض اعتمادات البنود الأخرى لتغطية مطالب القوات المسلحة عن تجاوز الاعتمادات المحددة لها.

[3]   المصادر المصرية الرسمية.

[4]   المصادر المصرية الرسمية.

[5]   المصادر المصرية الرسمية.

[6]   المصادر المصرية الرسمية.

[7]  المصادر المصرية الرسمية.

[8]   المصادر المصرية الرسمية.

[9]   المصادر المصرية الرسمية.

[10]   المصادر المصرية الرسمية.

[11]   المصادر المصرية الرسمية.

[12]   المصادر المصرية الرسمية.

[13]   المصادر المصرية الرسمية.