مقترحات البحث الأشكال والخرائط الصور المحتويات

مقاتل من الصحراء

معركة الخفجي (تابع)

          تعد معركة الخفجي، من وجهة نظري، حجر الزاوية في حرب الخليج، ونقطة تحول لا تقلّ أهمية عن معركة التحالف، من أجل تحقيق السيادة الجوية في الدقائق الأولى من الحملة الجوية. كان التحالف، قبل تلك المعركة، يعيش جواً كئيباً. إذ كان الجيش العراقي لا يزال قوياً من ناحية العدد وقوة النيران، ولم يكن للقوات السعودية سابق عهْد بالحروب، ولم تكن القوات القطَرية قد خرجت من ديارها حتى لغرض التدريب ناهيك من الحرب. ولو أن معركة الخفجي انتهت إلى غير ما انتهت إليه، لكانت صدمة قاسية تهبط بمعنوياتنا إلى الحضيض. ولكن النصر - بتوفيق الله - رفع الروح المعنوية لدى ضباطنا وأفرادنا إلى حد مذهل، إذ تهيأت لهم الفرصة لإثبات الذات فأَبْلَوا أحسن البلاء. نجحوا نجاحا فائقاً في تنفيذ هجوم مضاد رئيسي ضد قوة معتدية لا يُستهان بها. كان الناس يلوِّحون بإشارات النصر في كل مكان، وينظرون إلى الجنود، الذين خاضوا المعركة وحازوا النصر، على أنهم أبطال يستحقون التقدير كله.

          وعلى النقيض من ذلك، جردت تلك المعركة العراقيين من "إرادة القتال" بعد أن أدركوا أن صدّام حسين كان يُسْلمهم إلى الرّدى. وترددت تلك المقولة على لسان جميع الأسرى العراقيين، الذين بلغ عددهم 463 أسيراً في أقلّ من ست ساعات. ونقتبس مرة أخري من تولستوي قوله: "تكمن قوة الجيش في روحه المعنوية".

          وثمة دروس استخبارية مهمة ينبغي أن نلفت إليها الانتباه. إذ علمتنا الغارات الثلاث أو الأربع التي شنّتها القوات العراقية عبر حدودنا في الأيام الأخيرة من شهر يناير 1991، أن العراقيين كانت لديهم القدرة على الحركة، ولكن تنقصهم المهارة لتنسيق هجماتهم. كانت القوات العراقية تفتقر إلى الحافز على القتال وإلى الحماية الجوية، ومن هنا انعدمت لدي العراقيين الرغبة في أن يقفوا صفاً واحداً ويقارعونا في ميدان القتال. وهذا هو السبب في استسلامهم بأعداد كبيرة. كما أصبح واضحاً لنا أن جمع الأسرى ونقْلهم خلال الحرب البرية القادمة سوف يستقطب جزءاً كبيراً من جهدنا. وحتى لا تتسبب تلك العملية بعرقلة تقدمنا، كان علينا أن نُعِد الترتيبات اللازمة وعلى نطاق واسع للتعامل مع أسرى الحرب ونقْلهم إلى معسكرات في المناطق الخلفية لمسرح العمليات.

          كانت تلك المعركة اختباراً صعباً اجتازته الوحدات السعودية والقطَرية والقوات الجوية للتحالف. كان تماسك التحالف وفاعليته القتالية العالية أمراً لا تخطئه العين. وغَدَت قواتنا جزءاً له وزنه في التحالف. وتقف موقف الند للند مع قوات حلفائنا الآخرين، وأضحت على أتم الاستعداد لإنجاز ما يوكل إليها من مهام في أية معركة قادمة، لا سيما معركة تحرير الكويت

سابق بداية الصفحة تالي