إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / أمن البحر الأحمر





ميناء عصب الإريتري
مضيق تيران
الجزر الجنوبية
تمركز الشيعة في اليمن
دول البحر الأحمر

جزر حنيش



أمن البحـــر الأحمــر

المبحث الثالث

الاتفاقيات الأمنية في البحر الأحمر

أولاً: الاتفاقيات الأمنية داخل البحر الأحمر

يتجه العالم أجمع نحو التكتل والوحدة في جميع المجالات، وخاصة في ظل العولمة بما لها من سمات، مع اختلاف في اللغة والدين والثقافات بين الشعوب، التي أصبحت تجمعها وحدة المصالح؛ فتنشأ الاتفاقيات بين الدول للوصول إلى نوع من الترتيبات والتفاهم حول مصالحهم المشتركة، ولاتخاذ الإجراءات الكفيلة لحماية تلك المصالح لتصبح ملزمة لجميع أطراف الاتفاقية.

أدت كثرة النزاعات، بأشكالها المختلفة، في منطقة البحر الأحمر إلى زيادة حجم التدخلات الخارجية الطامعة في الوجود المستمر، والسيطرة على هذه المنطقة الحيوية المفعمة بالصراعات والثروات. فأضحى يشهد التدخل المباشر أو غير المباشر في شؤون دوله، ما يؤدي إلى تعقيد هذه النزاعات لأسباب سياسية ومصلحية لخدمة أهداف التدخل، على حساب مصالح دول البحر الأحمر.

1. الاتفاقية الأمنية قديما بين أسمرة وجيبوتي، والرؤية الأمريكية تجاه الصومال منذ الحرب العالمية الثانية

نظرت الولايات المتحدة الأمريكية إلى الصومال، بعد استقلاله عام 1960، بوصفه دولة محورية في القرن الإفريقي، تطل على البحر الأحمر قريبة من الخليج العربي. ومع سقوط المنطقة في أتون الحرب الباردة، اشتدت حدة المنافسة عليها بين موسكو وواشنطن، ولاسيما بعد تبني الرئيس "سياد برى" الماركسية اللينينية كسياسة لدولته. وبعد الحرب العالمية الثانية شكلت كلاً من مقديشو وأسمرة وجيبوتي مركزاً لإمداد القوات الأمريكية العاملة في الشرق الأوسط، في صراعها ضد القوات الإيطالية وقوات المحور.

اقترحت بريطانيا، في عام 1944، توحيد الصوماليين في إطار دولة الصومال الكبرى، بما في ذلك إقليم أوجادين، الذي تسيطر عليه إثيوبيا. واعترضت الولايات المتحدة الأمريكية لأنها أرادت مكافأة إثيوبيا، التي وقفت بجانبها في الحرب ضد المحور، ووافقت على ضم إثيوبيا لإقليم إريتريا دون موافقة الشعب الإريتري، لتتضح الرؤية الأمريكية القديمة تجاه الصومال من العمل على زيادة الصراع وتنفيذ مصالحها.

2. اتفاقية التفاهم السعودية اليمنية

حرصت كلا من المملكة العربية السعودية واليمن، البلدين العربيين الشقيقين، على المحافظة على العلاقات التي تجمعهم، ودرء أي خلاف من شأنه إضعاف الموقف العربي؛ فوقع الطرفان اتفاقية تفاهم خاصة بترسيم الحدود طبقاً لمعاهدة الطائف، ومنها الحدود البحرية على البحر الأحمر، والتي بدأت من نقطة الحدود عند رصيف البحر تماماً حتى آخر نقطة سبق ترسيمها في جبل الثأر، واستخدام الوسائل العلمية الحديثة لإقامة العلامات (المساريات) عليها، وذلك بالاتفاق مع شركة متخصصة لتنفيذ ذلك يختارها الطرفان. (أنظر ملحق اتفاقية التفاهم السعودية ـ اليمنية الخاصة بالعلاقات بين البلدين وترسيم الحدود البحرية).

3. تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك بين مصر وبعض الدول العربية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية

الاتفاقية الخاصة بتفعيل اتفاق الدفاع العربي المشترك، البند الأول (هـ) للملحق العسكري لمعاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي بين دول الجامعة العربية، والتي تنص على تنظيم تبادل البعثات وتهيئة الخطوط للتمارين والمناورات المشتركة بين قوات الدول المتعاقدة، وحضور هذه التمارين والمناورات، ودراسة نتائجها، بقصد اقتراح ما يلزم لتحسين وسائل التعاون في الميدان بين هذه القوات، والبلوغ بكفاءتها إلى أعلى درجة، والتي يكون التنسيق فيما بين الدولتين بشأن المناورات المشتركة، التي تُجرى في البحر الأحمر بين مصر والسعودية سنوياً بالموانئ السعودية والمصرية بالتبادل. (أنظر ملحق اتفاقية الدفاع العربي المشترك).

إرسال البعثات التدريبية للوصول إلى أعلى درجة التعاون والتنسيق بين الدول، حيث يتم إرسال وتبادل البعثات التدريبية والزيارات، ومن ضمنها عناصر القوات البحرية، لتبادل الخبرات بين هذه الدول، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.

تفعيل الاتفاقية الخاصة بالبند الأول (ز) من الملحق العسكري لمعاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي، بخصوص بحث التسهيلات والمساعدات المختلفة، التي يمكن أن يطلب من الدول المتعاقدة أن تقدمها وقت الحرب إلى جيوش الدول الأخرى العاملة في أراضيها، تنفيذاً لأحكام هذه المعاهدة.

تقديم التسهيلات من جانب الحكومة اليمنية للقوات المصرية متمثلة في قواتها البحرية، عندما سيطرت بالتعاون معها على مضيق باب المندب، ومنعت السفن الإسرائيلية من عبور المضيق للوصول إلى البحر الأحمر، مع تقديم التسهيلات اللازمة لمصر خلال حرب أكتوبر 73.

اشتراك القوات المسلحة في معارك خارج حدودها، سواء من أجل تأمين أمنها القومي، أو تدعيم أعمال قوات صديقة، حيث أرسلت قوات مصرية إلى الجمهورية العربية اليمنية، عام 1962، وأرسلت قوات مصرية عبر البحر الأحمر إلى المملكة العربية السعودية، بعد الغزو العراقي للكويت وتهديد المملكة العربية السعودية.

4. الاتفاق بين حكومة المملكة العربية السعودية وحكومة جمهورية السودان الديمقراطية

عُقد اتفاق بين حكومة المملكة العربية السعودية وحكومة السودان في الخرطوم، في 16 مايو 1974، في شأن الاستغلال للثروة الطبيعية في قاع البحر الأحمر في المنطقة المشتركة، تأكيداً منهما لأواصر الصداقة بين الشعبين، وتمكيناً لهما من استغلال الثروة الكامنة في قاع البحر الأحمر، واستغلال الثروة غير الحية، بما فيها الثروة المعدنية والهيدروكربونية. وتتعهد الحكومتان بالتعاون بكافة السبل والوسائل للكشف عن الثروة الطبيعية الموجودة في قاع البحر الأحمر واستغلالها. (اُنظر ملحق الاتفاق بين المملكة العربية السعودية وجمهورية السودان الديمقراطية بشأن الاستغلال المشترك للثروة الطبيعية في قاع وتحت قاع البحر الأحمر الخرطوم، 16/5/1974)

5. الاتفاقية المصرية ـ الإسرائيلية (المادة الخامسة) من معاهدة السلام 26 مارس 1979

تتمتع السفن الإسرائيلية، والشحنات المتجهة من إسرائيل وإليها، بحق المرور الحر في قناة السويس ومداخلها في كل من خليج السويس والبحر المتوسط، وفقاً لأحكام اتفاقية القسطنطينية لعام 1888 المنطبقة على جميع الدول. كما يعامل رعايا إسرائيل وسفنها وشحناتها، وكذلك الأشخاص والسفن والشحنات المتجهة من إسرائيل وإليها، معاملة لا تتسم بالتميز في الشؤون كافة المتعلقة باستخدام القناة.

يعتبر الطرفان مضيق ثيران وخليج العقبة من الممرات المائية الدولية المفتوحة لكافة الدول، دون عائق أو إيقاف لحرية الملاحة أو العبور الجوى. كما يحترم الطرفان حق كل منهما في الملاحة والعبور الجوى من وإلى أراضيه، عبر مضيق ثيران وخليج العقبة.

كان من ضمن بروتوكولات هذه الاتفاقية، أيضاً، نظام وضع وتشغيل سفن بحرية على طول سواحل المنطقتين (أ) و(ب)، ووضع زوارق خفر السواحل وتسليحها ووجودها في المياه الإقليمية، لمعاونة وحدات الحدود مع نظام الشرطة المصرية وتسليحه ومناطق عمله مع الإنشاءات من الموانئ المدنية فقط، ونظام أجهزة الإنذار المبكر، مع تطبيق قواعد القانون الدولي الحالي الخاص بالبحار وحرية المرور البحري، لكل طرف طبقاً لقواعد هذا القانون.

6. علاقات اليمن قديماً مع إريتريا

تغير الوضع الدولي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، فتغير معه الوضع في اليمن، فضلاً عن قيام الوحدة بين اليمن الجنوبي واليمن الشمالي. فأصبح هناك تحول واضح في موقف اليمن من إريتريا، وأضحى الموقف بين الدولتين يرتبط بعلاقات وثيقة تقوم على العامل الاقتصادي والإنساني والوجود الشعبي الإريتري في اليمن نفسها، بحكم الجوار الجغرافي.

ترتبط اليمن مع إريتريا بعلاقات دبلوماسية. كما أن الجزر الثلاث الواقعة على البحر الأحمر بين اليمن وإريتريا تُعد مجالاً للتعاون والتفاوض بين الدولتين. وقد أرسل اليمن بعثات تفتيشية بموافقة إريتريا، وتأكد من أنها جزر غير مأهولة، خلافاً لما يُقال من أن إسرائيل تشغل هذه الجزر. وسوف تصبح تلك الجزر موضوعاً للتفاوض بين الجانبين.

7. الدور الإسرائيلي في الحرب الإريترية ـ اليمنية، والاتفاقية الأمنية الإسرائيلية ـ الإريترية

شنت القوات الإريترية ـ الإسرائيلية هجوماً على جزيرة حنيش الكبرى، واحتلتها وأسرت الحامية اليمنية العسكرية فيها. وكان هذا الهجوم بقيادة طيار مقدم إسرائيلي يدعى "مايكل دوما"، وباستخدام أسلحة إسرائيلية الصنع. وقد أعلنت اليمن رفضها التصريح على الصعيد الرسمي بالوجود العسكري الإسرائيلي في إريتريا.

ثبت أن الاتصالات التي جرت بين القوات التي اقتسمت جزيرة حنيش كانت باللغة العبرية، وهذا ما أكده "مايكل كداير" مدير معهد موشيه ديان في تل أبيب، في حديثه عن نشْر طائرات إسرائيلية شرق تركيا، وانتزاع جزيرة حنيش الكبرى من القوات اليمنية بواسطة إريتريا، في إطار إستراتيجية إقليمية وقائية تنفذها إسرائيل، تحسباً لتهديدات سودانية ـ يمنية، يمكن أن تعمد في المستقبل إلى التعرض لحركة الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر.

زار الرئيس الإريتري أسياسي أفورقي، في فبراير 1996، إسرائيل زيارة معلنة أسفرت عن توقيع اتفاقية أمنية مع الإسرائيليين لتعزيز التعاون العسكري بين البلدين، ووضع إستراتيجية موحدة في البحر الأحمر. (ملحق الاتفاقية الأمنية الإسرائيلية ـ الإريترية).

8. تجمع صنعاء

تجمع صنعاء، والذي عقد في أديس أبابا، وضمت قمته رؤساء ثلاث دول هم: السودان واليمن وإثيوبيا. وأُعلن عن إجازة ميثاقه الأساسي عقب القمة الثلاثية، التي عقدت بصنعاء في يناير 2000، بين رؤساء السودان واليمن وجيبوتي، في محاولة جادة من بعض دول حوض البحر الأحمر والقرن الإفريقي وجنوب البحر الأحمر، لحشد طاقاتها وتنسيق أدوارها وجهودها من أجل المحافظة على مصالحها الإقليمية والقطرية في البحر الأحمر، وخاصة الأهمية الإستراتيجية.

وعلى الرغم من هذا لم تكن قمة صنعاء اجتماعاً عربياً مع أطراف أخرى من القرن الإفريقي، حيث لم يعقد أي مؤتمر تنسيقي على أي مستوى من المستويات لدول البحر الأحمر المشاطئة عليه، لتقنين علاقاتها ببعضها وبالآخرين في حماية أمن البحر الأحمر.

لم توضع خطط لحفظ المصالح العربية، ومن ثم لا توجد آلية مشتركة لحفظ الحق العربي في البحر الأحمر كبحيرة عربية؛ فلم يكن هناك سوى بعض الاجتماعات الثنائية غير الجادة، أو التي تخرج بتوصيات ولا تدرس على مستوى المتخصصين في هذه الدول المشاطئة للبحر. ومع هذا عانى التجمع صعوبة في تأمين مصالح أعضائه في الحوض الجنوبي، في ظل غياب إريتريا وجيبوتي والصومال، ومعاناة هذه الدول من الاختراق الأمني الدولي لها، وخاصة من إسرائيل.

قمة صنعاء، في يناير 2000، كانت خطوة صحيحة في وقت يصعب فيه تقنين العلاقات بين الشركاء المشاطئين للبحر الأحمر، بعد ظهور القطب الواحد كقوة فاعلة دولية، وتزايد الوجود الاستخباري الأمني في المنطقة، مع أن هذا التجمع هو إطار صحيح لعلاقات تبنى عليها لإعادة ترتيب الأوضاع، خاصة مع تأكيد القادة المؤسسين له أنه ليس موجهاً ضد أحد وأنه مفتوح، أمام كل دول المنطقة لتدخل فيه.

9. اتفاقية شرق السودان للسلام برعاية إريترية

وضعت اتفاقية شرق السودان في إريتريا، في 14 أكتوبر 2006، وسبب توقيعها يرجع إلى رغبة السودان في عدم وصول قوات دولية للإشراف على وقف إطلاق النار، أو القيام بأي مهام وساطة في أي إقليم من أقاليم الدولة؛ وإرسال رسالة واضحة للمجتمع الدولي، عامة، وإلى الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة، بالكف عن المطالبة بإرسال قوات دولية لدارفور. وكذلك إرسال رسالة أخرى لحركة العدل والمساواة في دارفور، والرافضة لتوقيع اتفاق أبوجا، بأن حلفائها في مؤتمر "البجة" وقعوا اتفاق الشرق؛ لذا فإن من باب أولى أن تنضم العدل والمساواة هي أيضاً لاتفاق أبوجا.

رغبت السودان في ضمان وصول صادرات النفط إلى الخارج، والتي تمر عبر أراضى شرق السودان إلى ميناء (بشاير) النفطي على البحر الأحمر، وهى المنطقة التي يسيطر عليها المتمردون، وسبق لهم القيام بعدة محاولات لتفجير ذلك الأنبوب. كما أن هذه المنطقة، إضافة لكونها تشتمل على الموانئ الوحيدة للسودان على البحر الأحمر (بورسودان – سواكن – البشاير) وغيرها، ويوجد بها أيضاً أكبر منجم ذهب في البلاد في منطقة أرباب، ويستخرج منها سنويا ما بين (5-6) أطنان.

10. الترتيبات الأمنية للاتفاقية

وقف إطلاق النار الشامل خلال 72 ساعة من توقيعها، مع توفير فرص للراغبين المؤهلين من الجبهة للاندماج في القوات المسلحة السودانية والقـوات النظامية الأخرى، على ألا تقل نسبة مقاتلي الجبهة عن 33% من حجم القوات، التي يتم استيعابها في مدة لا تقل عن عامين. كما نصت الاتفاقية، كذلك، على مسؤولية الحكومة عن استيعاب مقاتلي الجبهة الذين لم يتم استيعابهم في القوات المسلحة، مع إطلاقها سراح السجناء المعتقلين في قضايا ذات صلة بالنزاع، فضلاً عن اتخاذ التدابير المناسبة لرفع حالة الطوارئ بالإقليم خلال الفترة نفسها.

 11. دور محكمة العدل الدولية في حل النزاعات الدولية

ورد في ميثاق الأمم المتحدة أن القانون الدولي هو أساس لتسوية الخلافات وإقرار السلام العالمي، وكذلك محكمة العدل الدولية في لاهاي، والتي يُعد ميثاقها جزءاً من ميثاق الأمم المتحدة، وتضم 15 قاضياً يمثلون مختلف النظم التشريعية في العالم؛ ولكن هذه المحكمة، في الواقع، لم تعالج الكثير من المشاكل التي أقلقت بال المجتمع الدولي منذ الحرب العالمية الثانية، حيث تنص الفقرة الأولى من المادة الأولى من ميثاق منظمة الأمم المتحدة "أن السبيل إلى حل المنازعات الدولية، التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم والأمن، هو من مبادئ العدل والقانون الدولي".

12. الاتفاقيات وصلاحية محكمة العدل الدولية للنظر فيها

ليس لمحكمة العدل الدولية صلاحية في النظر في أي قضية، ما لم يتفق الخصمان مقدماً على تفويضها بذلك. ولمجلس الأمن الدولي والجمعية العمومية للأمم المتحدة الحق عند اتخاذ قرار، بأغلبية الأصوات، في طلب المشورة من المحكمة حول الجوانب القانونية في أي مشكلة؛ ولكن أسباباً سياسية حالت دون عرض الكثير من المشاكل الرئيسية في العالم، على محكمة العدل الدولية.

13. دور محكمة العدل الدولية في حل النزاعات لدول عربية، والمتعلقة بالبحر الأحمر

أ. النزاع الإريتري ـ اليمنى على (جزر حنيش)

نتيجة للخلاف بين إريتريا واليمن، حول جزر حنيش، كان الاتفاق على الحل بواسطة محكمة العدل الدولية. وما وصلت إليه المحكمة من قرارات بهذا الشأن أصبح أمراً واجب التنفيذ للأطراف المتنازعة قديماً والمتفقة حديثاً، بعد حكم محكمة العدل الدولية، ليصبح هذا الاتفاق الأمني أساساً يبنى عليه في التعاون بين الدولتين، في ظل المتغيرات الدولية المعاصرة؛ فهما دولتان تشرفان على منطقة مهمة تتحكم في أهم المناطق لحركة السفن في جنوب البحر الأحمر، إضافة لإشرافهما على مضيق باب المندب. (أنظر ملحق نص اتفاق المبادئ الموقع بين اليمن وإريتريا للتحكيم الدولي في نزاعهما حول أرخبيل حنيش في البحر الأحمر)

ب. النزاع بين مصر وإسرائيل (طابا)

(1) نتيجة لحرب عام 1967، وقعت طابا مرة أخرى، بعد أن وقعت سابقاً عام 1956، ضمن أراضى شبه جزيرة سيناء، في قبضة قوات الاحتلال الإسرائيلي. واستمرت في تلك القبضة حتى توقيع معاهدة السلام، في 26 مارس 1979.

(2) نصت معاهدة السلام، ضمن نصوصها، أن تحيل النزاع بين البلدين حول تطبيق أو تفسير تلك المعاهدة إلى التحكيم. وخلال تلك الفترة :

(أ) حاولت إسرائيل ربط طابا بالأراضي الإسرائيلية، من خلال شق طريق ساحلي عريض، في العام 1970، يربط هذه البقعة المصرية بميناء إيلات الإسرائيلي؛ إضافة إلى الشروع في بناء فندق ومشروعات سياحية أخرى.

(ب) إخفاء عدد من المعالم التي تؤكد على مصرية طابا، خاصة العلامة رقم (91)، التي كانت إزالتها ضمن ما إزالته إسرائيل من أنف الجبل، خلال شق الطريق عند هذه العلامة، ودحرجتها إلى وادي سحيق أسفله.

(ج) المحاولة الإسرائيلية بعدم الانسحاب من طابا تنفيذاً للمعاهدة، ما شكل فصلاً طويلاً من الصراع السياسي والقانوني الدولي بين مصر وإسرائيل، وهو الصراع الذي لم ينته إلا بعد ذلك بنحو عشر سنوات.

(3) الحكم في العلامة (91)

(أ) لا شك في أن العلامة (91) الواقعة عند رأس طابا، حظيت باهتمام طرفي النزاع من الوهلة الأولى لنشأة هذا النزاع. وهي تشمل المنطقة الإستراتيجية التي تقع على خليج العقبة، ذلك أن نزاع الحدود بين مصر وإسرائيل، والمتمثل في النزاع بشأن أربعة عشر علامة على طول الحدود الدولية المعترف بها بين مصر وفلسطين تحت الانتداب البريطاني، قد أُطلق عليها "نزاع طابا"، دلالة على أهمية هذه المنطقة للطرفين، والتي تعاونت فيها تركيا مع مصر بتقديم خرائط منذ الخلافة العثمانية تفيد بأنها أرض مصرية.

(ب) كان الحكم الصادر في 29 سبتمبر 1988، لصالح مصر، خاصة منطقة طابا أي العلامة (91)، قد أثبت مما لا يدع مجالا للشك أن مصر بذلت جهداً متميزاً في هذه القضية، ما جعل المحكمة تقتنع بعدالة المطلب المصري، في الوقت الذي عجزت إسرائيل فيه عن تقديم أدلة تساندها في القضية، وقد ظهر ذلك في العلامة (91).

14. التعاون الأمني السعودي واليمنى في ظل التطورات الحالية للصراع مع الحوثيين

أ. نتيجة للتطورات الأخيرة والحرب الدائرة بين الحكومة اليمنية والحوثيين، تطوّر وضع الحرب على الحدود اليمنية السعودية؛ فظهرت ضرورة التعاون الأمني والعسكري بين اليمن والسعودية، بعد محاولة الحوثيين الدخول إلى السعودية لتوسيع دائرة الحرب وإدخال المملكة العربية السعودية في دائرة الحرب، والابتعاد عن نيران القوات المسلحة اليمنية، خصوصاً أن المنطقة الحدودية بين اليمن والسعودية حدود جبلية وعرة، تسهِّل لعناصر الحوثيين الاختباء وإعادة تنظيم صفوفهم (أنظر شكل تمركز الشيعة في اليمن)

ب. أكد اجتماع مجلس التعاون الخليجي عن تضامن دول مجلس التعاون الخليجي مع المملكة العربية السعودية، في حربها ضد الحوثيين؛ مع التأكيد بالوقوف مع اليمن ودعم جهوده للخروج من التحديات التي يواجهها. ودعم مجلس التعاون اليمن في الجانبين الاقتصادي والأمني.

ج. عُقد أكثر من قمة بين اليمن والمملكة العربية السعودية، كانت دائما تبحث عن سبل تعزيز العلاقات الوطيدة بين الجارتين، وتطوير جوانب التعاون البنّاء بينهما في مختلف المجالات، السياسية والاقتصادية والتنموية والأمنية، وبما يحقق المصالح المشتركة بين البلدين. كما تبحث عن حلول للقضايا المتصلة بالأوضاع والمستجدات في المنطقة، والتي من بينها التعاون والتنسيق في مكافحة الإرهاب، خاصة في ظل ظهور لتنظيم القاعدة في الأراضي اليمنية. كما تبحث سبل التعاون في مكافحة القرصنة البحرية، فضلاً عن القضايا المرتبطة بتعزيز التضامن العربي، وقضايا الشرق الأوسط والسلام.

ثانياً: الاتفاقيات الأمنية خارج البحر الأحمر

وجدت الدول العربية نفسها ملزمة بأن تعُطى للمتغيرات، التي ظهرت مؤخراً في قواعد القانون الدولي للبحار اهتماماً كبيراً؛ فهي تُعد ذات موقع بحري منفرد، تقع شواطئها على ثلاثة مضايق حيوية: هي مضيق باب المندب، وقناة السويس، ومضيق هرمز، في ظل التداعيات المتلاحقة بجنوب البحر الأحمر والقرصنة الصومالية، والأهمية الإستراتيجية للمحيط الهندي وارتباطه بالبحر المتوسط من طريق البحر الأحمر.

ترتبط الأمة العربية فيما بينها بروابط مختلفة، منها وحدة الدم والأصل، ووحدة اللغة ووحدة الثقافة، ووحدة الموقع الجغرافي، ووحدة الانتماء إلى الأديان السماوية، التي أنزلها الله تعالى. وقد أدى ذلك إلى سمات ثقافية مشتركة بين الدول العربية، وإلى نشوء وحدة قانونية وتقارب كبير بين النظم القانونية العربية.

1. اتفاقية القسطنطينية

تنص اتفاقية القسطنطينية في منطوقها وبنودها أن حرية الملاحة في قناة السويس مكفولة لسفن جميع الدول دون تميز، في زمن السلم والحرب، بما في ذلك السفن الحربية، على أن تُخطر وزارة الخارجية قبل مرورها بعشرة أيام على الأقل، مع محاولة فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، والنمسا، وإسبانيا، وإيطاليا، وروسيا، وهولندا، إقناع تركيا وقتها (كانت دولة الخلافة على مصر) بعدم الحصول على أي امتياز بشأن استعمال القناة، كما منعت الاتفاقية الإتيان بأعمال من شأنها عرقلة الملاحة، أو إجراء حصار بحري ضد القناة. (أنظر ملحق أحكام إدارة قناة السويس).

لا يجوز للدول المتحاربة، في حالة الحرب، القيام بأعمال حربية أو عدوانية في القناة أو ضدها، أو إنزال ذخائر أو مهمات حربية أو جنود في القناة أو أحد موانيها، مع عدم استبقاء أي سفن حربية داخل مياه القناة (مؤتمر مونترو المتعلق بنظام المضائق التركية). فقد وضعت اتفاقية القسطنطينية عام 1888، النظام القانوني لقناة السويس، والذي يضمن حرية المرور وحق مصر في الدفاع عن نفسها وإقرار النظام فيها.

ومصر مسؤولة عن اتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ الاتفاقية، على ألا تعوق حرية استخدام القناة. فقد فرضت بريطانيا سيطرتها الكاملة على قناة السويس منذ الحرب العالمية الأولى، واستمر ذلك حتى توقيع اتفاقية الجلاء عن مصر عام 1945، حيث عاد بعدها الوضع القانوني لتلك الاتفاقية. وعلى الرغم من توقيع تلك الاتفاقية إلا أن مصر رفضت مرور أي بضائع أو سفن من وإلى إسرائيل وعبر قناة السويس إلا إذا كانت محملة على سفن غير إسرائيلية، حيث اعتبرت مصر أنها في حالة حرب قائمة بينها وبين إسرائيل. وقد تغير الوضع وفُعلت الاتفاقية بعد توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، وتحقق لإسرائيل حق المرور البحري في قناة السويس.

2. جامعة الدول العربية واتفاقية الدفاع العربي المشترك

أبرم بروتوكول الإسكندرية، في 7 أكتوبر 1944، معلناً قيام الجامعة العربية. وصدر ميثاقها، في 2 مارس 1945. وخلال عام 1947 بدأت اللجنة السياسية للجامعة العربية بحث مقاومة الاستيطان الاستعماري اليهودي في فلسطين.

أدت نتائج الجولة العربية الإسرائيلية الأولى، وصدور التصريح الثلاثي، في مايو 1950، الذي قبلت فيه الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا، فكرة التوازن العسكري بين إسرائيل والدول العربية مجتمعة، إلى عقد اتفاقية الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادية، في 17 يونيـه 1950، علـى أن تكـون نافـذة اعتبـاراً من 22 أغسطس 1952، وبحيث تخدم الدفاع عن الدول العربية، وتؤكد جدوى الدفاع الجماعي العربي، وتكفل تنظيم التعاون الاقتصادي والعسكري، بين الدول العربية أطراف المعاهدة.

عقدت خلال الفترة من 20 أكتوبر 1955 إلى 21 إبريل 1956، عدة اتفاقيات ثنائية بين المملكة العربية السعودية ومصر، وبين مصر وكلاً من سورية والأردن؛ ثم أبرمت اتفاقية ثلاثية بين مصر والمملكة العربية السعودية واليمن.

جاء أول اختبار جدي لمعاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي، عندما بدأ العدوان الثلاثي على مصر، حيث كانت قاعدة الحبانية العراقية إحدى القواعد الرئيسية للقاذفات البريطانية في توجيه ضرباتها ضد مصر؛ بينما استخدمت قاعدة عدن لإمداد سفن الأسطول البريطاني، الذي هاجم السويس في نوفمبر 1956.

تعاونت اليمن والسعودية ومصر في إغلاق مضيق باب المندب، في حرب أكتوبر 1973، ومنعت ملاحة سفن الدولة الصهيونية عبر مياه البحر الأحمر. وكان ذلك عاملاً حاسماً في توجيه مسار الحرب البحرية خلال جولة رمضان. وكانت صورة رائعة، في تجسيد اتفاقية الدفاع العربي المشترك.

تتوالى إخفاقات اتفاقية الدفاع العربي المشترك، مع عدم اقتناع قيادات عربية كثيرة بجدوى العمل العربي المشترك، وضعف قدرات القيادات التي تقتنع به. كما أن من الواضح أن ضغوطاً أجنبية تُبذل من أجل عرقلة أي محاولة للاقتراب العربي، عموماً، والعمل الدفاعي العربي، بصفة خاصة، ووجود الكثير من الانقسامات الداخلية والطائفية، والوجود الأجنبي على أراضى الدول العربية.

تفضّل الدول العربية الاستعانة بالقوات الأجنبية لحماية أمنها، بمقتضى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، والخاصة بحق الدفاع عن النفس، وعقد اتفاقيات أمنية مع دول أجنبية، مع عدم تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك، وانعكاسه الواضح على أمن البحر الأحمر والخليج العربي والأمن القومي العربي.

3. اتفاقية عام 1982 حق المرور العابر

حق المرور العابر للملاحة الدولية في المضايق بموجب المادة (37)، ويقصد بالمرور العابر وفقاً للمادة (38) من الاتفاقية، ممارسة حرية الملاحة والتحليق لغرض وحيد، وهو العبور المتواصل السريع في ذلك المضيق بين جزء من البحار العالية أو منطقة اقتصادية خالصة، وجزء آخر من البحار العالية أو منطقة اقتصادية خالصة أخرى. وتنطبق أحكام هذه المادة على مضيق باب المندب. أما مضيق ثيران، فقد كفلت معاهدة السلام المصرية ـ الإسرائيلية (26 مارس 1979) حق المرور الحر فيه.

تقتضى الاتفاقية في المادة (123)، ضرورة التعاون بين الدول الواقعة على سواحل البحار المغلقة وشبه المغلقة، بغية إدارة واستكشاف واستغلال وحماية الثروات الموجودة فيها؛ إذ تنص تلك المادة "على أن تلتزم الدول المطلة على بحار مغلقة أو شبه مغلقة بالتعاون فيما بينها على ممارسة ما لها من حقوق وما عليها من واجبات، وسعياً إلى هذه الغاية فإن عليها أن تقوم، إما مباشرة أو من طريق منظمة إقليمية مناسبة، بما يلي:

أ. تنسيق إدارة الموارد الحية للبحر وصونها واكتشافها.

ب. تنسيق أعمال حقوقها وواجباتها في ما يتعلق بصون البيئة البحرية.

ج. تنسيق سياساتها البحثية العلمية عن طريق برامج مشتركة للأبحاث العلمية في المنطقة.

د. دعوة غيرها من الدول أو المنظمات الدولية المهتمة بالأمر، حسب مقتضى الأحوال، إلى التعاون على العمل على تنفيذ هذه الواجبات."

4. الآثار المترتبة على تأميم قناة السويس في 26 يوليه 1956

عقب العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، أصدرت الحكومة المصرية تنظيماً جديداً للمركز القانوني للقناة بالإدارة المنفردة لمصر وحدها. وقد سجل في أمانة الأمم المتحدة (بوصفه وثيقة دولية).

تضمن بيان الحكومة المصرية، الصادر في 24 أبريل 1957، عشرة أسس لتنظيم المركز القانوني لقناة السويس، ولحسم ما قد ينشأ من خلافات ومنازعات حول تفسير أحكام اتفاقية القسطنطينية، ولتشغيل القناة وإدارتها، ومن أهم أسس التنظيم:

أ. سياسة الحكومة المصرية الثابتة وهدفها الأكيد هو احترام اتفاقية القسطنطينية المنعقدة عام 1888، وما ينشأ عنها من حقوق وواجبات.

ب. الحكومة المصرية على يقين بأن بقية الموقعين على الاتفاقية وجميع المعنيين بالأمر ستحدوهم الروح ذاتها.

ج. إعلان مصر تصميمها إيجاد ملاحة حرة مستمرة وعلى الاحتفاظ بها لجميع الأمم، في حدود اتفاقية القسطنطينية ووفقاً لأحكامها وعملاً بمبادئها.

د. الخلافات والمنازعات التي يحتمل أن تنشأ من جراء تطبيق مبادئ اتفاقية 1888، تسوى طبقاً لميثاق الأمم المتحدة (إذا كانت الخلافات بين دول من غير الموقعة على الاتفاقية).

هـ. الخلافات الناشئة بين أطراف الاتفاقية (أي بين الموقعين عليها)، تُحال إلى محكمة العدل الدولية، ما لم تحل بوسيلة أقل.

5. الاتفاقية بين الولايات المتحدة الأمريكية وجيبوتي

لعبت القيادة العسكرية الوسطى للقوات الأمريكية دوراً أساسياً في إنشاء قوة خاصة لها، من أجل تنفيذ مهام المراقبة الجوية والبحرية في البحر الأحمر وخليج عدن، في أكتوبر 2002، إضافة إلى السواحل الشمالية للمحيط الهندي. وتركزت القوات، التي تتألف من نحو 700 جندي أمريكي، في معسكر (لامونيه بجيبوتي)، ويعمل هؤلاء الجنود، وأغلبهم من البحارة والمارينز والقوات الخاصة، بالتعاون مع قوات بحرية أخرى من دول حلف شمال الأطلسي، مثل ألمانيا وايطاليا وفرنسا.

وفّرت هذه القوات، في يناير 2007، المساعدات الاستخباراتية واللوجيستية لإثيوبيا، في أثناء غزوها للصومال. كما أنها استخدمت التسهيلات العسكرية الموجودة في كل مكان من جيبوتي وإثيوبيا وكينيا، لشن ضربات ضد أفراد تنظيم القاعدة في المنطقة. وتخضع هذه القوات الخاصة المشتركة لإدارة القيادة المركزية الوسطى، إلى أن يتم عمل قيادة (إفريكوم).

استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية قاعدتها الوحيدة بإفريقيا في جيبوتي، التي اختيرت لموقعها الإستراتيجي في القرن الإفريقي على حدود الصومال، حيث قصفت الطائرات الأمريكية عام 2006 أهدافاً لتنظيم القاعدة.

تخطط وزارة الدفاع الأمريكية لإنشاء قيادة أمريكية لإفريقيا، وتعول أمريكا على سياسة التدخل العسكري، وتسعى لتقوية نفوذها في إفريقيا، والاستعداد للقيام بنشاطات عسكرية حين تتطلب ذلك مصالحها الخاصة. فالخبراء الإستراتيجيون يخططون منذ زمن لنشر النفوذ الأمريكي في إفريقيا، بعد أن تجاهلتها الولايات المتحدة الأمريكية عقوداً طويلة، وتركت بلجيكا وفرنسا وبريطانيا تنهب ثروات دولها وشعوبها، وتستعمرها وتؤيد القادة المستبدين فيها.

أثناء زيارة كولين باول إلى دول إفريقية، أثناء توليه وزارة الخارجية لتأكيد ذلك، كلف "بوش" وزير دفاعه "روبرت ميتشجر" إنشاء مقر قيادة عسكرية لإفريقيا (إفريكوم)، بحجة حرمان تنظيم القاعدة من استخدام دول إفريقيا لتوسيع نشاطاتها، مع سعى الولايات المتحدة الأمريكية لتوسيع النفوذ العسكري الأمريكي في إفريقيا.

عرضت جيبوتي، من طريق رئيس وزرائها، استعدادها لاستضافة القيادة الخاصة بإفريقيا، التي أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية إنشاءها، وقال إن جيبوتي سترحب بكل طلب من واشنطن لاستضافة مركز القيادة الأمريكية لإفريقيا على الأراضي الجيبوتية.

وسوف تنسق إفريكوم العمل فيما يخص السواحل الإفريقية، حيث تتولى بعض وحداتها التنسيق مع الأسطول السادس، الذي يقوم بمهمة تبادل المعلومات الاستخباراتية مع السلطات المحلية في الدول الإفريقية. والمهمة الرئيسية لبعض الوحدات مثل البارجة العسكرية يواس، هي تدريب متحرك يخدم القوات المحلية في الموانئ ومناطق الآبار النفطية.

تعتبر هذه القيادة، من وجهة النظر الإفريقية، جزءاً لا يتجزأ من المنظومة الأمنية للولايات المتحدة الأمريكية، بعد تحديات ما بعد 11 سبتمبر. وأكدت ذلك السيدة "تيريزا ويلان"، وهى من وزارة الدفاع الأمريكية، هذا المعنى في دراسة نشرتها عن الإفريكوم بمعهد الدراسات الأمنية بمدينة بريتوريا في جنوب إفريقيا، في أواخر عام 2007، مع العلم بتردد الولايات المتحدة الأمريكية في اختيار مقر هذه القيادة، فأبقت على مقرها مؤقتاً في مدينة شتوتجارت الألمانية.

ثالثاً: الاتفاقيات الأمنية المؤثرة على البحر الأحمر

1. الاتفاقية الأمنية بين فرنسا والإمارات العربية

بعد الوجود الأنجلو ساكسوني بمنطقة البحر الأحمر والخليج، بذلت فرنسا مؤخراً جهوداً نشطة لإقامة علاقات مع دول الخليج. وترتكز السياسة الإستراتيجية الفرنسية بالمنطقة على ثلاث ركائز، هي: الحوار السياسي، والشراكة الاقتصادية، والالتزام بتعهدات فرنسية في المجال الأمني. وترتبط فرنسا بدول الخليج العربي بعلاقات وطيدة، ترسخت في الفترة الأخيرة، وخاصة بعد المفاوضات الخاصة، بعقد اتفاقية للتجارة الحرة، بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي.

تقع القاعدة الفرنسية العسكرية في الإمارات العربية المتحدة مقابل مضيق هرمز، حيث يعبر 40% من النفط العالمي، ومن هنا كانت أهميتها الإستراتيجية. وقد وُقِّعت الاتفاقية بين الرئيس الفرنسي "ساركوزي"، في يناير 2008، أثناء زيارته إلى أبو ظبي، وسوف تُنشأ قاعدة عسكرية في ميناء زايد تشمل مطاراً جوياً في قاعدة الظفرة الجوية، ومجمعاً برياً في مدينة زايد العسكرية.

سيستقر في القاعدة 400 شخص (فهي تضم 252 شخصاً، من بينهم 123 شخصاً في مهمة لثلاث سنوات و129 شخصاً في مهمات تراوح بين شهرين وأربعة أشهر). أما قاعدة الدعم البحرية، التي يفترض أن تضم 74 عسكرياً، ستكون جاهزة لاستقبال السفن العابرة في المنطقة، حسب ما أعلن وزير الدفاع الفرنسي "أرفيه موزان"، في مارس، في رسالة إلى الجمعية الوطنية نشرتها وزارته على موقعها على الإنترنت. ويعمل في المجمع البرى 95 عسكرياً. وهذه القاعدة لن تكون عاملة بالكامل إلا في سبتمبر 2010، على الرغم من نشاطات التدريبات المشتركة مع القوات الإماراتية.

أُقر إنشاء القاعدة بموجب اتفاق وقع بين فرنسا والإمارات، عام 1995. وينص اتفاق عام 2008، على تمويل أبو ظبي للبنية التحتية للقاعدة، بينما تتولى فرنسا تكاليف التجهيز والتشغيل، مع تمتع فرنسا بحرية استخدام البنية التحتية كافة، في الوحدات الثلاث في القاعدة.

2. الوجود الأجنبي على السواحل الصومالية

الاتفاق على وجود قوات أجنبية أمام السواحل الصومالية لمقاومة القرصنة بالبحر الأحمر، والتي جاءت بصفة قانونية وفق قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1838، والذي حدد بالإجمـاع في الجلسـة الرقـم 5987، بتاريـخ 7 أكتوبر 2008، وكان هذا التصويت بالإجماع على الرغم من تضارب مصالح الدول في هذه المنطقة الحيوية.

أربك الوجود الأجنبي في هذه المنطقة العرب. وانعكس هذا الوجود على الأمن العربي والإقليمي، وفى هذا القرار إشارة إلى تضرر المجتمع الدولي من أعمال القرصنة البحرية والسطو المسلح في البحر ضد السفن قبالة سواحل الصومال، والخطر على إيصال المساعدات الإنسانية بسرعة وأمان وفاعلية إلى الصومال، وآثاره على الملاحة الدولية وعلى سلامة الطرق البحرية التجارية، وعلى أنشطة صيد السمك.

بنى مجلس الأمن قراره على أساس أن أعمال القرصنة تؤدي إلى تفاقم الوضع في الصومال، وهو خطر على الأمن والسلم الدوليين. وكان قراره:

أ. نتيجة لأعمال القرصنة والسطو المسلح على السفن قبالة سواحل الصومال، طُلب من الدول المهتمة بالأنشطة البحرية أن تشارك في مكافحة القرصنة قبالة سواحل الصومال، والقيام بنشر سفن حربية وطائرات عسكرية وفقاً للقانون الدولي، وكذلك طُلب من السفن الحربية والطائرات العسكرية للدول التي تعمل في أعالي البحار قبالة سواحل الصومال، أن تستخدم جميع الوسائل الممكنة بما يتماشى مع القانون الدولي، والتعاون مع الحكومة الاتحادية الانتقالية في الصومال، وفقاً لأحكام القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي الرقم 1814 لسنة 2008، والقرار الرقم 1816، في اتخاذ الإجراءات لحماية القوافل البحرية التابعة لبرنامج الأغذية العالمية.

ب. تركزت السفن الحربية المشاركة من فرنسا وألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية في جيبوتي، في إطار قوة مكافحة الإرهاب. وتقوم هذه السفن بعدة دوريات (CTF-150، وحدة مشتركة)، لتغطية البحر الأحمر من طريق قيامها بأعمال التنقيب والتعقب للسفن التي تدخل البحر الأحمر، إضافة إلى منطقة القرن الإفريقي وخليج عدن ومنطقة المحيط الهندي.

3. اتفاقية بين مجلس التعاون الخليجي والدول العربية للبحر الأحمر

ورد في إعلان الرياض الصادر عن الاجتماع المشترك لقادة القيادات البحرية وخبراء وزارة الخارجية في دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية المطلة على البحر الأحمر، الذي انعقد في قصر المؤتمرات بالرياض، ما يلي:

أ. دعت المملكة العربية السعودية قادة القوات البحرية وخبراء وزارات الخارجية في دول مجلس التعاون الخليجي، والدول العربية المطلة على البحر الأحمر: الإمارات العربية المتحدة، والمملكة الأردنية الهاشمية، ومملكة البحرين، وجمهورية جيبوتي، وجمهورية السودان، والمملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان، ودولة قطر، وجمهورية مصر العربية، ودولة الكويت، والجمهورية اليمنية، إلى عقد اجتماع مشترك في مدينة الرياض في 4 سبتمبر 2008.

ب. مناقشة كافة جوانب القرصنة قبالة سواحل الصومال، وأبعادها السياسية والاقتصادية والقانونية كظاهرة دولية تهدد أمن وسلامة الملاحة البحرية في تلك المنطقة الحيوية، وتمس بشكل مباشر المصالح الحيوية لدول المنطقة ودول العالم.

ج. التأكيد على اجتماع كبار المسؤولين في الدول العربية المطلة على البحر الأحمر، الذي عقد في القاهرة بتاريخ 20 سبتمبر 2008، وتأكيدهم أهمية تعزيز عمليات التشاور والتنسيق بين الدول العربية لمكافحة القرصنة البحرية، وكذلك القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي الأرقام 1817 و1838 و1849، والتي تدعو الدول وتجيز لها اتخاذ إجراءات عسكرية، والتعاون فيما بينها لمكافحة القرصنة قبالة سواحل الصومال.

د. كان الهدف من الاجتماع التعاون المتكامل لدراسة السبل والإمكانات لتأمين حرية وسلامة الملاحة البحرية في المنطقة العربية، والتعاون مع الدول الصديقة في مكافحة ظاهرة القرصنة، والتي أصبحت تشكل خطراً كبيراً على المصالح العربية وتهدد الملاحة الدولية، مع التأكيد على أن تكون هذه الإجراءات وفق قرارات الشرعية الدولية وتحت مظلة الأمم المتحدة.

هـ. أكدت جيبوتي جهودها في تأسيس مركز إقليمي لمكافحة القرصنة، ليكون ثالث مركز بعد تنزانيا وصنعاء، وقيامها بالدعم والتنسيق لتغذية قوات حرس السواحل الجيبوتية، في شهر فبراير 2009، من أجل الحد من ظاهرة القرصنة، حيث سجلت القرصنة 50 عملية خلال عامي 2006 – 2007، كما ارتفعت الحصيلة إلى 100 عملية عام 2008.

و. أكدت اليمن بحكم موقعها الإستراتيجي، من طريق رئيس مصلحة خفر السواحل، تقديم كافة التسهيلات للسفن العربية المشاركة في عمليات مكافحة القرصنة، وضرورة تبادل الخبرات والمعلومات، وإجراء التدريب المشترك. وأن القرصنة لا تؤثر على دولة بعينها فقط، وأن الدول مهما بلغت إمكانياتها لن تقدر وحدها على مواجهة هذه المشكلة، وضرورة اللجوء إلى التكتل.

ز. أكدوا ضرورة استبعاد البحر الأحمر من أي ترتيبات أمنية دولية خاصة بمكافحة القرصنة، لأن أمن البحر الأحمر تقع مسؤوليته على الدول العربية المطلة عليه.

ح. تشكيل قوة بحرية لمكافحة القرصنة، بناءً على القرارات الشرعية الدولية، وقرارات مجلس الأمن الصادرة بخصوص القرصنة من دول الخليج العربي والدول العربية المطلة على البحر الأحمر، وتكون تحت قيادة موحدة لمدة سنة، على أن يتم بعد ذلك تقييم الوضع.

4. مذكرة التفاهم الأمني بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل

في 16 سبتمبر 2009، وقعت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل مذكرة التفاهم الأمني بينهما، والتي تدعو إلى تحالف دولي لوقف تهريب الأسلحة إلى غزة. وتنص المذكرة على أن تعمل الولايات المتحدة الأمريكية مع الشركاء في المنطقة، وفى حلف شمال الأطلسي على مراقبة تهريب الأسلحة إلى غزة من خلال معابر الخليج العربي، وخليج عدن، والساحل الشرقي من البحر الأحمر في إفريقيا، والبحر المتوسط، وذلك بتحسين الترتيبات القائمة، أو إطلاق مبادرات جديدة لزيادة فعالية هذه الترتيبات. (انظر ملحق نص وثيقة مذكرة التفاهم الأمني بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل)

أكدت الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وجود تعاون بين المخابرات المركزية، والقيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا، والقيادة العسكرية الأمريكية في أوروبا، وقيادة العمليات الخاصة الأمريكية، بهدف تعزيز الجهود بين المخابرات والقوات البحرية الدولية، والقوات البحرية التابعة للتحالف للتعامل مع تهريب الأسلحة لغزة.

كرد فعل أولى على توقيع تل أبيب وواشنطن على هذا الاتفاق، قال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط "إن مصر ليس لديها التزام بالاتفاق الأمريكي ـ الإسرائيلي المتعلق بوقف تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة".

5. الاتفاقية الأمنية بين اليمن والولايات المتحدة الأمريكية

تدهورت الأوضاع الأمنية في اليمن حتى وصلت إلى مستوى دفع المسؤولين في الولايات المتحدة الأمريكية واليمن لبحث ومناقشة التعاون العسكري المشترك، في محاولة لمكافحة التهديد المتنامي للإرهاب في أفقر بلدان العالم العربي.

حذَّر تقرير صادر عن الكونجرس الأمريكي من تجاهل صناع القرار الأمريكيين خطورة عدم الاستقرار في اليمن على المصالح الأمريكية في المنطقة، بسبب موقع اليمن الإستراتيجي المشرف على مضيق باب المندب، وأن عدم الاستقرار في اليمن يمكن أن يؤثر على ما هو أكبر من المصالح الأمريكية؛ إذ يمكن أن يؤثر على أمن الطاقة العالمي، بسبب موقع اليمن المطل من جانبين على مضيق باب المندب، بين البحر الأحمر والمحيط الهندي.

تحسنت العلاقات العسكرية والأمنية اليمنية ـ الأمريكية في أواخر التسعينيات، وكان ذلك سبب زيارة المدمرة كول لمرفأ عدن حيث استهدفتها القاعدة. وتصاعد التعاون الأمني بعدها، وزاد التنسيق والتدريب على مكافحة الإرهاب، فوصل التعاون ذروته في 3 نوفمبر 2002، في العملية المشتركة لاغتيال أبو على الحارثي، قائد تنظيم القاعدة في اليمن.

صرح قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال ديفيد بيتريوس، في 27 يوليه 2009، الذي كان باليمن للقاء الرئيس اليمنى علي عبد الله صالح، أن الجانبين ناقشا وبحثا التعاون العسكري، بما في ذلك التدريبات المشتركة وإجراءات مكافحة الإرهاب؛ فضلاً عن تنفيذ وتفعيل الأمن التعاوني في اليمن والمنطقة ككل.

تشعر الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها بقلق متزايد بشأن الوضع الأمني في اليمن، حيث تواجه تهديدات ومخاطر من المتمردين القبليين في النصف الشمالي من البلاد، و حركة انفصالية في الجنوب، في حين ٲن المئات من مقاتلي تنظيم القاعدة يتدفقون إلى البلاد عبر الحدود، لإقامة ما يقول عنه المحللون الأمنيون أنه المقر الجديد للحركة.

أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عزمها زيادة حجم مساعداتها التنموية والأمنية المخصصة لليمن، لتصل إلى أكثر من 150 مليون دولار. وأكد قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال ديفيد بتريوس، أن الولايات المتحدة الأميركية لا تعتزم إرسال أية قوات برية إلى اليمن للتدخل المباشر لمواجهة تنظيم القاعدة.

6. الاتفاقية الأمنية بين إريتريا وإيران

عقدت اتفاقية تعاون رسمية بين إريتريا وإيران إثر محادثات أجراها الرئيس الإريتري مع الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، أثناء زيارة الرئيس الإريتري لطهران، في مايو 2008. ولم تقتصر هذه على الجانب العسكري فقط، بل شملت أيضا التعاون في مجالات الصناعة والزراعة والطاقة. وفى سبتمبر من العام نفسه، أبرم البلدان اتفاق تفاهم أسمرة، والذي فتح الطريق أمام إيران نحو إريتريا والقرن الإفريقي. (أنظر ملحق الاتفاقية الأمنية الإيرانية ـ الإريترية)

انطلق هذا الاتفاق من صفقة نفطية تقوم على منح إيران الحق الحصري في الإشراف على تطوير وصيانة وعمل شركة تكرير النفط الإريترية المعروفة باسم (مصفاة عصب)، على أن تقوم إيران بتكرير نفط هذه المصفاة وإعادة تصديره إلى إيران، التي تستورد أكثر من 40% من النفط المكرر، وهو ما يساعد إيران على اختراق أي حظر دولي على توريد مشتقات نفطية إليها، عندما تشتد العقوبات عليها. (أنظر شكل ميناء عصب الإريتري).