إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الوحدة اليمنية والحرب الأهلية (1994)






المناطق القابلة للانفجار العسكري
المرحلة الأولى
المرحلة الثالثة
المرحلة الثانية
انتشار بعض قوات الشطرين
اليمن الجنوبي
اليمن الشمالي
جغرافية مسرح العمليات اليمني



القسم الحادي عشر: تطورات الموقف السياسي خلال الفترة من 24 يونيه إلى 7 يوليه 1994

8. يوم 2 يوليه 1994

أ.  ومع استمرار القوات الشمالية، في محاولات اقتحام عدن، بعد أن أصبحت المدينة كلها في مرمى صواريخ الشماليين ومدفعيتهم. اتفق وزير التخطيط والتنمية اليمني، الدكتور عبدالكريم الإيرياني، و"رئيس وزراء جمهورية اليمن الديموقراطية" المهندس حيدر أبو بكر العطاس، على آلية تثبيت وقف النار. ووجه الأخضر الإبراهيمي، مذكرة رسمية إليهما، عن تفاصيل الاتفاق. كما أجرى الإبراهيمي اتصالات بسفراء الدول، التي وافق الطرفان على مشاركتها، في توفير المراقبين العسكريين، للإشراف على وقف النار، وهي: الأردن وسورية ومصر وعمان ودولة مغاربية (الجزائر أو المغرب).

وصرح الإيرياني بأنه قدم مبادرة جديدة إلى كل من الأمين العام ومبعوثه الخاص، تفيد "أننا قررنا سحب الأسلحة الثقيلة من منطقة بئر ناصر، حتى يتمكن المهندسون، وعددهم نحو 50، من دخولها لإصلاح محطة الضخ، وتوفير المياه" لعدن، وركز على أهمية السماح للمهندسين وللجنة الدولية للصليب الأحمر، بإصلاح المحطة.

وعُلم أن الإبراهيمي، على اتصال بالأمين العام لجامعة الدول العربية، الدكتور عصمت عبدالمجيد، في شأن تعيين الأمين العام المساعد للشؤون العسكرية، اللواء سعيد بيرقدار مشرفاً على المراقبين.

وبقي الإيرياني والعطاس في نيويورك، لمتابعة اللقاءات مع الإبراهيمي، وللبحث في الأمور الأخرى، غير تلك المعنية بالآلية، بما فيها مسألة تحديد مكان الحوار السياسي الأوسع، وموعده. وكان متوقعاً أن يجتمع الإيرياني والعطاس مع الإبراهيمي، اليوم للمرة الرابعة.

ب. وصرح العاملون في بعثة الصليب الأحمر الدولي، أن "كثافة النيران من قبل القوات المتحاربة الشمالية والجنوبية، في المنطقة، منعت بعثة الصليب الأحمر، من الاقتراب من خزان المياه. وأن "وضع عدن الصحي والبيئي يهدد بكارثة حقيقية، خصوصاً إذا استمر انقطاع المياه أياماً أخرى".

أدت قلة مياه الشرب إلى إغلاق مخابز عدن، مما أضاف إلى معاناة سكان عدن نقصاً في الخبز، يضاف إلى القصف، والعطش، والقيظ في حرارة تبلغ نحو 40 درجة مئوية، واصطف معظم سكان عدن البالغ عددهم 500 ألف نسمة عند الآبار، للحصول على مياه غير نظيفة.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة، الدكتور بطرس غالي، في نيويورك: "لم تعد هناك مياه في عدن. والناس يتصارعون على الماء أمام الآبار القليلة، التي لا تتوافر فيها سوى كميات صغيرة من الماء غير الصالح في أغلب الأحوال للاستهلاك الآدمي"، وأضاف: "لا يمكن ترك الناس في عدن، يموتون عطشاً".

ج. طرأ تحول على الموقف الأمريكي من الحرب اليمنية، وقالت مصادر أمريكية، ويمنية، رسمية، أن واشنطن عبرت عن موقفها الجديد، خلال الاجتماع، الذي عُقد بين مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، روبرت بيلليترو، ووزير التنمية اليمنية، عبدالكريم الإيرياني، حيث قدم بيلليترو احتجاجاً جديداً للحكومة اليمنية، بسببٍ ما تعتبره واشنطن، انتهاكات من القوات الشمالية لوقف إطلاق النار، خاصة في محيط مدينة عدن. وقال بيلليترو للإيرياني في تحذير واضح، إن واشنطن قد توقف مساعيها المستمرة، منذ الأيام الأولى للحرب، لإقناع السعودية وغيرها من دول مجلس التعاون الخليجي بعدم الاعتراف "بجمهورية اليمن الديموقراطية"، المعلنة في الجنوب، ومع أن المصادر الأمريكية المسؤولة أكدت أن موقف واشنطن الأساسي، لا يزال كما هو، أي معارضة خيار القوة لصيانة الوحدة، ومعارضة قرار الانفصال لأنه عقد الأمور أكثر، ومواصلة الدعوة للحوار الوطني الفوري، إلاّ أنها قالت: إذا قررت السعودية ودول الخليج، الاعتراف بكيان منفصل في الجنوب، فإن واشنطن لن تعارض.

9. يوم 3 يوليه 1994

أ.  بدأت الاستعدادات، لإرسال فريق من جامعة الدول العربية، إلى اليمن، تنفيذاً للاتفاق في شأن آلية الإشراف، على تثبيت وقف إطلاق النار. فقد أبلغ الأمين العام لجامعة الدول العربية، الدكتور عصمت عبدالمجيد، السيد الأخضر الإبراهيمي، أن الأمين المساعد للجامعة، اللواء سعيد بيرقدار، جاهز لمغادرة القاهرة إلى صنعاء، مع فريق تحضيري، للبدء في وضع آلية تثبيت وقف النار، التي اتفق عليها الطرفان الشمالي والجنوبي. وعُلِمَ أن بيرقدار سيصل إلى اليمن، فجر اليوم.

وأكد وزير الخارجية في "جمهورية اليمن الديموقراطية"، السيد عبدالله الأصنج، أن الاتفاق على الآلية "قائم، وينتظر فقط الصياغة القانونية، التي تعدها حالياً الدوائر القانونية في الأمم المتحدة، واستكمال اتصالات الإبراهيمي بسفراء الدول، التي ستشارك بمراقبين"، وهي أندونيسيا ومالي، إلى جانب الأردن، وعمان، وسورية، ومصر، ودولة مغاربية (المغرب أو الجزائر).

وقال الدكتور عبدالكريم الإيرياني، "لا مانع عندنا من مشاركة أي من الدول الخمس الدائمة العضوية، في مجلس الأمن"، في دعم آلية تثبيت وقف النار. وأشار إلى وجود ملحقين عسكريين في صنعاء، من الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وفرنسا، إنما ليس من بريطانيا.

وتحدث الإيرياني عن مكان عقد الحوار السياسي، الذي يفترض أن يتم مع تثبيت وقف النار، واقترح أن الأولوية، عقده في جدة، إلاّ أن الإبراهيمي يفضل أن يكون المكان جنيف.

وركز الإيرياني والأصنج، على أهمية الناحية الإنسانية في هذه المرحلة، خصوصاً في مجال توفير المياه للسكان في عدن. وقال الإيرياني إن مجموعة المهندسين والمعنيين في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، "وصلت إلى بئر ناصر واستطلعت المطلوب، وهي تبحث في تعز، وربما في عدن، عن الأنابيب اللازمة لإصلاح محطة ضخ المياه".

ب. وفي الوقت نفسه استمرت معاناة نحو نصف مليون شخص في عدن، من الحر الشديد من دون مياه، تروي ظمأهم، في الوقت الذي تعوق المعارك المستمرة، جهود إعادة إمداد المياه إلى المدينة، التي توقفت منذ ثلاثة أسابيع.

ج. وأصدر مجلس رئاسة جمهورية اليمن الديموقراطية، بياناً حمّل فيه سبعة عشر من المسؤولين في صنعاء، مسؤولية الحرب اليمنية، وعلى رأسهم الرئيس علي عبدالله صالح، ورئيس البرلمان الشيخ عبدالله الأحمر (انظر ملحق بيان مجلس الرئاسة الجنوبي، لمحاسبة 17 قيادياً شمالياً، الصادر في 2 يوليه 1994م.).

د. وحذّر مصدر روسي، خبير في شؤون المنطقة، من التسرع في إلقاء المسؤولية على طرف واحد، وأشار إلى أن تصعيد القتال، قد يعني تدويلاً سريعاً للنزاع، "وهذا ليس في مصلحة صنعاء"، رغم أن الأخيرة قد تكون من جانبها مهتمة، بإحراز نصر عسكري، قبل دخول أي مفاوضات". وشدد المصدر على أهمية وقف إمدادات الأسلحة، إلى الطرفين المتحاربين، مشيراً إلى خطورة مشاركة "مرتزقة"، وخاصة من الطيارين، في المعارك". ورداً على سؤال، عن صحة كلام وزير الخارجية اليمني باسندوه، عن وصول طائرات ميج ـ29 (MIG-29)، إلى الجنوب، قال المصدر إنه لا يستبعد تزويد المتحاربين بطائرات حديثة من رومانيا، أو أوكرانيا. وأكد أن مستودعات أوكرانيا مليئة بالطائرات، التي كان الاتحاد السوفيتي حشدها لمسرح العمليات الأوروبية، فيما يعجز الأوكرانيون، حالياً، عن صيانتها وإدامتها.

10. يوم 4 يوليه 1994

أ.  حدث تغير مفاجئ في تطورات الحرب، مما أثر على تطور الموقف السياسي، فقد أعلن عن سقوط مدينة المكلا عاصمة حضرموت، التي يوجد فيها علي سالم البيض، في الوقت الذي كانت روسيا، تدرس فيه إرسال ما بين 70 إلى 150 مراقباً إلى اليمن. وكان سقوط المكلا مفاجأة حقيقية، للسرعة التي تم بها، وهو ما يفسره مصدر دبلوماسي يمني في بيروت، بأنه عائد لتضعضع صفوف القوات الجنوبية، وافتقارها لبيئة شعبية حاضنة. كما أوضح أنه منذ الإعلان عن قيام جمهورية اليمن الديموقراطية، فقد الاشتراكيون مقاليد الأمور على الأرض في عدن، التي أمسكها معارضوهم السابقون قبل الوحدة.

ب. وفي نيويورك، أكد الدكتور عبدالكريم الإيرياني، "سقوط المكلا"، وتحدث عن اقتراح جديد يقضي بتحويل مدينة عدن، إلى "مدينة آمنة، لا يقصف منها ولا تقصف"، ملمحاً إلى أن سقوط المكلا، يضع مسألة المراقبين العسكريين، في خانة مختلفة عما تم البحث فيه حتى الآن. ألمح الإيرياني، إلى أن الحديث عن آلية تثبيت وقف النار، قد يصبح خالياً من المضمون، مع سقوط المكلا. وقال: "مع سقوط المكلا يسقط استخدام مطار الريان، وهو القاعدة الأساسية" للجنوبيين.

ج. هدد الوفد الجنوبي بمغادرة نيويورك، وقطع المحادثات مع الوفد اليمني الشمالي، في الوقت الذي نفى فيه وزير خارجية "جمهورية اليمن الديموقراطية"، السيد عبدالله الأصنج، أنباء سقوط المكلا. وعبّر عن "الاستياء من المماطلة"، في وضع آلية تثبيت وقف النار موضع التنفيذ. وقال "إن بيروقراطية الأمم المتحدة، تتعاطى مع الأمور الجارية، برتابة لا تتماشى مع خطورة الموقف". وأضاف، أن الوفد الجنوبي، الذي يقوده رئيس الوزراء، السيد حيدر أبو بكر العطاس، سيصدر بياناً في أعقاب لقاء العطاس والإيرياني، مع مبعوث الأمين العام، السيد الأخضر الإبراهيمي في موعد لاحق.

11. يوم 5 يوليه 1994

أ. زاد الوضع تدهوراً في اليمن، بعد أن نجحت القوات الشمالية، في إحراز تقدم في اتجاه عدن والمكلا، حيث تؤكد بعض المعلومات تسلل ست دبابات شمالية إلى منطقة دار سعد، المشرفة على عدن، فتحت نيرانها على فندق عدن، والمطار، وإحدى المستشفيات، مما أدى إلى ذعر شديد داخل المدينة.

وعلى جبهة المكلا، اعترف مسؤول جنوبي، بحدوث اختراق في اتجاه المدينة، ولكنه نفى نفياً قاطعاً سقوط المكلا، مؤكداً أن القتال لا يزال في منطقة بعيدة عنها، وعن مطار الريان.

ب. وأكدت صنعاء دخول قواتها مطار الريان القريب من المكلا، بينما أنتقل القتال إلى داخل عدن نفسها، خصوصاً إلى حي الشيخ عثمان.

ج. وتشير المعلومات، أن إعلان صنعاء عن سقوط عدن والمكلا، يهدف إلى قطع الطريق على أي خطوة سياسية حاسمة، من نوع اعتراف دول إعلان دمشق، التي يجتمع وزراء خارجيتها في الكويت، بجمهورية اليمن الديموقراطية، وذلك بعد أن تأكد أن مشروع الدولة الجديدة سقط، وأن التطورات العسكرية الأخيرة، أدت إلى نشوء وضع جديد، جعل الاعتراف بالدولة الجديدة، وكأنه قد تجاوزه الزمن.

د.  واستعدت دبلوماسية الجمهورية اليمنية، لإجراءات تتفق مع تطورات الوضع العسكري على الأرض، لا سيما في مجلس الأمن، متوقعة أن يقدّم الإبراهيمي، والأمين العام تقريراً إلى المجلس في غضون 24 ساعة. وعلم أن ديبلوماسية صنعاء، تسعى إلى صدور بيان رئاسي من مجلس الأمن، ينص على أن التطورات التي حدثت على الأرض، "غيرت مهمة المبعوث الخاص، وفكرة الآلية". وتسعى صنعاء إلى أن يدعو مجلس الأمن، في بيانه المقترح، إلى حوار وطني، والتسامح بين اليمنيين، والمحافظة على حقوق الإنسان، وتعزيز العملية الديموقراطية، ومبدأ حسن الجوار، بين دول المنطقة لتثبيت الاستقرار.

وقال الدكتور عبدالكريم الإيرياني، إنه "خلال الـ24 الساعة المقبلة، سيتضح ما إذا كان هناك مبرر لآلية" تثبيت وقف النار. وأضاف، أننا نعتبر "إذا سقطت جبهات القتال، وبصفة أساسية عدن، فلا حاجة إذن إلى الآلية العسكرية. وأكد أن مصير الآلية سيتضح في ضوء الموقف العسكري، أما مسألة الحوار بين اليمنيين، ليس في حاجة إلى الأمم المتحدة.

وقال "إن القتال ما زال مستمراً في مطار عدن، واحتلت قواتنا صالة الركاب، ومكان توقف الطائرات، وأن القوات الجنوبية "الانفصالية محصورة في كريتر، وأن صنعاء اتصلت بها، وطلبت من أفراد هذه القوات تسليم أنفسهم، لكنهم قالوا أنهم مستمرون في القتال".

ونفى الإيرياني تهمة استغلال صنعاء الأمم المتحدة، والمحادثات مع مبعوث الأمين العام السيد الأخضر الإبراهيمي، "بينما كان هدفنا تحقيق الحسم العسكري". وقال غاضباً "من أتى بالقضية إلى الأمم المتحدة". إن الذين استغلوا الأمم المتحدة، هم الذين أثاروا القضية في أروقتها.

هـ. وصرحت مصادر شمالية أخرى، أن "اتصالات على أعلى المستويات العسكرية، تتم بين صنعاء، والجانب الآخر، وتشمل وزير الدفاع، وأن هدفها التوصل إلى اتفاق عبر التفاوض بين العسكريين، ينص على إنهاء حال الصراع". ووصفت هذه المصادر الاتصالات بأنها تهدف إلى توفير مخرج من حال الحرب، "وإنهاء الانفصال، وإقامة الحوار في إطار وثيقة العهد والاتفاق". وبدا واضحاً أن جزءاً من إستراتيجية صنعاء، هو سحب ملف اليمن كلياً من الأمم المتحدة، من خلال أمرين أساسيين:

أولاً: أن يفرض منطق المعركة نفسه بشكل جديد، يجعل آلية تثبيت وقف النار بلا جدوى.

وثانياً: أن يُعاد الحوار السياسي إلى الأطراف اليمنية، دون مشاركة دولية.

و. نقلت مصادر يمنية عن الإبراهيمي شعوره بالإحباط، وقالت إنه بدا "متضايقاً". وكان وزير خارجية "جمهورية اليمن الديموقراطية" السيد عبدالله الأصنج، أتهم الإبراهيمي بـ "المماطلة" وتناول الموضوع "برتابة لا تتماشى مع خطورة الوضع".

وقالت هذه المصادر، إن الإبراهيمي ألغى اليوم لقاء كان مقرراً مع الإيرياني والعطاس، دون أن تتضح الأسباب. وكان الطرفان قدما تعليقاتهما على الوثائق القانونية، التي سلمها إليهما الإبراهيمي، بشأن آلية تثبيت وقف النار.

ز. وفي واشنطن جددت إدارة الرئيس بيل كلينتون اليوم، دعوتها أطراف النزاع في اليمن، إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 931. وقال مسؤول في وزارة الخارجية إن الإدارة مستمرة في إجراء مشاورات مع الجانبين، ومع دول المنطقة، للتوصل إلى حل للأزمة. وأضاف أن القرار الرقم 931، لا يزال يشكل الطريق الأفضل المطلوب اعتماده، لتحقيق وقف دائم للنار، وإجراء حوار سياسي حقيقي في اليمن.

وقال: "إن المسؤولين الأمريكيين أطلعوا على تقارير، أفادت أن القوات الشمالية باتت قريبة من عدن، لكن لا توجد تفاصيل عن الوضع هناك. وتلقينا أيضاً تقارير عن القتال حول مدينة المكلا، ولا نستطيع تقويم حقيقة الوضع هناك، لكننا نعمل مع الصليب الأحمر الدولي، على إعادة إمدادات المعيشة إلى عدن".

ح. وفي الكويت، أعرب الشيخ صباح الأحمد، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي، في كلمته، التي افتتح بها اجتماع وزراء خارجية دول إعلان دمشق، عن قلقه من أن يؤدي استمرار القتال في اليمن، إلى مضاعفات خطيرة، على مستوى الأمن والاستقرار للدول العربية في المنطقة، وأن استمرار القتال هو "انتهاك للشرعية الدولية". وقال: "إننا نعايش باهتمام وقلق بالغين، تطورات الأوضاع المأسوية في اليمن الشقيق، والناجمة عن استمرار القتال"، وأشار إلى "تقارير الصليب الأحمر، التي تؤكد مدى المعاناة الإنسانية، التي يتعرض لها سكان عدن، نتيجة الحصار، والتدمير، والقصف المتواصل، الذي تسبب في تدمير بنيتها التحتية، ومنشأتها الحيوية، وتعطيل مرافق الحياة فيها".

ورأى الشيخ صباح، أن "التطورات المتسارعة للموقف، أودت بكل الجهود الخيرة، ودخل الطرفان في نفق مظلم، لا يعلم مداه إلا الباري عز وجل". لكنه أكد أنه على الرغم من ذلك "تواصلت جهودنا لنشارك المجتمع الدولي بأسره، في المطالبة بالوقف الفوري للقتال"، مشيراً إلى قراري مجلس الأمن 924 و 931، اللذين عبّرا عن إرادة الشرعية الدولية.

12. يوم 6 يوليه 1994

أ.  ساهم تقرير رفعه مساعد وزير الخارجية المصري، السفير بدر همام، في إعطاء وزراء خارجية دول إعلان دمشق، صورة عما يدور في اليمن، على الصعيدين العسكري والسياسي. وكشفت مصادر المؤتمر، أن السفير همام، الذي ترأس الوفد المصري، بعد اضطرار وزير الخارجية، السيد عمرو موسى، لمغادرة الكويت صباح اليوم، أوضح في تقريره "أن الوضع العسكري في اليمن، لصالح القوات الحكومية الشمالية، وأن الجيش الجنوبي خسر المعركة منذ الأسابيع الأولى للحرب"، وعرض السفير همام في تقريره، لتفاصيل الوضع العسكري، كما اطلع عليه خلال وجوده في اليمن الأسبوع الماضي. وتحدث التقرير عن الوضع السياسي في شمال اليمن، والمخاوف التي أبداها له مسؤولون رفيعو المستوى في اليمن، "من حصول مشاكل سياسية مستقبلية في اليمن، بسبب توسيع النفوذ السياسي، والعسكري، للتجمع اليمني للإصلاح" الحليف الثاني في الائتلاف الثنائي الحاكم حالياً في اليمن. وأشار التقرير، إلى أن مسؤولين يمنيين أعربوا له، عن أنهم يودون لو يجدون حلاً سياسياً مع الحزب الاشتراكي، من أجل مواجهة أطماع جماعات التجمع اليمني للإصلاح، المتنفذة في السلطة الحالية في اليمن".

ونصح الوفد المصري المجتمعين، بعدم اتخاذ مواقف تقطع كل الجسور، مع الحكم في صنعاء، وخاصة إذا ما تمت مسألة الاعتراف بجنوب اليمن. ويبدو أن النصيحة المصرية، التي لاقت تأييداً شديداً من قطر، قد جعلت البيان الختامي لوزراء خارجية دول إعلان دمشق، لا يبدو وكأنه اعتراف ضمني باليمن الجنوبي، كما ورد في بيان أبها الخليجي الشهر الماضي. ولكن الوزراء، عدا الوزير القطري، اتفقوا على ممارسة مزيد من الضغوط السياسية على صنعاء، من أجل حضّها على وقف استمرار تقدم قواتها العسكرية في عدن، والمكلا، وذلك من أجل تجنب مجازر دموية، يمكن حدوثها إذا ما استمرت محاولات القوات الشمالية، لحسم سيطرتها على مدينتي عدن والمكلا. ومن أجل ذلك تعمد بيان الكويت، التأكيد على تأييده لاتفاق موسكو لوقف إطلاق النار، الذي وقعه طرفاً القتال يوم 30 (حزيران) يونيه الماضي.

ب. اتفق وزراء خارجية دول إعلان دمشق، على قرارات محددة، من أجل حض صنعاء على إيجاد حل سياسي للصراع هناك، ومساعدتها على فتح قنوات حوار مع الطرف الآخر، في جنوب اليمن، على أن تقوم مصر بدور مهم في هذا المجال.

وصرّح مسؤول في اجتماع الكويت، أن لجوء صنعاء إلى الخيار العسكري، لحل الصراع، لن ينهي المشكلة. وقال: "إن المطلوب هو حل سياسي لهذا الصراع، حتى ولو حسمت صنعاء الأمر عسكرياً".

وعلى الرغم من تلويح الشيخ صباح الأحمد، بموضوع الاعتراف بجنوب اليمن، "إذا ما استمر تصعيد الوضع عسكرياً"، فإن مصدراً كويتياً مسؤولاً ذكر للصحافيين، أن الأولوية يجب أن تعطى لوقف إطلاق النار. وأوضح المصدر بأنه لا يمكن المسارعة الآن بالاعتراف بجنوب اليمن، إذ إن "أمر الاعتراف مرهون باستعادة الشطر الجنوبي لوضعه القانوني". واستبعد المصدر تفرّد دولة من دول إعلان دمشق، باتخاذ موقف مغاير من موضوع الاعتراف.

13. يوم 7 يوليه 1994

سقوط عدن، وانتهاء الحرب الأهلية

أ.  صرح مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية، أن المعلومات التي تلقتها واشنطن، تفيد أن القوات الشمالية، باتت في ضواحي عدن، كما بثت شبكة التليفزيون في مدينة عدن، التي باتت تحت سيطرة القوات الشمالية، سقوط عدن بشكل كامل، في أيدي القوات التابعة للرئيس علي عبدالله صالح، بعد أكثر من شهرين على بدء المعارك.

وعرض التليفزيون صوراً تظهر دخول القوات الشمالية إلى وسط عدن، وأفاد أن هذه القوات، طهرت مجمل أحياء المدينة، من الجيوب المقاومة الجنوبية.

وأفاد مراسل وكالة "فرانس برس" في عدن، أن المعارك توقفت، وأن القوات الموالية للرئيس اليمني دخلت الأحياء الثلاثة وسط عدن، وهي كريتر، والتواهي، والمعلا، وأعيدت الاتصالات الهاتفية المباشرة بين صنعاء وعدن، والخارج، فور إعلان انتصار القوات الشمالية.

ب. أصدر مجلس الرئاسة اليمني بياناً، في صنعاء بعد سقوط عدن (انظر ملحق بيان مجلس الرئاسة في صنعاء بعد سقوط عدن يوم الخميس 7 يوليه 1994م.). وتحدث رئيس مجلس الرئاسة اليمني، علي عبدالله صالح، أمس، عن تطورات الأحداث فقال: إن مرحلة جديدة بدأت في اليمن هي "مرحلة البناء والتعمير" بعد أن "تخلص شعبنا من عناصر التمرد والانفصال" في الجنوب مشيراً إلى ضرورة اعتماد "التسامح".

وأضاف علي عبدالله صالح، أن "شعبنا، بعد أن تخلص من عناصر التمرد والانفصال، الذين أشاعوا في الوطن الفتن، والخراب، والدمار، ينتقل الآن من معركة الجهاد الأصغر إلى معركة الجهاد الأكبر، معركة البناء والتعمير، وإصلاح ما دمرته الحرب وما خلفته من آثار".

ج. وفي نيويورك، وجهت حكومة الجمهورية اليمنية، رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن(انظر ملحق رسالة الحكومة اليمنية إلى الأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 7 يوليه 1994م.)، وقعها القائم بأعمال رئيس الوزراء، الدكتور محمد سعيد العطار، تضمنت قرار الإعلان عن "عفو عام شامل وكامل"(انظر ملحق قرار جمهوري بالقانون رقم 1 لسنة 1994 بشأن إعلان العفو الشامل.)، ومواصلة الحوار الوطني، "والتزام ما جاء في وثيقة العهد والاتفاق، أساساً لبناء الدولة اليمنية الحديثة". وقام بتسليم الرسالة الدكتور عبد الكريم الإيرياني، الذي صرح بأن الأوضاع في عدن عادت طبيعية، وأن الأوامر صدرت بسحب الجيش من محافظة عدن نهائياً.

وأكدت الحكومة اليمنية في رسالتها، حرصها على التعاون الكامل، مع دول المنطقة. كذلك، "استعدادها لتطوير علاقات التعاون الوثيقة مع جيرانها، بما يخدم الأمن، والاستقرار، ورفاهية أبناء المنطقة، في الجزيرة العربية والخليج".

د. وصرح وزير التخطيط والتنمية في الجمهورية اليمنية، الدكتور عبدالكريم الإيرياني أنه "لم يتبق لدى القادة العسكريين أي مهام حربية " باستثناء الأمن، ونحن ملتزمون الوقف الفوري لإطلاق النار في جميع أنحاء البلاد، ووقف العمليات العسكرية فوراً. وأكد أن الجهود التي بذلت ليل الأربعاء 6 يوليه، للتفاوض على شروط الاستسلام والعبور الآمن لقادة الجنوب، لم تعد لها حاجة، بعدما "أبلغت الحكومة العمانية، الحكومة اليمنية، أن علي سالم البيض، وعدداً من القادة الآخرين، وصلوا إلى مسقط".

وكان رئيس الوزراء في "جمهورية اليمن الديموقراطية"، المهندس حيدر أبو بكر العطاس، أتصل بالأمين العام الدكتور بطرس غالي، ومبعوثه الخاص، السيد الأخضر الإبراهيمي، والسفير الأمريكي إدوارد غنيم، للحض على ضمان تعاون صنعاء، في توفير الخروج الآمن للقيادات الجنوبية.

وأفادت أنباء، أن العطاس وجه رسالة إلى الأمين العام، "تضمنت أربعة شروط للاستسلام هي:

(1) عدم استباحة الأعراض.

(2) خروج القيادات سليمة.

(3) عدم مطاردة من يختار البقاء.

(4) الحفاظ على ما تبقى من المدينة.

وأفادت معلومات، أن الولايات المتحدة الأمريكية، حضت الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه، على التفاوض على شروط الاستسلام مع صنعاء، وطرح الإبراهيمي أفكاراً، أبرزها توفير الطائرات والبواخر، لنقل من يريد المغادرة، تحت علم اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

هـ. أصدر السيد محسن أبو بكر بن فريد العولقي، نائب رئيس الوزراء، ووزير التخطيط في "جمهورية اليمن الديموقراطية" بياناً جاء فيه:

"غادر عدن عصر هذا اليوم الخميس 7 يوليه 1994، الأخ عبدالرحمن علي الجفري نائب رئيس مجلس الرئاسة في اليمن الديموقراطية"، وبرفقته الأخ سليمان ناصر مسعود، عضو مجلس الرئاسة، والأخ هيثم قاسم وزير الدفاع، والأخ محمد علي أحمد وزير الداخلية، والأخ الدكتور حازم شكري وزير التأمينات الاجتماعية، وعدد كبير من القيادات السياسية والعسكرية. وقد غادروا عدن ليس هرباً، ولكن بعد أن سطروا أسطورة في الصمود، والتحدي، في وجه عقلية الهيمنة، والسيطرة، والتخلف، التي يمثلها نظام صنعاء، وغادرت القيادة السياسية والعسكرية عدن، باعتماد على الله وعلى نفسها. ولم تنتظر لمظلة وآلية الأمم المتحدة العاجزة. كما غادرت عدن، بعد أن أثبت العالم العربي، والإسلامي، والدولي، عجزه عن تقديم يد العون، والإنقاذ، لأبناء مدينة عدن.

وصرح عبدالرحمن الجفري، بأنهم غادروا مدينة عدن، وكثير من الأبطال لا يزالون يتصدون للقوات الغازية، ومطار عدن لم يسقط بعد. وقد أصدر تعليماته لمن تبقى من الأبطال من أفراد القوات المسلحة، ومن المدنيين، بالكف عن القتال، وذلك من أجل الحفاظ على البقية الباقية من المدينة الصامدة، والعظيمة عدن. كما وجه الجفري تحية إجلال وإكبار إلى أبناء عدن العظيمة، كبارأ وصغاراً، نساء وأطفالاً، الذين حفروا، بصمودهم وبطولاتهم، أسم عدن في ذاكرة التاريخ، واختتم الجفري تصريحه، بعد عصر يوم 7 يوليه، بتأكيد أن القضية لم تنته، وأن النضال سيستمر من أجل حياة حرة كريمة، لشعبنا في الجنوب، بشكل خاص، وفي اليمن بشكل عام، ومن أجل هزيمة عقلية الهيمنة، والسيطرة، والتخلف".

و. وساد الهدوء عدن، وانتشرت القوات الشمالية في كل المواقع داخل المدينة، بعد تعزيزها بقوات إضافية، إلاّ أن المؤسسات الحكومية، والقنصليات، والبعثات الأجنبية، وعدد كبير من مكاتب شركات التنقيب عن النفط، تعرضت للنهب، كما تعرضت أيضاً منازل الكثير من المواطنين، بما فيها منازل جميع المسؤولين، للنهب أيضاً.

وأعلنت باريس أنها دعت السلطات اليمنية، بناء على طلب من المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، الأخضر الإبراهيمي، العمل على تجنيب المدنيين في اليمن أي إراقة دماء، وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية، كاترين كولون، أن بلادها دعت أيضاً القوات الشمالية، التي دخلت عدن، إلى "إبداء أكثر قدر من الانضباط".

وقال اقتصاديون، إن عودة الحياة إلى عدن، ستتطلب وقتاً طويلاً نتيجة ما تعرضت له المؤسسات من عمليات نهب واسعة. وأشاروا إلى أن حجم الخسائر الاقتصادية، التي تعرضت لها عدن بفعل الحرب تقدر بمئات ملايين الدولارات، مشيرين إلى الدمار، الذي تعرضت له مصفاة تكرير النفط، والمطار، وفندق عدن.

ز. وقال شهود عيان، أنهم شاهدوا وزير الدفاع الجنوبي، العميد هيثم قاسم طاهر، ومجموعة من حرسه، يتجهون صباح يوم 6 يوليه، إلى منطقة التواهي حيث الميناء. وأضاف آخرون أن الوزير استقل زورقاً حربياً للخروج من عدن. ولم يعرف شيء عن مصير صالح منصر السييلي، محافظ عدن، الذي يعتقد أنه بقي في عدن، حيث أكد الجفري أن صالح منصر السييلي قرر البقاء في عدن، لأنه يعتبر نفسه مسؤولاً عن مصلحة المدينة، وقال أن السييلي قام بوداع القادة الذين غادروا، وأكد لهم أنه سيقاوم الشماليين إذا شاء السكان المقاومة.

ح. وقام وزير الدفاع العميد عبد ربه منصور، بجولة في المدينة، أكد فيها "القضاء نهائياً على التمرد الانفصالي". وبينما غادر معظم الوزراء، والقادة العسكريون الجنوبيون، البلاد إلى الخارج، بقي بضعة وزراء، والعديد من كوادر الحزب الاشتراكي الجنوبي، في المدينة ومنهم محافظها صالح منصر السييلي.

ط. في الوقت ذاته تحرك رئيس الوزراء في "جمهورية اليمن الديموقراطية"، المهندس حيدر أبو بكر العطاس، ووزير الخارجية، السيد عبدالله الأصنج، وعقدا سلسلة لقاءات مع مجلس الأمن، ورئيسه، والمبعوث الخاص للأمين العام، السيد الأخضر الإبراهيمي، ورفض العطاس التحدث عن هدف اتصالاته، واكتفى بالقول "وهل انتهت القضية؟ إن القضية لم تنته". وأكد في أعقاب اجتماعه برئيس مجلس الأمن للشهر الجاري، مندوب باكستان، جمشيد ماركر، أنه ينوي الاتصال ببقية أعضاء مجلس الأمن.

وكان العطاس ألغى اجتماعاً مقرراً مع الإبراهيمي، ومع وزير التخطيط والتنمية في الجمهورية اليمنية الدكتور عبدالكريم الإيرياني، والسفير عبد الله الاشطل، بحضور الأصنج. وقالت مصادر شمالية أن العطاس ألغى الاجتماع قبيل انعقاده.

ي. وظهر التأثير المباشر للحرب على مواطني صنعاء، عندما أُعلن عن انتصار القوات الشمالية وتوقف العمليات، فإنهم لم يستقبلوا الإعلان بفرحة شعبية كما كان متوقعاً، وتوجه الناس إلى منازلهم في هدوء، في الموعد المحدد لحظر التجول، الذي كان ما زال سارياً.

ك. من جهة أخرى، أكد ضباط شماليون لوكالة "فرانس برس" أن القوات الشمالية، التي أتمت سيطرتها على عدن، اعتقلت آلافاً من الجنود الجنوبيين، أثناء تقدمها في المدينة. وأسر معظمهم ليل الأربعاء ـ الخميس 6 / 7 يوليه، في ضواحي المدينة، كما أسر آخرون صباح الخميس 7 يوليه مع دخول القوات الشمالية إلى وسط المدينة. وأضاف المصدر، أن الأسرى موجودون حالياً في ثكنات عسكرية، من بينها قاعدة العند حيث "سيتم استجوابهم قبل الإفراج عنهم".

ل. وفي القاهرة، شنت الصحف المصرية شبه الرسمية، يوم الجمعة 8 يوليه، حملة على الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، ووصفته "بهولاكو اليمن" نسبة إلى زعيم الحرب المغولي هولاكو خان، الذي تميز بوحشيته، عندما احتل بلاد الفرس، وبلاد ما بين النهرين، وسورية في القرن الثالث عشر، واعتبرت أن وحدة اليمن المفروضة بالقوة، لن تدوم طويلاً.

ونددت صحيفة "الأخبار" بشدة، إصرار القادة الشماليين، على اللجوء إلى القوة في مواجهة انفصال الجنوب. وقالت إنهم "رفضوا كل وساطة، أو نصيحة مخلصة، بل أنكروا على الجامعة العربية ذاتها، حق السعي بالمعروف بين الأخوة المتناحرين، وهم غير جديرين بالبقاء في مناصبهم، لا بل بين صفوف الأمة العربية جمعاء".

وقال رئيس تحرير صحيفة "الجمهورية"، إن الوحدة ستطبق بعد هزيمة اليمنيين الجنوبيين "تحت مظلة البطش، والخوف، والإرهاب". و"أن الفشل سيكون بانتظار هذه الوحدة، مهما طال الزمن، ولن يشهد اليمن استقراراً على مدى سنوات قادمة".

م. وفي بغداد، رحبت الصحف العراقية، الصادرة يوم 7 يوليه، بسقوط عدن، وحمّلت صحيفة "الثورة" الناطقة باسم الحزب الحاكم في العراق، عنواناً بارزاً في صفحتها الأولى عن "انتصار الشرعية في اليمن، وهزيمة الانفصاليين".

وقالت: "إن الأمانة العامة للقوى الشعبية في العراق، هنأت شعب اليمن، وقيادته، وأحزابه، وبرلمانه، ونقاباته، بانتصار الوحدة الشرعية الدستورية، على مؤامرة الانفصال".

ونقلت الصحيفة عن وكالة الأنباء العراقية في صنعاء، قولها إن قوات اليمن الشمالي تمكنت من إطلاق سراح خمسة مدرسين عراقيين، محتجزين في مدينة المكلا، في اليمن الجنوبي، منذ مطلع الأسبوع الماضي.

وقالت في تعليق لها، إنه على الرغم من كثافة ما وصفته "بغوغائية الدوائر المناوئة للوحدة اليمنية، فإن كفة الأرجحية السياسية، والدبلوماسية، هي بيد صنعاء".

ن. وفي تصريح لمسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية، حثت واشنطن الحكومة اليمنية على البدء بأسرع وقت ممكن، في عملية الوفاق والحوار بين الشمال والجنوب، وإشراك جميع الأطراف اليمنية فيها، وضمان عدم وقوع عمليات انتقام سياسي، ورداً على ملاحظة، بأن إشارته إلى حوار بين الشمال والجنوب، قد تفسر بأنها دعوة لحوار بين كيانين، رد قائلاً "كلا إننا نتحدث عن قوى سياسية في الجنوب، يجب إشراكها في الحوار".

س. أخطرت الحكومة العُمانية، صنعاء، بأن الأمين العام للحزب الاشتراكي، علي سالم البيض، وصل مع بعض أنصاره إلى مسقط، وطلبوا اللجوء السياسي، وأن مسقط وافقت على ذلك، شرط عدم ممارستهم أي نشاط سياسي، فوق الأراضي العمانية.

ع. وفي 24 يوليه 1994، أرسل وزير الخارجية اليمني رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بشأن السماح بعودة النازحين والفارين من أبناء اليمن، إلى أرض بعض الدول الشقيقة(انظر ملحق النص الكامل لرسالة وزير الخارجية اليمني إلى الأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 24 يوليه 1994، بشأن النازحين والفارين من أبناء اليمن إلى بعض الدول الشقيقة).

ف. في نيويورك، أعلن مجلس الأمن في رسالة نشرت يوم 20 يوليه 1994، أن أعضاء المجلس اتفقوا على أن وقف المعارك في جمهورية اليمن غير كاف في حد ذاته، للتوصل، إلى حل دائم للأزمة في اليمن، وأكد المجلس ضرورة البدء في إجراء حوار سياسي بين الأطراف، وأن المجلس ينتظر من صنعاء أن تفي بتعهداتها.

ص. ويرد أدناه بعض المؤشرات، الجديرة بالذكر، بعد توقف المعارك وحسم الحرب:

(1) زار وفد سوداني رفيع المستوى صنعاء بعد ظهر يوم 9 يوليه 1994، برئاسة محمد الأمين خليفه، رئيس المجلس الوطني السوداني، ونقل رسالة لعلي عبدالله صالح، من الرئيس عمر البشير، تتعلق بالوضع الراهن والعلاقات بين البلدين، كما أعلنت وكالة أنباء السودان في الخرطوم، أن السودان سيقدم منحاً مالية، ومهندسين لليمن للمساعدة في إعماره، بعد الحرب الأهلية، وسيقدم اتحاد رجال الأعمال والبنوك منحاً قدرها 50 مليون جنيه سوداني "156 ألف دولار" لكل منهما، وأن موظفي القطاعين العام والخاص سيتبرعون بمرتب يومين لليمن.

(2) أعلنت إيران يوم 10 يوليه 1994، أنها على استعداد لإرسال مساعدة إنسانية إلى اليمن، وطلب من الدول الإسلامية، ودول المنطقة المساهمة في إعادة إعمار اليمن. كما أشار نائب رئيس مجلس الشورى الإيراني، والأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي، بانتهاء الحرب الأهلية اليمنية وعودة الأمن.

وفي وقتٍ لاحق، أجرى الشيخ عبدالمجيد الزنداني عضو مجلس الرئاسة اليمني، ومنظر حزب التجمع اليمني للإصلاح، يوم الأربعاء 20 يوليه 1994، محادثات تتعلق بتعزيز العلاقات اليمنية الإيرانية، مع وكيل وزارة الخارجية الإيراني، حسين شيخ الإسلام، الذي كان في زيارة لصنعاء، وفي الوقت نفسه أعلنت طهران أن إيران، أرسلت مساعدة إنسانية إلى اليمن.

(3) وصل نائب الرئيس العراقي، السيد طه ياسين رمضان، إلى صنعاء يوم الأربعاء 27 يوليه 1994، حاملاً رسالة من الرئيس صدام حسين، إلى الرئيس علي عبدالله صالح، وبثت إذاعة صنعاء النبأ، دون أن تذكر تفاصيل بشأن الزيارة.

(4) وفي الأردن صرح عاهل الأردن، الملك حسين، لدى استقباله الدكتور عبدالكريم الإيرياني، يوم 11 يوليه 1994، أن الأردن حريصة على الوحدة اليمنية، وعلى تجاوز اليمنيين لآثار الحرب الأهلية، وانطلاق اليمن نحو البناء، والتقدم، وترسيخ قواعد مسيرة الديموقراطية.