إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / تطور أزمة الحدود العراقية ـ الكويتية، (في الفترة من 8 فبراير 1963 إلى الأول من أغسطس 1990)






مواني العراق البحرية
ميناء أم قصر



ثانياً: التطور السياسي لأزمة الحدود الكويتية ـ العراقية (1968 ـ 1979)

ثانياً: التطور السياسي لأزمة الحدود الكويتية ـ العراقية (1968 ـ 1979)

    في 17 يوليه 1968، وفور وصول حزب "البعث" العراقي إلى السلطة، وتولي أحمد حسن البكر رئاسة الجمهورية، اتجهت العلاقات بين العراق والكويت إلى التدهور، مرة أخرى، حين اتجه النظام البعثي في العراق، اتجاهاً متطرفاً، وبدأ يثير المتاعب ضد الكويت، ويتهمها بمنح اللجوء السياسي لبعض العراقيين المعارضين لحزب "البعث.

    وبعد أن أحكم حزب "البعث" قبضته على السلطة، كان التوجّه الغالب للنظام العراقي، إزاء الكويت، هو تسكين الوضع معها، والتعايش مع الأمر الواقع، ولكن من دون ترسيم الحدود بين البلدَين، مع العمل على إيجاد صيغة، ينفتح، بموجبها، العراق على الخليج، بضم جزيرتَي وربة وبوبيان إليه، أو، الحصول، على الأقل، على حق استخدام شريط أوسع على الساحل. وكان السبب المباشر في معاودة التفكير في موضوع الجزيرتَين، في هذا الوقت، بالتحديد، هو التوتر في العلاقات، بين العراق وإيران، بسبب الخلافات حول شط العرب، خاصة بعد أن ألغت إيران، من جانب واحد، عام 1969، اتفاقية 1937، المتعلقة بالحدود بين البلدَين.

    وفي أبريل 1969، وخلال زيارة وزيرَي الداخلية والدفاع، العراقيين، إلى الكويت، طلب العراق السماح لبعض قواته بالتمركز في بعض أراضٍ كويتية للدفاع عن ميناء أم قصر، ضد أي هجمات إيرانية محتملة. ولما رفضت الكويت هذا المطلب، مارس العراق عليها ضغوطاً كثيرة، أدت، في النهاية، إلى توصل الطرفَين إلى اتفاق، غير مكتوب، بأن توجد قوات عراقية داخل إقليم الكويت. واللافت أن القوات العراقية المعنية، بدأت تعبُر الحدود الكويتية، قبْل أن تبدأ المباحثات بين الجانبَين، في هذا الخصوص، على الرغم من أن الصراع بين العراق وإيران، لم يصل إلى حدّ الحرب العلنية. وسرعان ما زالت التهديدات الإيرانية، إلاّ أن القوات العراقية، استمرت داخل أراضي الكويت، وبقيت هذه المشكلة من دون حل، حتى أزمة "الصامتة". وفيما بعد، فسر الكويتيون صمتهم عن استمرار هذا الوضع، بحرصهم على التضامن العربي.

    وقد تركزت أهداف النظُم السياسية، المتعاقبة على حكم العراق، في المطالبة بأجزاء من الكويت، ولا سيما جزيرتَي وربة وبوبيان. وكثيراً ما علّق العراق قبوله بترسيم الحدود بين البلدَين، بشكل نهائي، على عدة شروط، أبرزها أن تتنازل له الكويت عن هاتَين الجزيرتَين، بصيغة أو بأخرى، في ضوء عاملين مهمين، هما:

1. استمرار المسلسل التاريخي من العداء، والصراع، بين العراق وإيران.

2. سعي العراق إلى تدعيم قدرته البحرية، كجزء من قدرته العسكرية الشاملة، وذلك منذ مطلع السبعينيات، حينما تطلع إلى مساعدة الاتحاد السوفيتي له في هذا المجال، خاصة بعد توقيع معاهدة الصداقة والتعاون بينهما، في 9 أبريل .

    ولم يكن في مقدور العراق تحقيق هذَين العاملَين، من دون توسيع منافذه على شاطئ الخليج العربي[1]، خاصة أنه ليس مطلق اليد في منطقة شط العرب، إذ تشاركه إيران السيادة عليها.

1. مقدمات الأزمة العراقية ـ الكويتية الثالثة (مارس 1973)

    على الرغم من انشغال النظام العراقي، في مرحلة ما بعد انقلاب حزب "البعث"، في  17 يوليه 1968، بعدد من المشكلات الداخلية، المتمثلة في الأزمة الاقتصادية، وتأميم النفط، والمشكلة الكردية، وعدم الاستقرار السياسي، إلاّ أن أزمته مع الكويت، عادت لتطل برأسها، مع نهاية عام 1972، حينما اعتذرت حكومة الكويت عن عدم تلبية طلب العراق قرضاً مالياً كبيراً.

    ونتيجة لذلك، لم يكتفِ العراق بعرقلة عملية ترسيم الحدود، المتَّفَق عليها، بل تجاوز ذلك إلى انتهاك تلك الحدود. لعل أهمها حادث "الصامتة"، الذي تكشف الوثائق، أن وراءه صدام حسين، نائب رئيس الجمهورية، الذي بدأت نياته تتضح بدءاً من ذلك الوقت.

    ففي أواخر عام 1971، صرّح صدام حسين، بأن الكويت، إذا كانت تريد إنهاء موضوع الحدود، فيجب عليها اتخاذ مبادرات وطنية، قومية. وقد شرح وزير الخارجية العراقي، مرتضى سعيد عبدالباقي، أثناء زيارته الكويت، في أوائل شهر مايو 1972، تلك المبادرات، فيما يلي:

أ. التنسيق السياسي بين الكويت والعراق.

ب. استخدام رأس المال الكويتي في العراق.

ج. السماح بانتقال اليد العاملة العراقية إلى الكويت.

د. جتعاون دفاعي مشترك.

هـ. إيجاد مناطق إستراتيجية للعراق في الكويت.

    وقد رفضت الكويت تلك المبادرات، فازدادت العلاقات بينهما توتراً. وظهر ذلك التوتر بوضوح، إثر تأميم العراق شركة النفط العراقية ـ الإنجليزية، في يونيه 1972، الذي ترتب عليه تدهور إنتاج النفط العراقي وتسويقه، وفي الوقت نفسه، اعتذرت الكويت عن تقديم قروض إلى العراق لمواجهة أزمته الاقتصادية.

    ولذلك، بدأ العراق، منذ نوفمبر 1972، يثير أزمة مع الكويت، عرفت بأزمة "الصامتة"، عندما بدأ يشق طريقاً، يمر جنوب مركز "الصامتة" الكويتي، بما يراوح بين 150 و200 متر. وقد توالت أحداث هذه الأزمة، بين العراق والكويت، منذ ذلك الوقت، كما يلي:

(1)  في 22 نوفمبر 1972، طلبت وزارة الخارجية الكويتية، من قنصل الكويت في البصرة، التوجه إلى بغداد، والاجتماع بسفير الكويت، ليشرح له ما أقدم عليه العراق،    مؤخراً، من شق الطريق، جنوب مركز "الصامتة".

(2)  وفي 25 نوفمبر 1972، قابل سفير الكويت، وقنصلها في البصرة، وزيرَ الخارجية العراقي، في بغداد. ونقلا إليه صورة عن أعمال القوات العراقية داخل الأراضي الكويتية. وطلبا منه بذل مساعيه، لوقف العمل في المنطقة، ريثما يتبلور موضوع الحدود، بين الكويت والعراق. وأكّد وزير الخارجية العراقي عدم رغبة حكومته في خلق أي متاعب مع جيرانها، خاصة الكويت. وقال إنه سيدرس الموضوع، وسيعرضه على مجلس قيادة الثورة وقيادة الحزب، وإنه لا يستطيع اتخاذ أي خطوة فورية لإيقاف هذا العمل، لأنه لا يعرف إن كان إجراء القوات العراقية في أراضٍ عراقية أو كويتية. فأوضح له السفير الكويتي، أن المصلحة تقتضي وقف العمل، إلى أن ينجلي الموقف، تجنباً لحدوث احتكاك بين الطرفَين، قد يؤدي إلى مشاكل، لا داعي لها.

(3)  أبلغ وزير الخارجية العراقي السفير الكويتي، بعد ذلك، أن العمل قد أُوقف.

(4)  استأنف العراق العمل في هذا الطريق من جديد، بعد أن توقف لأيام قليلة. فأرسلت    وزارة الخارجية الكويتية برقيتَين إلى سفارتها في بغداد، وقنصليتها في البصرة، تطلب    منهما مراجعة الجهات المختصة، لوقف الأعمال الجارية في المنطقة.

(5)  تعذّر على السفير الكويتي الاجتماع بوزير الخارجية العراقي، فقابل وكيل الوزارة، الذي أكد له استغرابه من استئناف العمل. وقال إن العراقيين، أرسلوا برقية، تؤكد وقف    العمل في هذا الطريق، إلى سفارتهم في الكويت. وفي نهاية المقابلة، وعد بنقل الموضوع إلى وزير الخارجية.

(6)  لاحظ سفير الكويت في بغداد، تهرّب المسؤولين العراقيين من إعطائه إجابة واضحة، حول هذا الموضوع.

(7)  انتقل السفير الكويتي إلى البصرة، في 28 ديسمبر 1972، واصطحب معه القنصل، ومنها ذهبا إلى مركز العبدلي، ثم توجَّها إلى أم قصر، مارين بمَواقع العمل في الطريق الجديد. وقد تكوّن لدى السفير الكويتي انطباع، بعد أن رأي، بالعين المجردة، ما تفعله القوات العراقية، أن العراق يحاول، بشقّه هذا الطريق، تطويق مركز "الصامتة"، الواقع على مرتفع إستراتيجي.

(8)  في 26 ديسمبر 1972، زار بغداد وفد من مجلس الأمة الكويتي، واجتمع في اليوم التالي، مع صدام حسين، نائب رئيس الجمهورية، لمدة ساعتين، بحث، خلالهما مسألة الحدود، وأكد المجتمعون ضرورة الانتهاء من هذه المشكلة، التي تؤرق البلدين. وقابل الوفد، كذلك، أحمد حسن البكر، رئيس الجمهورية، الذي أكد أن مجلس قيادة الثورة، ينوي إنهاء المشكلة نهائياً، وذلك لقطع دابرها ومنع تفاقمها.

(9)  في 26 فبراير 1973، زار العاصمة العراقية وفد كويتي، برئاسة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وزير الخارجية. وظل فيها حتى الثاني من مارس 1973. وعقد عدة اجتماعات مع المسؤولين العراقيين، كان أولها مع طه الجزراوي، عضو مجلس قيادة الثورة، وزير الصناعة، آنذاك، الذي قال: "إن جزيرتَي وربة وبوبيان، هما جزء من العراق، وإن لهما أهمية خاصة بالنسبة إليه، لكونه بلداً خليجياً". فرد عليه الشيخ صباح الأحمد، بأن "الكويت لن تتنازل عن شبر واحد من أراضيها، وأنه ليس في طوق أحد، أن يوافق، أو يقرر ذلك. وأن الكويت تدرك الأهمية الجغرافية للممرات المائية، شمال الخليج، بالنسبة إلى العراق. وأنها، لذلك، على استعداد للدخول في مفاوضات مع العراق، لكي تسهل له استخدام هذه الممرات. ولكن ذلك يجب أن يكون بعد الانتهاء من ترسيم الحدود".

(10)   وفي يوم الأربعاء، 28 فبراير 1973، التقى الوفد صدام حسين، نائب رئيس الجمهورية، آنذاك، الذي كرر ما قاله الجزراوي. فرد عليه وزير الخارجية الكويتي، بأن "التنازل عن أراضٍ كويتية، غير وارد إطلاقاً. وأن هذا غير مقدور عليه، من أي إنسان في الكويت".

    وقبل مغادرة الوفد الكويتي بغداد، في الثاني مارس 1973، عرض العراق مشروع اتفاقية للتعاون والصداقة بين البلدَين، نصت على أن توافق الكويت على منح العراق حق مد أنابيب، لتصدير النفط العراقي، من حقول البصرة إلى الكويت. وإقامة محطات لضخ النفط وتكريره، وبناء مستودعات لتخزين المياه والنفط، فضلاً عن إنشاء جسور وموانئ ومطارات وخطوط للسكك الحديدية، معفاة من الضرائب، داخل المقاطعات الكويتية. كما نص مشروع الاتفاقية، على أن يكون للعراق الحق في منح طرف ثالث ـ كان المقصود به الاتحاد السوفيتي، نظراً إلى المعاهدة الموقعة بين الطرفَين، في 9 أبريل 1972 ـ حق دراسة تلك المشروعات وتنفيذها.

    وكان من الطبيعي، أن يدرك الوفد الكويتي، أن العراق يهدف إلى الوصول إلى المياه العميقة لجزيرة بوبيان، التابعة للكويت، وأنه إذا استجابت الكويت للمقترحات العراقية، فإنه لن يمضي وقت طويل، حتى تصبح جزيرتا وربة وبوبيان عراقيتَين. كما ستتضاعف سواحل العراق المطلة على الخليج العربي، ثلاث مرات، على حساب الكويت، خاصة بعد أن أكدت البيانات العراقية حرص العراق على الجزيرتَين، حتى يصبح دولة خليجية، لها امتداد أطول على سواحل الخليج العربي، يستطيع بوساطتها مواجَهة التهديدات الإيرانية، كما تمكنه من تصدير نفطه، بسهولة، وتنشيط تجارته البحرية. وظل العراق يردد حاجته إلى منفذ بحري، في محاولة منه لكسب التعاطف العربي، علماً أنه يمتلك منفذاً بحرياً على الخليج، يمتد مسافة أربعين كيلومتراً، ويوجد به العديد من الموانئ. (أُنظر خريطة مواني العراق البحرية)

        وعلى الرغم من أن الوفد الكويتي، أكد أن الكويت لن تتنازل عن أي شبر من أراضيها، إلاّ أنه أبدى تفهّمه الأهمية الجغرافية للممرات المائية في شمال الخليج، وأظهر استعداد الكويت للوصول، في مباحثات مع العراق، إلى تسهيل استخدامه لتلك الممرات، على أن يكون ذلك بعد الانتهاء من ترسيم الحدود بين البلدَين[2]. غير أن العراق، عَدَّ موقف الوفد الكويتي، على الرغم من المرونة، التي أبداها أثناء المباحثات، رفضاً لمشروع اتفاقيته المقترحة مع الكويت. ولذلك، اتجه العراق إلى اتِّباع الضغط العسكري، لتحقيق أهدافه، التي فشل في تحقيقها دبلوماسياً. إذ تحركت قوة عسكرية عراقية، في 20 مارس 1973، وتوغلت مسافة ثلاثة كيلومترات، داخل الأراضي الكويتية.

2 . تفجر الأزمة الثالثة (20 مارس 1973)

    في الساعة الثالثة من صباح 20 مارس 1973، هاجمت قوة عراقية، كانت تتمركز داخل حدود الكويت، منذ عام 1969، مركزَين من مراكز الحدود، في الركن الشمالي الشرقي من الكويت، أحدهما في "الصامتة"، القريبة من العبدلي، والآخر في "الجودة". وقد تضاربت الأنباء حول الخسائر. فقد أعلن العراق، أن الهجوم أسفر عن مقتل جنديَّين عراقيَّين، وإصابة آخرين، بينما أعلنت الكويت، أن الهجوم أسفر عن فقْد عدد من رجال الشرطة الكويتيين ـ لم يحدد ـ وإصابة أربعة آخرين بجراح. وقد توغلت هذه القوات، بعد ذلك، داخل الأراضي الكويتية، لمسافة ثلاثة كيلومترات.

    وقد بثت إذاعة الكويت أول نبأ عن الهجوم العراقي، في الساعة السابعة والأربعين دقيقة، من صباح 20 مارس. بينما كان مجلس الأمة الكويتي مجتمعاً في جلسة طارئة، حضرها الشيخ جابر الأحمد الصباح، وليّ العهد، رئيس الوزراء. وتلاه اجتماع لمجلس الدفاع الكويتي، برئاسة الأمير صباح السالم الصباح، أمير الكويت. وقد أعلنت الكويت، عقب هذه الاجتماعات، حالة الطوارئ، وإغلاق الحدود مع العراق، فضلاً عن إغلاق مكتب وكالة الأنباء العراقية في الكويت. كما طالب مجلس الأمة الكويتي الحكومة العراقية، بأن تسحب قواتها من الأراضي الكويتية، فوراً. وأكد أن حدود العراق مع الكويت، هي الحدود المعترف بها دولياً، التي تتضمنها المواثيق والمعاهدات الموقعة بين البلدَين.

    أمّا في العراق، فقد أصدرت وزارة الداخلية العراقية بياناً حول الأحداث. أُذيع، للمرة الأولى، في الساعة الواحدة والنصف، بعد ظهر 20 مارس 1973، جاء فيه: "إن الاعتداء، وقع، أصلاً، من القوات الكويتية، عندما كانت القوات العراقية تمارس تدريباتها الاعتيادية، داخل الأراضي العراقية، ومن ضمنها المنطقة التي وقع فيها الحادث، مما اضطر القوات العراقية إلى الرد على هذا الاعتداء، الذي ذهب ضحيته اثنان من رجال قواتنا المسلحة، وجُرح آخرون". كما أعرب البيان العراقي عن الأسف لما اتخذته السلطات الكويتية من إجراءات لاحقة، قبل إجراء الاتصالات الضرورية مع السلطات العراقية، لمعالجة الموقف، بما ينسجم وواقع العلاقات الأخوية بين البلدَين.

    وقد ردّت وزارة الداخلية الكويتية على البيان، الذي أصدرته وزارة الداخلية العراقية. وفندت ما جاء فيه، مؤكدة أن ما تعرّض له مركز "الصامتة"، هو عدوان على مركز كويتي، مقام على هذا الموقع، منذ أكثر من عشر سنوات، وأن الاعتداء، الذي وقع في الساعة الثالثة صباحاً، وبصورة مفاجئة، بقوات متفوقة من الجيش العراقي، هو حصيلة تصميم وتخطيط مسبقَين، لأن المركز لا يعدو كونه مخفراً للشرطة، ورجاله مسلحون بأسلحة خفيفة. كما أن الاعتداء وقع في وقت، كانت الكويت تنتظر فيه من العراق إرسال وفد عراقي، للبحث في ترسيم الحدود بين البلدَين، وهي الحدود التي سبق لبغداد أن وقعت اتفاقية رسمية في شأنها، عام 1963.

    وقد أكّدت وزارة الداخلية الكويتية، في بيانها، "أن الكويت طلبت، مراراً، من السلطات العراقية، أن يتم ترسيم الحدود، منعاً لحدوث المشاكل بين البلدَين. كما طلبت منها منع التحركات والإجراءات المثيرة على الحدود. وكان آخرها مذكرة، قدمتها الكويت في 11 مارس 1973. وقد لوحظ تسويف العراق في بت الموضوع. وكان آخر تسويف هو عدم تحديد موعد لقدوم الوفد العراقي، رداً على زيارة الوفد الكويتي".

    وأشارت وزارة الداخلية إلى "أنه إذا كانت النية خالصة من قِبل حكومة العراق، للحفاظ على روح الأخوّة العربية، التي تربط بين الشعبَين الشقيقَين، فإن عليها المبادرة إلى تصحيح الوضع، الذي وصلت إليه العلاقات بين البلدَين، بسبب تلك الإجراءات العسكرية، وذلك بانسحابها، فوراً، من الأراضي الكويتية، والبدء، فوراً، بترسيم الحدود، على أساس الاتفاقية، التي تم التوصل إليها في 4 أكتوبر عام 1963".

    وأوضح البيان "أن الكويت، كانت، ولا تزال حريصة على أن تكون علاقاتها بجيرانها متميزة بروح المودّة والتعاون، وبعيدة عن الاستخفاف بالمبادئ الدولية لحُسن الجوار".

    وتقدمت الحكومة العراقية باقتراح، يقضي بسحب كلٍّ من العراق والكويت لقواته إلى مسافة عشرة كيلومترات، وراء الحدود المتنازع فيها. وقد رفضت الحكومة الكويتية هذا الاقتراح، وطلبت من الجامعة العربية انسحاب العراق، فوراً، إلى ما وراء خط الحدود، الذي كانت ترابط فيه قوات أمن الجامعة العربية، عام 1961.

    وقد أصرت الحكومة الكويتية على شرطَين لحل النزاع القائم.

أولهما: انسحاب القوات العراقية من مركز "الصامتة".

ثانيهما: التوصل إلى تسوية نهائية للمشكلات الحدودية بين البلدَين.

3. الموقف العربي من الأزمة

    إزاء تصاعد الأزمة، سارعت القُوَّتَان العظمَيان إلى التحرك نحو المنطقة. فاتجهت وحدات من الأسطول السادس الأمريكي إلى الكويت، في الوقت الذي تحركت فيه وحدات من الأسطول السوفيتي، من منطلق الصراع بين القوّتَين العظمَيَين، للسيطرة على المنطقة، وإحكام نفوذها فيها.

    وعلى الصعيد السياسي، أعلن كلٌّ من المملكة العربية السعودية، وإيران، وغيرهما من دول الخليج، تأييدها للكويت. بينما اتّجه كل من جمهورية مصر العربية، وسورية، ومنظمة التحرير الفلسطينية، إلى بذل وساطتها. كما طلبت الجامعة العربية من العراق ضرورة انسحاب قواته إلى الخط، الذي كانت ترابط فيه قوات أمن الجامعة العربية، خلال وقوع الأزمة العراقية ـ الكويتية، عام 1961. وناشدت الجامعة العربية كلاًّ من الكويت والعراق، الوصول إلى تسوية لترسيم الحدود بينهما.

    أ. موقف المملكة العربية السعودية

    أعلنت المملكة العربية السعودية، فور عِلمها بنبأ الاقتحام العراقي لمركز "الصامتة" الكويتية، أنها ضد هذا العمل. وأيدت الكويت في موقفها، دفاعاً عن أراضيها. بل سارعت إلى إرسال بضعة آلاف من قواتها إلى حفر الباطن، على الحدود بينها وبين الكويت.

    ب. موقف جمهورية مصر العربية

    فور وقوع الاعتداء العراقي، بعث الشيخ صباح السالم الصباح، أمير الكويت، رسالة عاجلة، إلى الرئيس محمد أنور السادات، سلّمها السفير حمد الرجيب، سفير الكويت لدى القاهرة، إلى الدكتور محمد عبدالقادر حاتم، نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية بالنيابة. وبناءً على ذلك، أصدر الرئيس محمد أنور السادات تعليماته إلى الدكتور محمد حسن الزيات، وزير الخارجية، الموجود، في ذلك الوقت، في إيران، بالتوجه إلى العراق، ومنها إلى الكويت، فور انتهاء زيارته إلى كلٍّ من إيران، وبنجلاديش[3]، على أن يضع نفسه في تصرف طرفَي النزاع، حتى تُحل الأزمة بينهما.

    وفي الوقت نفسه، أصدرت جمهورية مصر العربية، بياناً رسمياً، ناشدت فيه كلاًّ من الشقيقَين، العراق والكويت، الحرص على احترام حرمة أراضي كلٍّ منهما واستقلاله، وأن يسعيا إلى حل الخلافات بينهما بروح من الأخوّة والصداقة وحُسن الجوار، حفاظاً على وحدة الصف العربي. كما أوفد الرئيس محمد أنور السادات مراد غالب، كمندوب عنه، للوساطة بين البلدَين.(أُنظر وثيقة البيان الرسمي الصادر عن جمهورية مصر العربية في 20 مارس 1973 في شأن الاشتباكات على الحدود العراقيةـ الكويتية)

ج. جهود الجامعة العربية في حل الأزمة

    نشطت الجامعة العربية، من خلال أمينها العام، محمود رياض، في جهود الوساطة بين البلدين الشقيقَين. فقدمت مقترحاً، من نقاط عدة، لحل النزاع، تتلخص فيما يلي:

(1) يرسل العراق وفداً إلى الكويت، لاستكمال بحث ترسيم الحدود، بصورة نهائية، بين البلدَين، كما كان مقرراً قبْل حادث الحدود الأخير. وقد رحبت الكويت بذلك.

(2) أن يبدأ الجانبان مناقشة مسائل الحدود المعلقة بينهما، في جو خالٍ من التوتر، وذلك بعد انسحاب القوات العراقية من مركز "الصامتة".

    ونتيجة للوساطة العربية، أعربت الحكومة العراقية عن استعدادها للمساعدة على حل أزمة الحدود. وتمثل الرد العراقي على مقترحات الجامعة العربية، في عدد من النقاط، أهمها:

(1) موافقة العراق على عقد اجتماع كويتي ـ عراقي، فوري، لحل مشكلة الحدود.

(2) الإبقاء على الوضع العسكري على الحدود، أي بقاء القوات العراقية في مَواقعها، داخل الأراضي الكويتية، إلى ما بعد الانتهاء من الاجتماع.

(3) استعداد العراق لسحب قواته إلى ما وراء خط "الصامتة"، كما طلبت الكويت، بشرط عدم تقدم القوات الكويتية لاستعادة مَواقعها السابقة، بما في ذلك مركز "الصامتة".

(4) إلغاء الإجراءات، التي اتخذتها الكويت، عقب الحادث، والمتمثلة في إغلاق الحدود في وجْه الرعايا العراقيين، ورفع الحظر عن العراقيين المحتجزين في الكويت، وإعادة فتح مكتب وكالة الأنباء العراقية، والمكتب التجاري العراقي، في الكويت.

(5) بدء تخطيط الحدود وترسيمها، وفقاً لما يُتَّفق عليه.

    وفي 6 أبريل 1973، ونتيجة للمقترحات العراقية، بدأت، في الكويت، المباحثات بين وزيرَي خارجية البلدَين، لتسوية أزمة الحدود. وقد أكد وزير الخارجية العراقي إعادة ترسيم الحدود بين البلدين من جديد. بينما طالب وزير خارجية الكويت بضرورة أن تستند المباحثات إلى الاتفاقات السابقة، الموقعة بينهما، في هذا الخصوص. ولم تحقق هذه المباحثات تقدماً يذكر، وكل ما اتُّفق عليه، هو عقد لقاءات أخرى بين الجانبَين لتسوية هذه المشكلات.

    وأسفرت الجهود العربية عن انسحاب القوات العراقية من مركز "الصامتة"، في منتصف أبريل 1973ا[4]. بعد حصول العراق على قرض كبير من الكويت. وقد حلت محلها قوات كويتية، في نهاية الشهر نفسه. غير أن مباحثات ترسيم الحدود بين الطرفَين، لم تسفر عن تقدم ملموس، بسبب إصرار العراق على ضرورة أن تتنازل الكويت له عن جزيرتَي وربة وبوبيان، وهو ما رفضته الكويت تماماً.

    وعلى الرغم من انسحاب القوات العراقية من "الصامتة"، إلاّ أن عبدالعزيز حسين، وزير الدولة الكويتي لشؤون مجلس الوزراء، صرح، في 18 أبريل 1973، بأن هناك قوات عراقية، ما زالت باقية في منطقة "الجودة"، داخل الأراضي الكويتية. وأن هذه القوات، كانت موجودة منذ فترة. كما أكد أن جزيرتَي وربة وبوبيان، تابعتان للكويت، ولن يجري التفاوض في شأنهما. وهو ما يعني رفض الكويت لمطلب العراق، أن يكون له وجود عسكري في الجزيرتَين.

    وخلال الفترة من 19 إلى 23 أبريل 1973، استؤنفت المباحثات حول ترسيم الحدود. ففي 19 أبريل، زار الكويت وفد عراقي، برئاسة وزير خارجية العراق، الذي ألح على مطالبة العراق بالجزيرتَين، إضافة إلى المناطق الساحلية الكويتية، المواجِهة لهما. واستمر العراق في إصراره على مطالبه هذه، خلال تلك المباحثات. ولم يوافق عليها الجانب الكويتي. وتأجلت المباحثات إلى اليوم التالي، في بغداد.

    وفي 20 أبريل 1973، استكملت المباحثات، فبادر الوفد الكويتي، برئاسة الشيخ جابر الأحمد الصباح، وليّ عهد الكويت، رئيس مجلس الوزراء، إلى إجراء مباحثات مع بعض المسؤولين العراقيين، في شأن المطالب العراقية. إلاّ أنها لم تسفر عن نتائج إيجابية، كذلك، نتيجة إصرار العراق على رفض القبول بالأمر الواقع على الحدود، ما لم تتنازل له الكويت عن جزيرتَي وربة وبوبيان، أو تأجرهما، لمدة 99 عاماً، أو تسمح بوجود عسكري عراقي دائم فيهما. وبالطبع، كانت الحكومة الكويتية ترفض هذه البدائل.

    واستمرت تلك المباحثات حتى 23 أبريل، من دون التوصل إلى حل، على الرغم من تقديم العراق بعض التنازلات من مطالبه، حين عرض على الوفد الكويتي اقتراحاً بتقسيم جزيرة بوبيان إلى قسمين: القسم الشرقي للعراق، والقسم الغربي للكويت، على أن تمنح الكويت العراق شريطاً من الأراضي، يبدأ من جنوب العبدلي بكيلومترين، ويمتد حتى يصل إلى الساحل. وكان من الطبيعي، أن ترفض الكويت رفضاً قاطعاً هذا المطلب العراقي، كذلك. ولم تجِد الكويت وسيلة، لتهدئة العراق، والمحافظة على أراضيها وجزرها، أفضل من تقديم قروض مالية كبيرة إليه.

4 . المباحثات العراقية ـ الكويتية، ما بعد أزمة مارس 1973

    استمرت المباحثات بين الجانبَين، في السنوات التالية لأزمة مارس 1973، من دون التوصل إلى حل. ولكن في 8 مايو 1975، أي بعد توقيع اتفاق الجزائر، في 6 مارس 1975، بين العراق وإيران.(أُنظر وثيقة بيان الجزائر في شأن معاهدة الحدود الدولية، وحسن الجوار بين العراق وإيران في 6 مارس 1975) و( وثيقة معاهدة الحدود الدولية، وحسن الجوار بين العراق وإيران والبروتوكولات الثلاثة الملحقة بها الموقعة في بغداد في 13 يونيه 1975) و(وثيقة البروتوكولات الملحقة لمعاهدة الحدود الدولية، وحسن الجوار بين العراق وإيران 1. بروتوكول في شأن الأمن على الحدود بين العراق وإيران، الموقع في بغداد، في 13 يونيه 1975) و(وثيقة البروتوكولات الملحقة بمعاهدة الحدود الدولية وحسن الجوار، بين العراق وإيران 2. بروتوكول إعادة تخطيط الحدود البرية، بين العراق وإيران الموقع في بغداد، في 13 يونيه 1975) و(وثيقة البروتوكولات الملحقة بمعاهدة الحدود الدولية وحسن الجوار، بين العراق وإيران 3. بروتوكول تحديد الحدود النهرية، بين العراق وإيران الموقع في بغداد، في 13 يونيه 1975) و(وثيقة التصحيح المضاف إلى معاهدة الحدود الدولية، وحسن الجوار بين العراق وإيران في 26 ديسمبر 1975)  الذي قدم العراق، بموجبه، تنازلات إقليمية لإيران في شط العرب، طلبت بغداد من الكويت، هذه المرة، أن تأجرها نصف جزيرة بوبيان، لمدة 99 عاماً، وأن تتنازل لها عن سيادتها على جزيرة وربة، مقابل اعتراف العراق بالحدود البرية بين البلدَين. وقد رفضت الكويت العرض العراقي[5].

    ونتيجة لهذا الرفض، بدأ مسلسل اختراق القوات العراقية للحدود الكويتية، مرة أخرى، في محاولة للتمركز داخل الأراضي الكويتية، للضغط على الكويت. ففي 12 سبتمبر 1976، تجاوز بعض المفارز من القوات العراقية الحدود الكويتية، وحاولت التمركز داخل الأراضي الكويتية، مما دعا الحكومة الكويتية، في 13 سبتمبر 1976، إلى إرسال مذكرة احتجاج إلى السلطات العراقية.

    وفي عام 1977، استمرت الاتصالات والمباحثات بين الجانبَين، في شأن الحدود، وغيرها من القضايا. ففي مايو 1977، شُكلت لجنة وزارية مشتركة، لوضع تسوية نهائية لمشكلة الحدود. وقد ذكر بعض المصادر، أن الجانبَين، قد توصلا، في يوليه 1977، إلى اتفاق شامل، في شأن المناطق المتنازع فيها، إلاّ أنه لم يكشف النقاب عن التفاصيل الكاملة لهذا الاتفاق. وقد أشار بعض المصادر إلى أن الاتفاق، يتضمن سحب الجانبَين قواتهما إلى مسافة كيلومتر واحد، من خط الحدود، التي حددتها الجامعة العربية، عام 1961. وفي 20 يوليه 1977، بدأت القوات، العراقية والكويتية، تنسحب من المنطقة المتنازع فيها.

    وفي مايو 1978، عرض عزة إبراهيم، عضو مجلس قيادة الثورة العراقي، وزير الداخلية، خلال زيارة رسمية إلى الكويت، مرة أخرى، تأجير نصف جزيرة بوبيان، مقابل ترسيم الحدود. وفشل، كذلك.

    ومما سبق، يتبين أن أزمة مارس 1973، بين العراق والكويت، وما تلاها من أحداث، لم تكن نزاعاً إقليمياً، وإنما كان سببها مطالبة العراق بأجزاء معينة من أراضٍ كويتية، مدفوعاً بمصالحه البحرية في الخليج. وكانت هذه الأزمة تختلف عن الأزمة، التي أثارها عبدالكريم قاسم، عام 1961، الذي كان يطالب بضم الكويت كلها، لا بجزء منها.



[1] عبَّر الرئيس العراقي صدام حسين عن هذا المعنى بقوله: `إن المسألة ليست أراضي، فلديّ مشكلة أهم من ذلك، وهي أن الأسطول البحري العراقي مبعثر في كل مكان، من أيام الحرب مع إيران. فهناك قطع منه في ميناء العقبة في الأردن، وقطع في موانئ مصر، وقطع في موانئ إيطاليا، حيث اشتريناها، ولم نأمرها بالتوجه إلى العراق، لأن العراق لا يملك ميناءً عميقاً على الخليج العربي، يسمح لغاطسها بالملاحة. وإن الحاجة ماسة إلى وجوده في مياه الخليج، وإن هذا الأمر، ليس مهماً للعراق فحسب، ولكنه مهم لكل العرب. فهناك أساطيل غربية من كل نوع في الخليج، ليس من بينها أسطول عربي واحد`

[2] تحقق ذلك للعراق بالفعل عند الترسيم النهائي للحدود الكويتية ـ العراقية، في أعقاب الغزو العراقي للكويت في الثاني من أغسطس 1990، حيث قررت اللجنة الدولية التابعة للأمم المتحدة ترك خور الزبير بأكمله للعراق، لتأكيد منفذه إلى الخليج العربي، بعد أن كان خط الحدود، طبقاً للاتفاقيات بين الكويت والعراق، ينتهي عند التقاء خور الزبير بخور عبدالله.

[3] كان الدكتور محمد حسن الزيات، وزير الخارجية المصري، في زيارة إلى طهران. وكان من المقرر أن يتوجه منها إلى دكا، عاصمة بنجلاديش. وقد صدرت إليه الأوامر، وهو في طهران، بأن يتوجه إلى العراق، فور انتهاء زيارته، وينتقل بعدها إلى الكويت، عشية 30 مارس 1973.

[4] استطاعت الكويت أن تخرج من هذه الأزمة، كذلك، بإمكاناتها المالية، فضلاً عن علاقاتها الحسنة بكل من الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفيتي، وتأثيرها في بعض دول المواجَهة العربية، بعجزها عن مساندتها ضد إسرائيل، في حالة استمرار الانتهاكات العراقية لحدودها. ومن جهة أخرى، فقد امتثل العراق للضغط السوفيتي، الذي أقنع النظام العراقي بضرورة حل الأزمة سلمياً، ويؤكد ذلك زيارة صدام حسين، نائب الرئيس العراقي إلى موسكو، بعد يوم واحد من حادث الصامتة، وعند عودته، غيّر العراق موقفه، إذ اضطر إلى سحب قواته. وظهر التراجع العراقي واضحاً في ما جاء في جريدة `الثورة` العراقية، أن الكويت ضخمت من ذلك الحادث الحدودي العادي، وأعطته حجماً أكبر من حجمه الحقيقي.

[5] أن العراق طلب، هذه المرة، أن تدفع الكويت فاتورة اتفاق الجزائر، وذلك بأن تؤجر للعراق نصف جزيرة بوبيان، لمدة 99 عاماً، وأن تتنازل لها عن جزيرة وربة، ولكن الكويت رفضت المطلب العراقي