إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / لجنة الأمم المتحدة، وترسيم الحدود العراقية ـ الكويتية






مواقع الحدود جنوب صفوان
حدود خور الزبير



الفصل الثالث والثلاثون

المبحث الثالث

مجلس الأمن وموافقته على تقرير لجنة تخطيط الحدود

أولاً: التقرير النهائي للجنة تخطيط الحدود بين الكويت والعراق

    أشارت اللجنة، في تقريرها، إلى أن أهم ما حرصت عليه، هو التطبيق التقني لخط الحدود بين العراق والكويت، كما كان محدداً، أصلاً، في اتفاقية 1963. وأكدت، استناداً إلى الحدود الكويتية ـ العراقية، الموضحة في الخريطة البريطانية، التي اعتمدتها اللجنة، أن آبار النفط، في الحقول الواقعة بين صفوان والباطن، التي كان العراق يستغلها ـ تقع في أراض كويتية. بينما يقع مجمع ميناء أم قصر، بما فيه من مخازن ومنشآت، ورافعات ومراسٍ، وكذلك قرية أم قصر، والمستشفى البحري، ومصانع التكرير ـ داخل الأراضي العراقية. كما اتخذت اللجنة قراراتها، في شأن ترسيم الحدود، على طول خط المياه الأدنى، في خور الزبير، في الأراضي العراقية، ثم يمتد على طول خط الوسط، في خور شتيانة وخور عبدالله؛ إذ وجدت اللجنة، أن المنفذ البحري، لكلتا الدولتَين، مهم لتأكيد الإنصاف بينهما، وترسيخ عوامل الأمن والاستقرار، على طول الحدود.

    وقد أشارت اللجنة، في تقريرها النهائي، الذي قدمته إلى الأمم المتحدة، إلى أنها اتخذت قراراتها، في شأن الحدود البرية، بمشاركة جميع أعضائها. ولم يحضر ممثل العراق الدورات، المنعقدة في الفترة من 15 يوليه 1991 إلى 20 مايو 1992، وهي الدورات التي أقرت فيها الحدود البحرية. ومع ذلك، فقد كانت اللجنة حريصة على أن تقدِّم إلى ممثل العراق نسخاً، من جميع المحاضر، المصدَّق عليها من قِبلها.

    ولعل أبرز ما أنجزته لجنة تخطيط الحدود، بين الكويت والعراق، كان قراراتها، في شأن تخطيط الحدود، البرية والبحرية.

1. تخطيط الحدود البرية

    اعتمدت اللجنة، في تخطيطها الحدود البرية، على مجموعة من الأُسس والوثائق منها:

أ. الحدود الغربية

    في تخطيط الجزء الغربي من الحدود، الممتد من تقاطع وادي العوجة ووادي الباطن، شمالاً، على طول الباطن، حتى نقطة تقع جنوب خط عرض صفوان مباشرة، اعتمدت اللجنة على الآتي:

(1)  ما ورد في صيغة تعيين الحدود، في الرسائل المتبادلة، عام 1932، ونصه: "من تقاطع وادي العوجة مع الباطن، ثم في اتجاه الشمال، على طول الباطن".

(2)  الاقتراح المقدَّم من السفير البريطاني لدى بغداد، في أكتوبر 1940، إلى وزير الخارجية العراقي، لتخطيط الحدود على النحو الذي قبِلته الكويت. وأوضح الصيغة، المشار إليها في البند السابق على النحو التالي: "على طول الباطن، تتبع الحدود محور الوادي، أي خط أكثر المنخفضات غوراً".

(3)  تخطيط الحدود، على طول وادي الباطن، بخط النقاط الدنيا (محور الوادي)، وتميز الحدود بسلسلة من الخطوط المستقيمة، تقدَّر بنحو كيلومترين، طولاً، ليكون ابتعاد المدى المساحي، بعد محور الوادي، عن الحدود، على الجانب الكويتي، موازناً، بالدرجة نفسها، لابتعاده على الجانب العراقي. ولتحقيق ذلك، عمدت اللجنة إلى وضع خرائط أورثوفوتوغرافية للباطن، وأُعدَّت نماذج تضاريسية، أتاحت إجراء محاكاة حاسوبية لخطوط النقاط الدنيا، على طول وادي الباطن.

ب. الحدود الشمالية

    في تخطيط الحدود الشمالية، الممتد من وادي الباطن، إلى النقطة الواقعة جنوب صفوان، اعتمدت اللجنة على الآتي:

(1)  ما ورد في الرسائل المتبادلة، عام 1932، التي وصفت الحدود، بين الطرف الشمالي للباطن وصفوان، بأنها تمتد من نقطة في الباطن إلى: "نقطة، تقع جنوب خط عرض صفوان، ثم في اتجاه الشرق، لتمرّ جنوب آبار صفوان وجبل سنام".

(2)  النقطة الواقعة جنوب صفوان، التي ظلت مميزة بلافتة، طوال 16 عاماً تقريباً. وقد صُوِّرت، بدقة، على الخرائط المعَدَّة للجنة.

(3)  اللافتة المنصوبة، في الفترة من 1923 إلى 1939، التي كانت علامة للحدود بين العراق والكويت، عند نقطة واقعة على الطريق القديم، جنوب صفوان مباشرة، واعترف بها البلدان حدوداً دولية بينهما.

(4)  استخدام معدات النظام العالمي، لتحديد المَواقع والإحداثيات، المحددة عام 1942، بناء على الرصد الفلكي، في تحديد المَوقع العام لمركز الجمارك، على الطبيعة. وأتاحت الصور، ولا سيما تلك الفوتوغرافية الجوية منها، المُلتَقَطَة بين عام 1945 حتى الآن، تحديد الطرف الجنوبي الغربي لمركز الجمارك القديم، بدقة جيدة، فضلاً عن مسار الطريق، جنوب صفوان، الذي حدد بجانبه موقع اللافتة. وخط العرض، المحدد
بـ
3181"06'30o 13، الممتد في اتجاه الغرب، من المركز المُعاد تحديده للافتة القديمة، يعيِّن خط الحدود هذا. أما في الطرف الشمالي للباطن، فإن خط أكبر المنخفضات غوراً، يقلّ، في درجة وضوحه، عنه في المناطق الأبعد، جنوباً. ولتحديد مركزه على الأرض، استخدمت اللجنة مجموعة من الخرائط الأورثوفوتوغرافية، وقياسات الارتفاعات، وأنماط الغطاء النباتي في قعر الباطن. وقررت اللجنة، أن تقاطْع هذا الخط مع خط العرض 3181"06'30o 13 يحدد نهاية الحدود في الباطن، وبداية الحدود الشمالية.

ج. الحدود من صفوان إلى تقاطع الخورين

    اعتمدت اللجنة، في تخطيطها، على ما يلي:

(1)  ما ورد في صيغة تعيين الحدود، في الرسائل المتبادلة، عام 1932. إذ إن هذا القطاع الحدودي، ورَد، في شأنه، نصاً، ما يلي: "جنوب آبار صفوان، وأم قصر، تاركة هذه المَواقع للعراق؛ وذلك حتى التقاء خور الزبير وخور عبدالله".

(2)  تحديد محور المجريَين، من قِبل اللجنة، باستخدام أكثر الخرائط موثوقية من الخرائط المقاربة لعام 1932، مكن من تحديد مَوقع التقاء الخورَين.

(3)  الاسترشاد بإيضاحات عامَي 1940 و1951، لصيغة تعيين الحدود، في رسم خط مستقيم على الخرائط الأورثوفوتوغرافية الجديدة، من النقطة الواقعة جنوب صفوان، والمارّة جنوب أم قصر، إلى ملتقى الخورَين؛ إذ وجدت اللجنة، أن ذلك الخط، سينحرف في الساحل الشمالي لخور الزبير، فيغلق مصب الخور.

(4)  استخدام خريطة عام 1936، كأساس للأوصاف البيانية للحدود، في كثير من المداولات، التي دارت حول الموضوع، طوال العقود اللاحقة. ونتيجة لذلك، تحددت، على الخرائط الأرثوفوتوغرافية للجنة، النقطة التي يظهر عندها الخط المارّ بين ملتقى الخورَين وصفوان، عابراً الخط الساحلي لخور الزبير، عند النقطة الواقعة على بعد حوالي 800م، إلى الجنوب من النقطة الناجمة عن مد الخط المستقيم، من النقطة الواقعة جنوب صفوان إلى الملتقى.

(5)  توقيع ست نقاط، يمكن تحديدها على الخريطة الأورثوفوتوغرافية، بمقياس الرسم 1 : 25000، من الرسومات البيانية، العائدة إلى أعوام: 1907 و1922 و1939 و1948 و1971 و1991. وكان أفضل الرسومات البيانية، المقارِبة لحقبة عام 1932، هو الرسم البياني، الصادر عن مديرية ميناء البصرة، عام 1939. وباستثناء النقطة، المأخوذة من الرسم البياني لعام 1922، والرسم البياني للأدميرالية البريطانية، عام 1991، فإن سائر النقاط، تقع ضمن دائرة صغيرة، نسبياً.

    واعتماداً على ما سبق، إضافة إلى مناقشات اللجنة ومداولاتها، في خمس دورات، عقدتها في الفترة بين 23 مايو 1991 و16 أبريل 1992، وبناء على ما توصل إليه أعضاؤها من نتائج، وفقاً للمسوحات الميدانية، توصلت اللجنة، في شأن الحدود العراقية ـ الكويتية، إلى القرارات التالية:

(1)  أن يكون الأثر الحدودي، الواقع على الحدود بين العراق والمملكة العربية السعودية، العمود الرقم (1)، هو نقطة ابتداء الحدود، بطول ثالوج الباطن. ومن ثَم، فإنه يمثل النقطة الثلاثية، بين العراق والكويت والمملكة العربية السعودية.

(2)  أن يكون مَوقع الحدود، جنوب صفوان، على مسافة 1430 م من الطرف الجنوبي الغربي لجدار مجمع مركز الجمارك القديم، على طول الطريق القديم، المؤدي من صفوان إلى الكويت.

(3)  أن تكون الحدود، عند الطرف الشمالي من وادي الباطن، هي نقطة ثالوج الوادي، وخط عرض النقطة، الواقعة جنوب صفوان.

(4)  أن تلتقي الحدود، جنوب أم قصر، في المَوقع، الذي يتقاطع عنده الخط الحدودي، المبيَّن على الخريطة 1 ـ 5549، من سلسلة K7311, EDITION2 (1990)، المُعَدَّة من قِبل المساحة العسكرية في المملكة المتحدة، مع الشاطئ الغربي لخور الزبير.

(5)  إن ملتقى خور الزبير وخور عبدالله، هو أفضل مَوقع، أمكن تحديده، في فترة 1932، وحُوِّل إلى خرائط حديثة، باستخدام التصوير الفوتوغرافي العمودي، من قِبل اللجنة.

    وقررت اللجنة كذلك ما يلي:

(1)  أن يكون الخط الحدودي، في وادي الباطن، ممثَّلاً في أجزاء خطوط مستقيمة، طول كلٍّ منها حوالي كيلومترين، على الأكثر، تقترب إلى أدني خط نقطة في الوادي.

(2)  أن يكون الخط الحدودي، من النقطة، الموجودة في أقصى الطرف الشمالي من وادي الباطن، إلى النقطة الواقعة جنوب صفوان، هو الخط الممتد بطول خط العرض المشترَك للنقطتَين.

(3)  أن يكون الخط الحدودي، من النقطة الواقعة جنوب صفوان، إلى النقطة الواقعة جنوب أم قصر، هو أقصر خط بين النقطتَين.

(4)  أن يكون خط الحدود، من النقطة الواقعة جنوب أم قصر، على الساحل، ثابتاً. وأن يتبع خط ينابيع المياه المنخفضة، حتى النقطة المقابلة مباشرة، والأقرب إلى ملتقى خور الزبير وخور عبدالله.

    وقررت اللجنة، أن تخطيط تقاطع الحدود مع الخط الساحلي، عند أم قصر، ينبغي أن يكون متماشياً مع مَوقع الخورَين، على النحو المبيَّن في خريطة عام 1936 بالنظر إلى أنه كان يُعَدّ مَوقع الحدود، على النحو المتوخَّى، والمقصود، منذ ذلك الحين. وهو المَوقع المبيَّن، كذلك، في الخريطة البريطانية ذات المقياس 1 : 50000 التي أحالها مجلس الأمن، في الوثيقة الرقم (S/22412). وقد عيّنت اللجنة هذا المَوقع، بوصفه الحدود عند أم قصر، تاركة مجمع ميناء أم قصر، وقرية أم قصر، داخل الأراضي العراقية.

    وعقب تحديد المَواقع الأولية للأعمدة، التي تعين الحدود البرية، أبرمت اللجنة عقداً مع شركة (إيمكو)  (EAMCO)  (Eastern Asphalt and Mixed crete Company) ، في البحرين، لصنع علامات الحدود. فبادرت الشركة، بموجبه، إلى وضع الأعمدة، بمساعدة بعثة الأمم المتحدة، للمراقبة في العراق والكويت، خلال الدورة الميدانية الثالثة، بين سبتمبر ونوفمبر 1992. وكان ذلك تحت إدارة وإشراف فريق المسح، التابع للجنة.

    وخُططت إحداثيات الحدود البرية، مادياً، بـ 106 نُصُب (عمود)، يبعد بعضها عن بعض كيلومترَين تقريباً، إلى جانب 28 علامة، من العلامات المتوسطة. والنصب الأول، هو العمود الذي يحدد ملتقى النقاط الثلاث، للعراق والكويت والمملكة العربية السعودية. ويتكون كل موقع من مَواقع نُصُب الحدود، من عمود حدود، مصنوع من خرسانة حبيبات السيليكا ـ الميكا، المسلحة بالصلب، مطليّ باللونين الأصفر والأسود، بارتفاع 3 أمتار، وتراوح مساحته بين 45 سم2، عند القمة، و90 سم2، عند القاعدة. والأعمدة غائرة في الأرض، بعمق واحد ونصف المتر تقريباً. ووضع عليها طوق خرساني، بمساحة كيلومترين مربعَين، باستواء. وفي كل موقع، يوجد شاهد، على الجانب العراقي، وآخر، على الجانب الكويتي، مدفونان في الأرض، لتسهيل إعادة نصب العمود، عند الضرورة. وتبيِّن أعمدة مؤشرة، صغيرة، على الجانبَين، الاتجاه المفضي إلى مَوقع العمود التالي.

    وقبل وضع الأعمدة وبعده، جرى فحص مواضعها، والتحقق منها، في كل موقع. وأثناء هذه العملية، تبيَّن أن الرؤية ما بين الأعمدة، ليست ممكنة في كل مكان، بسبب تضاريس الأرض، أو بسبب وجود هياكل على مدى البصر. وفي الأماكن، التي تعترض فيها تضاريس الأرض الرؤية، وضعت أعمدة متوسطة، خلال الدورة الميدانية النهائية، في أبريل 1993.

    وبذلك، تكون اللجنة قد أكملت تخطيط الحدود البرية، بعد تحليل مفصل للأدلة، التي كانت جمعتها في فترة تزيد على عام واحد. وقد منح كلٌّ من الكويت والعراق، فرصة كاملة لإمداد اللجنة بكل المواد والإثباتات، ذات العلاقة.

    وفي الدورة السادسة للجنة، المنعقدة في نيويورك، في الفترة من 15 إلى 24 يوليه 1992، على ترتيبات التعيين المادي للحدود، وقدمت تقريراً مفصلاً، إلى الأمين العام للأمم المتحدة وإلى رئيس مجلس الأمن. وفي جلسة مجلس الأمن، الرقم 3108، المنعقدة في 26 أغسطس 1992، أصدر قراره، الرقم 773، مرحباً بتقرير اللجنة، المتعلق بالحدود البرية. وحثها على تخطيط الجزء الشرقي من الحدود، الذي يشمل الحدود البحرية، في أقرب وقت ممكن، لتكمل بذلك مهمتها (اُنظر وثيقة بيان لرئيس مجلس الأمن في 17 يونيه 1992 في شأن لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت). و(وثيقة قرار مجلس الأمن الرقم 773 الصادر في 26 أغسطس 1992 في شأن عمل لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت).

2. تخطيط الحدود البحرية

    أجرت اللجنة، بمساعدة خبرائها المستقلين، ومؤسسات متخصصة أخرى، مجموعة أعمال تقنية، ودراسات وبحوث، تمهيداً لتخطيط الحدود البحرية، بناء على تكليف مجلس الأمن. وأسهمت نتائج هذه الأعمال والدراسات، في توفير الأُسس، التي استندت إليها في تخطيط الحدود البحرية، أبرزها:

أ. فيما يتعلق بجزء خور عبدالله، أشارت اللجنة إلى الحدود البحرية، أو المنطقة المغمورة، من طرفه الشرقي إلى ملتقاه وخور الزبير. وارتأت اللجنة، أن البيان الختامي لصياغة تعيين الحدود، الوارد في الرسائل المتبادلة، عام 1932، وكذلك محضر اتفاق عام 1963، الذي نص على أن "جُزُر وربة وبوبيان ومسكان وفيلكا وعوهة وكبر وقاروه وأم المرادم، تتبع الكويت"، قد أكدا أن الحدود القائمة في هذا القطاع، تقع في خور عبدالله.

ب. الصياغة اللغوية، المستخدمة في تعيين الحدود ودلالتها، في الوثائق المختلفة.

ج. الأدلة التاريخية، المتعلقة بهذا الجزء من الحدود.

د. المقترحات السابقة لتخطيطه.

هـ. الجوانب القانونية، المتصلة بالترسيم.

و. ما تشير إليه الأدلة التاريخية، من وجود اتفاق عام، بين الكويت والعراق، على الحدود، في خور عبدالله.

ز. التقرير الرسمي، والرسم البياني المستقل، الذي أصدره كوشيرون ـ آموت، الهيدروغرافي النرويجي، عام 1959، والذي صادقت عليه، رسمياً، وزارة النفط العراقية. وحدد التقرير خطاً وسطاً، بوصفه الحدود في خور عبدالله. وقد أحيلت هذه الخريطة الرسمية إلى السفارة الدانمركية، في بغداد، بوساطة وزير الخارجية العراقي، في 22 أغسطس 1960، ثم نشرت في مرافعات محكمة العدل الدولية (المرافعات الرقم 168، المجلد الأول، قضايا الجرف القاري، في بحر الشمال، الشكل د).

ح. استعانت اللجنة على انتقاء نقاط الأساس والتحقيق، من خط المياه المنخفضة، بالرسومات البيانية، الواردة في طبعة 1991، للرسم البياني الرقم 1235، العائد للأدميرالية البريطانية، الذي جرى تعريفه بأنه رسم بياني، يمكن استخدامه لتحديد خط الوسط؛ إذ وضع، بعد مقارنة الصور الفوتوغرافية الجوية، ذات الألوان المموَّهة بالأشعة تحت الحمراء، التي التُقطت لينابيع المياه المنخفضة، بالرسم البياني للأدميرالية البريطانية. فأظهرت وجود درجة جيدة من التطابق، علماً بأن كوشيرون ـ آموت، استخدم نسخة سابقة من الرسم البياني للأدميرالية البريطانية.

ط. كما أجرت اللجنة مقارنة دقيقة، بين خط ينابيع المياه المنخفضة، في الصور الفوتوغرافية الجوية، عام 1992، وبين التحديد الأولي، المستخدم فيه التصوير المساحي، الضوئي، استناداً إلى هذه الصور الفوتوغرافية، في طبعة عام 1991، من الرسم البياني الرقم 1235 للأدميرالية البريطانية.

ي. استخدمت اللجنة التقنيات الهيدروغرافية، المعمول بها لتحديد نقاط الأساس. وقدَّمت ما توصلت إليه منها، إلى الكويت والعراق. ولم يصلها رد من العراق، بينما وافقت الكويت على النقاط الواقعة على جانبها. ولذلك، فقد مضت اللجنة في التخطيط، مستخدمة نقاط الأساس، التي سبق أن اقترحتها على الجانبَين.

ك. بالنسبة إلى نقطة النهاية، على خط الوسط، عند مدخل خور عبدالله، بحثت اللجنة مختلف بيانات الحدود، الواردة في الخرائط والرسومات البيانية السابقة، ودرست مختلف وسائل تحديد نهاية الحدود البحرية، المتفق عليها.

ل. طلبت اللجنة إلى مكتب الشؤون القانونية، في الأمانة العامة للأمم المتحدة، أن يعِدّ بياناً، في شأن المنفذ الملاحي، استندت إليه في قرارها، في هذا الصدد.

    وفي ضوء ما سبق، ونتيجة المداولات والدراسات، والزيارات الميدانية، والأعمال التقنية، قررت اللجنة في شأن الحدود البحرية:

أ. اعتماد الرسم البياني الرقم 1235، للأدميرالية البريطانية، لتحديد خط الوسط، في خور عبدالله. والمَواقع المبيّنة في هذا الرسم البياني، تستند إلى مرجع إسناد النظام الجيوديسي 84، وجميع الأغراض العملية؛ فإن مرجع الإسناد هذا، مطابق لمرجع إسناد الحدود العراقية ـ الكويتية.

ب. مدخل خور عبدالله، من عرض البحر، يقع في مكان، يحدث فيه تغيّر مهم، في اتجاه الخطوط الساحلية للدولتَين. وعينت اللجنة نقطة محددة، على خط الوسط، عند المدخل.

ج. اتصال الحدود، من خط الوسط المعمم، إلى نقطة التقاء الخورَين، هو أقصر خط بينهما. وبناء عليه، يحدد خط الوسط بمجموعة من الإحداثيات، التي تحسب من نقاط خط الأساس، المحددة على خطوط المياه المنخفضة، على النحو المبيَّن في طبعة عام 1991، من الرسم البياني الرقم 1235، للأدميرالية البريطانية. وفي الطرف الشرقي لجزيرة وربة، رُسمت مخاضة، آخذة في الجفاف، يطلق عليها "لسان وربة"، يمكن أن تكون عرضة لتغير رئيسي، على مدار السنين، وذلك في الرسم البياني للأدميرالية البريطانية، وهنا، جرى حساب خطَّي وسط، روعِيَ في أحدهما وجود المخاضة، وأُغفلت في الآخر، وأعطي وزن متساوٍ للخطَّين، وحُسِب خط متوسط بين خطَّي الوسط، لتحديد خط التخطيط. وخط الوسط، الذي حسبه كوشيرون ـ آموت، عام 1959، بناء على طلب العراق، يقترب كثيراً من خط تخطيط اللجنة، إلا في المنطقة المجاورة، مباشرة، للسان جزيرة وربة، التي تجاهلها كوشيرون ـ آموت.

د. المنفذ الملاحي، للدولتَين، إلى مختلف أنحائهما، المتاخمة للحدود المخططة، هو مهم؛ لإنصاف الطرفَين، وتعزيز الاستقرار والسلم والأمن، على طول الحدود. وفي هذا الصدد، ترى اللجنة أن هذا المنفذ الملاحي، مكن الدولتَين، عبْر خور الزبير وخور شتيانة وخور عبدالله، الوصول إلى كافة مياه وأقاليم كلٍّ منهما، المتاخمة لحدودهما، والخروج منها. وتلاحظ اللجنة، أن هذا الحق في الملاحة والوصول، منصوص عليه، بموجب قواعد القانون الدولي، المثبتة في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، عام 1982، التي صدق عليها العراق والكويت، على حدّ سواء، ومع الأخذ في الحسبان الظروف الخاصة بتلك المنطقة، ترى اللجنة، كذلك، أن هذا الحق، يعني، ضمناً، تمتع الدولتَين بحق ملاحِيّ، غير قابل للتعليق.

هـ. تعيين خط الحدود، في خور الزبير، بإحداثيات جغرافية، تحددت بالتصوير المساحي، الضوئي، باستخدام الصور الفوتوغرافية، ذات الألوان غير المموّهة بالأشعة تحت الحمراء. وأثناء الدورة الميدانية النهائية، وُضع عمود مؤشر، معدّل، على الحدّ الفاصل بين العمود الرقم 106 وخط ينابيع المياه المنخفضة. ووُضعت لوحات على حواجز المياه، التي يمتد خط ينابيع المياه المنخفضة تحتها. ووُضعت علامة مقابلة، عند الطرف الجنوبي للحاجز الحجري للواجهة، جنوب حاجز المياه، الواقع في أقصى الجنوب. ووُضع، كذلك، عمودان مؤشران، يحددان، بصورة فريدة، الاتجاه بين النقطة الأخيرة، الواقعة على خط ينابيع المياه المنخفضة، وملتقى الخورَين، ونصبت ثلاثة شواهد بالقرب منها.

و. اعتبر أن التخطيط المادي لخور عبدالله غير عملي وغير ضروري. ويرسم خط الحدود في خور عبدالله بالإحداثيات، موثقة وفقاً للمعايير المتبعة في الممارسة الدولية العامة. وقد وردت هذه الإحداثيات، تفصيلاً، في الوثيقة الرقم (158)، من المجلد التاسع للأمم المتحدة.

ثانياً: موافقة مجلس الأمن على تقرير لجنة تخطيط الحدود

    انعقد مجلس الأمن، في 27 مايو 1993، وناقش التقرير النهائي للجنة تخطيط الحدود الكويتية ـ العراقية، ووافق عليه بالإجماع. وبناء على ذلك، اصدر قراره الرقم 833، في التاريخ نفسه (اُنظر وثيقة قرار مجلس الأمن الرقم 833 الصادر 27 مايو 1993 في شأن لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت). وبالرجوع إلى المناقشات، التي دارت في أروقة المجلس، أكد الأعضاء، أن اللجنة، وإنْ كانت قد أنجزت مهمتها بطريقة محايدة، وموضوعية، إلا أنها لا تُرسي سابقة لعمل الأمم المتحدة، في المستقبل (اُنظر وثيقة محضر حرفي مؤقت للجلسة الرقم 3224 المعقودة في مقر مجلس الأمن في 27 مايو 1993).

    وأكد مجلس الأمن، من جديد، في قراره الرقم 833، عام 1993 في 27 مايو 1993، أن قرارات اللجنة، فيما يتعلق بتخطيط الحدود، قرارات نهائية. ومؤكداً، من جديد، قراره ضمان حرمة الحدود. وطالب العراق والكويت باحترام حرمتها والحق في المرور الملاحي. وفي حين أكدت الكويت، في رسالة، أنها ستحترم قرار المجلس، وستتقيد به، كما أكدت أن قرارات اللجنة قرارات نهائية (اُنظر وثيقة رسالة من المندوب الدائم للكويت إلى الأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 16 يونيه 1993 يوضح بها انتهاء لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت من أعمالها). أمّا العراق، فكرر مواقفه السابقة من أعمال اللجنة، بما في ذلك اعتراضه على قرارها، في شأن تخطيط حدود خور عبدالله البحرية، التي يرى أنها تقع خارج نطاق اختصاص اللجنة أو ولايتها، ثم اعتراضه على الطريقة، التي عينت بها الحدود (اُنظر وثيقة رسالة من الممثل الدائم للعراق إلى الأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 17 يونيه 1993 في شأن أعمال لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت). وكان رد المجلس، هو تذكير العراق بموافقته السابقة على القرار الرقم 687، عام 1991. وتشديده على حرمة الحدود الدولية، التي خططتها اللجنة، وتأكيده، كذلك، "العواقب الوخيمة، التي يمكن أن تترتب على أي خرق لها" (اُنظر وثيقة بيان لرئيس مجلس الأمن في 28 يونيه 1993 في شأن لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت).

    وأعلن مجلس الأمن، أن أي خرق لقراراته، سيتبعه، "حسب الاقتضاء اتخاذ جميع الإجراءات، لتحقيق هذه الغاية، وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، بموجب الفصل السابع، وقرارَي مجلس الأمن، الرقمين 687 و773".

    إن القرارات، التي اتخذتها اللجنة، بالنسبة إلى الحدود، البرية والبحرية، بين الكويت والعراق، قد بنيت على أُسس قانونية، بعد بحث وتمحيص واستقصاء ودراسات ميدانية. كما أن أي لجنة محايدة أخرى، لا بدّ ستصل إلى نفس النتائج عينها؛ إذ إن الحقائق، لا يمكن طمسها. فالوثائق بيَّنت حقوق كلٍّ من البلدَين، غير أن العراق تجاوز هذه الحقوق، باستيلائه على الأراضي الكويتية، وأنشأ فيها مراكز حدودية، ومساكن ومرافق مدنية، متبعاً بذلك سياسة الأمر الواقع، وتسلط القوي الباغي على الجار المسالم. ذلك على الرغم من حسن نيات الكويت، التي حاولت، لسنوات طوال، معالجة موضوع الحدود، بالطرق السلمية، التي تتفق والأخوّة، الإسلامية والعربية. وقد دأبت الكويت على هذا النهج المسالم، إلى ما قبْل الغزو العراقي، فاقترحت تشكيل لجنة عربية، لحل المشكلات الحدودية بين البلدَين. وقُوبل اقتراحها بالرفض القاطع، من قِبل العراق، تهرباً ومماطلة من أي تنسيق جدي بينهما لأنه يريد أن تبقى قضية الحدود معلقة، ليس لابتزاز الكويت، وحدها، وإنما لابتزاز دول الخليج جميعها، إلى أن دُوِّلت الأزمة، بعد احتلال العراق الكويت، فتحتم الرد القانوني على مَن كان يتجاوز ويعتدي، الرد الذي أعاد الحق إلى أصحابه. إن القرارات الصادرة عن اللجنة، تَعْني الرجوع إلى الحدود الشرعية، التي كان يجب تخطيطها منذ أكثر من خمسين عاماً، إنه الحق القانوني، الذي تضمنه الشرعية الدولية، من خلال منظمة الأمم المتحدة، وهو النتيجة الطبيعية للحقوق الكويتية.

    إن قرارات اللجنة، في شأن الحدود بين العراق والكويت، تعد انتصاراً للشرعية الدولية، وترسيخاً لمرجعية وشرعية دولية، تعمل على حل منازعات الحدود، بالطرق، القانونية والسلمية، بعيداً عن ويلات الحروب وأهوالها. فهي، إذاً، انتصار لمبادئ الحق العدل والقانون.

    إن ما أعلنته اللجنة من قرارات، ليس سوى تحديد للأراضي الشرعية، لكلٍّ من العراق والكويت، وفق القانون الدولي والوثائق التاريخية، الدالة على ذلك. وليس كما صوّره بعض وسائل الإعلام، كسباً للكويت أو غنيمة حرب؛ إن الكويت لا تقبَل ضم أي جزء من التراب الوطني العراقي إليها. وهي لم تطلب سوى حقوقها المشروعة على أراضيها، بل إنها تؤكد للشعب العراقي، بكافة قطاعاته، رفضها، قيادة وشعباً، كل ما يمسّ سيادة العراق على أرضه، وكيانه المستقل، بل إنها تحرص عليها حرصها على سيادة الكويت واستقلالها.

ثالثاً: بعثة الأمم المتحدة، للمراقبة في العراق والكويت (يونيكوم)

    بعد لجنة هيئة الأمم المتحدة، لتخطيط الحدود الدولية، بين الكويت والعراق، وحرصاً على إحكام موضوع حصر النزاع ومنعه، حول الحدود، وحفاظاً على حدود آمنة مستقرة وسلام دائم، كان لا بدّ من إنشاء لجنة أو بعثة، لمراقبة الحدود العراقية ـ الكويتية. وقد واجهت هذه العملية عقبات، في الاضطلاع بالمهام المنوطة بها. ولكنها استطاعت، بدعم من مجلس الأمن، وضع الترتيبات، التي أتاحت إعادة ظروف السلام والأمن إلى الحدود.

    ففي غضون أيام من صدور قرار مجلس الأمن، الرقم 687، في 3 أبريل 1991، وافق مجلس الأمن على خطة، لإنشاء ونشر بعثة الأمم المتحدة، للمراقبة في العراق والكويت، ترصد المنطقة المجردة من السلاح، على جانبيَ الحدود، ومجرى خور عبدالله المائي، في الطرف الشمالي للخليج العربي.

1. اختصاصات البعثة

    منحت بعثة الأمم المتحدة، للمراقبة في العراق والكويت، ولاية من ثلاثة أجزاء، بموجب الخطة، التي اقترحها الأمين العام للأمم المتحدة، خافيير بيريز دى كويلار، في 5 أبريل 1991، ووافق عليها مجلس الأمن، في 9 أبريل، بموجب القرار الرقم 689، لعام 1991، على النحو التالي (اُنظر وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة يقترح فيه صلاحيات وحدة للمراقبة في العراق والكويت (بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم") صادر في 5 أبريل 1991). و(وثيقة قرار مجلس الأمن الرقم 689 الصادر في 9 أبريل 1991 في شأن الموافقة على خطة الأمين العام للأمم المتحدة لإنشاء بعثة الأمم المتحدة للمراقبة في العراق والكويت):

أ. مراقبة خور عبدالله، البالغ طوله 40 كم، ومنطقة منزوعة السلاح، تمتد مسافة عشرة كيلومترات، داخل العراق، وخمسة كيلومترات، داخل الكويت، من الحدود المشار إليها في المحضر، المتفق عليه بين الطرفَين، في 4 أكتوبر 1963.

ب. صدّ انتهاكات الحدود، من خلال وجودها في المنطقة المنزوعة السلاح، ومراقبتها إياها.

ج. مراقبة أي أعمال عدوانية، أو يُحتمل أن تكون عدوانية، تُشن من أراضي إحدى الدولتَين على الأخرى.

    وإضافة إلى مهام حفظ السلام، قدمت البعثة دعماً تقنياً إلى اللجنة الخاصة للأمم المتحدة، ودعماً سوقياً إلى لجنة الأمم المتحدة، لتخطيط الحدود بين العراق والكويت، ومنسق الأمم المتحدة لإعادة الممتلكات من العراق إلى الكويت.

    وكان الحجم الأقصى، المأذون فيه للبعثة، في البداية، هو 1440 فرداً عسكرياً، مسلحاً وغير مسلح، بمن فيهم المشاة، ووحدة هندية ميدانية، ووحدة طيران، ووحدة إدارية. واستكمل نشر الوحدات، بحلول 6 مايو 1991، فرصدت انسحاب القوات المسلحة[1] التي كانت لا تزال منتشرة في المنطقة المحددة للبعثة (اُنظر وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" صادر في 9 مايو 1991). و(وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت صادر في 12 يونيه 1991).

    وفي 9 مايو 1991، تاريخ استكمال هذا الانسحاب، دخلت المنطقة المجردة من السلاح، التي أنشأها مجلس الأمن، حيّز النفاذ، وتولت البعثة مسؤولياتها، المتعلقة بالمراقبة، كاملة. ولأغراض العمليات، قسمت المنطقة المجردة من السلاح، إلى ثلاثة قطاعات، الجنوبي والأوسط والشمالي. واتُّخذت أم قصر مقراً للبعثة. وكان لها مكتبَا اتصال، في بغداد والكويت العاصمة. ونقلت إلى الكويت العاصمة قاعدة إدارية، أقيمت، في بادئ الأمر، بالدوحة، في قطَر. ووافقت حكومتَا العراق والكويت، على منْح البعثة حرية حركة كاملة، عبر الحدود.

    وبلغ تعداد البعثة، في المرحلة الأولى من عملياتها، 1385 فرداً عسكرياً. وشمل هذا المجموع خَمس سرايا مشاة، سحبت، مؤقتاً، من قوة الأمم المتحدة لحفظ السلم في قبرص، وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، لتوفير فريق أمني. وسحبت هذه القوات في نهاية يونيه 1991. وبدءاً من أكتوبر 1991، بلغ قوام بعثة الأمم المتحدة، للمراقبة في العراق والكويت، ما مجموعه 295 مراقباً، يدعمهم 441 موظفاً إدارياً، و177 موظفاً مدنياً. وكانت القوة مؤلفة، طوال فترة وجودها، من أفراد عسكريين، ينتمون إلى أكثر من 30 بلداً. وللمرة الأولى في تاريخ عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام، ساهم كل الأعضاء الخمسة، الدائمين، في مجلس الأمن، بأفراد عسكريين، في العملية نفسها.

    تتكون عمليات البعثة من مجموعة متنوعة، من قواعد الدوريات، وقواعد المراقبة، ونقاط المراقبة، والدوريات، البرية والجوية، وفِرق التحقيق، والاتصال مع الأطراف، على جميع المستويات. وتتحقق البعثة من خلو المنطقة المجردة من السلاح، من أفراد عسكريين أو معدات عسكرية، وتسهر على خلوّها من أي تحصينات أو منشآت عسكرية. ويضطلع المراقبون بدوريات في قطاعاتهم، وبزيارات مؤقتة إلى مراكز المراقبة، في المناطق، التي تشهد نشاطاً خاصاً، أو في النقاط، التي تفضي عندها الطرق والدروب، إلى المناطق المجردة من السلاح. وترصد البعثة خور عبدالله، من البر، باستعمال الرادارات، وأجهزة الرؤية الليلية، كما تعمد إلى دوريات في المنطقة، بالطائرات العمودية. وتشمل الدوريات الجوية، كذلك، المناطق المجردة من السلاح.

    ووفقاً للقرار الرقم 689، للعام 1991، يستعرض مجلس الأمن طرائق أنشطة البعثة، ومسألة حلّها أو التجديد لها، كل ستة أشهر؛ إذ ليس لولايتها أجَل مسمى، أي أن حلّها مرهون بقرار من المجلس. وخلال الفترة، من مايو 1991 إلى أواخر عام 1992، كانت الحالة هادئة، على الرغم من بعض حوادث إطلاق النار، وبعض الاختراقات، المسلحة وغير المسلحة، في المنطقة المجردة من السلاح. وقد أشار الأمين العام، في تقاريره المرحلية إلى المجلس، إلى أنه على الرغم من هدوء الحالة، حافظت البعثة على درجة عالية من اليقظة، لأنه كان لا يزال يتعين إحلال السلام التام في المنطقة. والواقع، أن فترة النصف الثاني من عام 1992، والأيام الأولى من عام 1993، شهدت تصعيداً تدريجياً للتوتر، في المنطقة المجردة من السلاح (اُنظر وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت صادر في 3 سبتمبر 1991). و(وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت للفترة من 9 أبريل إلى 2 أكتوبر 1991). و(وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت للفترة من 3 أكتوبر 1991 إلى 31 مارس 1992).

2. الاختراقات العراقية

    وكان أهم مصادر التوتر، مسألة مركز وحقوق ملكية المزارعين العراقيين، الذين سيتأثرون بتخطيط الحدود، بين العراق والكويت (اُنظر وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت للفترة من 1 أبريل إلى 30 سبتمبر 1992 S/24615، 2 تشرين الأول/ أكتوبر 1992). وكان بعض المناطق، التي يزرعها هؤلاء العراقيون، في القطاع الشمالي من المنطقة المجردة من السلاح، واقعة، في حقيقة الأمر، في الأراضي الكويتية. كما أن السلطات الكويتية، زعمت أن هؤلاء المزارعين، هم عسكريون، أو رجال أمن عراقيون. وأثار هذا الوضع عدداً من الحوادث، أطلقت النيران في واحد منها، في 30 أغسطس 1992، على مراقب عسكري من البعثة، بينما كان يحاول إعادة الهدوء. ونظراً إلى احتمال وقوع حوادث عنف أخرى، بعد تخطيط الحدود. زادت البعثة أنشطتها في المنطقة، وطلبت إلى العراق أن يقدِّم قائمة بالمزارعين المحليين، كتدبير مؤقت. وأظهر تخطيط الحدود، الذي كان على وشك الاستكمال، في ديسمبر 1992، أن ستة مراكز للشرطة العراقية، فضلاً عن بعض فوهات الآبار، في حقل نفط الرتقة، ومنطقة من مدينة أم قصر العراقية، موجودة في الأراضي الكويتية. وقد لفت الأمين العام انتباه مجلس الأمن إلى هذه المسائل، في رسالة إلى رئيس المجلس، في 23 ديسمبر 1992 (اُنظر وثيقة تقرير خاص للأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت صادر في 10 يناير 1993).

    وأثارت الأنشطة العراقية اللاحقة، في القاعدة البحرية العراقية، السابقة، في أم قصر، أزمة، استدعت، في نهاية الأمر، استعمال الدول الأعضاء القوة، مما حمَل مجلس الأمن على تعزيز البعثة. ومنذ صيف 1991، استرد العراق، تحت مراقبة دقيقة من البعثة، معدات وبنوداً أخرى يملكها، من القاعدة، التي كانت موجودة في القطاع الشمالي، من المنطقة المجردة من السلاح. وفي 24 ديسمبر 1992، أنذرت البعثة السلطات العراقية بضرورة التوقف عن استرداد المعدات، وطلبت وقف جميع هذه الأنشطة، بحلول 15 يناير 1993. غير أنه في 2 يناير 1993، دخل القاعدة نحو 250 عراقياً، في انتهاك خطير للمنطقة المجردة من السلاح، من دون إذن من البعثة، لاسترداد ممتلكات عراقية. وكان العراقيون يقودون مركبات عسكرية، ونصفهم، تقريباً، يرتدي الزي العسكري. وواصل عراقيون، بملابس مدنية، ومن دون مركبات عسكرية، استرداد الممتلكات من القاعدة البحرية السابقة، خلال الأيام الأولى من يناير 1993. وفي العاشر منه، اقتحم نحو 200 عراقي، بشاحنات ومعدات شحن ثقيلة، مستودعات الذخيرة المحصنة، الستة، الواقعة في قاعدة أم قصر، وأخذوا معظم محتوياتها، بعد أن كان مجلس الأمن، قد قرر ضرورة تدميرها، تحت إشراف البعثة.

    وفي غضون ذلك، أبلغت السلطات العراقية البعثة، في 8 يناير 1993، كما أبلغت بصورة منفصلة اللجنة الخاصة للأمم المتحدة، أنه لن يسمح للأمم المتحدة، بعد الآن، باستخدام طائراتها لنقل أفراد اللجنة الخاصة وأفراد البعثة، داخل الأراضي العراقية. وفضلاً عن ذلك، فقد شهدت مناطق حظر الطيران نشاطاً عسكرياً عراقياً، متزايداً. وفي 9 يناير 1993، أبلغ المسؤول الرسمي العراقي عن الاتصال مع البعثة، كبير مراقبيها، أن العراقيين، سيعمدون، في يناير، إلى تفكيك وحدات المساكن الجاهزة، في أم قصر، التي كان العراق قد أتاحها للبعثة. وطلب المسؤول أن تخلي البعثة هذه الأماكن.

    وردت البعثة، من الفور، رداً حازماً، على كل إجراء، اتخذه العراق في المنطقة المجردة من السلاح، وقدمت احتجاجات قوية إلى السلطات العسكرية العراقية. وقد أشار الأمين العام للأمم المتحدة، في تقريره إلى رئيس مجلس الأمن، في شأن هذه التطورات إشارة خاصة إلى أنها تلقي ظلالاً من الشك على استمرار استعداد العراق للتعاون، والتقيد بالالتزامات، التي تعهد بها، في هذا الصدد (اُنظر وثيقة تقرير خاص للأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت صادر في 10 يناير 1993).

    وسعياً من مجلس الأمن إلى إعادة الهدوء، وضمان قدرة عمليات الأمم المتحدة، في العراق، على الاضطلاع بالمهام الموكولة إليها، جاء رده على مراحل. ففي 8 يناير 1993، طلب المجلس، في بيان، أدلى به رئيسه، ألاّ يتدخل العراق في تحليقات الأمم المتحدة، وأن يتقيد بالتزاماته، بموجب جميع قرارات المجلس، ذات الصلة (اُنظر وثيقة بيان لرئيس مجلس الأمن صادر في 8 يناير 1993 في شأن الرحلات الجوية للأمم المتحدة داخل إقليم العراق S/25081، 8 كانون الثاني/ يناير 1993). وفي اليوم نفسه، أعرب رئيس المجلس، في رسالة وجّهها إلى العراق، عن قلق أعضاء المجلس، إزاء استمرار وجود ستة مخافر للشرطة العراقية، على الأراضي الكويتية، وعن إصرار الأعضاء على إزالتها، على وجه السرعة، في موعد أقصاه 15 يناير (اُنظر وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت للفترة من 1 أكتوبر 1992 إلى 31 مارس 1993 S/25514، 2 نيسان/ أبريل 1993). وفي 11 يناير، عقب التحرك العراقي الثاني، نحو أم قصر، دان رئيس مجلس الأمن سعي العراق إلى إزالة المعدات، بالقوة، من الجانب الكويتي للمنطقة المجردة من السلاح، وحذر من أن هذه التصرفات، تمثّل "تحدياً مباشراً لسلطة البعثة". وشدد رئيس المجلس على أن التصرفات العراقية الأخيرة، إزاء البعثة واللجنة الخاصة، تمثّل "انتهاكات جوهرية أخرى للقرار الرقم 687، لعام 1991"، ثم حذر العراق مجدداً من العواقب الوخيمة، التي يمكن أن تترتب على هذا "التحدي المستمر" (اُنظر وثيقة بيان لرئيس مجلس الأمن صادر في 11 يناير 1993 في شأن مختلف الإجراءات التي اتخذها العراق تجاه بعثة الأمم المتحدة للمراقبة).

    وذكر العراق، في 12 يناير 1993، أنه لا يمكن الجدال في ملكيته البنود، التي استردها من أم قصر. وزعم أن "الضجة المثارة حول هذه المسألة"، إنما "تصعدها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها، بشكل مدبَّر، لتصوير موقف العراق على أنه خرق لقرارات المجلس".

    وفي 13 يناير 1993، وفي غياب ما يفيد باستعداد العراق لضمان سلامة طائرات الأمم المتحدة وحرية حركتها، أو إزالة مخافر الشرطة الستة من الجانب الكويتي للمنطقة المجردة من السلاح، أو احترام مناطق حظر الطيران، وعملاً بتقرير مجلس الأمن، في 11 يناير، أن العراق ينتهك القرار الرقم 687، لعام 1991، انتهاكاً جوهرياً ـ شنت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا، غارات جوية على المَواقع المضادّة للصواريخ، وقواعد الرادار، في جنوبي العراق. وفي 17 يناير، أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية قذائف على مجمع الزعفرانية الصناعي، في ضواحي بغداد، ولكنها أصابت فندقاً، كذلك، في وسط بغداد، فقُتل عراقيان، وأصيب عدد من العراقيين والأجانب. وفي 18 يناير، شنت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، غارات جوية أخرى، استهدفت مَواقع دفاعية لأجهزة الرادار، في شمالي العراق وجنوبيه. وأكمل العراقيون استرداد ممتلكاتهم من الكويت، في 13 يناير. وأُزيلت مخافر الشرطة العراقية، الستة، المقامة على الأراضي الكويتية، يومَي 17 و 18 يناير. وفي 19 يناير، وافقت السلطات العراقية على استئناف التحليق الجوي للجنة الخاصة للأمم المتحدة.

رابعاً: المزارعون العراقيون والمساعي الحميدة

    قبْل إصدار تقرير لجنة تخطيط الحدود، بين الكويت والعراق، النهائي، في 20 مايو 1993، بفترة طويلة، كشفت معلومات أولية، تتعلق بتخطيط اللجنة الخاصة للأمم المتحدة للحدود الكويتية ـ العراقية، أن عدداً من المواطنين العراقيين، وأصولهم في مدينة أم قصر، وفي منطقة العبدلي الزراعية، كانوا موجودين في الجانب الكويتي من الحدود. وهو ما ينطبق، كذلك، على فوهات آبار النفط، في الرتقة، وغيرها من المنشآت. وإضافة إلى ذلك، كان معروفاً، أن ستة مخافر للشرطة العراقية، هي قائمة بالأراضي الكويتية، بينما تبين أن ثلاثة مخافر للشرطة العراقية، ومخفرين للشرطة الكويتية، كانت أدنى إلى الحدود من مسافة الألف متر، التي حددتها البعثة سابقاً، بموافقة الطرفَين، على أساس أنها مسافة معقولة لمنع الحوادث.

    واستشف الأمين العام للأمم المتحدة خطر ذلك، وإدراكاً منه للآثار، السياسية والأمنية، المترتبة على هذه المسائل، بادر إلى اتصالات مع حكومتَي العراق والكويت، لتحديد الطريقة، التي تستطيع بها الأمم المتحدة المساعدة على التوصل إلى تسوية. وطلب، على وجه التحديد، أن يسحب العراق مخافر الشرطة، الستة، من الأراضي الكويتية، في أقرب وقت ممكن، وأوعز إلى كبير المراقبين العسكريين في البعثة، أن يتصل مع السلطات العراقية، لوضع الترتيبات اللازمة. وأبلغ كلا الطرفَين أن مسألة مخافر الشرطة الأخرى، مشمولة بولاية البعثة، وطلب إلى كبير المراقبين العسكريين، أن يرتب، مع السلطات المعنية، نقْل جميع المخافر إلى مسافة ملائمة من الحدود، في موعد مبكر (اُنظر وثيقة تقرير خاص للأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت صادر في 10 يناير 1993).

    وفيما يتعلق بوجود مدنيين عراقيين على الأراضي الكويتية، أرسل أمين عام المنظمة الدولية، إلى حكومة الكويت، في 17 ديسمبر 1992، يبلغها أنه نظراً إلى وجود خطر تصعيد التوتر على طول الحدود، يستحسن السماح للمزارعين والمواطنين العراقيين، المقيمين بأمّ قصر، بالبقاء في أراضيهم ومساكنهم، لفترة مؤقتة على الأقل (اُنظر وثيقة رسالة من الأمين العام للأمم المتحدة موجهة إلى نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بتاريخ 17 ديسمبر 1992 في شأن تخطيط الحدود بين العراق والكويت).

    وفي ديسمبر 1992، أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة، الدكتور بطرس غالي، في رسالة إلى رئيس مجلس الأمن، رأيه في موضوع المدنيين والمزارعين العراقيين. فرأى أن هذه المسائل خليقة بإثارة مزيد من التوتر والاحتكاك، ما لم تحَل قريباً. وأبرز الجهود، التي بذلها للحدّ من هذا الخطر. وتبيّن، فيما بعد، أن رأيه كان سديداً؛ إذ ثار التوتر، في يناير 1993، على النحو الذي وضحه في بيانه (اُنظر وثيقة بيان لرئيس مجلس الأمن صادر في 18 نوفمبر 1993 في شأن نظام الجزاءات S/26768، 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 1993).

    وفي 10 يناير 1993، أبلغت حكومة الكويت الدكتور بطرس غالي، أنه لن يسمح للمواطنين العراقيين بالبقاء في الكويت، ولكنهم سيعوَّضون عن ممتلكاتهم وأصولهم، على أساس تقييم طرف محايد، تعيّنه الأمم المتحدة. ورد العراق على هذا الاقتراح، في الأول من مارس، مشيراً إلى أنه "لن يتخذ إجراء، قد يُفهَم منه، أنه اعتراف بالظلم المتعمد، الذي فرض على العراق". ولكنه في الوقت نفسه، "لن يتخذ أي إجراء، قد يثير خلافاً أو نزاعاً مع الأمم المتحدة" (اُنظر وثيقة رسالة من الأمين العام للأمم المتحدة إلى رئيس مجلس الأمن في 22 فبراير 1994 في شأن مسألة المواطنين العراقيين وأصولهم التي بقيت على الأراضي الكويتية). ونظراً إلى رغبة الأمين العام للأمم المتحدة، في ضرورة استقرار الأوضاع والأمن، على طول الحدود الكويتية ـ العراقية، عرض مشاركة الأمم المتحدة مشاركة كاملة في مساعدة الطرفَين على تنفيذ إعادة المواطنين العراقيين إلى وطنهم، وقد وافقت كلتا الحكومتَين على العرض.

    وفيما يتعلق بمسألة تعويضات العراقيين، عن تركهم أماكنهم في الأراضي الكويتية، عمد الأمين العام، وفقاً لترتيب، اتُّخذ في سبتمبر 1993، بين الأمم المتحدة والكويت، إلى تعيين متعاقد مستقل، لتقييم قيمة الممتلكات والأصول، وحُدد، على هذا الأساس، مبلغ، طلب إلى الكويت أن تدفعه إلى صندوق استئماني للأمم المتحدة، تمهيداً لدفعه إلى المواطنين العراقيين. ووافق مجلس الأمن على هذا النهج، كاستثناء من الحظر العام، المفروض على تحويلات الأموال، الذي يمثل جزءاً من نظام الجزاءات، المنصوص عليه في القرار الرقم 661، عام 1990 (اُنظر وثيقة قرار مجلس الأمن الرقم 899 الصادر في 4 مارس 1994 في شأن تعويض المواطنين العراقيين الذين تأثروا بتخطيط الحدود الدولية بين العراق والكويت).

    وفي نهاية فبراير 1994، أبلغ الأمين العام، الدكتور بطرس غالي، مجلس الأمن، أن جميع المواطنين العراقيين، نقلوا إلى العراق، بدعم من البعثة، من دون أن يثير ذلك أي مشكلة.

   والتقى ممثل للأمم المتحدة عديداً من العراقيين، قبْل نقلهم إلى العراق وقدم إليهم معلومات عن التعويضات، التي ستتاح لهم، والخطوات التي ينبغي أن يتخذوها، للمطالبة بتعويضاتهم. كما نشر الأمين العام المعلومات المتعلقة بالتعويضات، في شكل نشرات صحفية، وإعلانات مدفوعة، في وسائط الإعلام، المحلية والإقليمية. غير أن أحداً من العراقيين، لم يوافق، في ذلك الحين، على تسلّم مدفوعات التعويضات، ولم تفلح جهود إضافية، عام 1995، في مقابلة المستفيدين العراقيين من خطة التعويضات المقترحة. أمّا الأموال، البالغة 56 مليون دينار عراقي، في صالح 95 مزارعاً، و5.5 ملايين من الدنانير العراقية، هي تعويضات عن 206 بيوت سكنية، فأُودِعت حساب ضمان تابعاً للأمم المتحدة، لتبقى تحت تصرف المستفيدين.

خامساً: مجلس الأمن، يقرر تعزيز القوة

    بلغ رد مجلس الأمن، على حوادث يناير 1993، ذروته، في 5 فبراير 1993، حينما اتخذ القرار الرقم 806، عام 1993، الذي أعطى بعثة الأمم المتحدة، للمراقبة في العراق والكويت، ولاية جديدة موسعة، لجعلها قادرة على منع أو صد الانتهاكات، الصغيرة النطاق، للمنطقة المجردة من السلاح، وللحدود بين العراق والكويت، والمشاكل التي يمكن أن تنشأ عن وجود منشآت عراقية ومواطنين عراقيين وأصولهم، في المنطقة المجردة من السلاح، على الجانب الكويتي من الحدود، التي رسمتها لجنة تخطيط الحدود، وغير ذلك من الانتهاكات، من قبِيل تلك التي وقعت في يناير. غير أنه لم يؤذن للبعثة في المبادرة إلى اتخاذ تدابير إنقاذية (اُنظر وثيقة قرار مجلس الأمن الرقم 806 الصادر في 5 فبراير 1993 في شأن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة في العراق والكويت).

    وكان تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، قد أشار إلى أن البعثة، بكتائب المشاة، وأفراد الدعم، وعناصر المقر، اللازمين لتأدية هذه المهام الإضافية، ستحتاج إلى نحو 3645 من الأفراد العسكريين، أي بزيادة قوامها عشرة أمثال ما كان عليه، عند اتخاذ القرار. وأوضح الأمين العام، أن القوة، على زيادة حجمها، لن يكون لديها القدرة الكافية على منع اختراق عسكري كبير (اُنظر وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت في 18 يناير 1993).

    وتقرر تنفيذ تعزيز القوة، بموجب القرار الرقم 806، عام 1993، على مراحل. ففي المرحلة الأولى، قرر الأمين العام للأمم المتحدة الاحتفاظ بالمراقبين العسكريين، وتعزيزهم بكتيبة مشاة آلية واحدة، تُنشر في القطاع الشمالي من المنطقة المجردة من السلاح، الذي يشمل مدينتَي أم قصر وصفوان. غير أن المنظمة، واجهت صعوبة في العثور على دولة عضو، تكون مستعدة لتوفير الكتيبة اللازمة. وفي 15 أكتوبر 1993، أبلغ الأمين العام مجلس الأمن، أن بنجلاديش، التي سبق أن وفرت للبعثة مراقبين عسكريين، عرضت توفير كتيبة مشاة، وأن الكويت عرضت توفير المركبات المدرعة، ومعدات النقل الثقيلة، وغيرها من المعدات اللازمة. وبعد فترة تدريب، صارت الكتيبة جاهزة للعمل، في 5 فبراير 1994 (اُنظر وثيقة رسالة من الأمين العام للأمم المتحدة إلى رئيس مجلس الأمن في 15 أكتوبر 1993 في شأن تشكيل بعثة الأمم المتحدة للمراقبة في العراق والكويت).

سادساً: عودة إلى الهدوء النسبي

    خيم هدوء عام على المنطقة المجردة من السلاح، منذ ربيع 1993. إذ ازدادت أنشطة الزراعة واستكشاف النفط واستغلاله زيادة ملحوظة. مثلما ازدادت أنشطة الشحن والصيد، في مجرى خور عبدالله المائي. وأنجزت الكويت نظاماً أمنياً على الحدود، يشمل خندقاً وحاجزاً ترابياً وطريقاً للدوريات، فسادَ الهدوء العام المنطقة؛ إذ أتاح ذك حاجزاً مادياً، حال دون عمليات عبور الحدود، غير المأذون فيها. ونتيجة لهذا الهدوء النسبي، ولا سيما بعد نقْل المزارعين العراقيين، الذين كانوا على الأراضي الكويتية، أُوقِف تعزيز القوة، الذي أذن فيه قرار مجلس الأمن، الرقم 806، عام 1993، بعد المرحلة الأولى من التنفيذ (اُنظر وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت للفترة من 1 أبريل إلى 30 سبتمبر 1993 S/26520، 1 تشرين الأول/ أكتوبر 1993). و(وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت للفترة من 1 أكتوبر 1993 إلى 31 مارس 1994 S/1994/388، 4 نيسان/ أبريل 1994). و(وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت للفترة من 1 أبريل إلى 29 سبتمبر 1994 S/1994/1111، 29 أيلول/ سبتمبر 1994). و(وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت للفترة من 7 أكتوبر 1994 إلى 31 مارس 1995 S/1995/251، 31 آذار/ مارس 1995). و(وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن بعثة الأمم المتحدة للمراقبة "يونيكوم" في العراق والكويت للفترة من 1 أبريل إلى 30 سبتمبر 1995 S/1995/836، 2 تشرين الأول/ أكتوبر 1995).

    وعلى الرغم من ذلك، وقع بعض الحوادث على كلا الجانبَين من الحدود، مما هدد أمن أفراد البعثة. فعلى الجانب العراقي، شملت هذه الحوادث، خلال الفترة من الأول من أكتوبر 1993 إلى 31 مارس 1994، اختطاف مركبة تابعة للأمم المتحدة، ومحاولتَي سرقة، استهدفتا دورية تابعة للبعثة، وقاعدة مراقبة. وفي 12 أغسطس 1994، نصب كمين لدورية متنقلة، تابعة للبعثة، ومؤلفة من ثلاثة أشخاص، مما أدى إلى مصرع جندي واحد وإصابة الجنديَّين الآخرَين. وعلى الجانب الكويتي، أطلق رجال مسلحون، خلال ليلة 28 ـ 29 ديسمبر 1994، النار على مركبة لدورية تابعة للبعثة، فأصيب مراقب عسكري (اُنظر وثيقة بيان لرئيس مجلس الأمن صادر في 8 أكتوبر 1994 في شأن تعاون العراق مع اللجنة الخاصة للأمم المتحدة والتقارير التي وردت عن تحركات القوات العراقية). و(وثيقة قرار مجلس الأمن الرقم 949 الصادر في 15 أكتوبر 1994 في شأن عمليات الانتشار العسكري التي قام بها العراق في اتجاه الكويت). و(وثيقة رسالة من الممثلين الدائمين للاتحاد الروسي والعراق إلى رئيس مجلس الأمن بتاريخ 14 أكتوبر 1994 يحيلان بها نص بلاغ مشترك يتضمن إعلان العراق نقل قواته إلى مواقع خلفية).

    وتجلى التوتر حينما شرعت الكويت تبني نظامها الأمني على الحدود، في يونيه 1993، بعد تخطيط حدودها مع العراق. ففي أحد الحوادث، عبر رعايا عراقيون الحدود إلى الكويت، خلال مظاهرتَي احتجاج. وفي حادث آخر، وقع في نوفمبر 1993، أطلق حارس أمني لمشروع الخندق الحدودي الكويتي، النار على شرطيَّين عراقيَّين، كانا على الأراضي الكويتية، فأدى ذلك، حسبما أفادت التقارير، إلى مصرع أحدهما وجرح الآخر. ودفعت التقارير، المتعلقة بنشر قوات عراقية، إلى الشمال من المنطقة المجردة من السلاح، في أكتوبر 1994، مجلس الأمن إلى أن يدين هذا العمل، ويطالب بسحب فوري وكامل للقوات، ويطلب إلى البعثة زيادة يقظتها. وبعدها، أعيد نشر القوات العراقية، بعيداً عن المنطقة الحدودية. وفي 13 مارس 1995، عبر اثنان من مواطني الولايات المتحدة الأمريكية الحدود، خطأ، من الكويت إلى العراق، فقبضت عليهما الشرطة العراقية. وكانا في طريقهما نحو الحدود، قد اجتازا نقطة تفتيش كويتية، على حافة المنطقة المجردة من السلاح، وعبَرا، كذلك، حاجز تفتيش تابعاً للبعثة. وقد سمح لهما باجتياز حاجز تفتيش البعثة، لأن الحرس المناوبين، ظنوا، بُعَيْدَ حلول الظلام، أن مركبتهما البيضاء تابعة للأمم المتحدة. وقد شددت الإجراءات في حاجز التفتيش. وأطلق الرجلان، في 16 يوليه 1995، بعد جهود من جانب حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، والأمين العام للأمم المتحدة.

    وفي الأول من يناير 1996، قدِّر قوام البعثة الإجمالي بنحو 1331 فرداً، منهم 244 مراقباً عسكرياً، من 32 بلداً، وكتيبة مشاة، مؤلفة من 775 فرداً، ووحدة طائرات عمودية، مؤلفة من 29 طائرة، وكلتاهما من بنجلاديش، ووحدة مهندسين، مؤلفة من 50 فرداً، من الأرجنتين، ووحدة إدارية، مؤلفة من 35 فرداً، من النمسا، وفريق طبي، مؤلف من 12 فرداً، من ألمانيا، و227 موظفاً مدنياً. ويقول الأمين العام للأمم المتحدة، الدكتور بطرس بطرس غالي، إنه "خلال زيارة رسمية إلى الكويت، في أواخر ديسمبر 1995، زرت قوات البعثة، على الجانب الكويتي من الحدود بين الكويت والعراق، وشكرت لها تنفيذها ولايتها بفاعلية وكفاءة".

 



[1] المقصود القوات المسلحة العراقية.