إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / المواقف وردود الفعل، الدولية والإقليمية والعربية، خلال مرحلة "عاصفة الصحراء"









مقدمة

ثانياً: مواقف وردود فعل الاتحاد السوفيتي، خلال مرحلة عاصفة الصحراء

1. مع بدء الحملة الجوية (17 يناير 1991 بتوقيت مسرح العمليات)

    أ.  موقف الاتحاد السوفيتي من الحرب

    اتّسم السلوك السوفيتي، في حرب الخليج، بقدر من الغموض، لا يتلاءم مع ثقل الاتحاد السوفيتي ووزنه، كقوة عظمى، وعضو مهم، له حق استخدام النقض (الفيتو)، داخل مجلس الأمن. والواقع، أنه تحاشى، منذ البداية، التدخل في الحرب، بل وسعى لإيقافها. وكان له موقف مُحدَّد، وهو ضرورة الانسحاب العراقي، غير المشروط، من الكويت، وعودة حكومتها الشرعية. بل شارك في حصار بغداد، بوقف إمداداته، التسليحية والسلعية وغيرها. كما وافق على القرار الرقم 678، الصادر عن مجلس الأمن، والذي يسمح باستخدام القوة في إخراج العراق من الكويت.

    لم يكن الاتحاد السوفيتي قادراً، عملياً، على منع العمل العسكري الغربي. إلاّ أنه حاول إيقاف الحرب، ولكنه لم يستطع، فعمد الانسحاب المنظم من حرب الخليج، وبأقل الخسائر. والواقع، أن السلوك السوفيتي، إزاء الأزمة، قد جسد الخيار الإستراتيجي السوفيتي، الانسحاب المنظم من صراعات الجنوب.

ب. الاتحاد السوفيتي يؤكد على ضرورة انسحاب العراق

    في يوم 17 يناير 1991، مع بداية الحملة الجوية، أكد الموقف السوفيتي، ضرورة الانسحاب العراقي من الكويت، وأن العراق، وحده، هو الذي يتحمل هذه النتائج المأسوية. وقد عبَّر الرئيس السوفيتي، ميخائيل جورباتشوف (Mikhail Gorbachev)، عن ذلك بالقول، إن القيادة العراقية، هي المسؤولية عن "الانعطاف المأسوي"، في أزمة الخليج. وإن إعلان العراق استعداده للانسحاب من الكويت، سيكون خطوة الإنقاذ الوحيدة. وكشف أن الأمريكيين، قد أبلغوا موسكو قرارهم، في شأن الحرب، قبْل ساعة واحدة من بدئها.

    كما أكد نائب وزير الخارجية السوفيتي، ألكسندر بيلونوجوف ، أن موسكو تعمل على احتواء الموقف المتفجر في الخليج، في أسرع وقت ممكن. كما رحب بيلونوجوف، بإعلان إسرائيل وتركيا وإيران، امتناعها من المشاركة في الحرب.

    وفي 18 يناير 1991، بعث الرئيس السوفيتي، جورباتشوف، برسالة إلى الرئيس العراقي، صدام حسين، أكد فيها أهمية الانسحاب العراقي من الكويت، من أجل وقف العمليات العسكرية، لأن ذلك من شأنه حماية العراق من التدمير. وقال جورباتشوف:

    "الرئيس القائد، صدام حسين. بعد أن أدت كل الظروف إلى الموقف المأسوي، والخطير جداً، أتوجَّه إليكم بالاقتراح التالي: هل يوافق رئيس الجمهورية العراقية، على أن يُصرح بانسحاب القوات العراقية، إذا توقفت العمليات العسكرية؟ وفي حالة مثل هذه الموافقة، سنجري الاتصال مع رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، في شأن هذا الموضوع، ليكون الإيقاف للعمليات العسكرية متبادلاً. وإنني إذ أقدِّم هذه المبادرة، تدفعني، قبْل كل شيء، العناية بحماية الأرواح البشرية، والرغبة في تجنيب المزيد من المعاناة والآثار المدمرة للعراق. إننا نأمل الرد، بجوابكم، في أقرب وقت ممكن" (اُنظر وثيقة رسالة الرئيس السوفيتي، ميخائيل جورباتشوف إلى الرئيس العراقي صدام حسين يوم الجمعة، 18 يناير 1991).

    وفي 19 يناير، وكرد فعل للقصف الجوي ضد بغداد، أصدر الرئيس السوفيتي، جورباتشوف، تعليمات من أجْل إجلاء نحو 100 مواطن سوفيتي من العراق. وذكر نائب الرئيس السوفيتي، جينادي ياناييف (Gennady Yanayev)، أن عدداً قليلاً من أفراد السفارة السوفيتية، سيبقى في العراق.

    وفي 21 يناير، أكدت موسكو، أن مقترحاتها تدعو إلى الانسحاب العراقي الفوري من الكويت، حتى يمكنها السعي لوقف إطلاق النار. وقد عبّرت عن ذلك، من خلال الرسائل، التي بعث الرئيس السوفيتي، ميخائيل جورباتشوف، إلى كلٍّ من رئيس الجماعة الأوروبية ورؤساء الدول العربية وقادة بعض الدول المعنية بالأزمة، شارحاً فيها محددات المقترحات السوفيتية، الداعية إلى انسحاب العراق من الكويت، وعودة الشرعية إليها، وإيقاف إطلاق النار، من أجْل استطلاع مواقف هذه الدول، في شأن وقف حرب الخليج. وأكد الرئيس جورباتشوف في رسائله، أن قوام مبادرته:

(1)  إعلان الرئيس العراقي التزامه بالانسحاب الفوري من الكويت.

(2)  سعي موسكو، بعد ذلك، لوقف إطلاق النار.

    وفي اليوم نفسه، بثت وسائل الإعلام العراقية، نص رسالة الرئيس العراقي، صدام حسين، رداً على رسالة الرئيس السوفيتي جورباتشوف، مؤكداً رفضه الانسحاب من الكويت، وقال في رسالته (اُنظر وثيقة رسالة الرئيس صدام حسين إلى الرئيس جورباتشوف رداً على رسالته التي بعث بها في 18 يناير 1991) و(النص الإنجليزي للوثيقة):

    "إننا، يا سيادة الرئيس، ببساطة، قد يكون تكرارها من الأمور المزعجة، عندما نقول إننا أحرار، كما ولدتنا أمهاتنا، وخلقنا الله لنكون. ولأننا أحرار، ونصرّ على أن نمتلك حريتنا، فإننا نرفض قانون الهيمنة والتسلط الأمريكي. ولسنا نحن الذين قمنا بالعدوان على أمريكا والحرب ضدها، لكي يطلب منا أن نصرح بما يظهر أمريكا، وقد لوت إرادة الصمود فينا، ونقدم لها ما يغريها بمواصلة الابتزاز والعربدة، في منطقتنا، وفي العالم، على قاعدة أن الجميع ينبغي، بل ويجب أن يخضعوا لقانون ولايتها على العالم".

ج. الموقف السوفيتي من استمرار حرب الخليج

    وفي 22 يناير، دعا الرئيس السوفيتي، ميخائيل جورياتشوف، من أجْل بذل الجهود الدولية في إيقاف حرب الخليج. وحذر من خطر اتساع النزاع. وقال إن الاتحاد السوفيتي، يعمل مع الأعضاء الآخرين في مجلس الأمن، على منع اتساع نطاق القتال، وأن الاتحاد السوفيتي، قلق من الوضع الحالي في الخليج، حيث تتجه الأحداث نحو التصعيد.

    وفي 23 يناير، أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، فيتالي تشوركين (Vitaly Churkin)، بيان، عبّر فيه عن قلق الاتحاد السوفيتي، الشديد، للهجمات الصاروخية العراقية على إسرائيل، ومن التقارير في شأن نسف العراق آبار النفط الكويتية.

    في 24 يناير 1991، أكد الاتحاد السوفيتي ضرورة إيجاد حل فوري لأزمة الخليج، من خلال تجديد المبادرات الداعية إلى ذلك، واضطلاع الأمم المتحدة بدورها في هذا الشأن، وسوق النفط. جاء ذلك في البيان، الذي أصدره مجلس الرئاسة السوفيتي، في شأن النزاع في الخليج، وقال فيه (اُنظر وثيقة البيان الصادر عن مجلس الرئاسة السوفيتي الأعلى الداعي إلى استئناف الجهود الدبلوماسية في الخليج يوم الخميس، 24 يناير 1991):

    "بعد الاستماع إلى اتصالات ألكسندر بسميرتنيخ ، وزير الخارجية في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية، في شأن الوضع في الخليج، ومراجعة هذه الاتصالات، ومع الشعور بالأسف العميق، لأن الأزمة أخذت منحًى مأسوياً، وتحولت، في الواقع، إلى صراع ذي أبعاد واسعة، قرر مجلس الرئاسة السوفيتي الأعلى:

·   دعم البيان، الذي أصدره جورباتشوف، رئيس اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية، حول العمليات العسكرية في الخليج.

·   تأكيد ضرورة قيام الحكومة بإطلاع مجلس السوفييت الأعلى، على التطورات بالخليج، بشكل منتظم .

·   منح لجنة الشؤون الخارجية، التابعة لمجلس السوفيت الأعلى، المسؤولية لمركزة المعلومات حول الموضوع، ونقْلها إلى نواب الشعب.

·   يطالب مجلس رئاسة السوفيت الأعلى، الأمم المتحدة وأمينها العام، بإلحاح، بتجديد المبادرات، الهادفة إلى حل الأزمة في الخليج".

        في 25 يناير، أكد الاتحاد السوفيتي، مرة أخرى، أهمية الانسحاب العراقي من الكويت، من أجْل وقف الأعمال العسكرية في الخليج. جاء ذلك من خلال لقاء وزير الخارجية السوفيتي، ألكسندر بسميرتنيخ وفداً فلسطينياً، يضم محمود عباس، أبو مازن، وياسر عبد ربه، عضوَي اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. وقد أبلغ وزير الخارجية السوفيتية الوفد الفلسطيني، أهمية التوصل إلى "صيغة تكفل انسحاب القوات العراقية من الكويت، ووقْف الأعمال العسكرية، بحيث يكون ذلك، كمقدمة لتسوية سياسية كاملة للوضع في الخليج، ثم القيام بعمل نشيط لحل سائر مشاكل الشرق الأوسط".

د. البيان الأمريكي ـ السوفيتي المشترك

    أكد الاتحاد السوفيتي، ضرورة انسحاب القوات العراقية من الكويت والعمل على استقرار وسلام دائمَين، في المنطقة، بعد نهاية الحرب. جاء ذلك من خلال البيان المشترك لوزيرَي الخارجية، الأمريكي والسوفيتي، بيكر وبسميرتنيخ، في ختام اجتماعهما، في واشنطن، في 30 يناير 1991، والذي تضمن عرضاً للعراق، بقبول وقْف إطلاق النار، إذا تعهد، على نحو لا لَبْس فيه، الانسحاب، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن، فوراً (اُنظر وثيقة البيان السوفيتي ـ الأمريكي المشترك الصادر عن وزيرَي الخارجية، السوفيتي بسميرتنيخ والأمريكي جيمس بيكر، خلال المحادثات، التي عقدت في واشنطن يوم الخميس، 30 يناير 1991) و(النص الإنجليزي للوثيقة).

    كما وافق الوزيران على السعي لاستقرار وسلام دائمَين، في المنطقة، بعد نهاية الحرب، على أساس ترتيبات أمنية فاعلة، ستكون لها أولوية لدى حكومتَيهما. كما اتفق الوزيران على تأجيل القِمة، التي كان مقرراً عقدها في فبراير 1991، إلى موعد لاحق، في النصف الأول من العام نفسه. وأكد البيان على اتفاق وجهتَي النظر، السوفيتية والأمريكية، في الحرص على التعاون على أزمة الخليج.

    وقد رحَب الاتحاد السوفيتي بالبيان السوفيتي ـ الأمريكي المشترك، إذ رأى فيه الكرملين تغيّراً ملحوظاً في موقف واشنطن الرسمي من حرب الخليج، يمكنه أن يمهد الطريق أمام تعاون أكبر بين القوّتَين العظمَيَين، في المستقبل.

    كما أعرب المسؤولون السوفيت، ومعلقو وسائل الإعلام الرسمية، عن الارتياح إزاء نتيجة المحادثات، التي جرت في واشنطن، بين وزير الخارجية الأمريكي، بيكر، ونظيره السوفيتي، بسميرتنيخ.

    وفي حديث إلى التليفزيون السوفيتي، وصف بسميرتنيخ البيان بأنه مهم. كما وصفه بأنه أول بيان مشترك بين الدولتَين العظمَيَين، في شأن القضايا العربية ـ الإسرائيلية، منذ عام 1976. وقال بسميرتنيخ إنه حاول وبيكر، التطلع إلى مرحلة ما بعد الحرب في الكويت، للنظر في أزمة الشرق الأوسط، في إطارها الأشمل.

هـ. الاتحاد السوفيتي، يحذّر من إمكانية تراجع العلاقات بالولايات المتحدة الأمريكية

    في 31 يناير 1991، ومع تصاعد القتال في الخليج، حذّر الاتحاد السوفيتي، في تصريح لوزير الخارجية السوفيتي ألكسندر بسميرتنيخ، بإمكان تراجع العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة الأمريكية، بسبب الخلاف في أسلوب إيجاد حل لإيقاف إطلاق النار. وأكد أن بلاده ما زالت مركزاً في السياسة العالمية. وأن العالم ذا القطَبين قارب الانتهاء، وسيظهر مكانه عالَمُ أقطابٍ عدة.

و. محاولات الاتحاد السوفيتي لإحلال السلام

    في 4 فبراير 1991، أكد الاتحاد السوفيتي ضرورة تنفيذ قرارات مجلس الأمن، والتوصل إلى حل سلمي سريع لأزمة الخليج، بدلاً من الصراع المسلح. وجاء ذلك في بيان صادر عن اللجنة المركزية، قالت فيه: "إن اللجنة المركزية، إذ تعبّر عن قلقها العميق، إزاء التطورات المتصاعدة في حرب الخليج، فإنها تدعو القيادة السوفيتية إلى اتخاذ مزيد من الخطوات الضرورية، على ساحة المجتمع الدولي في الأمم المتحدة، لوقف نزيف الدم، والحيلولة دون تدمير البيئة، وتحويل الصراع العسكري إلى جهود للحل السلمي، بما يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة".

    وفي 7 فبراير، وافق الاتحاد السوفيتي، على مبادرة إيران، لإحلال السلام في منطقة الخليج. جاء ذلك عقب المباحثات، بين نائب وزير الخارجية السوفيتي، ألكسندر بيلونوجوف ، مع وزير الخارجية الإيراني، "علي أكبر ولايتي (Ali Akbar Velayati)، في طهران. وقد أعرب الجانب السوفيتي عن ترحيبه بالمبادرة الإيرانية، لإحلال السلام في منطقة الخليج. وأكد وزير الخارجية الإيراني، في ضوء ما أذاعته وكالة "تاس" السوفيتية، أن إيران، ترفض أي محاولات لتحويل الصراع إلى حرب بين المسيحيين والمسلمين. كما أكد نائب وزير الخارجية السوفيتي، أن التدمير المتعمد للمناطق السكنية في العراق، لا يطابق ما تضمنه قرار مجلس الأمن الدولي.

ز. توجيه نداء إلى الرئيس العراقي

    وفي 9 فبراير، وجّه الرئيس السوفيتي، ميخائيل جورباتشوف، نداءً إلى صدام حسين، دعاه فيه إلى أن يكون واقعياً. وأعلن أنه سيوفد ممثلاً شخصياً إلى بغداد، لإقناع الرئيس العراقي بتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي. وقال جورباتشوف، "إن أحداث الحرب، اتخذت شكلاً مأسوياً. وإن تطوراتها، قد أثارت فزعاً في المجتمع السوفيتي، خاصة أن الحرب تدور بالقرب من حدود الاتحاد السوفيتي، وأن الضحايا تتزايد، ومن بينهم سكان مدنيون. كما دعا إلى عدم استخدام أسلحة الدمار الشامل في المنطقة، وعدم تجاوز الحرب لأهدافها" (اُنظر وثيقة النص الإنجليزي بيان الرئيس السوفيتي، ميخائيل جورباتشوف في شأن إقناع الرئيس العراقي، بتنفيذ قرارات مجلس الأمن في 9 فبراير 1991).

    ومن ناحية أخرى، كررت إذاعة بغداد موقفها المتشدد بالقول: "إن العراق، لم يطلب وقْف إطلاق النار، في الأسبوع الأول من الحرب. ولن يقبل أبداً وقْف إطلاق النار، إلا بعد تحقيق النصر الكامل".

    وفي 12 فبراير، بدأ التحرك الدبلوماسي السوفيتي، من أجْل إيجاد حل لوقف إطلاق النار، ولحث العراق على الانسحاب من الكويت. فوصل إلى بغداد المبعوث السوفيتي، يفجيني بريماكوف ، حاملاً رسالة من الرئيس جورباتشوف إلى الرئيس صدام حسين، تدعوه إلى قبول الانسحاب من الكويت، في مقابل ضمانات معينة للعراق.

    وفي اليوم نفسه، استقبل الرئيس العراقي المبعوث السوفيتي، بحضور بعض أعضاء مجلس قيادة الثورة. وقال بعض المصادر، إن الرئيس أكد للمبعوث السوفيتي النقاط التالية:

(1)  إن العراق، دعا، دائماً، إلى معالجة الأوضاع في المنطقة، ومنها الوضع في منطقة الخليج العربي، من طريق الحوار، وبالوسائل السياسية والسلمية. وأن موقف العراق ثابت في هذا الشأن، فهو مستعد، دائماً، للعمل من أجْل الوصول إلى حل سلمي عادل، ومشرِّف، لكل قضايا المنطقة.

(2)  إن العراق، يتعرض، الآن، لعدوان انتقامي، تدميري، تشنه الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها، وإن هذا العدوان، يستهدف قتْل أبناء شعب العراق، وتدمير البنية التحتية المدنية، التي بناها شعب العراق، وممتلكاته، الاقتصادية والثقافية والعلمية، ومراكزه الدينية، وكل ما هو عزيز من تراثه، وذلك بهدف النَّيل من إرادته.

(3)  إن الجرائم، التي ترتكبها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها، اقتُرِفَت تحت ستار القرار الرقم 678، الصادر عن مجلس الأمن، والذي شارك الاتحاد السوفيتي في إقراره. لذلك، فإن الاتحاد السوفيتي، يتحمل مسؤولية، قانونية وسياسية وأخلاقية، إزاء هذه المسألة. وإن المطلوب، الآن، هو العمل الحاسم لإيقاف هذه الجرائم الوحشية، ومنع الولايات المتحدة الأمريكية من تحقيق أهدافها.

(4)  إن العراق مُستعد للتعاون مع الاتحاد السوفيتي، ومع الدول والهيئات المختصة، على البحث عن تسوية سياسية سلمية، عادلة ومشرّفة، لكافة القضايا الجوهرية في المنطقة، ومنها الوضع في الخليج.

    أمل الاتحاد السوفيتي، أن يتغير موقف القيادة العراقية، بعد زيارة المبعوث السوفيتي، مما يؤدي إلى وقف الحرب. وقد وضح ذلك، من خلال تصريح للمتحدث الرسمي باسم المبعوث السوفيتي، عقب المباحثات، التي دارت في بغداد، بين بريماكوف والرئيس صدام حسين، التي أشاعت التفاؤل بإمكانية وقف الحرب، الناجم عن تغيّر في موقف القيادة العراقية.

    وفي 14 فبراير، أطلع الاتحاد السوفيتي الولايات المتحدة الأمريكية، على نتائج محادثات مبعوثه، يفجيني بريماكوف، إلى بغداد. وجاء ذلك في مكالمة هاتفية، بين وزيرَي الخارجية، الأمريكي، جيمس بيكر، والسوفيتي، ألكسندر بسميرتنيخ. تبعتها مذكرة خطية، سلّمها القائم بالأعمال السوفيتي في واشنطن، إلى الوزير الأمريكي. ولم تفصح المصادر عن فحوى المحادثات، ولكنها رددت ما سبق أن أعلنه بريماكوف، من أن هناك بعض الأمل والمرونة.

ح. المبادرة العراقية لوقف إطلاق النار

    في الحادية عشرة والنصف، قبل ظهر يوم 15 فبراير 1991، أذاع مجلس قيادة الثورة في العراق، بياناً، أعلن فيه استعداده لتطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 660 لعام 1990، بهدف التوصل إلى حل سلمي مشرّف، ومقبول، بما في ذلك مبدأ الانسحاب. وطالب البيان بوقف إطلاق النار، وإلغاء بقية قرارات مجلس الأمن اللاحقة، والخاصة بفرض المقاطعة والحظر. وسحب الولايات المتحدة، والدول الأخرى، قواتها من المنطقة، خلال شهر. وأشار البيان إلى ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة (اُنظر وثيقة بيان مجلس قيادة الثورة العراقي في شأن مبادرة الانسحاب من الكويت الصادر في 15 فبراير 1991) و(النص الإنجليزي للوثيقة).

    وفور إعلان العراق مبادرته، صرح وزير الخارجية السوفيتي، ألكسندر بسميرتنيخ، بأن التصريحات العراقية الأخيرة، الواعدة بالانسحاب من الكويت، تمثل مبادرة مهمة على طريق الحل.

    وفي 16 فبراير، أعرب بيان، أعلنه المتحدث الرسمي باسم الخارجية السوفيتية، فيتالي تشوركين عن أن هناك أملاً، أن يشكل الاقتراح العراقي نقطة انطلاق نحو السلام، وليس مواصلة حملة الدعاية العقيمة. وأضاف أن الأمر المهم، في نظرنا، هو أن القيادة العراقية، تتحدث، حالياً، عن الانسحاب من الكويت. ولكن هذا الاستعداد، الذي يشكل أمراً أساسياً، تذيله، للأسف، بعدد كبير من الشروط، كفيلـة بتحويله إلى لا شيء.

    أما وكالة "تاس" السوفيتية للأنباء، فقد أفادت، أن الرئيس جورباتشوف، ووزير الخارجية الإيرانية، رأيا، خلال مباحثاتهما، في الكرملين، في 15 فبراير1991، أن إعلان القيادة العراقية، هو مؤشر إيجابي. غير أنهما أكدا أنهما ينتظران توضيحات من وزير الخارجية العراقية، طارق عزيز، المنتظَر وصوله إلى موسكو، في 17 فبراير.

ط. خطة سلام سوفيتية، بعد المباحثات بين طارق عزيز والمسؤولين السوفيت

    على أثر المباحثات، التي دارت في موسكو، في 18 فبراير 1991، بين وزير الخارجية العراقي، طارق عزيز وكلٍّ من الرئيس السوفيتي، جورباتشوف، ووزير خارجيته بسميرتنيخ، والمبعوث السوفيتي، بريماكوف ـ حرص المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السوفيتية، سيرجي جريجورييف (Sergei Grigoriev)، على القول إنه خلال المباحثات بين وزير الخارجية العراقي والرئيس السوفيتي، قدم الرئيس جورباتشوف خطة سلام سوفيتية، تشتمل على عدة قضايا متعلقة بمنطقة الخليج. وقال المتحدث، إن الاتحاد السوفيتي، سيشارك في إيجاد حل سلمي، إذا انسحب العراق، من دون أي شروط، من الكويت.

    وأكد أن الخطة، التي حملها وزير الخارجية، طارق عزيز، إلى بغداد، تتضمن النقاط التالية:

(1)  الانسحاب العراقي غير المشروط من الكويت، وعودة الشرعية إليها.

(2)  توفير ضمانات معينة، تتعلق بمستقبل النظام في العراق ووحدة أراضيه، ورفع العقوبات الدولية عنه.

    كما ذكر المتحدث الرسمي، جريجورييف، لشبكة (BBC)، أن الرئيس جورباتشوف، أرسل ملخص الخطة إلى الرئيس الأمريكي، بوش، وكذلك إلى رئيس الوزراء البريطاني، جون ميجور.

    وفي 20 فبراير، أعلن يفجيني بريماكوف، مبعوث الرئيس جورباتشوف، أن العراق، الآن، هو أقرب إلى اتخاذ قرار في شأن سحب قواته من الكويت، منه في أي وقت مضى. وأضاف "أن مبررات التفاؤل، أصبحت أكثر من الماضي، إلا أن بدء العمليات البرية، سوف يُعَقد الوضع إلى أقصى حد".

ي. الرد العراقي على الخطة السوفيتية

    في 22 فبراير 1991، أعلنت موسكو، على لسان المتحدث الرسمي باسم الرئيس جورباتشوف، فيتالي إيجناتنكو (Vitaly Ignatenko)، أن العراق رد، بإيجابية، على خطة الرئيس ميخائيل جورباتشوف. وسلّم رد بغداد وزير الخارجية العراقية، طارق عزيز، خلال اجتماع إلى الرئيس السوفيتي، في الكرملين. وأمكن الاتفاق على ثماني نقاط، هي (اُنظر وثيقة النص الإنجليزي لخطة السلام السوفيتية في 22 فبراير 1991):

(1)  يعلن العراق انسحاب قواته، من دون قيد أو شرط، من الكويت.

(2)  يبدأ الانسحاب منذ اليوم التالي لوقف إطلاق النار.

(3)  تجري عملية الانسحاب وفق جدول زمني مُحدَّد.

(4)  تُرفع العقوبات، التي فرضتها الأمم المتحدة، عن العراق، بعد انسحاب ثلثي القوات العراقية من الكويت.

(5)  بعد انتهاء الانسحاب، تنتهي فاعلية قرارات الأمم المتحدة، المفروضة على العراق.

(6)  يبدأ الإفراج عن الأسْرَى، فور البدء بوقف إطلاق النار.

(7)  تضطلع دول، غير المشاركة في قوات التحالف، بمراقبة الانسحاب العراقي، تحت إشراف الأمم المتحدة.

(8)  استمرار العمل على تدقيق صياغة تفاصيل هذه الاتفاق. ويبلغ مجلس الأمن النتائج، يوم الجمعة.

ك. الخطة النهائية السوفيتية، طبقاً للاتفاق السوفيتي ـ العراقي

    وفي 22 فبراير، أعلن المتحدث باسم الرئيس جورباتشوف، فيتالي إيجناتنكو، أنه بعد محادثات مكثفة، في موسكو، مع طارق عزيز، وافق العراق على المقترح النهائي، المتضمن النقاط الست التالية (اُنظر وثيقة النص الإنجليزي لخطة السلام السوفيتية الأخيرة في 22 فبراير 1991) و(وثيقة النص الإنجليزي لبيان فيتالي إجناتنكو، المتحدث الرسمي للرئيس السوفيتي في 22 فبراير 1991 في شأن خطة السلام السوفيتية) و(وثيقة النص الإنجليزي لبيان وزير الخارجية العراقي، طارق عزيز في شأن الموافقة على خطة السلام السوفيتية في موسكو، في 23 فبراير 1991):

(1)  يوافق العراق على تنفيذ القرار الرقم 660، الصادر عن مجلس الأمن الدولي، والداعي إلى انسحاب القوات العراقية، من الفور، ومن دون شروط، إلى المواقع التي كانت تتمركز فيها، قبل الغزو، في 2 أغسطس 1990.

(2)  يبدأ انسحاب القوات في اليوم التالي لوقف إطلاق النار في شتى أنحاء المنطقة، براً وجواً وبحراً.

(3)  تنسحب القوات من مدينة الكويت خلال 4 أيام من بدء الانسحاب، على أن يكتمل انسحابها من البلد، في غضون 21 يوماً.

(4)  تتوقف جميع قرارات مجلس الأمن الدولي، في شأن الأزمة، فور تنفيذ الانسحاب الكامل، إذ إن الأسباب، التي دعت إليها، قد انتهت.

(5)  يُطلَق أسرْى الحرب، خلال ثلاثة أيام من وقف إطلاق النار، وانتهاء العمليات العسكرية.

(6)  يراقب وقف إطلاق النار والانسحاب مراقبون من قوات حفظ سلام، يقررها مجلس الأمن الدولي.

ل. الاتحاد السوفيتي، يعلن موافقة العراق على الخطة السوفيتية المعدلة

    صرح فيتالي إيجناتنكو، المتحدث الرسمي باسم الرئيس السوفيتي، جورباتشوف، بعد محادثات طارق عزيز في موسكو، أن العراق قد وافق على المقترحات المعدلة، في الخطة السوفيتية، والتي تشمل النقاط الأربع التالية:

(1)  انسحاب العراق غير المشروط، من الكويت، خلال ثلاثة أسابيع.

(2)  تسليم أسْرى الحرب، خلال ثلاثة أيام من وقف إطلاق النار.

(3)  اضطلاع الأمم المتحدة بعملية المراقبة والإشراف، فور توقف إطلاق النار.

(4)  إيقاف العمل بقرارات مجلس الأمن، الصادرة في شأن الأزمة.

    وقال المتحدث الرسمي، أن الرئيس السوفيتي، أبلغ الرئيس الأمريكي، بوش، هاتفياً، الخطة السوفيتية للانسحاب العراقي. ولكن الرئيس جورباتشوف، فشل في الحصول على موافقته على الخطة.

    وقد علق مبعوث الرئيس السوفيتي إلى منطقة الشرق الأوسط، يفجيني بريماكوف، على هذه الخطة، قائلاً: لقد حقق الاتحاد السوفيتي إنجازاً ضخماً، في محاولة لإيجاد تسوية سياسية في الخليج. وعلى ذلك فإنه إذا بدأت، الآن، الحرب البرية، فسيتحمل هؤلاء الذين بدأوها المسؤولية الكاملة عنها.

    وفي 22 فبراير، رد الرئيس جورج بوش على إعلان موسكو، موافقة العراق على خطة سوفيتية لتسوية أزمة الخليج، ببيان قصير، تضمن إنذاراً إلى العراق (اُنظر وثيقة بيان الرئيس الأمريكي، جورج بوش في يوم 22 فبراير 1991 ويتضمن إنذاراً موجَّهاً إلى الرئيس العراقي، صدام حسين بوجوب بدء الانسحاب من الكويت) و(النص الإنجليزي للوثيقة)، يوجب الانسحاب من الكويت، قبْل الساعة 1700، بتوقيت جرينتش، في 23 فبراير 1991، إذا أراد تفادي الحرب البرية. واتهم بوش العراق بممارسة سياسة "الأرض المحروقة" في الكويت، من طريق إشعال النار في آبار النفط ومنشآته.

م. رد الفعل السوفيتي على المقترح الأمريكي

    في ضوء البيان، الذي أعلنه الرئيس بوش، بانسحاب العراق غير المشروط، محدداً توقيتاً لانتهاء هذا الانسحاب، قال المتحدث الرسمي السوفيتي، سيرجي جريجورييف، إذا بدأ صدام حسين انسحابه، طبقاً للشروط الأمريكية، فإنه يكون قد نفذ الانسحاب غير المشروط من الكويت. ولكنه إذا لم يستجب، فإن ذلك من شأنه أن يُعجل في بداية الحرب البرية.

    وفي 23 فبراير، صرح، فيتالي إيجناتنكو، المتحدث الرسمي باسم الرئيس جورباتشوف، أن الرئيس السوفيتي، طلب من الرئيس بوش، إرجاء الهجوم البري للقوات المتحالفة، لمدة يوم واحد أو يومَين اثنين، لإتاحة الوقت للأمم المتحدة، كي تدرج الخطة السوفيتية للسلام في شروط القوات المتحالفة، لوضع نهاية للقتال.

2. مع بدء الحرب البرية (24 فبراير 1991 بتوقيت مسرح العمليات)

أ. رد فعل الحكومة السوفيتية، إزاء الهجوم البري لقوات التحالف

    في 24 فبراير 1991، ومع بدء الحرب البرية، عبّر وزير الخارجية السوفيتي، في بيان صادر عن الحكومة السوفيتية، عن أسفه لبدء قوات التحالف هجومها البري، من دون أن تتيح الوقت اللازم، لإنجاح الجهود الدبلوماسية المتعلقة بالسلام. وضياع الفرصة الحقيقية، من أجْل إحلال السلام، بدلاً من الصراع، والتي تحقق الأهداف، التي طالب بها مجلس الأمن، من دون أي خسائر (اُنظر وثيقة النص الإنجليزي لبيان الحكومة السوفيتية في 24 فبراير 1991) .

ب. الانسحاب العراقي غير المشروط، من الكويت

    في 25 فبراير 1991، صرح السفير السوفيتي لدى الأمم المتحدة، يولي فورونتسوف (Yuli Vorontsov)، أنه يعتقد أن العراق يُجهز، حالياً، للانسحاب غير المشروط من الكويت، طبقاً للخطة، التي أعلنها الرئيس بوش، نيابة عن دول التحالف، في الأسبوع الماضي.

ج. العراق بدأ الانسحاب

    وفي 26 فبراير، ذكر وزير الخارجية السوفيتي، ألكسندر بيلونوجوف، أن السفير السوفيتي لدى بغداد، أخبره أن وزير الخارجية العراقي، طارق عزيز، قال، إن الانسحاب بدأ، بالفعل، وسيُكتمل خلال فترة زمنية قصيرة.

    كما دعا الرئيس السوفيتي، جورباتشوف، إلى وضع نهاية سريعة للحرب في الخليج، حتى يمكن العالم إيجاد تسوية شاملة في الشرق الأوسط. وحثّ واشنطن على عدم تدمير ما تحقق من تقدم، في العلاقات بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية.

3. المواقف وردود الفعل، داخل الاتحاد السوفيتي، حتى نهاية يناير 1991

    أدت الحرب في الخليج إلى ارتفاع الأسعار، في الاتحاد السوفيتي. فتضاعف سعر المواد الغذائية إلى نحو المثلين والنصف، والسلع الاستهلاكية إلى نحو المثلَين. مما اضطر الحكومة السوفيتية إلى تسيير دوريات عسكرية، في المدن الكبرى، من قوات الجيش والشرطة والاستخبارات، من أجْل الحفاظ على الأمن الداخلي.

    وعلى مستوى السياسة الداخلية، حذّر عدد من أنصار التيار المتشدد في الحزب الشيوعي السوفيتي، الولايات المتحدة الأمريكية، من تجاوز التفويض، الذي منحته الأمم المتحدة، من أجْل تحرير الكويت، مُعربين عن مخاوفهم ممّا أسموه بمحاولة واشنطن فرض إرادتها على الشرق الأوسط. كما صرح فالنتيني فالين (ValantiValine)، رئيس الإدارة الدولية في الحزب الشيوعي، بأن على موسكو ألاّ تدع شعب العراق يعاقَب، ويتحمل مسؤولية سياسة، لم يخترها بإرادته.

4. المواقف وردود الفعل، داخل الاتحاد السوفيتي، حتى نهاية فبراير 1991

    أكدت التقارير الواردة من موسكو، أن الضغوط الداخلية، تتزايد، حالياً، على القيادة السوفيتية، من أعضاء الحزب الشيوعي، في الجيش والمؤسسة السياسية، بسبب موقفها من حرب الخليج، وتطالبها بالتحلل من تأييدها للحرب.‏ أما أفراد الشعب، فلا يهتمون كثيراً بأمر الحرب، بسبب انشغالهم بمشاكلهم الداخلية. وتؤكد التقارير، أن ضعف مركز الرئيس جورباتشوف، قد يؤدي، بالضرورة، إلى تقوية المتطرفين.

    العسكريون وبعض المسؤولون السوفيت يستنكرون قصف الشعب والاقتصاد العراقيَّين

    استنكر المارشال سيرجي إفرومييف (SerjiIvromiev)، المستشار العسكري للرئيس جورباتشوف، في حديث إلى وكالة "أنترفاكس"، غير الرسمية، أن قصف قوات التحالف، استهدفت الشعب والاقتصاد العراقيَّين، وهو أمر لا يمكن السكوت عليه أكثر من ذلك. وإذا اقتضى الأمر، يجب أن نذهب إلى مجلس الأمن، ونقول إن المعارك يجب أن تدور في الإطار، الذي حددته القرارات، أو أن تتوقف الحرب. وأضاف أنه لا يمكن السكوت على قصف الملجأ في بغداد، الذي أوقع مئات القتلى المدنيين.

    كما انتقد الجنرال فلاديمير لوبوف، مساعد رئيس أركان الجيش السوفيتي، وقائد حلف وارسو، تطوّر سير الحرب، مؤكداً أنه يجب ألاّ يُسمح لأحد باستخدام قرارات مجلس الأمن، كستار من الدخان، لتغطية المذبحة، التي تجري على الأراضي العراقية. كما أعرب لوبوف عن قلقه من اختبار الأسلحة المتقدمة، مثل صواريخ كروز، أو طائرات ستيلث، ورأى أن ذلك، قد يخل بالتوازن النوعي في مجال الأسلحة، وتترتب عليه آثار خطيرة، في المستقبل. كما لفت لوبوف إلى أن الائتلاف المناهض للعراق، قد تجاوز تفويض الأمم المتحدة، إلى "عملية إفناء للسكان المدنيين".

    أمّا نائب الناطق باسم الرئيس جورباتشوف، سيرجي جريجورييف فقد صرح لشبكة (NBC) الأمريكية، عن رأيه في الموقف في الخليج، قائلاً: "ليس لدى الكرملين مصلحة خاصة في بقاء صدام في الحكم، أو في خروجه منه؛ وإنما مصلحته في استتباب السلم في الخليج، خصوصاً أن المنطقة، ليست بعيدة عن الحدود الجنوبية لبلادنا". وأشار جريجورييف إلى التشابك والترابط، بين العوامل السوفيتية، الخارجية والسياسية. وأعرب عن اعتقاده، أن الفرص متاحة لتفادي الحرب البرية، وأنه سيكون من الصعب التفاوض، إن بدأت، وسيكون من المستحيل، عملياً، تفادي تصعيد النزاع. وألمح جريجورييف إلى أن الاتحاد السوفيتي، يعتقد أن العراق، الآن، يحتاج إلى حفظ ماء الوجه، من دون أن يؤدي ذلك إلى تجاوز قرارات الأمم المتحدة.

5. رد فعل الجرائد السوفيتية، إزاء الهجوم البري لقوات التحالف

    رأت الجرائد السوفيتية، ولا سيما جريدة "برافدا"، أن هناك محاولة للهيمنة على العالم، من وراء شن هذا الهجوم البري. واتهمت الدول الغربية بشن هذه الحرب، من أجْل تنشيط اقتصادياتها المتداعية، فضلاً عن تدمير العراق تدميراً تاماً، وهو الهدف الحقيقي لمخططي هذه الحرب.