إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / لجنة الأمم المتحدة، وترسيم الحدود العراقية ـ الكويتية






مواقع الحدود جنوب صفوان
حدود خور الزبير



الفصل الثالث والثلاثون

المبحث الثاني

الأمم المتحدة ـ تخطيط الحدود

أولاً: رسالة أمين عام الأمم المتحدة إلى وزير خارجية العراق

    في 30 أبريل 1991، أرسل خافيير بيريز دى كويلار، أمين عام الأمم المتحدة، رسالة إلى وزير خارجية العراق، أحمد حسين، يبلغه فيها، أنه تسلّم رسالته، المؤرخة في 23 أبريل 1991، المتضمنة تعليقات على المقترحات، في خصوص تنفيذ الفقرة الثالثة، من قرار مجلس الأمن، الرقم 687، لعام 1991، التي يجب أن يقدم أمين عام المنظمة الدولية، تقريراً في شأنها، إلى مجلس الأمن، في موعد لا يتجاوز 3 مايو . وأنه يرحب بقرار العراق، استعداده للتعاون معه، وتسمية ممثله في اللجنة المقترحة لتخطيط الحدود. بيد أن ثمة عدداً من التعليقات، أودّ الرد عليها، تتلخص في الآتي (اُنظر وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة المؤرخ في 6 مايو 1991 في شأن إنشاء لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت):

1.  ترى الحكوم العراقية، أن تخطيط الحدود بين العراق والكويت، ليس من اختصاص مجلس الأمن. وفي هذا الصدد، أودّ الإشارة إلى أن مجلس الأمن، طالب، في الفقرة الثانية، من القرار الرقم 687، لعام 1991، وفقاً للفصل السابع، من ميثاق الأمم المتحدة، بأن يحترم العراق والكويت حرمة حدودهما الدولية، وتخصيص الجُزُر، على النحو المبيَّن في الاتفاق الموقّع بينهما، في أكتوبر 1963. وطلب إلى المجلس، في الفقرة الثالثة من ذلك القرار، أن "أساعد على اتخاذ الترتيبات اللازمة، مع العراق والكويت، لتخطيط الحدود بينهما". وفي رسالتَين متطابقتَين، في 6 أبريل 1991، موجَّهتَين إلى رئيس مجلس الأمن (اُنظر وثيقة رسالتان متطابقتان موجهتان إلى رئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة من وزير الخارجية العراقي في شأن قبول العراق لأحكام قرار مجلس الأمن الرقم 687) آذنت حكومتكم، رسمياً، بقبولها أحكام ذلك القرار. وفضلاً عن ذلك، أعدتم تأكيد قبول حكومتكم، الفقرة الثالثة، من القرار الرقم 687، في نهاية رسالتكم، في 23 أبريل 1991. ولذلك، فإن الإيذان الرسمي المتعدد، الصادر عن حكومتكم، بالقبول، يوفر عنصر الاتفاق فيما يتعلق بالعراق. ونظراً إلى أن حكومة الكويت، قد أعربت لي عن استعدادها، كذلك، للإيفاء، وبإخلاص، بكل ما تقتضيه أحكام القرار، والتعاون معي، من أجل ضمان تنفيذه. وهكذا، يكون الطرفان، قد وفّرا عنصر الاتفاق اللازم.

2.  تذكر الحكومة العراقية، أن إشارة محددة إلى خريطة، أتاحتها المملكة المتحدة، ووصفها المستشار القانوني، وفقاً لما جاء في الرسالة، بكونها "خريطة بريطانية، ورَد ذِكرها في مذكرة التفاهم، عام 1963"، تمثل حكماً مسبقاً على تخطيط الحدود المقترح. ومن وجهة نظر وقائعية محض، أودّ أن أذكر، أن المستشار القانوني للأمم المتحدة، لم يصِف الخريطة، بأنه قد ورَد ذِكرها في مذكرة التفاهم، عام 1963. ورداً على سؤال حول ماهية الخريطة، المشار إليها في الوثيقة الرقم (S/22412)، فقد أُبلغ ممثلكم الدائم، أن الخريطة المقصودة، هي "خريطة من إعداد المملكة المتحدة". إلا أنه من الناحية الفنية، أجد لزاماً عليّ، أن أوضح أن القرار الدولي، ينص على أن يستند تخطيط الحدود إلى "المواد الملائمة" بما فيها الخريطة، الواردة في وثيقة مجلس الأمن الرقم (S/22412). وفي ضوء هذه الصياغة، اقترحت أن تتخذ اللجنة "الترتيبات اللازمة، لتحديد ودراسة المواد الملائمة، المتعلقة بتخطيط الحدود".

3.  تثير الحكومة العراقية أسئلة، حول استقلال الخبراء، الذين سأتولى تعيينهم، للعمل في لجنة الحدود، وتبدي تعليقات على الاقتراح، أن تتخذ القرارات بالأغلبية. وأودّ أن أؤكد لكم، أني سأتخذ قراراتي، كما هو شأني دائماً، عند تعيين الخبراء المستقلين للجنة، على أساس الحاجة إلى كفالة الاستقلال والكفاءة والنزاهة.

4.  لقد طلبت الحكومة العراقية مني، توضيح عبارات، "المواد الملائمة" و"التكنولوجيا الملائمة" و"تحديد ودراسة المواد الملائمة، المتعلقة بتخطيط الحدود". إن من شأن اللجنة، أن تدرس وتحدد الوثائق ذات الصلة، وأن تقرر أي التكنولوجيات أو مجموعة الأساليب، يمكن الاستعانة بها، على أفضل وجه، على الوفاء بالولاية المنوطة بها. وفي رأيي، أنه إذا تجاوزت، في هذه المرحلة، مستوى التفاصيل الواردة في مشروع تقريري، فيما يتعلق بأساليب عمل لجنة الحدود، فسيكون هذا الأمر مساساً بعمل اللجنة، بل عرقلة لاستقلالها.

5.  تعترض حكومتكم على دفع نصف نفقات تخطيط الحدود، على أساس أن آراءها، في شأن مسألة الحدود، لا تراعَى المراعاة التامة. إلا أنه من خلال مشاركة حكومتكم في عمل لجنة الحدود، ستجد آراؤها سبيلاً إلى التعبير عنها. ومع قبول حكومتكم الفقرة الثالثة، من القرار الرقم 687، لعام 1991، سواء في رسالتها، المؤرخة في 6 أبريل 1991، أو في تلك، المؤرخة في 23 أبريل 1991، لا أستطيع أن أرى أي أساس لاعتراضاتها على دفع نصيبها من النفقات، التي ستحددها اللجنة.

6.  إنني (أي خافيير دى كويلار) أعتزم الشروع، من الفور، في إنشاء اللجنة، وسأحيل، تبعاً لذلك، اقتراحاتي هذه، والمراسلات المتبادلة، إلى مجلس الأمن.

ثانياً: لجنة الأمم المتحدة، لتخطيط الحدود بين العراق والكويت (يونيكوم UNICOM)[1]

    كانت عملية تخطيط الحدود، بين العراق والكويت، التي اضطلعت بها الأمم المتحدة، مهمة تقنية، لا مهمة سياسية. وشمل هذا العمل الخطوات التقنية اللازمة، لترسيم الحدود الدولية، للمرة الأولى، وفقاً للإحداثيات الجغرافية الدقيقة، لخطوط العرض والطول، على النحو المحدد في المحضر المتفق عليه، في 4 أكتوبر 1963. وكذلك، وضع الترتيبات اللازمة، للتعيين المادي للحدود، من خلال نصب العدد والنوع الملائمين، من الأعمدة أو المعالم الحدودية.

    وفي 2 مايو 1991، قدّم الأمين العام للأمم المتحدة، خافيير بيريز دى كويلار، إلى مجلس الأمن، تقريراً، في شأن الترتيبات، المتعلقة بإنشاء لجنة تابعة للأمم المتحدة، لتخطيط الحدود بين العراق والكويت. وتكون الإحداثيات الجغرافية، التي تحددها اللجنة، هي تخطيط الحدود النهائية، وتُودَع محفوظات هاتَين الدولتَين، على أن تُودَع نسخة مصدقة منها، محفوظات الأمم المتحدة. وللاضطلاع بالتخطيط، تُعوِّل اللجنة على المواد الملائمة، بما في ذلك خرائط طبوغرافية للكويت، أعدها المدير العام للمسرح العسكري، في المملكة المتحدة، على أساس الرسائل المتبادلة، بين العراق والكويت، عام 1932، أو أحيلت إلى الأمين العام، في 28 مارس 1991. وتقرر تقسيم جميع النفقات المترتبة على عمل اللجنة بين الطرفَين المعنيَّين. ووافق مجلس الأمن على الخطة، في 13 مايو 1991، وعقد أول اجتماعاتها، الأحد عشر، في 23 مايو 1991(اُنظر وثيقة رسالة رئيس وزراء العراق، نوري السعيد إلى المندوب السامي البريطاني في العراق في 21 يوليه 1932 يؤكد فيها الحدود العراقية ـ الكويتية)، و(وثيقة رسالة حاكم الكويت، الشيخ أحمد الجابر إلى الوكيل السياسي البريطاني في الكويت في 10 أغسطس 1932 يؤكد فيها موافقته على الحدود العراقية ـ الكويتية).

    ولا بدّ من تناول إجراءات هذه اللجنة ونُظُم عملها، وتشكيلها، والاختصاصات التي حددها مجلس الأمن لعملها، من خلال تتبُّع اجتماعاتها وأعمالها، الميدانية والتقنية، وما اضطلعت به من دراسات، استندت إليها قراراتها النهائية، في شأن ترسيم الحدود، البرية والبحرية، وصولاً إلى تبنِّي مجلس الأمن واعتماده قراراتها، وتعهده ضمان حرمتها، واتخاذه كافة الإجراءات الضرورية لتنفيذ ذلك.

1. إجراءات اللجنة ونُظُم عملها

    اشتملت إجراءات لجنة تخطيط الحدود ونُظُم عملها، على مجموعة من القواعد، تتلخص في الآتي:

أ. القاعدة الأولى، التشكيل

    تُشكَّل اللجنة من ممثل واحد للعراق، وممثل واحد للكويت، وثلاثة من الخبراء المستقلين، يعينهم أمين عام الأمم المتحدة، ويكون أحدهم رئيساً لها.

ب. القاعدة الثانية، الإطار المرجعي

    تُمثِّل الشروط، الواردة في تقرير الأمين العام للمنظمة الدولية فيما يتعلق بالفقرة الثالثة من قرار مجلس الأمن، الرقم 687، لعام 1991، الأطر المرجعية للجنة.

ج. القاعدة الثالثة، النصاب

    يُشترَط لصحة اجتماع اللجنة، حضور ثلاثة، على الأقل، من أعضائها، بمن فيهم الرئيس، وواحد، على الأقل، من ممثلَي الدولتَين.

د. القاعدة الرابعة، تسيير أعمال اللجنة

    تكون كافة اجتماعات اللجنة اجتماعات مغلقة، ما لم تقرر اللجنة غير ذلك. ويعلن الرئيس افتتاح واختتام كل اجتماع من اجتماعاتها، ويدير مناقشاتها، ويمنح الحق في الكلام، ويطرح الموضوعات للتصويت، ويعلن القرارات وقواعد نقاط النظام. وله السيطرة الكاملة على الإجراءات وفقاً لقواعد هذه اللائحة.

هـ. القاعدة الخامسة، القرارات

    قرارات اللجنة، تصدر بالأغلبية.

و. القاعدة السادسة، الخبراء من العراق والكويت

    لممثلَي كلٍّ من العراق والكويت، الاستعانة بخبراء، يحق لهم حضور اجتماعات اللجنة معهما. ولا يُعَدّ هؤلاء الخبراء أعضاء في اللجنة، وليس لهم ممارسة أي حقوق أو وظائف، كأعضاء في اللجنة.

ز. القاعدة السابعة، الخبراء الخارجيون

    يمكن اللجنة طلب خبراء خارجيين، لمعاونتها على عملها، حين تدعو الحاجة.

ح. القاعدة الثامنة، السكرتارية

    يكون سكرتير اللجنة مسؤولاً عن إجراء كافة الترتيبات، المتعلقة بعمل اللجنة، بما في ذلك ترتيبات اجتماعاتها. ويكون مسؤولاً عن توزيع الوثائق والمواد على أعضائها، بناءً على طلب اللجنة، أو طلب رئيسها، أو أي من أعضائها. ويكون مسؤولاً عن إعداد سجلات اجتماعاتها الرسمية.

ط. القاعدة التاسعة

    كل الأمور الإجرائية، التي تثار في الاجتماعات، ولا تغطيها هذه القواعد، يتعامل معها رئيس اللجنة، في ضوء قواعد الإجراءات، المطبقة في لجان الجمعية العمومية.

2. تشكيل اللجنة

    تُعَدّ لجنة تخطيط الحدود، بين الكويت والعراق، جهة مستقلة، أنشأها الأمين العام للأمم المتحدة، تنفيذاً للفقرة الثالثة، من قرار مجلس الأمن الدولي، الرقم 687. وهي تعمل وفقاً للصلاحيات، التي تضمنها تقرير الأمين العام، الصادر في 2 مايو 1991 (اُنظر وثيقة تقرير الأمين العام للأمم المتحدة المؤرخ في 6 مايو 1991 في شأن إنشاء لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت).

    وتشكلت من خمسة أعضاء، على النحو التالي:

مختار كوسوما اتمادجا

وزير خارجية إندونيسيا السابق          

رئيساً

إيان بروك

المدير، وقتئذ، في هيئة المساحة السويدية، " الهيئة الوطنية السويدية لمسح الأراضي "

خبيراً مستقلاً

وليم روبرتسون

مدير المساحة، المدير العام لهيئة المساحة ومعلومات الأراضي، في نيوزيلندا

خبيراً مستقلاً

السفير رياض القيسي

ممثل الجمهورية العراقية

 

السفير طارق رزوقي

ممثل دولة الكويت

 

    وعيِّن مكلوس بنتر، كبير رسامي الخرائط، في الأمانة العامة للأمم المتحدة، أميناً للجنة. وفي 20 نوفمبر 1992، استقال رئيس اللجنة، لأسباب شخصية، فعيَّن أمين عام المنظمة الدولية، خلفاً له، نيكولاس فلتيكوس، المدير العام المساعد السابق، لمكتب العمل الدولي، عضو معهد القانون الدولي.

3. اختصاصات اللجنة وطبيعة عملها

    تتمثل اختصاصات اللجنة في ما يلي:

أ. تخطيط الحدود الدولية، بين الجمهورية العراقية ودولة الكويت، بالإحداثيات الجغرافية لخطوط الطول والعرض، وكذلك، بالتعيين المادي لها، على النحو الوارد في اتفاق 4 أكتوبر 1963. ويجري التعيين المادي للحدود، من طريق وضع قوائم أو نُصُب حدودية، بالعدد والنوع الملائمَين.

ب. الاستعانة بالمواد الملائمة، بما في ذلك الخرائط، الواردة في وثيقة مجلس الأمن، الرقم (S/22412)، وهي مجموعة من عشر خرائط طبوغرافية، صادرة عن المدير العام للمساحة العسكرية، في المملكة المتحدة، من خلال استخدام التكنولوجيا الملائمة.

ج. اتخاذ الترتيبات، من أجْل الصيانة المستمرة للتعيين المادي للحدود، وفقاً لما جاء في الفقرة الرابعة، من تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، الرقم (S/22558) الفقرة (4). ويتطلب ذلك قيام منظمات المسح بما يلي:

(1)  تفقّد الأعمدة والعلامات، على الحدود العراقية ـ الكويتية، سنوياً.

(2)  تقديم تقرير إلى الأمين العام، بعد كل عملية تفقّد الحدود.

(3)  رصد مدى كفاية علامات الحدود، ووضع علامات إضافية، عند الحاجة. وينبغي لموظفي الأمم المتحدة، وموظفي هيئات المساحة، وغيرها من الهيئات المماثلة، الذين سيشاركون في تنفيذ الترتيبات اللازمة، لصيانة التعيين السطحي للحدود ـ أن يتمتعوا بحُرية الحركة، في منطقة الحدود المخططة، إضافة إلى ميزات وحصانات، يقتضيها أداء مهمتهم. ولذلك، راعى الأمين العام للأمم المتحدة، في اختيار أعضاء اللجنة، تمتعهم بأعلى مستوى علمي، وحرصهم على الحيدة، نظراً إلى طبيعة العمل المطلوب إنجازه.

    ويلاحظ من الاختصاصات ما يلي:

أ. مهمة اللجنة مهمة تقنية، وليست سياسية. تتطلب خبرات فنية متخصصة، مع الاستعانة بأجهزة تقنية حديثة.

ب. مهمة اللجنة، من خلال عملية تخطيط الحدود بإعادة توزيع الأراضي، بين الكويت والعراق، إنجاز العمل التقني، الضروري، أولاً، لوضع تحديد دقيق لإحداثيات الحدود، الواردة في المحضر المتفق عليه بين الدولتَين، الذي ينص على ما يلي: "تعترف الجمهورية العراقية باستقلال دولة الكويت وسيادتها التامة، بحدودها المبينة بكتاب رئيس وزراء العراق، بتاريخ 21 يوليه 1932، الذي وافق عليه حاكم الكويت في كتابه، المؤرخ في 10 أغسطس 1932".

ج. عمل اللجنة، يتركز، أساساً، في تخطيط ما سبق الاتفاق عليه، بين دولة الكويت والجمهورية العراقية، عام 1963، الذي يشكل صيغة التحديد، بالنسبة إلى تخطيط الحدود بين البلدَين من جانب اللجنة. ومفاد ذلك، أن اللجنة، لم تعدِّل أو تغيّر الحدود الدولية، لكلٍّ من العراق والكويت.

ثالثاً: اجتماعات اللجنة، والدورات الميدانية

    عقدت اللجنة 83 اجتماعاً، في إحدى عشرة دورة، وكانت أولاها في نيويورك، في 23 ـ 24 مايو 1991. وأُعدت محاضر باجتماعاتها، صُدِّقت وصدرت في نشرات صحفية، لدى اختتام كل دورة.

    أطّلعت اللجنة على صياغة التخطيط، الواردة في الرسائل المتبادلة، عام 1932، المشار إليها في المحضر المتفق عليه، عام 1963. وتداولت مسائل التخطيط ذات الصلة. وأخذت في حسبانها التوضيحات السابقة. واستمعت إلى بيانات للمواقف. ودرست شتى الوثائق والأدلة المتاحة. وشملت هذه المصادر خرائط ورسومات بيانية، وصوراً جوية، ومراسلات دبلوماسية، ومذكرات ووثائق. ونفذ العمل من خلال عقد اجتماعات مغلقة، والاضطلاع بمهام ميدانية، وزيارة المنطقة الحدودية.

    عقب اجتماعها الأول أصدرت اللجنة نشرتها الصحفية الأولى، جاء فيها: "لقد تُبُودِلت الآراء والمناقشات، في جو وُدّي، تسوده روح التعاون. وقد تناولت اللجنة المهمة المنوطة بها، وهي تخطيط الحدود بين العراق والكويت، وأُعِدّ نظام العمل وجدول مبدئي. كما قررت أن تزور المَواقع، في يونية 1991. وسوف تبدأ المناقشات الموسعة، حول خطة عملها، في الثاني من يوليه 1991، في مقر الأمم المتحدة، في جنيف" (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (1) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 24 مايو 1991).

    بادرت لجنة تخطيط الحدود، خلال الفترة من 16 وحتى 18 يونيه 1991، إلى زيارة ميدانية، عقد، خلالها، خبراء اللجنة المستقلون، المعينون من قِبل الأمين العام للأمم المتحدة، اجتماعات مثمرة مع ممثل الكويت وخبراء كويتيين، في مدينة الكويت، عقدوا، كذلك، مناقشات مع ممثل العراق وخبراء عراقيين، في بغداد. وفي 18 يونيه، عمدت اللجنة بأسرها، في رفقة خبراء من العراق والكويت، إلى فحص كامل لطول منطقة الحدود. وقد قُدِّم للجنة تسهيلات للطيران فوق منطقة الحدود بطائراتها العمودية. ويعتزم أعضاء اللجنة مراجعة ما تُوصِّل إليه، إبّان الزيارة الميدانية، خلال المناقشات الموسعة، التي ستبدأ في الثاني من يوليه، في مقر الأمم المتحدة، في جنيف (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (2) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 19 يونيه 1991).

    أجرت اللجنة عملية مسحاً جديداً لخرائط منطقة الحدود. وشُكِّل فريق متخصص، من موظفي هيئتَي المساحة الوطنية، في كلٍّ من نيوزيلندا والسويد. وقد أدلى متحدث باسم اللجنة، في 15 يوليه 1991، بتصريح صحفي يمثل النشرة الصحفية الثالثة، جاء فيه: "لقد أكملت، تواً، "لجنة تخطيط الحدود، بين العراق والكويت، الجولة الثانية من محادثاتها، التي عقدت في جنيف، من 2 إلى 12 يوليه 1991. وأمكن التوصل إلى قرارات في شأن الحاجة إلى مسح جديد ورسم للخرائط، والأسلوب، الذي سيتَّبع في تخطيط الجزء الغربي، في المَوقع القريب من الحدود، على مقربة من صفوان، في الجزء الشمالي، حتى يسهل التخطيط النهائي. وستضطلع مصلحتا المساحة القومية، في نيوزيلندا والسويد، كجهد مشترك، بمسح منطقة واسعة حول الحدود. وقد حدِّدت الجولة التالية من المحادثات، في 12 أغسطس 1991، في جنيف (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (3) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 15 يوليه 1991).

    عقدت لجنة تخطيط الحدود، بين العراق والكويت، دورتها الثالثة، في مكتب الأمم المتحدة، في جنيف، في الفترة من 12 إلى 16 أغسطس 1991. وجاء في نشرتها الصحفية: "أكملت اللجنة النظر في المواد المتاحة، لتخطيط الجزء الشرقي من الحدود. وقد فوضت إلى خبرائها المستقلين مهمة المسح وإعداد الخرائط، لكل الحدود، وتجهيز المواد لمختلف المسائل الفنية، وتقديم تقرير حول ذلك إلى اللجنة. وستعِد اجتماعاً، مرة أخرى، في منتصف أكتوبر، للنظر في تقريرها، وفي ما أسفرت عنه مهمة الخبراء. وسوف تكون النتائج وحصيلة رسم الخرائط، منجزة، في فبراير 1992 (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (4) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 16 أغسطس 1991). وخلال هذه الدورة، رُتِّب مقياسان، للمدّ والجَزْر، في أم قصر، للمساعدة على تحديد خط المياه المنخفضة، في خور الزبير، بدءاً من تقاطعه مع الحدود البرية، إلى نقطة مقابلة لالتقاء خور الزبير وخور عبدالله".

    أجرى فريق المساحة، النيوزيلندي ـ السويدي، أربع دورات ميدانية، شملت، كذلك، النصب النهائي لأعمدة الحدود، خلال خريف 1991، وربيع وخريف 1992، ثم ربيع 1993. وفي نهاية كل دورة، كان الخبيران المستقلان، يتفقدان أعمال الفريق. وزار أمين اللجنة منطقة الحدود ثماني زيارات ميدانية، للمشاركة في عمليات التفقد الموقعية، واتخاذ الترتيبات اللازمة، للأعمال الميدانية وإنشاء مكتب ميداني للجنة. ورفعت اللجنة، عند اكتمال أعمال كل مرحلة رئيسية، تقريراً، في شأنها، إلى الأمين العام للأمم المتحدة (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (4) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 16 أغسطس 1991).

    خلال الفترة من سبتمبر إلى ديسمبر 1991، أمكن تحديد أربعة مراكز إسناد، و 25 مركزاً من مراكز الضبط الأولى، و137 نقطة ضبط فوتوغرافية. وقد حددت هذه المراكز، من خلال عمليات الرصد، التي استخدمت فيها أجهزة دوبلر، وأجهزة النظام العالمي لتحديد المَواقع. ونجم عن ذلك إنتاج خرائط أورثوفوتوغرافية وصور ارتفاعية، مستعرضة، دقيقة، لمنطقة الباطن. كما أُعِدَّت شبكة ضبط أولية، يمكن استخدامها في وضع أعمدة الحدود، لدى تعيينها من قِبل اللجنة.

    اضطلع الفريق السويدي بأعمال التصوير الجوي، مستخدماً طائرات كوماندو نفاثة، مُعَدَّة لهذا الغرض، من ارتفاعَين رئيسيين، يبلغ الارتفاع الأول 5500 م، والارتفاع الثاني ثلاثة آلاف متر. والتقطتْ صور، بمقياسَي رسم 1/ 36000 و1/ 19600، لكلٍّ من الارتفاعَين، على التوالي. وتكونت مراقبة الصور من شبكة، تضم أكثر من 200 محطة مراقبة، ذات إشارات معدَّة سلفاً. وأسفرت عن انتخاب مكاتب المساحة الوطنية، في نيوزيلندا والسويد مجموعة من 29 خريطة فوتوغرافية، عمودية، بمقياس رسم 1/ 25000، ذات كنتورات ارتفاع، بفاصل خمسة أمتار. وكان مسقط الخرائط، المستخدم في إعداد الخرائط الفوتوغرافية، العمودية، هو مسقط ميركاتور المستعرض الدولي (UTM)، بامتداد المنطقة 38، جهة الشرق، لتغطي منطقة الحدود برمّتها. كما بوشر العمل في إعداد خرائط مفصلة، إضافية، للجزء الغربي من الحدود، المعروف باسم وادي الباطن. وجرى إعداد حوالي 1420 صورة فوتوغرافية، مساحية، ضوئية، مستعرضة، بطول 3.5 كم، بفواصل قدرها 100م لطول الوادي. واستخدمت هذه الصور في تحديد أدنى خط نقطة، في الوادي. كما أنشئ، كذلك، نماذج رقمية إحداث كنتورات، بارتفاع مترين. وفضلاً عن ذلك، استخدمت صور، ثلاثية الأبعاد، بالاستعانة بالحاسبات الآلية في تفسير البيانات (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (5) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 15 أكتوبر 1991). و(وثيقة التصريح الصحفي الرقم (7) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 16 أبريل 1992).

    وقدم الخبراء المستقلون إلى اللجنة، تحليلات مستفيضة، في شكل وثائق مفصلة لكافة البيانات المتاحة، لتحديد مَوقع الحدود، عند النقاط الرئيسية، في جنوب صفوان، والطرف الشمالي لوادي الباطن، وأم قصر، على الشاطئ الغربي من خور الزبير، وملتقى خور الزبير وخور عبدالله. وفي صفوان، تمكن الخبراء المستقلون من تعيين مركز الجمارك القديم، والطريق القديم، بوساطة الصور الفوتوغرافية الجوية، واستخدام أحدث الأساليب العلمية في تحديد المَواقع. وبناء على ذلك، تمكن الخبراء المستقلون من إعادة تحديد مَوقع اللافتة، جنوب صفوان، أقرب ما يمكن إلى مَوقعها الأصلي، الذي ميز الحدود، أثناء الفترة من 1923 إلى 1939. ويتوافق اتجاه الحدود، الواقعة إلى الغرب من هذه المنطقة، مع رسوماتها السابقة وتبدأ من مَوقع اللافتة، الذي أُعيد تحديده. وتوافق الحدود، عند أم قصر، خريطة رسوماتها السابقة، والخريطة الملحقة بوثيقة مجلس الأمن، الرقم (S/22412) (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (6) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 5 مارس 1992). و(وثيقة التصريح الصحفي الرقم (7) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 16 أبريل 1992).

    قُورِنت النتائج، وحُوِّلت إلى خرائط أوثروفوتوغرافية، عمودية، جديدة، متناهية الدقة. وناقشتها اللجنة، في دوراتها الخمس، التي عقدتها في الفترة من مايو 1991، إلى أبريل 1992. وراجعت اللجنة، في دورتها الخامسة، التي عقدت في مقر هيئة الأمم المتحدة، في نيويورك، في الفترة من 8 إلى 16 أبريل 1992، العمل الميداني لفريق المسح، المشترك، النيوزيلندي ـ السويدي، المنوط به عمل الخرائط الأورثوفوتوغرافية[2]. لمنطقة الحدود العراقية ـ الكويتية. وأنشئ، من أجْل الضبط المساحي، أربعة مراكز إسناد و 25 مركزاً من مراكز الضبط الأولي، على مسافات، تتراوح بين 15 و25 كم، على طول الحدود، استخدمت في مراقبتها أجهزة دوبلر، وأجهزة النظام العالمي (GPS) (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (7) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 16 أبريل 1992).

    شارك جميع أعضاء اللجنة في الدورات الخمس الأولى، بين 23 مايو 1991و 16 أبريل 1992، واعتمدت فيها اللجنة نظامها الداخلي، واتخذت قرارات، في شأن الحدود البرية، ودرست قطاع خور عبدالله (البحْرية). ولم يحضر ممثل العراق الدورات الست التالية، بين 15 يوليه 1992 و20 مايو 1993. ولكن، أُرسلت إليه جميع وثائق اللجنة ومحاضر الجلسات، ذات الصِّلَة.

    ويرجع قرار العراق وقف مشاركته في اجتماعات اللجنة، إلى اعتقاده أن عمل اللجنة سياسي، أي أن حكومتَي الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، بوجه خاص، تسعيان إلى حرمان العراق حقوقه، وتبرير استمرار وجود قواتهما المسلحة، وقواعدهما العسكرية، في المنطقة. وبعد اتخاذ القرار الرقم 687، لعام 1991، ادعّى العراق أن مجلس الأمن، يفتقر إلى الاختصاص القانوني، للبت في مسائل الحدود؛ وهو ما كرره في رسائل، مؤرخة في 1 يونيه و 13 يوليه و 27 أغسطس 1992، يتناول فيها، تحديداً، عمل لجنة تخطيط الحدود. ومع ذلك، أكد موافقته على أحكام ذلك القرار، ذات الصِّلَة، وأعرب عن استعداده للتعاون مع الأمين العام للأمم المتحدة، وللمشاركة في أعمال اللجنة.

    ورد مجلس الأمن، في 17 يونيه و26 أغسطس 1992، على قرار العراق وقف مشاركته في اجتماعات لجنة تخطيط الحدود، بالإعراب عن تأييده الكامل أعمال اللجنة وإشارته إلى أن اللجنة، "لا تعِيد توزيع الأراضي بين الكويت والعراق"، وإنما دورها "إنجاز مهمة تقنية" (اُنظر وثيقة بيان لرئيس مجلس الأمن في 17 يونيه 1992 في شأن لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت). و(وثيقة قرار مجلس الأمن الرقم 773 الصادر في 26 أغسطس 1992 في شأن عمل لجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت).

    ورفض المجلس، كذلك، بحزم، أي موقف عراقي، "يجادل في وجود الكويت، الدولة العضو في الأمم المتحدة". وأعرب عن خشيته أن يكون موقف العراق رفضاً لصفة النهائية، التي تتسم بها قرارات اللجنة، على الرغم من موافقته على أحكام القرار الرقم 687، لعام 1991.

    وتوصلت اللجنة، في دورتها الخامسة، من خلال الالتزام بصيغة تحديد الحدود، والاستناد إلى النتائج، التي قدمها الخبراء المستقلون، وإمعان اللجنة النظر فيها ـ إلى قرارات، في شأن الحدود، من خلال التصويت، الذي لم يشارك فيه ممثل العراق. وهي (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (7) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 16 أبريل 1992):

1.  إن العمود الحدودي الرقم (1)، على الحدود العراقية ـ السعودية، سيكون نقطة البداية للحدود، على امتداد ثالوج ـ وادي الباطن، ومن ثم، النقطة الثلاثية، للعراق والكويت والمملكة العربية السعودية.

2.  إن الحدود، جنوبي صفوان، ستعيَّن على مسافة 1430م، من أقصى الجنوب الغربي لحائط حوش مركز الجمارك القديم، على طول الطريق القديم، من صفوان إلى الكويت.

3.  إن الحدود، عند النهاية الشمالية لوادي الباطن، ستكون عند نقطة تقاطع ثالوج ـ الوادي وخط عرض النقطة، الواقعة جنوبي صفوان.

4.  إن الحدود، جنوبي أم قصر، ستتفق مع الموضوع، الذي يتقاطع فيه خط الحدود مع الشاطئ الغربي لخور الزبير، الوارد في الخريطة (5549-1) من المسلسل (K 7611)، الذي أعدّته المساحة العسكرية، في المملكة المتحدة.

5.  إن ملتقى خور الزبير وخور عبدالله، سيكون خير خط، أمكن تحديده، في فترة 1932 وقد أعيد تحديد وضعه، من قِبل اللجنة، باستخدام خرائط أورث وفوتوغرافية.

    وقررت اللجنة كذلك، الآتي (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (7) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 16 أبريل 1992). و(وثيقة التصريح الصحفي الرقم (8) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 6 مايو 1992):

1.  إن خط الحدود، في وادي الباطن، سيكون خطاً مستقيماً، من القطاعات، التي تقدَّر بنحو كيلومترَين، طولاً، وفق أحسن التقديرات لأدنى نقطة في الوادي.

2.  إن خط الحدود، من نهاية الطرف الشمالي لوادي الباطن، إلى النقطة، جنوبي صفوان، سيكون مساره على امتداد خط العرض المعتاد لهذه النقطة.

3.  إن خط الحدود، من النقطة، جنوبي صفوان، إلى النقطة، جنوبي أم قصر، سيكون أقصر خط، يصل بين هاتَين النقطتَّين.

4.  خط الحدود من النقطة، جنوبي أم قصر، على الشاطئ سيتبع أدنى خط انحسار المياه، حتى الموضع المقابل مباشرة لتقاطع خور الزبير وخور عبدالله.

    عقدت لجنة تخطيط الحدود دورتها السادسة، في نيويورك، في الفترة من 15 إلى 24 يوليه 1992، وأعدّت تقريراً آخر، في شأن الحدود البرية، واتفقت على ترتيبات التعيين المادي لهذه الحدود. وذكرت اللجنة، أن تخطيط الحدود البرية، قد أمكن، بعد تحليل مفصّل للأدلة، التي جمعتها اللجنة، في فترة تزيد على عام. وقد منح كلٌّ من العراق والكويت، فرصة كاملة لإمداد اللجنة بكل المواد والإثباتات، ذات العلاقة. ولكن اللجنة عازمة على تخطيط الجزء الشمالي من الحدود؛ إذ فحصت مَوقع اللافتة، الذي كان مقبولاً لدى كلا البلدَين، لتخطيط الحدود جنوبي صفوان، بين عامي 1923 و1939. وقد حددت هذه اللافتة خط العرض للخط بين الحدود الغربية، في الباطن وصفوان، وكذلك النقطة عند صفوان، وهي نقطة أساسية لتعريف الحدود الشمالية، غير أنها لم توضح أبداً على أي خريطة، قبْل الخرائط المنجزة للجنة. وحتى يمكن تحديد المكان، الذي ستقع فيه الحدود الشمالية، كان على اللجنة، أن تقيِّم ادعاءات متناقضة، تتراوح بين ألف متر، جنوبي مركز الجمارك القديم، وسط صفوان، كما ادَّعت الكويت، و1250م، كما أوضحت مذكرة دبلوماسية عراقية، عام 1940، وأوصاف تقريبية لمسافة ميل واحد، جنوبي النقاط المختلفة، في صفوان، كما هو مستخدَم في السجلات التاريخية. وبعد دراسات تفصيلية، قررت اللجنة اعتماد مسافة، تبلغ 1430 م، جنوبي مركز الجمارك، أي 180م، جنوباً، وهي مسافة أطول من المسافة المبيّنة في المذكرة العراقية. ويلاحظ أن آبار النفط، في الحقول بين صفوان والباطن، التي كان العراق يستغلها، تقع في أراضٍ كويتية، وفقاً للحدود الموضحة في الخريطة البريطانية، المشار إليها في قرار مجلس الأمن، الرقم 687، لعام 1991(اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (9) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 24 يوليه 1992).

    وأكدت النشرة الصحفية للجنة الحدود، أن تخطيطها، يترك مجمع ميناء أم قصر، بما فيه من مخازن، ومنشآت الرافعات، ومراسى المياه العميقة ومرسيان واسعان، وكذلك كل قرية أم قصر والمستشفى البحري، ومصانع التكرير داخل الأراضي العراقية. وإذ يقع ميناء خور الزبير، داخل العراق، فإن قرار اللجنة، في شأن هذا الجزء من الحدود البرية، يؤكد منفذاً للعراق إلى البحر (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (9) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 24 يوليه 1992).

    عقدت لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود، دورتها السابعة، في نيويورك، خلال الفترة من 12 إلى 16 أكتوبر، في شأن استقصاء أكثر دقة، في خصوص جزء خور عبدالله الحدودي. وعرض الخبراء المستقلون دراستهم، المتعلقة بالموضوع، ونوقِشَت، باستفاضة، خلال الاجتماعات (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (10) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 16 أكتوبر 1992).

    عقدت لجنة الحدود دورتها الثامنة، في جنيف، خلال الفترة من 14 إلى 16 ديسمبر 1992، برئاسة رئيسها الجديد، الدكتور نيكولاس فلتيكوس. واستمعت إلى تقارير أكثر دقة، في خصوص خور الزبير، وغرس 105 أعمدة، تحدِّد الحدود البرية للعراق والكويت (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (11) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 16 ديسمبر 1992).

    عقدت لجنة الحدود دورتها التاسعة، في جنيف، في الفترة من 15 إلى 18 مارس 1993. وراجعت، خلالها، اللجنة نتائج التصوير الجوي، في فبراير 1993، استعداداً لإعداد خرائط إضافية، على نطاق كبير، وتحديد منابع المياه الدنيا، من أجْل أغراض التخطيط. ثم اتخذت اللجنة قراراً، في شأن ترسيم الحدود، على طول خط المياه الأدنى، في خور الزبير، وترسيم الحدود، على طول خط الوسط، في خور شتيانة، وخور عبدالله. وأقرت اللجنة الإحداثيات الجغرافية، التي تعرف خط الوسط، من نقطة أقرب إلى التقاء خور الزبير وخور عبدالله، إلى نقطة في النهاية الشرقية لخور عبد الله، حيث ينحرف الاتجاه العام للشاطئ انحرافاً واضحاً. واتُّفق على تخطيط الحدود، بين خط المياه الأدنى، في خور الزبير وخط الوسط (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (12) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 18 مارس 1993).

    واستيفاءً للدراسات اللازمة، لترسيم الحدود البحرية، التُقطَت صور جوية إضافية، في فبراير 1993، الغرض منها توفير صور، بالأشعة تحت الحمراء، مموّهة الألوان، لتعيين الحدود، على امتداد خط عيون المياه المنخفضة، في خور الزبير، ولتقييم نوعية وصلاحية طبعة 1991، لخريطة الأدميرالية البريطانية، الرقم 1235، وللمساعدة على تحديد خط الوسط، في خور عبدالله. كما التُقطت صور فوتوغرافية إضافية، تمهيداً لإعداد سلسلة من الخرائط، بمقياس رسم 1 : 25.000، لمنطقة الحدود بين الرميلة والرتقة، والمناطق المستوطَنة على طول الحدود، عند صفوان وأم قصر. وتمثل الغرض من هذه الخرائط، في توفير تفاصيل إضافية عن مَوقع الحدود، والمساعدة على حل أي مسألة تتعلق بها.

    عقدت لجنة الأمم المتحدة، لتخطيط الحدود، دورتها العاشرة، في جنيف، خلال الفترة من 3 إلى 7 مايو 1993. واستمعت إلى تقرير، في شأن إنجاز عملها الميداني، ونظرت في مسوَّدة تقرير، في شأن عملها منذ الدورة السادسة، في يوليه 1992، ومسوَّدة تقرير ختامي، في شأن مجمل عملها (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (13) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 7 مايو 1993).

رابعاً: الجلسة الختامية للجنة تخطيط الحدود

    عقدت لجنة الأمم المتحدة، لتخطيط الحدود، بين العراق والكويت، دورتها الختامية، في نيويورك، خلال الفترة من 17 إلى 20 مايو 1993. وأقرت الإحداثيات، التي تكوّن الترسيم النهائي للحدود الدولية، بين العراق والكويت (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (14) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 20 مايو 1993).

    وقد تسلّم الأمين العام للأمم المتحدة، الدكتور بطرس بطرس غالي، الذي حضر الاجتماع الأخير، تقرير لجنة الحدود، المشتمل على النتائج النهائية لأعمالها، إضافة إلى نسخة مصدق عليها، من قائمة الإحداثيات الجغرافية، التي تخطط الحدود الدولية، بين العراق والكويت، وخريطة ذات مقياس رسم 1 : 000 250 تبيّن هذا التخطيط. وقُدِّم التقرير والإحداثيات، في ثلاث نسخ (اُنظر وثيقة التصريح الصحفي الرقم (14) الصادر من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 20 مايو 1993).

    وأصدرت اللجنة تقريرها النهائي، في دورتها الحادية عشرة، في 20 مايو 1993 (اُنظر وثيقة التقرير النهائي عن تخطيط الحدود الدولية بين جمهورية العراق ودولة الكويت المقدم من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 21 مايو 1993). وعرض أعمالها خلال السنتَين، بما في ذلك نظرها في الخلفية التاريخية لمسألة الحدود. وشمل قائمة الإحداثيات الجغرافية، التي ترسم الحدود الدولية، بين العراق والكويت (اُنظر خريطة مواقع الحدود جنوب صفوان) و(خريطة حدود خور الزبير). وقدَّمت اللجنة نسختَين مصدقاً عليهما، من هذه القائمة، إلى حكومتَي العراق والكويت لتُوْدَعا في محفوظاتهما، إضافة إلى نسخة ثالثة، مصدق عليها، أُوْدِعتْ في محفوظات الأمم المتحدة.

    ومن المسائل العديدة، التي طلب إلى اللجنة حلّها، أثناء عملها، تلك المتعلقة بمَواقع عدة آبار نفط، ومجمع ميناء أم قصر. وفيما يخص المسألة الأولى، أشارت اللجنة إلى أن آبار النفط، الموجودة في الحقول الواقعة بين صفوان ووادي الباطن، التي كان العراق يستغلها سابقاً، تقع داخل الأراضي الكويتية، وفقاً للحدود المبينّة على الخريطة، المشار إليها في قرار مجلس الأمن، الرقم 687، لعام 1991. أمّا مجمع ميناء أم قصر، فقد أشارت اللجنة إلى أن التخطيط، يتركه، بما فيه المستودعات، ومنشآت ورافعات، ومرسى المياه العميقة، والمرسيان الجانبيان، فضلاً عن قرية أم قصر برمّتها، ومستشفى البحرية، ومصنع التكرير ـ داخل الأراضي العراقية، على الرغم من أنه تبيَّن، أن القاعدة البحرية السابقة، تقع داخل الأراضي الكويتية.

    واعترفت اللجنة، كذلك، بأهمية المرور الملاحي، لكلا الطرفَين. واعتمدت، بياناً في هذا الصدد، أعده مكتب الشؤون القانونية، في الأمانة العامة للأمم المتحدة، ينص على أمور شتى، منها: "أن إتاحة المرور الملاحي، لكلتا الدولتَين، إلى مختلف مناطق أراضيهما، المحاذية الحدود المخططة، هو أمر مهم، لضمان طابع عادل، ولتشجيع الاستقرار والسلام والأمن، على طول الحدود ... وتشير اللجنة إلى أن الحق في المرور الملاحي، هو حق منصوص عليه في قواعد القانون الدولي، على النحو الوارد في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، عام 1982، التي صدق عليها كلٌّ من العراق والكويت" (اُنظر وثيقة التقرير النهائي عن تخطيط الحدود الدولية بين جمهورية العراق ودولة الكويت المقدم من لجنة الأمم المتحدة لتخطيط الحدود بين العراق والكويت في 21 مايو 1993).

    وقدَّمت اللجنة، كذلك، توصيات، في شأن صيانة التعيين المادي للحدود، مقترحة معاينة الأعمدة والمعالم الحدودية، سنوياً، وشق طريق، تتيح الوصول إليها. وقد وضع برنامج الصيانة، في أبريل 1994. وتتولاه البعثة المسؤولية عنه.

    وقال الدكتور بطرس بطرس غالي، في كلمته، أمام الدورة الختامية للجنة، في 20 مايو 1993: "هنأت أعضاءها على ما أدوه، من عمل ممتاز، في وضع تخطيط دقيق، جيّد التوثيق، وقابل للتحقق، للحدود برمّتها (اُنظر وثيقة بيان الأمين العام أمام الدورة الختامية للجنة تخطيط الحدود بين العراق والكويت في 20 مايو 1993). وأشارت إلى أن تكنولوجيا الستلايت (الأقمار الصناعية) مكنت اللجنة، عند استكمال التخطيط المادي، للجزء البري من الحدود، من تحديد مَوقع كل مَعْلَم من المَعالم بدقة، تجعل إمكان الخطأ لا يتجاوز سنتيمتراً واحداً ونصف السنتميتر. وذكرت أن "القانون والتكنولوجيا والدبلوماسية والأمن، اجتمعت في مسعى فريد، من مساعي الأمم المتحدة، (يمثل) مساهمة قوية في إحلال السلام والاستقرار، في المنطقة، وفي العالم".

    واستطرد الدكتور بطرس بطرس غالي، قائلاً: "إن ترسيم الحدود، بين العراق والكويت، الذي أنجزته اللجنة، ينسجم مع القرار الرقم 687، وميثاق الأمم المتحدة. وتُعَدّ قرارات اللجنة، المتعلقة بترسيم الحدود نهائية. إني أناشد حكومة العراق احترام موضوعية هذه النتائج ونزاهتها. إن وثاقة حدود العراق واستقرارها، هما في مصلحته ومصلحة المنطقة كلها".

    كما بيّن الأمين العام، في رسالته إلى رئيس مجلس الأمن، أنه يترتب على وفاء اللجنة بولايتها، في تخطيط الحدود الدولية، آثار مباشرة، تنفيذاً للفقرة الخامسة، من قرار مجلس الأمن، الرقم 687، لعام 1991، المتعلقة بإنشاء منطقة مجردة من السلاح، على طول تلك الحدود، حيث أنجزت بعثة الأمم المتحدة للمراقبة (يونيكوم)، في العراق والكويت، مواءمة المنطقة المجردة من السلاح، بما يتوافق مع الجزء البري المخطط للحدود. وأشار الأمين العام إلى أنه أصدر تعليماته، إلى بعثة المراقبة المذكورة، لإنجاز هذه المواءمة، بما يتوافق مع الحدود الدولية كلها، بين العراق والكويت، التي خططتها اللجنة. وأعلن أنه تنفيذاً للبند "عاشراً"، من التقرير النهائي للجنة، فإنه سيتخذ الإجراءات اللازمة، لصيانة التعيين المادي للحدود، مؤكداً أن موظفي الأمم المتحدة، وهيئات المساحة، وغيرها من الهيئات المعنية بصيانة التعيين السطحي للحدود، لا بدّ أن يتمتعوا بحُرية الحركة، من دون عوائق، في منطقة الحدود فضلاً عن تمتعهم بالميزات والحصانات، التي تضمنها هيئة الأمم المتحدة.

    ويختتم الأمين العام رسالته، في شأن تقرير لجنة الأمم المتحدة، لتخطيط الحدود، مؤكداً أن الأعمال، التي اضطلعت بها، سيترتب عليها أثر إيجابي، يعِيد السلم والأمن الدوليَّين إلى هذه المنطقة، محققاً مقاصد الأُسْرة الدولية، في قرار مجلس الأمن، الرقم 687، لما يوفره استقرار الحدود ورسوخها، من تحقيق أفضل لمصالح الكويت والعراق، مؤملاً وداعياً إلى أن تحترم حكومتا البلدَين الغاية، والنتائج غير المتحيزة، التي توصلت إليها اللجنة.



[1] يونيكوم (UNICOM) اختصار (United Nations Iraq-Kuwait Observation Mission)

[2] هو مسقط ميركاتور المستعرض الدولي (UTM).