إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / بوادر الأزمة العراقية ـ الكويتية وتطورها (1988 ـ 1990)




أمير الكويت، وصدام حسين
الملك فهد، والرئيس صدام
الرئيس صدام، والملك فهد





المبحث الثاني

المبحث الثالث

الأزمة العراقية ـ الكويتية وتطورها

أولاًُ: بوادر الأزمة العراقية ـ الكويتية

    يؤكد بعض المعلقين السياسيين، أن الأزمة العراقية ـ الكويتية، بدأت مع أزمة العراق مع الغرب وواكبتها، منذ فبراير 1990؛ وأن سيناريو افتعال الأزمة مع الكويت، خاصة في شأن الحدود بين البلدَين، بدأ منذ زيارة أمير الكويت بغداد، في 23 سبتمبر 1989.

    ففي 23 سبتمبر 1989، حينما زار العاصمة العراقية أمير الكويت، الشيخ جابر الأحمد الصباح، وقلده الرئيس العراقي، صدام حسين، أعلى وسام عراقي، لم يثيرا موضوع الحدود بينهما، حتى يتجنبا إفساد جو الزيارة. ولكن أحد الوزراء الكويتيين، المرافقين للأمير، أثار نقطة مع الدكتور سعدون حمادي، نائب رئيس الوزراء العراقي للشؤون الخارجية؛ إذ سأله عمّا إذا كان يرى الفرصة ملائمة لعقد معاهدة عدم اعتداء، بين العراق والكويت، على غرار المعاهدة، التي عقدت، قبل أشهر، بين العراق والمملكة العربية السعودية. وكان رأي الوزير الكويتي، أن عقد مثل هذه المعاهدة، يؤدي إلى اطمئنان الخواطر. وكان تعليق الدكتور سعدون حمادي، أنه قد يكون من الملائم ترتيب الخطى، فيجب، أولاً، التفاوض في ترسيم الحدود بين البلدَين، ثم تليه مسألة معاهدة عدم الاعتداء.

    ومنذ سبتمبر 1989، احتدمت الخلافات في موضوع آخر، هو موضوع أسعار النفط، وحصص منظمة "الأوبك"، وتزايدت درجة الحرارة بين البلدَين. ففي يناير 1990، زار الدكتور سعدون حمادي الكويت، حيث التقى نظيره، الشيخ صباح الأحمد الصباح، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي. ثم تبيّن أن مهمة الزائر العراقي، هي طلب قرض، قيمته عشرة مليارات من الدولارات، تمكّن العراق من مواجهة ظروفه الصعبة، بعد الحرب. وتداخلت القضايا، واختلطت قضية المساعدات بقضية الحدود، وقضية أسعار النفط، وتعقدت الأمور.

    وبعدها بشهر واحد، أي في فبراير 1990، زار الشيخ صباح الأحمد الصباح العراق، لمتابعة القضايا المتداخلة. وقد ألمح الزائر الكويتي إلى الديون السابقة المعلقة، على العراق للكويت. وأشار إلى أن الكويت، قد تستطيع تقديم 500 مليون دولار إلى العراق، تضاف إلى الدين القديم، وأنه سيقترح شيئاً من ذلك، عند عودته إلى الكويت. ولدى بحث النقاط الأخرى، وقع سوء تفاهم غريب؛ إذ حسب الطرفان أنهما اتفقا، بينما كان كلٌّ منهما على موقفه، لم يغيّره. فقد طلب العراق تسهيلات بحْرية مثيلة للتسهيلات، التي حصل عليها أثناء الحرب ضد إيران. وطلب، كذلك، تطبيق معاهدة الدفاع المشترك بين البلدَين. وظن الدكتور حمادي أن نظيره الكويتي موافق. وطلب الشيخ صباح من سعدون حمادي، تشكيل لجنة لترسيم الحدود، وظن أن نظيره العراقي موافق، كذلك.

1. اجتماع قِمة مجلس التعاون العربي (24 و25 فبراير 1990)

    وصل الرئيس صدام حسين إلى عمّان، في 23 فبراير 1990. وكان النزاع حول النفط، بين العراق والكويت، الموضوع الرئيسي للنقاش، في اجتماع مجلس التعاون العربي. وفي 24 فبراير، ألقى الرئيس العراقي خطاباً غاضباً، تحدث فيه عن أثر انتهاء الحرب الباردة وخطره على الدول العربية، وتقهقر الاتحاد السوفيتي، ونمو نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية، كنتيجة لذلك كله. وأضاف أن موسكو وواشنطن كلتيهما، تدعمان هجرة اليهود السوفيت إلى إسرائيل، على حساب عرب فلسطين، وأن التسليح الأمريكي المتواصل لإسرائيل، سيدفعها إلى ارتكاب "حماقات جديدة"، وأنه إذا ما سحبت الولايات المتحدة الأمريكية أسطولها الحربي من الخليج، فإن ذلك سيضعف قدرتها على السيطرة الكاملة على أسعار النفط العالمية. ودعا صدام حسين إخوانه، من القادة العرب، إلى إعداد خطة عمل تؤسَّس بموجبها، قوة عربية إقليمية فاعلة، في المنطقة، مما يؤهلهم لفرض طبيعة العلاقات في المنطقة، نداً لند، مع القوى الكبرى. (أُنظر وثيقة نص كلمة الرئيس العراقي، صدام حسين في افتتاح القمة الرابعة لمجلس التعاون العربي، في عمّان في 24 فبراير 1990)

    وطبقاً لخطاب صدام حسين، فإن "البلد الذي سيكون له النفوذ الأكبر في المنطقة، من خلال الخليج العربي ونفطه، سوف يحتفظ بتفوّقه، كقوة عظمى، لا نظير لها، لعدم وجود قوة أخرى تنافسه. وهذا يؤكد أنه في حال عدم تنبه شعوب الخليج والعالم العربي، سوف تكون ممارسة الحكم في هذه المنطقة بحسب مشيئة الولايات المتحدة الأمريكية. وعلى سبيل المثال، سوف يحدَّد سعر النفط بشكل، يؤمن المصالح الأمريكية الخاصة، ويتجاهل مصالح الآخرين".

    وهكذا، تكون الرسالة، التي نقلها صدام حسين إلى نظرائه، واضحة جداً: إن مصلحة العالم العربي، هي في جعل العراق يهيمن على الخليج، لا الولايات المتحدة الأمريكية. ولقد أدت تلك التصريحات إلى إثارة غضب الرئيس حسني مبارك. فضلاً عن أن صدام حسين أوصى بسحب أرصدة النفط من الغرب، للضغط على السياسة الأمريكية: "ليس هناك مكان، إلى جانب العرب، الأخيار والأبرار، للجبناء والمترددين والمتقاعسين، الذين يدّعون أن قوة عظمى، كالولايات المتحدة الأمريكية، هي العامل الحاسم، وأن الآخرين لا يملكون من خيارات سوى الخضوع لها".

    عَدّ الرئيس مبارك كلام الرئيس العراقي هجوماً شخصياً عليه، فخرج من الاجتماع ولحق به الوفد المصري. وتبعه الملك حسين، بعد وقت قصير فبادره الرئيس قائلاً: "لا يمكن السماح بكلام كهذا. سأعود إلى مصر". وفي محاولته تلطيف الأجواء، اقترح الملك الأردني تنظيم لقاء مع الرئيس العراقي، لإزالة سوء التفاهم. فرفض مبارك، أول الأمر، هذا الاقتراح، بشدة، ولكنه ما لبث أن اقتنع بوجهة نظر الملك حسين. وهكذا، اجتمع القادة الثلاثة، مساء 24 فبراير، في القصر الهاشمي[1] كان جو اللقاء متشنجاً شديد الوطأة. وبدل أن يحاول صدام حسين تهدئة الأمور، سارع، وبلهجة صارمة إلى إثارة موضوع ديونه، البالغة 30 مليار دولار، التي كانت المملكة العربية السعودية والكويت، قد قدمتاها إلى العراق خلال الحرب مع إيران. وطلب إلغاءها، ومنحه 30 مليار دولار إضافية، وإلاّ فإنه سيتخذ التدابير الرادعة. وختم الرئيس مبارك الاجتماع بقوله: "إن مطالبك، ليست مبررة، ولا معقولة، وسوف تؤدي إلى كارثة".

    لقد أدت الصدمة، التي أحدثها صدام حسين، وضخامة ما يطالب به، إلى إثارة القلق في العالم العربي، وعلى الأخص في الكويت والمملكة العربية السعودية، حيث كان الخوف شديداً من استخدام بغداد صواريخها والمباغتة بهجوم، يتبعه اجتياح شامل، أو اللجوء إلى أعمال إرهابية، تستهدف أفراد الأسرتَين الحاكمتَين.

    ومن ناحية أخرى، رصدت وكالة الاستخبارات المركزية تهديدات صدام، وهجومه على الولايات المتحدة الأمريكية، ونقلت المعلومات إلى مركز القيادة العامة، في "لينجلي"، قرب واشنطن. ولكن لم يصدر أي رد فعل من السلطات السياسية الأمريكية. بينما اكتفت وكالة الاستخبارات المركزية بوضع العراق تحت الرقابة الدائمة، وتكثيف عملية جمع المعلومات حوله.

2. جولة الملك حسين في دول الخليج العربية (26 ـ 28 فبراير1990)

    بعد فشل لقاء عمّان، بين قادة مجلس التعاون العربي، في 24 فبراير 1990، اقترح الملك حسين على الرئيس العراقي، صدام حسين، أن يزور هو نفسه، دول الخليج، في محاولة لعقد اتفاق بين الكويت والمملكة العربية السعودية والعراق، لمعالجة الموقف الاقتصادي العراقي. إلاّ أن الرئيس العراقي، لم يوافق على اقتراح الملك الأردني، وطلب منه الاضطلاع بهذه الزيارة، نيابة عنه.

    وفي 26 فبراير، جال الملك حسين، خلال ثلاثة أيام، في عواصم المنطقة، حيث أجرى محادثات مكثفة مع الزعماء الخليجيين، ثم عاد إلى عمّان، في الأول من مارس. وفي صباح الثالث من مارس، اتصل به الرئيس العراقي، وطلب منه الحضور إلى بغداد لتعرّف آراء الكويتيين والسعوديين. ومن الفور، أرسل صدام حسين طائرة خاصة، نقلت الملك حسين إلى بغداد، حيث التقى الرجلان على مدى أربع ساعات، قدم، خلالها، الملك حسين تقريراً مفصلاً حول جولته. وسرعان ما تبين أن المفاوضات، وصلت إلى طريق مسدود، لأن الملك الأردني، لم يتلقَّ أي إشارة إيجابية من زعماء الخليج، في ما يتعلق بأهداف صدام حسين الثلاثة:

أ. تسوية الخلافات الحدودية مع الكويت، ولا سيما حقل الرميلة الغني بالنفط، والواقع في المنطقة المتنازع فيها.

ب. الموافقة على إيجاره جزيرتَي وربة وبوبيان، اللتين تؤمّنان له منفذاً إلى الخليج.

ج. تسوية مشكلة الديون المتراكمة على العراق، خلال الحرب مع إيران.

    وأبلغ الملك حسين الرئيس العراقي، أن أمير دولة الكويت، يرفض المفاوضات المباشرة، ما دام العراق لم يعترف، رسمياً، بسيادة الكويت واستقلالها. ولم يظهر الغضب على وجه صدام حسين، وكانه يتوقع وينتظر هذا الرفض. وعند نهاية اللقاء، شكر صدام حسين لزائره، مطولاً، الجهد الذي بذله، وأبلغه أنه يأمل أن تسود، مع الوقت، روح الوئام والإرادة الطيبة، في هذه القضية، وأن تحل الحكمة المتوخاة.

    بعد اجتماع صدام بالعاهل الأردني، في 3 مارس 1990، وفقدانه أمل الحصول على مطالبه من الدول الخليجية، وبالأخص الكويت، دعا قيادته العسكرية إلى اجتماع سري، في 4 مارس 1990، طلب خلاله إعداد خطة سريعة، لحشد القوات العراقية، وتحركها إلى الحدود مع الكويت. وأن تكون القوات جاهزة للتنفيذ، في أي وقت يطلب منها ذلك. وربما يكون الرئيس صدام حسين اتخذ، في ذلك الوقت، قراره غزو الكويت.

3. شكوى عراقية

    وفي 3 مايو 1990، عاد العراق إلى شكواه المزمنة من الكويت، بسبب إنتاجها الزائد على حصتها في اتفاقات "الأوبك". فتقدم طارق عزيز، وزير الخارجية العراقي، بشكوى حول ارتفاع معدل إنتاج النفط في دول "الأوبك"، بما يشكل خطراً متصاعداً على العراق. وكان وزراء النفط لدول المنظمة، قد اجتمعوا في فيينا، في 16 مارس 1990، وكان ذلك الموضوع على رأس جدول أعمال الاجتماع ورفض كل من الكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة، الموافقة على أي تخفيض في الإنتاج. إلاّ أنه اتفق على تخفيض الإنتاج، في جلسة طارئة، عقدت في الوقت نفسه، الذي وصلت فيه شكوى طارق عزيز. ولكن هيئة الطاقة العالمية، في باريس، أكدت أن إنتاج دول منظمة "الأوبك" لم يخفض أكثر من أربعمائة ألف برميل، في اليوم؛ وهي حصيلة كمية التخفيض في إنتاج المملكة العربية السعودية، وحدها، وهو تخفيض، يقل كثيراً عن الكمية، التي وعدت المنظمة بها، في جلستها الطارئة، وهي مليون وخمسة وأربعين ألف برميل، في اليوم. وتواصل سعر النفط في الانخفاض، حتى إن سعر برميل النفط برينت؛ وهو أكثر أنواع نفط بحر الشمال رواجاً في السوق العالمية، والذي يستخدم كمقياس للنفط العالمي، وصل إلى 15.6 دولاراً، مع حلول الخامس من يونيه 1990، مقارنة بسعره، في 24 أبريل من العام نفسه، الذي بلغ 17.5 دولاراً، وفي 20 فبراير، حين بلغ 19.5 دولاراً، وذلك قبل الانخفاض المعتاد خلال فصل الربيع.

ثانياً: تصعيد الأزمة العراقية ـ الكويتية

    حث الرئيس ياسر عرفات، أثناء جولته العربية، حكومات الدول العربية على استجابة طلب منظمة التحرير الفلسطينية، التي تقدمت بطلب رسمي إلى الجامعة العربية، لعقد مؤتمر طارئ، يبحث أخطار هجرة اليهود السوفيت إلى إسرائيل، والتهديدات الصهيونية ضد العراق[2]. وأعرب عن أمله أن يعطى رد إيجابي سريع للنداء الأخير، الذي وجّهه المجلس الوزاري العربي، بعقد مثل هذه القِمة، وأن تجتمع قبْل القِمة الأمريكية ـ السوفيتية، المتوقع انعقادها في 31 مايو 1990. وقال مندوب فلسطين الدائم لدى الجامعة العربية، حكم بلعاوي: "إن الرئيس عرفات، طلب من الرئيس صدام حسين، استضافة هذه القِمة في بغداد، فوافق على ذلك، مشكوراً".

    ومع اقتراب الموعد الذي اتُّفق عليه، في الفترة من 28 إلى 30 مايو 1990، كثرت الضغوط الأمريكية على العراق، من جهة، وعلى الجامعة العربية بشكل عام، من جهة أخرى. وكان منطلق هذه الضغوط، هو شعور الإدارة الأمريكية، بأن الرئيس صدام حسين، قد يتمكن من توظيف هذه القِمة في مواجهة الحملة الإعلامية الدولية المنظمة، الموجَّهة ضد العراق. وفي سعيه إلى امتلاك القوة، التي تحقق المطالب العربية أو بعضها، وعلى الأخص ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

1. المذكرة الأمريكية إلى جامعة الدول العربية

    وفي يوم الثلاثاء 22 مايو 1990، وقبل أسبوع من انعقاد القمة العربية الاستثنائية، في بغداد، نشرت الصحف العراقية نص مذكرة مهمة وجهتها الإدارة الأمريكية إلى الأمانة العامة للجامعة العربية، ننقل فيما يلي، أهم ما جاء فيه. (أُنظر وثيقة نص المذكرة الأمريكية إلى الأمانة العامة للجامعة العربية قبل انعقاد القمة العربية الاستثنائية في بغداد في الفترة من 28 إلى 30 مايو 1990)

    فقد جاء في ديباجة المذكرة، أن الولايات المتحدة الأمريكية، دائمة الالتزام بدفع مسيرة السلام. كما أنها تواصل دعم الدعوة إلى حوار إسرائيلي ـ فلسطيني، في القاهرة، وقد أنجزت، خلال الأشهر الماضية، تقدماً ملحوظاً نحو الحوار وإضفاء طابع الشرعية على مفهوم المفاوضات المباشرة الإسرائيلية ـ الفلسطينية. وتأمل أن يتفادى الزعماء العرب، خلال القمة، الحماسة اللفظية المفرطة، وتحثهم، بدل ذلك، على الاهتمام بمنهج بنّاء، يعزز آفاق تحرك حقيقي نحو مسيرة السلام. فهي تأمل أن:

أ. لا تتبع القمة منهجاً متشدداً لأنه سيعزز مواقف المتطرفين من طرفَي النزاع (الفلسطيني ـ الإسرائيلي)، الذين لا يرغبون في تحقيق تقدم في مسيرة السلام.

ب. تدعم الحكومة الأمريكية موقف الرئيس الهراوي، وكذلك جهود اللجنة الثلاثية لجامعة الدول العربية، وتنفيذ اتفاق الطائف.

ج. لا يتهم العراق الولايات المتحدة الأمريكية، بالسعي إلى الهيمنة على الشرق الأوسط، إثر انحسار دور السوفيت في المنطقة، وبشن حملة إعلامية ضد بغداد، لتعزيز هجوم إسرائيلي مدمر.

د. تسعى الولايات المتحدة الأمريكية لترى العراق، يواصل إعادة البناء السلمي، ويضطلع بدور مسؤول في المنطقة. وتقر بدوره المهم، الذي يضطلع به، وبأنه يشكل قوة مهمة في العالم.

هـ. تعبّر واشنطن عن قلقها من محاولات العراق خرق القوانين الأمريكية، وتصريحاته غير المسؤولة، في شأن استعمال الصواريخ والأسلحة الكيماوية، ونقده لوجودها السلمي في الخليج، دعماً لأصدقائها. وتعرب عن شكها في مدى احترام العراق لالتزاماته نحو معاهدة انتشار الأسلحة، واتفاقيتَي عام 1972، حول الأسلحة البيولوجية، وبروتوكول حول الأسلحة الكيماوية، الموقع عام 1925. إن الضغوط المتصاعدة الناتجة من إجراءات العراق في هذا الميدان، لهي دليل على الأخطار الناجمة عن انتشار أسلحة الدمار الشامل في المنطقة.

و. ترحب الولايات المتحدة الأمريكية بالاقتراح المصري، الداعي إلى جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من كل أنواع هذه الأسلحة، وتعتقد أنه من المهم اتخاذ إجراءات مركزة، وعملية، من شأنها أن تدعم هذا الاقتراح.

2. اجتماع القمة العربية، في بغداد (28 ـ 30 مايو 1990)

    شهد اجتماع وزراء الخارجية العرب، المنعقد تمهيداً لاجتماع الملوك والرؤساء، مبارزات كلامية حادّة، بسبب تمسك العراق وفلسطين بضرورة إدانة الولايات المتحدة الأمريكية، لتقديمها مساعدات إلى إسرائيل ضد الفلسطينيين، من جهة، وتمسك مصر والمملكة العربية السعودية برفض إدانة دولة، بالاسم، من دون وجود دليل مادي، يبرر اتهامها. وتفاقمت خلافات الوزراء، عندما انتقلوا إلى موضوع إدانة هجرة اليهود السوفيت إلى إسرائيل، وإدانة الدعم الأمريكي لمشروعات الاستيطان. وهكذا، كانت البداية صراعاً وخلافات في الرأي.

    وقد تضمنت القِمة العربية جلستَين علنيتَين، وأخريَين مغلقتَين، إضافة إلى الجلسة الختامية، التي أعقبها البيان الختامي للمؤتمر.

    وفي يوم 28 مايو 1990، وفي هذه الأجواء الملبدة، ألقى الرئيس العراقي، صدام حسين، خطاب افتتاح القمة. وبرزت فيه عدة نقاط، أهمها قوله: "يجدر بنا أن نعلن، بوضوح، أن إسرائيل، إذا ما اعتدت وضربت، فإننا سنضرب بقوة. وإذا ما استخدمت أسلحة دمار شامل، ضد أمتنا، سنستخدم ضدها ما نملك من أسلحة دمار شامل. وأن لا تنازل عن تحرير فلسطين. من الحقائق التي أكدتها التجارب، أن الولايات المتحدة الأمريكية، تتحمل مسؤولية رئيسية، بل مسؤولة أولى عن السياسات العدوانية والتوسعية، التي يمارسها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، والأمة العربية". ثم قوله: "إننا، كعرب، مستهدفون في صميم أمننا ومصالحنا، من هذه السياسات الأمريكية. وعلينا أن نقول ذلك لأمريكا، صراحة. وعلينا أن نقول لها إنها لا يمكن أن تواصل هذه السياسة، في الوقت الذي تدَّعي فيه صداقة العرب. فهذه السياسة، ليست سياسة صداقة، وإنما هي سياسة، تضر وتهدد أمن الأمة العربية ومصالحها الجوهرية. وعندما نقول لها هذا، بصوت واحد، وبالنظرة والقوة والوضوح نفسها، فإننا على ثقة أنها ستتدارس هذا بعمق، وستنظر في مصالحها بدقة". ثم قوله في النهاية: "علينا أن نعلن، بصوت قوي، أنه لا يحق لكائن، أيّاً كان، أن يتمتع بحظوة في مواردنا وثرواتنا، في الوقت الذي يحاربنا أو يناهض تقدمنا، العلمي والتكنولوجي. وأن نحول هذا المبدأ إلى سياسة ومفردات، تطبق ويلتزم بها بصورة جماعية". (أُنظر وثيقة كلمة الرئيس العراقي، صدام حسين، في الجلسة الافتتاحية للقمة العربية الاستثنائية التي بدأت أعمالها، في بغداد، يوم الإثنين، 28 مايو 1990)

    وفي الجلسة المغلقة، قبل البيان الختامي للقِمة، هاجم الرئيس صدام حسين، في كلمته، الكويت والإمارات العربية المتحدة، لأنهما تجاوزتا حصتَي الإنتاج المخصصتَين لهما من منظمة "الأوبك". وقال: "هذه حرب اقتصادية، ولا نستطيع تحمّل هذا النوع من الحرب الاقتصادية، التي تُشنّ على العراق". (أُنظر وثيقة كلمة الرئيس العراقي، صدام حسين، في الجلسة المغلقة للقمة العربية الاستثنائية في 30 مايو 1990 في شأن ما أسماه إعلان بعض الدول الخليجية النفطية الحرب ضد العراق)

    وأراد الملك فهد تلطيف أجواء المؤتمر، فخلا بالرئيس صدام حسين، وسأله عن العلاقات بالكويت، ورد الرئيس العراقي: "غير قابلين بشيء، حتى الآن، لا حصص النفط، ولا تخطيط الحدود. وهم، الآن، يخربون في الداخل، عندنا". واقترح الملك فهد، وقد أحس أن المشكلة الاقتصادية، قد أصبحت ممسكة بخناق العراق، عقد اجتماع على مستوى القمة، لعدد محدود من دول الخليج العربية المنتجة للنفط، بغية التوصل إلى حل حازم، وحاسم، لقضية الحصص، ومن ثَمّ، الأسعار. ثم قال الملك فهد: "كل المشاكل ميسرة ـ إن شاء الله ـ وعندما نجتمع معاً، ومعنا الشيخ زايد والشيخ جابر، فإننا سنحل كل شيء".

    وانتهت أعمال القمة العربية في ساعة متأخرة، من فجر الأربعاء، 30 مايو 1990. وقالت مصادر المؤتمر، إن القادة العرب، أجمعوا على تدعيم الأمن القومي، وتعزيز القدرة على المواجَهة. وإن القمة ناجحة في توجهها وهدفها، وفي القرارات التي ستتخذها. وكان من المقرر أن توجه القمة رسالة إلى الرئيسَين، جورباتشوف وجورج بوش، إلاّ أنها صرفت النظر عن ذلك. كما نظرت في ورقة عمل سعودية، لإحلال السلام في لبنان.

    وقد اشتمل البيان الختامي للقمة العربية الاستثنائية، في بغداد، الصادر يوم الأربعاء، 30 مايو 1990، النقاط التالية: (أُنظر وثيقة نص البيان الختامي للقمة العربية الاستثنائية يوم الأربعاء، 30 مايو 1990 والتي بدأت أعمالها، في بغداد، يوم الإثنين 28 مايو 1990)

أ. التشديد على ضرورة دعم الانتفاضة، واستنكار مواقف الكونجرس الأمريكي، المؤيد لإسرائيل.

ب. التضامن مع ليبيا، ضد الحصار الاقتصادي.

ج. حق العرب في استخدام العلوم والتكنولوجيا لصالح المواطن العربي، والإنسانية جمعاء.

د. دعوة الدول المتقدمة إلى تسهيل نقل التكنولوجيا إلى الدول العربية، على قدم المساواة مع الأمم الأخرى.

هـ. تأكيد حق الدفاع الشرعي للعراق، والدول العربية كافة، في الرد على العدوان، بالوسائل التي تراها ملائمة لضمان أمنها وسيادتها.

و. تأكيد مكانة القدس الشريف، الدينية والسياسية، وعدّها جزءاً لا يتجزأ من فلسطين وعاصمة لدولتها، ورفض أي مساس بوضعها، الديني والقانوني، وعدّه انتهاكاً صارخاً للمواثيق والقرارات الدولية.

ز. دعوة مختلف الدول إلى الامتناع عن تقديم أي معونات أو قروض إلى الحكومة الإسرائيلية، تسهل توطين المهاجرين في فلسطين، والأراضي العربية المحتلة الأخرى.

ح. تحميل الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية أساسية عن توفير الإمكانات العسكرية، والمساعدات المالية، والغطاء السياسي لإسرائيل والتي لا يمكنها، من دونها أن تتحدى، بهذا الصلف، المجتمع الدولي.

ط. تأكيد حق العراق التاريخي في السيادة على شط العرب، وضمان عدم التدخل في شؤونه الداخلية، وضمان أمن الخليج العربي، وحرية الملاحة في مياهه الدولية.

ي. الالتزام بالدفاع عن الأمن الوطني الأردني، وحمايته، وتقديم الدعم للأردن، من خلال التشاور الثنائي معه.

    وبعد انتهاء أعمال المؤتمر، وأثناء مرافقة الرئيس صدام حسين أمير الكويت، لوداعه، جرى حديث بين الرجلين، بدأه الأمير من حيث انتهى الملك فهد، فقال ما فحواه، أن كل المشاكل لها حل. ونحن إخوة، وأول من يتفهم ظروف العراق. ورد الرئيس صدام بما معناه، أن العراق حائر معكم. حين نطالبكم بمساعدات، تذكّروننا بالديون. وحين نذكّركم بحصص النفط المتفق عليها، حتى لا تنخفض الأسعار، تطلبون توقيعنا تنازلاً عن أرض عراقية، نحن في حاجة إليها، لكي نجد منفذاً إلى البحر. ورد أمير الكويت: "هل طالبكم أحد بأن تدفعوا الديون؟ نحن لم نطالبكم". ورد الرئيس صدام: "لماذا لا تتنازلون عنها صراحة؟". ورد أمير الكويت، بقوله: "لسببَين: سبب يتعلق بمصالحنا، لأننا لو تنازلنا عن ديوننا، فسوف نجد كل مدين للكويت، يطلب المعاملة بالمثل؛ ونحن لنا ديون كبيرة عند أطراف كُثُر. والسبب الثاني، يتعلق بمصالحكم، فلو أننا أعفيناكم من الديون، فسوف تبدو مديونيتكم أقلّ في الصندوق الدولي، وسوف يضغط عليكم آخرون، ليقتضوا منكم ديونهم؛ ومن مصلحة العراق، أن يبدو دينه كبيراً، على الورق". وعندما وصل الحوار إلى موضوع الحدود، قال أمير الكويت: لا بدّ من تنشيط عمل اللجان. وانتهى الحديث بدخول أمير الكويت إلى طائرته. وعاد الرئيس صدام إلى قصره، للإعداد لعمليته الكبيرة.

    وفي 10 يونيه 1990، انعقد، في جدة، اجتماع لدول منظمة "الأوبك". ثم دُعي وزير النفط العراقي إلى اجتماع خاص، يضم وزراء النفط في المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والكويت وقطَر. وقيل للوزير العراقي، إن هذا الاجتماع بديل من اجتماع القِمة، الذي جرى الحديث عنه، في بغداد، بين الملك فهد والرئيس صدام حسين؛ ولم يكن ذلك ما فهمه الرئيس العراقي من الحديث الأخير مع الملك السعودي في بغداد.

    وفي أواخر يونيه 1990، بعث الرئيس العراقي برسالة إلى أمير الكويت، الشيخ جابر الأحمد الصباح، يوضح له فيها الظروف الاقتصادية الصعبة، التي يمر بها العراق، من نقص السيولة النقدية، وتوقف مشروعات التنمية، نتيجة الحرب ضد إيران؛ وأن الكويت تتجاهل هذه الظروف الصعبة والمطالب الاقتصادية العراقية، على الرغم من التضحيات، التي بذلها العراق، من دم أبنائه والحرب التي خاضها، باسم العرب، دفاعاً عن الأمة العربية. وطالبه، في نهاية رسالته، بإلغاء الديون الكويتية المتراكمة على العراق، وإلاّ فإنه سيلجأ إلى وسائل أخرى. (أُنظر وثيقة نص رسالة الرئيس العراقي، صدام حسين، إلى أمير الكويت، الشيخ جابر الأحمد الصباح، في أواخر يونيه 1990، يطالبه فيها بإسقاط الديون العراقية)

    وفي هذه الفترة، كانت الولايات المتحدة الأمريكية، تتابع، عن كثب، التطورات في المنطقة، خاصة بعد انعقاد القمة العربية. وقد كتبت جريدة "واشنطن بوست" افتتاحية في التعليق على أوضاع الشرق الأوسط، يلفت فيها فقرة، تقول: "إن وقائع قِمة بغداد، وخطاب صدام حسين فيها، كانت المناسبة، التي تأكدت فيها أجهزة إدارة السياسة الأمريكية، أن هدف صدام حسين، ليس في إسرائيل، ولكنه في الخليج". وبالفعل، بدأت المرحلة العلنية للأزمة العراقية مع دول الخليج، بعيداً عن صمت الاتصالات الرسمية، حينما بعثت الحكومة العراقية بمذكرتها، المؤرخة في 15 يوليه، إلى أمين عام جامعة الدول العربية، ضد الكويت والإمارات العربية المتحدة، والتي أعقبها خطاب الرئيس صدام حسين، في 17 يوليه 1990.

ثالثاً: تفجر الأزمة العراقية ـ الكويتية

    منذ أوائل يوليه 1990، بدأت تظهر، علناً، بوادر تفجر الأزمة. وظهر ذلك، بعد استقبال الرئيس العراقي وزير نفط المملكة العربية السعودية، هشام الناظر، في بغداد، في 8 يوليه، الذي نقل إليه رسالة شفهية، تخص أسعار النفط وأوضاع السوق النفطية، إضافة إلى العلاقات السعودية ـ العراقية. كما عرض المبعوث السعودي على الرئيس صدام، نتائج زيارته كلاًّ من الكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة. لكنه لم يتصور أحد، في ذلك الوقت، أن وراء مهمة المبعوث السعودي أزمة خطيرة، سرعان ما تكشّفت معالمها، في خطاب الرئيس العراقي، في 17 يوليه 1990.

    ففي كلمته، قال الرئيس صدام: "إن العراق، خسر 14 مليار دولار، من تدهور أسعار النفط. وإن السياسة النفطية الخطيرة، تخزّن أموال العرب في أمريكا. وإن الولايات المتحدة، تنفذ سياسة نفطية مخربة، في محاولة منها للإمساك بموقع الدولة العظمى الوحيدة، من غير منازع، لضمان تدفق النفط إليها، بأبخس الأسعار، والتحكم فيه. وإن القوى، الإمبريالية والصهيونية، لم تستخدم، في حملتها الأخيرة، السلاح، لتقتل به أبناء الأمة العربية، حتى الآن، بل لجأت إلى أدوات أخرى، لممارسة القتل، وإضعاف القدرة، التي تحمي الكرامة والسيادة. وهو أسلوب أكثر خطورة، من حيث نتائجه، من الأسلوب المباشر...".

    وأضاف الرئيس العراقي قائلاً: "إن الحملة ضد العراق، بدأت عندما تأكد انتصار العراق في الحرب على إيران. وإن نتائج هذا الانتصار وأسبابه، تشكل دعماً للعرب، في أية مواجهة مع الكيان الصهيوني. وإن الأسلوب الجديد في الحملة المعادية، يتمثل في انخفاض سعر النفط، حيث إن انخفاض البرميل دولاراً واحداً، في اليوم، يؤدي إلى انخفاض العائدات العراقية، سنوياً، مليار دولار...". وأردف قائلاً: "إن أمريكا حريصة على أن يتحقق مخزون إستراتيجي متزايد، لتضمن أهدافها. وفي مقدمة تلك الأهداف، التحكم بتوقيت وبكيفية إدارة الحروب والفتن، في المنطقة العربية...".

    واستطرد قائلاً: "بفضل أسلحتنا الجديدة، لن يستطيع الإمبرياليون، بعد الآن، خوض معركة عسكرية ضدنا، وبديل ذلك أنهم يخوضون حرب استنزاف اقتصادي، بمساعدة بعض عملاء الإمبريالية، من حكام الخليج. إن سياسة تخفيض أسعار النفط، التي يطبقونها، هي الخنجر المسموم في ظَهر العراق".

    وأكد الرئيس العراقي، "أن السياسة الأمريكية، بهذه الصيغة، موجّهة ضد مصالح الأمة العربية وشعوب المنطقة. وأنها سياسة خطيرة، إلى الحدّ الذي لا يمكن السكوت عليها...". وللمرة الأولى، يشير الرئيس العراقي إلى احتمال التدخل العسكري، حينما هدد باللجوء إلى "فعل مؤثّر"، يعيد الأمور إلى مجاريها، والحقوق المغتصبة إلى أهلها.(أُنظر وثيقة كلمة الرئيس صدام حسين إلى الشعب العراقي، يوم الثلاثاء 17 يوليه 1990، في مناسبة الذكرى الثانية والعشرين لثورة 17 ـ 30 يوليه 1968، العراقية، في شأن المؤامرة النفطية الخليجية)

    وتفاعلت القضية، على المستويات الرسمية. ففي تحرك مفاجئ، في 18 يوليه 1990، أي بعد يوم واحد فقط من كلمة الرئيس صدام حسين، نشرت وسائل الإعلام العراقية، نص المذكرة العراقية، التي أرسلها نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية العراقي، طارق عزيز، إلى أمين عام الجامعة العربية، الشاذلي القليبي، في 16 يوليه، والمؤرخة في 15 يوليه 1990[3]، يشكو فيها العراق من أن حكومة الكويت، استغلت انشغال العراق بحربه ضد إيران، وبَنَت منشآت عسكرية ومخافر ومزارع، على أرض العراق. كما اتهمت المذكرة حكومتي الكويت والإمارات العربية المتحدة بالاشتراك في عملية مدبَّرة، لإغراق السوق النفطية بمزيد من الإنتاج، خارج حصتَيهما المقررتَين من منظمة "الأوبك"، الأمر الذي أدى إلى تدهور سعر برميل النفط، من 18 دولاراً إلى ما بين 11 و 13 دولاراً، مما أصاب العراق بخسارة، بلغت، في الفترة بين 1981 و1990، 89 مليار دولار. واتَّهمت المذكرة الكويت بإقامة منشآت نفطية، على الجزء الجنوبي من حقل الرميلة العراقي، وسحب نفط منه، قُدّر بنحو مليارَين وأربعمائة مليون دولار، خلال الفترة من 1980 إلى 1990. وطالب العراق، في مذكرته، بإلغاء الديون المستحقة عليه، ووضع خطة عربية، على غرار مشروع مارشال، لتعويض العراق عن خسائره في الحرب. (أُنظر وثيقة مذكرة وزير خارجية العراق، طارق عزيز، إلى الأمين العام للجامعة العربية، الشاذلي القليبي، في 15 يوليه 1990 )

    ولدى إعلان الرئيس صدام، في كلمته، استعداده للجوء إلى "فعل مؤثر"، إذا لم يحدث علاج للأمر، وكشْف طارق عزيز، في رسالته إلى أمين عام جامعة الدول العربية، التفاصيل، وتحديد الأرقام والمطالب ـ بدأت الاتصالات الهاتفية بالرئيس صدام حسين، من أجْل حل الأزمة، ومن الذين اتصلوا به، خادم الحرمَين الشريفَين، والرئيس حسني مبارك، والرئيس علي عبدالله صالح.

    وللمرة الأولى، يكتشف الرأي العام، العراقي والخليجي، أن الحديث عن هذا الموضوع، ليس جديداً؛ إذ إن وسائل الإعلام العراقية، نشرت في صفحة واحدة، نص الرسالة، التي بعث بها نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية العراقي، طارق عزيز، إلى الأمين العام للجامعة العربية، الشاذلي القليبي، وفقرات من كلمة للرئيس صدام، ألقاها في 30 مايو 1990، في الجلسة المغلقة لقِمة بغداد الاستثنائية؛ وهي لم تنشر آنذاك، والتي جاء فيها: "أعتقد أن كل إخواننا، يعرفون أننا وصلنا إلى حال لا نحتمل الضغط. وأقول للذين لا يقصدون شن الحرب على العراق، أن إغراق السوق بالنفط، هو نوع من الحرب على العراق...".

    وقد افترض الكثيرون، أن العراق، كان يزيد ضغوطه على الكويت ليضمن مبادرة منظمة "الأوبك"، في المؤتمر المزمع عقده في جنيف، في 26 يوليه 1990، إلى زيادة سعر "الإشارة" لبرميل النفط، وفرض الالتزام بحصص الإنتاج المقررة، التي سبق أن خرجت عنها الكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة.

    وفي 17 يوليه 1990، اجتمع مجلس الوزراء الكويتي، لصياغة رده على المذكرة العراقية الرسمية، التي تطالب الكويت بمبلغ مليارَين وأربعمائة مليون دولار، تعويضاً عمّا وصفته المذكرة بالنفط المسروق من حقل الرميلة. وكان أول المتحدثين، في اجتماع مجلس الوزراء الكويتي، الشيخ علي خليفة الصباح، وزير المالية، ووزير النفط، الذي قال: "إن العراق، يحاول إنقاذ اقتصاده، وإلقاء اللوم على دول الخليج". وتوقّع أن لهجة العراق لن تتغير، حتى بعد مؤتمر 26 يوليه لمنظمة "الأوبك"، في جنيف. وتحدث، كذلك، الشيخ نواف الصباح، وزير الدفاع، فأنكر الاتهامات العراقية، التي تقول إن الكويت خرقت الحدود المشتركة المتنازع فيها بين البلدَين، مؤكداً أن العراق، وليس الكويت، هو الذي بنى منشآته العسكرية، وعمد إلى توسيع أراضيه الزراعية، عبر الحدود، أما الشيخ صباح الأحمد الصباح، وزير الخارجية، فقد قال إن المشكلة اقتصادية، في المقام الأول. إلاّ أن المذكرات المسجلة، عن الاجتماع الوزاري المذكور، تبيّن، كذلك، أنه اعترف بوجود الخطر العسكري العراقي، إذ أردف يقول: "إن العدوان العراقي احتمال وارد. وإن مسألة الحدود قضية قابلة للانفجار. وعلينا أن نشرع في إجراء اتصالات دبلوماسية مكثفة، مع بلدان مجلس التعاون لدول الخليج العربية". إلاّ أن ضاري العثمان، وزير العدل، أعرب عن قلقه من أن العراق، بعد ما تخلص من صراعه مع إيران، الذي انتهى بتوقيع اتفاقية وقف إطلاق النار، عام 1988، سوف يتجاهل أي مساعي وساطة عربية، محاولاً فرض مطالبه على الكويت، بالقوة. وقال أيضاً: "إن المذكرة العراقية مجرد بداية. والله أعلم إلى أي حدّ سوف يذهبون". كما توصل إلى استنتاج، أثبتت الأيام صحته، وهو أن قضية سعر النفط، التي أثارها العراق، لا تعدو كونها ذريعة لشيء آخر. لكن الشيخ سعد العبدالله الصباح، ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، أثار إمكانية التعرض للهجوم؛ وأن العراقيين، يمكن أن يعمدوا إلى عمل عسكري. غير أنه توقّع عملية محدودة، للاستيلاء على أراض، في منطقتَي "الرتقة" و" قصر"، الحدوديتَين. ودعا كلاًّ من وزارتَي الدفاع والداخلية، إلى التزام اليقظة والتأهب.

    في نهاية الاجتماع، دعا الشيخ سعد العبدالله الصباح، إلى عقد جلسة عاجلة للمجلس الوطني، وإلى اجتماع لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، يعقد في الكويت؛ واتخاذ الخطوات اللازمة، لحمل جامعة الدول العربية على التدخل؛ وإعداد المذكرة الكويتية، التي صدرت يوم الأربعاء، 18 يوليه 1990، رداً على المذكرة العراقية. وجاء فيها أن الكويت، تلقت، بدهشة واستغراب بالغَين، ما جاء في المذكرة العراقية، وأن ما ورد فيها، من عبارات، لا تتفق وروح العلاقات الأخوية القائمة بين البلدين. ومما يضاعف من استغراب الكويت، أن تأتي هذه المذكرة من العراق الشقيق، في الوقت الذي يتواصل فيه التنسيق بين البلدَين، في المجالات المختلفة. كما عبّرت المذكرة عن الاستياء الكويتي من المذكرة العراقية، مشيرة إلى أنه لم يكن في نية الكويت، أن تطرح للتداول، في جو من الإعلام المحموم، قضايا معلقة، موكولة إلى لجان متخصصة من البلدَين. ودعت الكويت إلى تشكيل لجنة عربية، في نطاق الجامعة العربية، يتفق على أعضائها، لكي تفصل في موضوع ترسيم الحدود بين البلدَين، على أُسُس من المعاهدات والوثائق، القائمة بين الكويت والعراق.

    وفي ما يتعلق بأسعار النفط، أوضحت المذكرة الكويتية، أن الكويت عانت، كما عانى العراق، قلة الإنتاج، في فترة الثمانينيات، في الوقت الذي كان في مقدورها أن تنتج النفط بطاقة كبيرة، مقارنة بما لديها من مخزون نفطي هائل. وأكدت المذكرة أن الجزء الجنوبي من حقل الرميلة، يقع ضمن الأراضي الكويتية، وأن عمليات الإنتاج، تجري داخل الأراضي الكويتية. (أٌنظر وثيقة مذكرة وزير خارجية الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، إلى الأمين العام للجامعة العربية، الشاذلي القليبي، في 18 يوليه 1990، ردًّا على المذكرة العراقية)

    وفي اليوم التالي، الخميس، 19 يوليه 1990، بعث وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة، راشد عبدالله، بمذكرة إلى الأمين العام للجامعة العربية، الشاذلي القليبي، رداً على المذكرة العراقية. ذكر فيها أن ما ورَد في المذكرة العراقية، من ادعاءات وتشكيك في سياسة دولة الإمارات العربية المتحدة، هو أمر مرفوض. وأضافت المذكرة، أن إثارة الاتهامات، والانسياق وراء الانفعالات، في شأن مواقف الأشقاء، لن يستفيد منه إلاّ أعداء الأمة. (أُنظر وثيقة مذكرة وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ راشد عبدالله، إلى الأمين العام للجامعة العربية، الشاذلي القليبي، في 19  يوليه 1990، رداً على المذكرة العراقية)

    وعلى أثر نشوب الخلاف بين الدولتَين، سارعت الكويت إلى إرسال عدة رسائل، إلى ملوك الدول العربية ورؤسائها. كما بعثت في 19 يوليه 1990، بمذكرة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بيريز دى كويلار. وقد عاب العراق على الكويت إرسالها تلك المذكرة، واتّهمها بأنها تقصد تدويل المسألة في الوقت الذي تتحدث فيه عن الجامعة العربية وميثاقها، وعن العلاقات بين العرب. بينما أكدت الكويت، أنها لم تطلب تدخّل الأمم المتحدة في الأزمة مع العراق، وأنها ملتزمة بميثاق الجامعة العربية، وأن الهدف هو إحاطة الأمين العام للأمم المتحدة علماً بما تضمنته مذكرة العراق، ورد الكويت عليها. (أُنظر وثيقة نص مذكرة الحكومة الكويتية، إلى سكرتير عام الأمم المتحدة، في 19 يوليه 1990ورداً على المذكرة الكويتية إلى الأمين العام للجامعة العربية، بعث طارق عزيز، وزير خارجية العراق، بمذكرة أخرى، مؤرخة في 21 يوليه 1990. اتهم فيها المسؤولين في الحكومة الكويتية بسرقة ثروة العراق. ووصف المذكرة الكويتية بأنها مليئة بالمغالطات، التي يسهل كشفها؛ وأن المسؤولين الكويتيين، كانوا يتهربون ويماطلون بأي إجراء تنسيقي جدي، بين البلدين. وأكدت المذكرة، كذلك، أن المسؤولين في الحكومة الكويتية، تعمدوا إلحاق الأذى بالعراق، واتّبعوا منهجاً مخططاً، للزحف التدريجي، في اتجاه أرض العراق، ولقد صبر العراق، طيلة سنوات وسنوات، وهو يكتم الجرح، كما قالت المذكرة، حرصاً منه على الحفاظ على علاقات الأخوّة، التي لم تحترمها الكويت. وأن المعركة ضد إيران لم تكن عراقية وحسب؛ إنما كانت دفاعاً عن الخليج وأمنه وسيادته؛ والكويت هي أقرب الساحات إلى ميدانها. (أُنظر وثيقة مذكرة وزير خارجية العراق، طارق عزيز، إلى الأمين العام للجامعة العربية، الشاذلي القليبي، في 21  يوليه 1990، رداً على مذكرة الكويت)

    وبالتالي بعثت الكويت بمذكرة ثانية، إلى أمين عام جامعة الدول العربية، في 23 يوليه 1990، رداً على مذكرة العراق المؤرخة في 21 يوليه 1990، فندت فيها إدعاءات العراق، الجديدة، ضد الكويت. (أُنظر وثيقة مذكرة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي، إلى الأمين العام للجامعة العربية، الشاذلي القليبي، في 21 يوليه 1990، رداً على مذكرة العراق)

    وبالرجوع إلى تلك المذكرات، يتضح الآتي:

1. بالنسبة إلى العراق:

    اتهَم العراق، في مذكرتَيه، الكويت بعدة اتهامات، منها:

أ. سعي الكويت، بأسلوب مخطط ومدبر، إلى الإضرار بالعراق، واستغلال انشغاله بالحرب وبالقضايا القومية، لكي تنفذ مخططاً للزحف التدريجي في اتجاه أراضيه، وبناء المنشآت العسكرية والمخافر، والمنشآت النفطية والمزارع.

ب. الاشتراك مع دولة الإمارات العربية المتحدة، في تنفيذ عملية مدبَّرة، لإغراق سوق النفط بمزيد من الإنتاج، تفوق حصتَيهما المقررتَين في "الأوبك"، مما أدى إلى تدهور أسعار النفط تدهوراً خطيراً، من 18 دولاراً للبرميل الواحد، إلى ما يراوح بين 11 و13 دولاراً في السوق العالمية.

ج. تكبيد العراق، خلال الفترة من 1981 إلى 1990، خسارة تبلغ 89 مليار دولار. في وقت كان يعاني ضائقة مالية، ناجمة عن نفقات الدفاع الشرعي عن أرضه وأمته.

د. سحب نفط العراق من حقل الرميلة العراقي، في الوقت الذي هو أحوج ما يكون فيه إلى العوائد. وقدر العراق قيمة ما سحبته الكويت بين عامَي 1980 و1990 بـ 2400 مليون دولار، وطالب باستعادة تلك الأموال المسروقة من ثروته.

هـ. رفضها التنسيق معه، في عديد من المجالات. من ذلك، مثلاً، عدم تجاوب المسؤولين الكويتيين مع ما عرضه، من تزويد الكويت بالمياه من شط العرب، وتقاعسهم عن إعادة فتح الممر الجوي المباشر، بين الكويت والعراق، الذي كان قد أغلق منذ نشوب الحرب العراقية ـ الإيرانية.

    أوضح العراق، في مذكرتَيه، الآتي:

أ. إن المساعدات، التي تلقاها من دول الخليج العربية، لم تشكل سوى نسبة ضئيلة، بالقياس إلى النفقات الباهظة، التي تحملها الاقتصاد العراقي. والقسم الأساسي من تلك المساعدات، لا يزال مسجلاً كدَين على العراق.

ب. إن المساعدات، التي قدمتها الكويت إليه، في حربه ضد إيران، لم تكن دعماً له، وإنما كانت من منطلق درء الخطر عن نفسها.

    ثم طالب بتنظيم خطة عربية، على غرار ما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية، عقب الحرب العالمية الثانية، في مشروع مارشال، وأعلن عن حاجته إلى مثل تلك الخطة، تعويضاً لبعض ما خسره في الحرب، وعوناً على إعادة البناء.

2. بالنسبة إلى الكويت:

أ. أعلنت، في ردها على العراق، استياءها مما ورد من اتهامات تسيء إلى العلاقات بين البلدين.

ب. أنكرت الكويت، اتهامات العراق بأنها سعت إلى إضعافه، في الوقت الذي قدمت فيه دعمها له، وتحملت، من جراء ذلك، اعتداءات مباشرة، استهدفت أراضيها، ومنشآتها النفطية وناقلات نفطها، ومصالحها التجارية.

ج. نفت الكويت، اتهام العراق لها بانتهاكها حدوده، وعَدَّت الاتهام تزييفاً للواقع؛ إذ إن للعراق سجلاً حافلاً بتجاوزاته على الأراضي الكويتية. وأكدت أنه يتعمد حفر الآبار، داخل أراضيها، مما يلحق الضرر بمخزون حقولها.

د. أكدت الكويت، أنها لم تعمد إلى إثارة المشكلات الحدودية على الساحة العربية، وإنما اكتفت بالاتصالات الثنائية بينها وبين العراق. وأنها هي التي كانت تسعى إلى ترسيم الحدود، ولكنه يرفض ويراوغ، باستمرار، في موضوع الترسيم.

هـ. أكدت الكويت، أن تدهور أسعار النفط، كان بفعل مشكلة عالمية، تدخلت فيها أطراف عديدة، من داخل منظمة "الأوبك" وخارجها. وأن هناك دولاً كثيرة، تجاوزت حصصها.

و. نفت الكويت، أنها استفادت من ظروف الحرب العراقية ـ الإيرانية؛ إّذ توزعت حصة الإنتاج العراقي على جميع الدول المنتجة في العالم، ومن ضمنها الكويت، التي لم تكن، آنذاك، في وضع فني، يمكنها من زيادة إنتاجها.

ز. أوضحت الكويت، أن الجزء الجنوبي من حقل الرميلة، يقع ضمن الأراضي الكويتية. وأنها استخرجت النفط من آبار، تقع جنوب الخط الذي حددته الجامعة العربية، وعلى مسافة كافية من الحدود الدولية، وفقاً للمقاييس العالمية.

ح. نفت الكويت اتهام العراق لها بعدم التنسيق معه، وأرجعت ذلك إلى الأنظمة والقوانين العراقية، التي تعوق انطلاق التعاون، وهي شأن عراقي، لا شأن للكويت فيه.

ط. أكدت الكويت حرصها على دفع العملية التنموية، وأنها كانت في مقدمة دول العالم، التي تحتل المساعدات أكبر نسبة من دخلها القومي، وهي مساعدات، تحظى الدول العربية، بما فيها العراق نفسه، بالقسط الأكبر منها.

ي. أما فيما يتعلق باقتراح العراق، إنشاء صندوق للمعونة والتنمية العربية، فأوضحت الكويت أنه يمكن أن يطرح للبحث والدراسة، في نطاق الجامعة العربية، وانها لا تقبل، أن يأتي هذا الاقتراح مرافقاً للنَّيل منها، والإساءة إليها.

    ويمكن إيجاز نقاط الخلاف، التي برزت في تلك الأزمة، في ما يلي:

أ. غياب خط متفق عليه، لترسيم الحدود.

ب. طلب العراق مبلغ 2400 مليون دولار، مقابل ما سُحب من نفط الرميلة.

ج. إسقاط الديون. وقد أبدت الكويت استعدادها لتأجيل تسوية هذه الديون لفترة، يُتَّفق، خلالها، على ترسيم الحدود.


 



[1] كان الملك حسين يقطن في هذا القصر، قبْل مصرع زوجته الملكة عالية، إثر حادث تحطم طائرة عمودية

[2] قال ياسر عرفات، إن فكرة عقد القمة العربية، في بغداد، حبذت لتكون مظاهرة تأييد للعراق على مواجهة التهديدات، الأمريكية والإسرائيلية

[3] من الملاحظ، أن هذه الرسالة مؤرخة في 15 يوليه 1990، أي قبْل أن يلقي الرئيس العراقي كلمته، مساء يوم الثلاثاء، 17 يوليه. وأُذيعت، رسمياً، في بغداد، يوم الأربعاء 18 يوليه، أي في اليوم التالي لخطاب الرئيس العراقي، الذي اتهم فيه بعض الدول الخليجية، بأنها وراء مؤامرة نفطية، موجَّهة ضد العراق. وكانت هذه الكلمة، مع المذكرة العراقية، بداية لنشوب أزمة الخليج

[4] حشدت العراق قوات الفيلق الثامن، وهي من قوات الحرس الجمهوري، حيث بلغت هذه القوة أكثر من 30 ألف جندي، وتم انتشارها في مناطق الجليبة والزبير وجنوب البصرة وحتى مسافة 30 كيلومتراً من الحدود الكويتية، وقد أعلن العراق أن الهدف من هذا الحشد العسكري هو إجراء تدريبات ومناورات ليلية.

[5] وقد تم العثور على هذه البرقية بواسطة القوات العراقية التي استولت على بعض الوثائق عند غزوها للكويت. وكان أهم ما في الوثيقة هي الحاشية التي خطها بيده الشيخ جابر إلى ولي عهده الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح، رئيس الوفد الكويتي، الذي سيتوجه إلى جدة للتفاوض مع الوفد العراقي، وكانت بها بعض التوجيهات التي يجب عليه أن يتقيد بها ولا يخرج عنها